الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( و ) لا يجوز ( الإيصاء بتزويج طفل وبنت ) ولو مع عدم ولي ؛ لأن الوصي لا يعتني بدفع العار عن النسب وسيأتي توقف نكاح السفيه على إذن الولي ومنه الوصي ( ولفظه ) أي الإيصاء كما بأصله أي وصيغته ( أوصيت إليك أو فوضت ) إليك ( ونحوهما ) كأقمتك مقامي ، وقياس ما مر اشتراط بعد موتي فيما عدا أوصيت ، ويظهر أن وكلتك بعد موتي في أمر أطفالي كناية ؛ لأنه لا يصلح لموضوعه فيكون كناية في غيره وقياسه إن وليتك كذلك وهو ما رجحه شيخنا لكن ظاهر كلام الأذرعي أنه صريح هنا وقد يوجه بأنه أقرب إلى مدلول فوضت إليك الصريح من وكلتك ويؤيده ما يأتي من صحة الوصية بالإمامة لواحد بعد موتي وظاهره [ ص: 91 ] صحتها بلفظ أوصيت وفوضت وإذا ثبت ذلك في فوضت ثبت في وليت ، وليس هذا من قاعدة ما كان صريحا في بابه ؛ لأنا إذا جوزنا الوصية بالإمامة كان الباب واحدا فما كان صريحا هناك يكون صريحا هنا ، وعكسه غاية الأمر أن الموصى فيه إمامة وغيرها وهذا لا يؤثر .

                                                                                                                              وتكفي إشارة الأخرس المفهمة وكتابته وكذا الناطق إذا سكت وأشار برأسه أن نعم وقد قرئ عليه كتاب الوصية من غير قراءة ومر لذلك مزيد في مبحث صيغ الوصية ( ويجوز فيه التوقيت ) كأوصيت إليك سنة سواء أقال بعدها وصيي فلان أم لا أو إلى بلوغ ابني ( والتعليق ) كإذا مت أو إذا مات وصيي فقد أوصيت إليك كما مر ( ويشترط بيان ما يوصى فيه ) وكونه تصرفا ماليا مباحا كأوصيت إليك في قضاء ديوني أو في التصرف في أمر أطفالي أو في رد آبقي أو ودائعي أو في تنفيذ وصاياي فإن جمع الكل ثبت له أو خصصه بأحدها لم يتجاوزه ، ولو أطلق كأوصيت إليك في أمري أو تركتي أو في أمر أطفالي ولم يذكر التصرف صح ، ويظهر أن الأول عام ويفرق بين الأول وفساد نظيره السابق في الوكالة بأن ذاك لو صح لحق الموكل به ضرر لا يستدرك كعتق ووقف وطلاق بخلافه هنا لتقيد تصرفه بالمصلحة ؛ لأنه على الغير الذي لم يأذن في خلافه ولو أطلق وصححناه ثم أوصى لآخر في معين فالقياس أن ذلك يصير عزلا للأول عنه فيتصرف الثاني فيما عين له ، ويبقى الأول على ما عداه فإن وصى لثان فيما وصى به للأول ولم يتعرض له شاركه ووجب اجتماعهما ؛ لأنه الأحوط والمعتمد في الثاني أنه للحفظ والتصرف في مالهم للعرف وفي الأنوار أن قول القاضي وليتك مال فلان للحفظ فقط ومر آخر الحجر بيان أن قاضي بلد المال يتصرف فيه بالحفظ ونحوه وقاضي بلد المحجور يتصرف فيه بالبيع وغيره .

                                                                                                                              نعم بحث بعضهم أن نظر وصاياه لقاضي بلد ماله أخذا مما مر أول الفرائض من أن من مات بلا وارث اختص بماله أهل بلده وفيه نظر ولا شاهد له في هذا على أنه ضعيف فالذي يتجه ما اقتضاه كلامهم في الحجر أنه لبلد المالك وسيأتي جواز النقل في الوصية فليست كالزكاة حتى يعتبر فيها بلد المال ( فإن اقتصر على أوصيت إليك لغا ) كوكلتك ولأنه لا عرف يحمل عليه كما قالوه ونازع فيه السبكي رحمه الله بأن العرف يقتضي أنه يثبت له جميع التصرفات ا هـ وفيه نظر بل الحق ما قالوه وما قاله غير مطرد فلا يعول عليه وإن قال الزركشي يؤيده قول البيانيين : إن حذف المعمول يؤذن بالتعميم وجزم الزبيلي بصحة فلان وصيي ا هـ [ ص: 92 ] ؛ لأن كلام البيانيين ليس في مثل ما نحن فيه وكلام الزبيلي إما ضعيف أو يفرق بينه وبين ما هنا بأن ما قاله محتمل للإقرار وهو يقبل المجهول فصح فيه ما يحتمله وحمل على العموم إذ لا مرجح وما هنا محض إنشاء وهو لا يقبل الجهل بوجه ( و ) يشترط ( القبول ) من الوصي ؛ لأنها عقد تصرف كالوكالة ومن ثم اكتفي هنا بالعمل كهو ثم كما اقتضاه كلام الشيخين وجزم به القفال وهو أوجه من اعتماد السبكي رحمه الله اشتراط اللفظ ( ولا يصح ) القبول ولا الرد ( في حياته في الأصح ) ؛ لأنه لم يدخل وقت تصرفه كالموصى له بالمال بخلافه بعد الموت ولا يشترط بعده الفور في القبول ما لم يتعين تنفيذ الوصايا أو يعرضها عليه الحاكم بعد ثبوتها عنده قال الأذرعي رحمه الله أو يكون هناك ما تجب المبادرة إليه

