الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن لم يجد ماء ولا ترابا ) لكونه بصحراء فيها حجر أو رمل فقط أو بحبس فيه تراب ندي ولا أجرة معه يجففه بها ( لزمه في الجديد أن يصلي الفرض ) المكتوب الأداء ولو الجمعة لكنه لا يحسن من الأربعين لنقصه [ ص: 378 ] وذلك لحرمة الوقت كالعاجز عن السترة والاستقبال وإزالة النجاسة وهي صلاة صحيحة يحنث بها من حلف لا يصلي ويحرم الخروج منها ويبطلها الحدث ونحوه كرؤية ماء أو تراب ، ولو بمحل لا يسقط القضاء ويتجه جوازها أول الوقت خلافا لبحث الأذرعي أنه يجب تأخيرها إلى ضيقه ما دام يرجو ماء أو ترابا وعن القفال أنه أفتى بفعله لصلاة الجنازة ويوجه بوجوب تقديمها على الدفن وإن لم تفت به ففعلت وفاء بحرمة الميت كحرمة الوقت في غيرها لكن الذي نقله الزركشي عن قضية كلام القفال أنه لا يصليها أي ؛ لأنها في مرتبة النفل كما مر ، ثم رأيته علله بقوله كما في حق الميت إذا تعذر غسله وتيممه فإنه لا يصلى عليه ولأنها في حكم النفل وهو ممنوع منه ا هـ وتبعه غيره فقال قول القفال يصلى فيه نظر وإن تعينت عليه وسبقهما لذلك الأذرعي فقال لا يجوز إقدامه على فعلها قطعا ؛ لأن وقتها متسع ولا تفوت بالدفن ولا ينافي ذلك أن المتيمم في الحضر يصلي عليها ؛ لأنه يباح له النفل الملحقة هي به ووقع للأذرعي أنه ناقض نفسه فقال في باب الجنائز من لا يسقط بتيممه الفرض وفاقد الطهورين إن تعينت على أحدهما صلى قبل الدفن ، ثم أعادها إذا وجد الطهر الكامل وهذا التفصيل له وجه ظاهر فليجمع به بين من قال بالمنع ومن قال بالجواز . وأما قوله الثاني وإن تعينت عليه ففيه نظر ظاهر وكفاقدهما من عليه بحيث خشي من إزالته مبيح تيمم أو حبس عليه وخرج بالفرض المذكور ما عداه فلا يجوز له تنفل ولا قضاء فائتة .

                                                                                                                              [ ص: 379 ] مطلقا ولا نحو مس مصحف ، وكذا نحو قراءة لغير الفاتحة في الصلاة ومكث بمسجد لنحو جنب وتمكين زوج بعد انقطاع نحو حيض لعدم الضرورة ( ويعيد ) وجوبا ؛ لأن عذره نادر لا يدوم ولا بدل هنا هذا إن وجد ماء ، وكذا ترابا بمحل يسقط القضاء إلا لم تجز الإعادة هنا كغيره ؛ لأنه لا فائدة فيها وليس هنا حرمة وقت حتى تراعى واختار المصنف القول بأن كل صلاة وجبت في الوقت من خلل لا تجب إعادتها ؛ لأن القضاء إنما يجب بأمر جديد ولم يثبت في ذلك شيء قيل مراده بالإعادة القضاء كما بأصله لا مصطلح الأصوليين أن ما بوقته إعادة وما بخارجه قضاء ا هـ وليس بصحيح بل مراده بها ما يشمل الأمرين فيلزمه فعلها في الوقت وإن وجد ما مر فيه وإلا فخارجه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ولو بمحل إلخ ) تبع فيه شرح الروض فإنه قيد البطلان برؤية التراب بما إذا كان بمحل يغني عن القضاء ، ثم قال كما صرح به في المجموع كذا نقله الزركشي عنه ولم أره فيه وفيه نظر انتهى .