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله لكن ظاهر كلام الأذرعي أنه صريح هنا ) اعتمده م ر [ ص: 91 ] قوله وكذا الناطق إذا سكت ) عبارة الروض وتصح بالإشارة المفهمة من العاجز عن النطق قال في شرحه كالأخرس دون القادر عليه ( قوله بخلافه هنا لتقييد إلخ ) قد يقال الوكيل يلزمه أيضا رعاية المصلحة حيث لا إذن في خلافها ( قوله والمعتمد في الثاني ) أي وهو قوله في أمر أطفالي [ ص: 92 ] قوله : لأن كلام البيانيين ليس في مثل ما نحن فيه ) لا يخفى ما فيه فإن كلام البيانيين ليس مختصا بشيء نعم يجاب بأنه ليس مراد البيانيين لزوم ذلك بل إن الحذف صالح له فلا ينافي عدم اعتباره عند الشك أو وجود مقتضى الاحتياط ونحوه ( قوله وهو أوجه إلخ ) اعتمده م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله ولو مع عدم ولي ) إلى قوله ، وقد يوجه في المغني إلا قوله ، ويظهر إلى وليتك كذلك ( قوله توقف نكاح السفيه ) أي البالغ كذلك ا هـ مغني ( قوله ومنه ) أي الولي ( قوله أي الإيصاء ) أي إيجاب الإيصاء من ناطق ا هـ مغني ( قوله كما بأصله ) أي لا كما فهم بعضهم من رجوع الضمير إلى الوصي ا هـ رشيدي ( قوله كأقمتك مقامي ) في أمر أولادي أو جعلتك وصيا ا هـ مغني ( قوله وقياس ما مر ) أي في الوصية وقوله في أمر أطفالي أي أو في قضاء ديني أو نحوه ا هـ ع ش ( قوله وقياسه أن وليتك إلخ ) قال في النهاية فهو أي وليتك كذا بعد موتي صريح خلافا للأذرعي حيث بحث أنه كناية ؛ لأنه أقرب إلى مدلول إلخ فتأمل ما فيه من المخالفة في النقل حيث نقل عن الأذرعي أنه كناية واختار أنه صريح ووجهه بما أفاده الشارح إلى قوله ويكفي إشارة الأخرس ، ولعل الناسخ حرف للأذرعي عن الشيخ ا هـ سيد عمر وفي الرشيدي ما يوافقه .

                                                                                                                              ( قوله وهو ما رجحه شيخنا ) استظهره المغني ( قوله أنه صريح هنا ) اعتمده النهاية كما مر آنفا ( قوله وقد يوجه ) أي كون وليتك صريحا وكذا ضمير ويؤيده الآتي ( قوله الصريح ) بالجر وصف لقوله فوضت إليك وقوله من وكلتك أي المار في كلامه آنفا متعلق بأقرب ا هـ رشيدي ( قوله بالإمامة ) أي العظمى ا هـ ع ش ( قوله لواحد ) كقوله بالإمامة متعلق بالوصية وقوله بعد موته متعلق بالإمامة ( قوله وظاهره ) أي ما يأتي من إلخ صحتها أي الوصية [ ص: 91 ] بالإمامة ( قوله وفوضت ) الواو بمعنى أو ( قوله وإذا ثبت ذلك ) أي صحة الوصية بالإمامة ( قوله وليس هذا ) أي وليت رد لدليل شيخ الإسلام على كناية وليت ، عبارة المغني وهل تنعقد الوصاية بلفظ الولاية كوليتك بعد موتي كما تنعقد بأوصيت إليك وجهان في الشرح والروضة بلا ترجيح رجح الأذرعي منهما الانعقاد ، والظاهر كما قاله شيخنا أنه كناية ؛ لأنه صريح في بابه ، ولم يجد نفاذا في موضوعه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله كان الباب ) أي باب الوصية بالإمامة وغيرها ( قوله فما كان صريحا هناك ) أي في الوصية بالإمامة كوليت وقوله هنا أي في الوصية بغير الإمامة ( قوله ويكفي إشارة الأخرس ) إلى قوله ، ويفرق في المغني إلا قوله ومر إلى المتن وقوله سواء إلى أو إلى بلوغ وإلى قول المتن والقبول في النهاية إلا هذين وقوله ولو أطلق وصححناه إلى والمعتمد وقوله نعم إلى فالذي ( قوله المفهمة ) هل يأتي فيه ما قدمنا عن ع ش في حاشية شرح ولا يضر العمى لكن قوله وكتابته يرجح بالإطلاق ؛ لأن الكتابة كناية مطلقا ( قوله إذا سكت إلخ ) عبارة النهاية والمغني ويلحق به أي بالأخرس ناطق اعتقل لسانه وأشار بالوصية برأسه أن نعم لقراءة كتابها إليه لعجزه ا هـ وعبارة الروض وتصح بالإشارة المفهمة من العاجز عن النطق قال في شرحه كالأخرس دون القادر عليه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولا تكفي ) أي إشارة الناطق ( قوله أقال بعدها ) الأنسب وبعدها بالواو ا هـ سيد عمر ( قوله أو إلى بلوغ إلخ ) عطف على سنة ( قوله كما مر ) أي بقول المتن لو قال أوصيت إليك إلى بلوغ ابني إلخ .