                                                                                                                              وقوله خلافا لبحث الأذرعي أفتى ببحثه شيخنا الشهاب الرملي وهل يجري بحثه في الجمعة وإن كان تأخيرها يمنعه فعلها لكونها لا تقام إلا في الوقت ( قوله ما دام يرجو ماء أو ترابا ) لا يخفى أنه لا بد من طلبهما على التفصيل في الطالب فإذا طلب ولم يجد واحدا منهما فإن وصل إلى حد اليأس عادة من أحدهما صلى ، ولو أول الوقت وإلا لم يصل إلا بعد ضيق الوقت وإذا تلبس بالصلاة في الحالين ، ثم توهم وجود الماء بأن حدث ما يحتمل معه ذلك بطلت .

                                                                                                                              وأما مجرد احتمال وجود الماء فلا ينبغي أن يبطلها حيث لا رجاء ولا حدوث ما يحتمل معه الوجود للماء . ( قوله ويوجه إلخ ) قضيته أن محل ذلك إذا لم يوجد غيره . ( قوله فلا يجوز له تنفل ) قضيته أنه يمتنع عليه سجود السهو ؛ لأنه نفل ليس من الصلاة ولهذا احتاج إلى النية بخلاف التشهد الأول ؛ لأنه من الصلاة نعم إن كان مأموما وسجد إمامه للسهو فلا يبعد وجوب متابعته إياه فليتأمل ، وقد [ ص: 379 ] أفتى شيخنا الشهاب الرملي بامتناع سجود السهو والتلاوة .

                                                                                                                              ( قوله وإلا لم تجز الإعادة إلخ ) عبارته في شرح العباب أما إذا قدر عليه بمحل لا يغني التيمم فيه عن القضاء بأن غلب فيه وجود الماء فلا يجوز له قضاؤها إذ لا فائدة فيها وظاهره أنه لا فرق بين قدرته على ذلك في الوقت وبعده وأنه إذا وجده بعده فلا فرق بين أن يكون صلى في الوقت على حاله أو لا والأول ظاهر لما مر من صحة صلاته فقول البغوي إن قدر في الوقت وجبت الإعادة فيه نظر والثاني كذلك فقوله أيضا بوجوب استعماله فيه ؛ لأنه ضيع حق الوقت وفوته فقضاه بخلافه فيما قبله يرده قول المجموع ومن فوت صلاة عمدا وفقد الطهورين حرم عليه على الصواب قضاؤها حينئذ للتسلسل مع عدم الفائدة ا هـ ملخصا بل تلك لقيام العذر فيها أولى من هذه ا هـ فليتأمل هذا الرد فإنه فيما نحن فيه ليس فاقدا للطهورين فإن قلت قول البغوي إن قدر في الوقت وجبت الإعادة يتعين على الشارح تسليمه مع قوله السابق ببطلانها برؤيته فيها بمحل لا يغني عن القضاء إن أراد أنه مع بطلانه تجب إعادتها به كما الظاهر

                                                                                                                              وإن أراد أنها لا تجب إعادتها به فهو في غاية البعد والإشكال قلت قد يفرق الشارح بين رؤيته حال الصلاة ورؤيته بعد فراغها فلا يتعين عليه تسليم قول البغوي المذكور وإن أراد ما هو الظاهر من قوله السابق المذكور نعم ما تقدم من رده على البغوي بقول المجموع المذكور ففيه تأمل ، إذ ليس فيما ذكره [ ص: 380 ] البغوي فاقد الطهورين .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله لكونه ) إلى قوله ويتجه في المغني إلا قوله المكتوب وقوله كالعاجز إلى وهي وكذا في النهاية إلا قوله ولو بمحل لا يسقط القضاء . ( قوله لكونه إلخ ) عبارة المغني بأن فقدهما حسا كأن حبس في موضع ليس فيه واحد منهما أو شرعا كأن وجد ماء وهو محتاج إليه لنحو عطش أو وجد ترابا ندبا ولم يقدر على تجفيفه بنحو نار ا هـ . ( قوله أو بحبس إلخ ) عبارة النهاية أو وجدهما ومنع من استعمالهما مانع من نحو حاجة عطش في الماء أو نداوة في التراب إلخ . ( قوله ولا أجرة معه يجففه ) أي فإن أمكنه التجفيف وجب ومنه يؤخذ أنه لو كان به جراحة في يديه فغسل وجهه ، ثم أراد التيمم عن جراحة اليدين أنه يكلف تنشيف الوجه واليدين قبل أخذ التراب لأنه إن أخذه مع بلل يديه صار كالتراب الندي المأخوذ من الأرض فلا يصح التيمم به فتنبه له فإنه دقيق وينبغي أن محل تكليفه تنشيف الوجه ما لم يقف في مهب الريح فإن وقف وحرك وجهه لأخذ التراب من الهواء فلا لوصول التراب إلى جميع أجزاء الوجه في الحالة المذكورة ع ش . ( قوله المكتوب ) يخرج به الصلاة المنذورة لكن أسقطه غيره وفي البجيرمي عن القليوبي قوله الفرض أي ولو بالنذر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لكنه لا يحسب من الأربعين إلخ ) وينبغي أن مثله ما لو تيمم بمحل يغلب فيه وجود الماء فلا يحسب من الأربعين لأنه إنما يصلي .

                                                                                                                              [ ص: 378 ] لحرمة الوقت ويقضي بعد ذلك ع ش . ( قوله وذلك ) أي اللزوم . ( قوله كالعاجز عن السترة ) قد يوهم أنه تلزمه الإعادة وليس كذلك فكان الأولى حذفه . ( قوله ونحوه ) أي كالكلام مغني . ( قوله ويتجه جوازها إلخ ) خلافا للنهاية والمغني والشهاب الرملي والزيادي حيث قالوا واللفظ للثاني والظاهر كما قال الأذرعي أنه لا يجوز له أن يصلي ما رجا أحد الطهورين حتى يضيق الوقت ا هـ . ( قوله خلافا لبحث الأذرعي إلخ ) أفتى ببحثه شيخنا الشهاب الرملي وهل يجري بحثه في الجمعة وإن كان تأخيرها يمنعه فعلها لكونها لا تقام إلا أول الوقت سم . ( قوله ما دام يرجو ماء أو ترابا ) لا يخفى أنه لا بد من طلبهما على التفصيل السابق في الطلب فإذا طلب ولم يجد واحدا منهما فإن وصل إلى حد اليأس عادة من أحدهما صلى ولو أول الوقت وإلا لم يصل إلا بعد ضيق الوقت وإذا تلبس بالصلاة في الحالين ، ثم توهم وجود الماء بأن حدث ما يحتمل معه ذلك بطلت .

                                                                                                                              وأما مجرد احتمال الماء فلا ينبغي أن يبطلها حيث لا رجاء ولا حدث ما يحتمل معه الوجود للماء سم وقوله من أحدهما أي من كل منهما وقوله ثم توهم وجود الماء إلخ ومثل الماء هنا وفيما يأتي التراب . ( قوله بفعله ) أي فاقد الطهورين . ( قوله ويوجه إلخ ) قضيته أن محل ذلك إذا لم يوجد غيره سم أي فيوافق ما يأتي آخرا عن الأذرعي . ( قوله لكن الذي نقله الزركشي عن قضية كلام القفال إلخ ) اعتمده المغني عبارته وتقدم أن صلاة الجنازة كالنفل في أنها تؤدى مع مكتوبة بتيمم واحد وقياسه أن هؤلاء الثلاثة وهم من لم يجد ماء ولا ترابا ومن على بدنه نجاسة يخاف من غسلها ومن حبس عليها لا يصلونها وهو الظاهر وجرى عليه الزركشي وغيره في فاقد الطهورين ونقله في بابها عن مقتضى كلام القفال ا هـ وقوله لا يصلونها إلخ قال القليوبي وإن تعينت بأن لم يكن غيره فيدفن الميت بلا صلاة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ثم رأيته ) أي الزركشي . ( قوله إقدامه ) أي فاقد الطهورين . ( قوله ولا يفوت ) أي فعل صلاة الجنازة . ( قوله ولا ينافي ذلك ) أي عدم جواز الإقدام . ( قوله لأنه إلخ ) علة العدم المنافاة . ( قوله إن تعينت ) أي بأن لم يكن هناك غيره . ( قوله صلى ) أي أحدهما ( قوله وهذا التفصيل إلخ ) اعتمده النهاية عبارته وتقدم أن صلاة الجنازة كالنفل في أنها تؤدى مع مكتوبة بتيمم واحد وقياسه أن هؤلاء أي فاقد الطهورين ومن ببدنه نجاسة أو حبس بمكان نجس لا يصلونها وهو كذلك إذا حصل فرضها بغيرهم ويؤخذ مما ذكر أن من صلى هذه الصلاة لا يسجد فيها لتلاوة ولا سهو وهو كذلك كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ا هـ أي ما لم يكن مأموما وإلا وجب السجود تبعا لإمامه سم وع ش وقليوبي . ( قوله بين من قال بالمنع إلخ ) أي وأطلق . قوله : ( وأما قول الثاني ) أي الذي تبع الزركشي . قوله : ( وكفاقدهما ) إلى قوله قيل في النهاية والمغني ما يوافقه . ( قوله أو حبس عليه ) فإنه يصلي وجوبا إيماء بأن ينحني للسجود بحيث لو زاد أصابه ويعيد نهاية ومغني . ( قوله ما عداه ) يشمل المنذورة وقد مر ما فيه . ( قوله فلا يجوز له ) أي من ذكر من فاقد الطهورين ومن على بدنه نجاسة أو حبس عليها أما فاقد السترة فله التنفل لعدم لزوم الإعادة له كدائم الحدث ونحوه ممن .