                                                                                                                              ( قوله ولو أطلق إلخ ) عبارة المغني ولو اقتصر على قوله أوصيت إليك أو أقمتك مقامي في أمر أطفالي ، ولم يذكر التصرف كان له التصرف في المال وحفظه اعتمادا على العرف ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ويظهر أن الأول ) أي قوله أوصيت إليك في أمري أو تركتي ( قوله بين الأول ) أي في أمري ( قوله به ) أي النظير والجار متعلق بلحق ( قوله لتقييد تصرفه إلخ ) قد يقال الوكيل يلزمه أيضا رعاية المصلحة حيث لا إذن في خلافها ا هـ سم ( قوله ؛ لأنه ) أي الإيصاء ( قوله فالقياس أن ذلك إلخ ) قد يقال قياس ما مر في الوصية بأمة حامل ثم بحملها أن يشرك بينهما في المعين ويختص الأول بما عداه ا هـ سيد عمر أقول وسيفرق الشارح بينهما في شرح ولو أوصى لاثنين ( قوله فيما وصى به إلخ ) عموما أو خصوصا أو إطلاقا أو تعيينا ( قوله ولم يتعرض له ) أي وإن تعرض الأول كان رجوعا عنه كما سيأتي في شرح ولو أوصى لاثنين ` ا هـ كردي ( قوله والمعتمد إلخ ) عطف على قوله ، ويظهر أن الأول إلخ ( قوله في الثاني ) وهو قوله أو في أمر أطفالي سم وع ش .

                                                                                                                              ( قوله أن نظر وصاياه إلخ ) أي إذا لم يعين لذلك وصيا ( قوله لقاضي بلد ماله ) أي لا لقاضي بلده أي الموصي ( قوله أهل بلده ) أي المال ( قوله على أنه ) أي ما مر أو الفرائض ( قوله لبلد المالك ) كذا في أصله بخطه ، والمراد واضح أي لقاضي بلد المالك ا هـ سيد عمر عبارة النهاية لقاضي بلد المالك لا المال ا هـ أي فيتصرف فيه بالحفظ وغيره فيخالف ماله مال المحجور ع ش ( قول المتن فإن اقتصر إلخ ) أي لم يبين الموصى فيه ( قوله ونازع فيه ) أي فيما قالوه ( قوله وفيه نظر ) أي في النزاع وكذا ضمير يؤيده ( قوله وجزم الزبيلي ) عطف على قول البيانيين ( قوله [ ص: 92 ] ؛ لأن كلام البيانيين ليس في مثل إلخ ) لا يخفى ما فيه فإن كلام البيانيين ليس مختصا بشيء نعم يجاب بأنه ليس مراد البيانيين لزوم ذلك بل إن الحذف صالح له فلا ينافي عدم اعتباره عند الشك أو وجود مقتضى الاحتياط ونحوه ا هـ سم ( قوله محتمل للإقرار ) بأن يكون المعنى أوصيت له بشيء له عندي كوديعة ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله وهو إلخ ) أي الإقرار ( قوله فصح فيه ) أي فيما قاله ما يحتمله أي الجهل الذي يحتمله الإقرار ( قوله ويشترط ) إلى قول المتن ولو وصى في النهاية وكذا في المغني إلا قوله قال الأذرعي إلى المتن ( قوله كما اقتضاه كلام الشيخين إلخ ) وهو المعتمد نعم تبطل بالرد ويسن قبولها لمن علم الأمانة من نفسه فإن لم يعلم ذلك فالأولى له عدمه فإن علم من حاله الضعف أي أو الخيانة فالظاهر حرمة القبول حينئذ نهاية ومغني ( قوله لأنه لم يدخل وقت تصرفه إلخ ) فلو قبل في حياته ثم رد بعد وفاته لغا أو رد في حياته ثم قبل بعد وفاته صح ا هـ مغني ( قوله ما لم يتعين تنفيذ إلخ ) ومع ذلك فينبغي أن لا تبطل بالتأخير ، وإن أثم به حيث لم يترتب عليه ما يفسق بسببه ا هـ ع ش ( قوله أو يكون ) الأولى أو يكن بالجزم




                                                                                                                              الخدمات العلمية