                                                                                                                              [ ص: 379 ] يسقط فرضه بالصلاة مع وجود المنافي نهاية وكذا في المغني إلا قوله كدائم الحدث قال ع ش وقضية حصر المنع فيمن ذكر أن غيرهم ممن يصح منه الفرض يتنفل ويدخل فيه من تحير في القبلة والمربوط على خشبة ونحوهما وفيه بعد لأنهم إنما يصلون للضرورة ولا ضرورة للنفل ا هـ . ( قوله مطلقا ) أي ولو بمحل يغلب فيه فقد الطهورين . ( قوله ولا نحو مس مصحف ) أي كحمله نهاية ومغني . ( قوله وكذا نحو قراءة إلخ ) عبارة الشارح م ر في شرح العباب بعد قول المصنف نعم فاقد الطهورين يقرأ الفاتحة فقط حتما في صلاة الفرض نصها قال في الإسعاد وهل يلحق بالفاتحة آية خطبة الجمعة والسورة المعينة المنذورة كل يوم لفاقد الطهورين يوما بكماله لم أر فيه نقلا وقضية كلام الإرشاد نعم وهو متجه في آية الخطبة وفيه في السورة المنذورة تردد والأوجه إلحاقها بما قبلها ا هـ أقول وبقي ما لو قرأ بقصد القرآن مع الجنابة مع القدرة على الطهارة بالماء هل تجزئه القراءة مع حرمة ذلك كالصلاة في الدار المغصوبة أو لا ، أخذا مما قالوه في الإجارة من أنه لو استؤجر لقراءة شيء من القرآن وفي وقت معين وأجنب فيه فقرأ وهو جنب حيث قالوا لا يستحق الأجرة لأن القصد من القراءة الثواب وقراءته لا ثواب فيها فيه نظر والأقرب الثاني لما ذكر ع ش بحذف . ( قوله لنحو جنب ) متعلق بمسألتي القراءة والمكث بصري . ( قوله وإلا لم تجز الإعادة ) أي حيث وجده بعد خروج الوقت أما لو وجده فيه بأن ظن عدم وجدانه في جميع الوقت فصلى قبل آخره ، ثم وجد ترابا بمحل يغلب فيه وجود الماء فيعيد لتبين أن صلاته الأولى غير معتد بها ع ش وفي البجيرمي عن العباب ما يوافقه . ( قوله واختار المصنف إلخ ) عبارة المغني ومقابل الجديد أقوال أحدها يجب الصلاة بلا إعادة واطرد ذلك مع كل صلاة وجبت في الوقت مع خلل وهو مذهب المزني واختاره المصنف في المجموع قال لأنه أدى وظيفة الوقت وإنما يجب القضاء بأمر جديد ثانيها يندب له الفعل ويجب الإعادة ثالثها يندب له الفعل ولا إعادة رابعها يحرم عليه فعلها ا هـ . ( قوله قيل مراده إلخ ) جرى عليه النهاية والمغني . ( قوله مراده بالإعادة ) أي في المتن . ( قوله بل مراده بها ما يشمل إلخ ) اعتمده ع ش والرشيدي .




                                                                                                                              الخدمات العلمية