الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( والأخماس الأربعة ) أي الباقي منها بعد السلب والمؤن ( عقارها ومنقولها للغانمين ) للآية وفعله صلى الله عليه وسلم ( وهم من حضر الوقعة ) يعني قبل الفتح ولو بعد الإشراف عليه ( بنية القتال ) ممن يسهم له كما قيد به شارح ، وهو غير محتاج إليه ؛ لأن من يرضخ له من جملة الغانمين كما يعلم مما يأتي ثم رأيت السبكي صرح بذلك والمخذل والمرجف لا نية لهما صحيحة في القتال فلا يردان خلافا لبعضهم ( وإن لم يقاتل ) ، أو قاتل ، وإن حضر بنية أخرى لقول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما إنما الغنيمة لمن شهد الوقعة ولا مخالف لهما من الصحابة ؛ ولأن القصد تهيؤه للجهاد ؛ ولأن الغالب أن الحضور يجر إليه ؛ ولأن فيه تكثير سواد للمسلمين فعلم أنه لو هرب أسير من كفار فحضر بنية خلاص نفسه دون القتال لم يستحق إلا إن قاتل لكن إن كان من غير هذا الجيش وإلا استحق على الأوجه ولو انهزم حاضر [ ص: 146 ] غير متحرف ولا متحيز لقريبة لم يستحق شيئا مما غنم في غيبته ولا يرد خلافا لمن زعمه ؛ لأن انهزامه أبطل نية القتال فإن عاد ، أو حضر شخص الوقعة في الأثناء لم يستحق إلا مما غنم بعد حضوره ويصدق متحرف لقتال أو متحيز لفئة قريبة بيمينه إن عاد قبل انقضاء الحرب فيشارك في الجميع والسرايا المبعوثة من دار الحرب لكون الباعث بها شركاء فيما غنمه كل الجيش ، وإن اختلفت الجهة وفحش البعد بينهم أما المبعوثة من دارنا فلا يشاركون إلا إن تعاونوا واتحد أميرهم والجهة إذ لا يكونون كجيش واحد إلا فيما ذكروا ويلحق بكل جاسوسها وحارسها وكمينها ولا يرد واحد من هؤلاء على كلامه خلافا لمن زعمه أيضا ؛ لأنهم في حكم الحاضرين

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ممن يسهم له إلخ ) في الروض ، ويعطي غائبا حضر للقتال قبل انقضائه مما سيحاز ، وإن لم يقاتل قال في شرحه : إن كان ممن يسهم له . ( قوله : أو قاتل ، وإن حضر بنية أخرى ) أي : كما يفهم من قوله الآتي : والأصح أن الأجير إلخ . ( قوله : لكن إن كان من غير هذا الجيش ، وإلا استحق على الأوجه ) لا يخفى أن المتبادر منه أن معنى قوله : وإلا استحق على الأوجه من الخلاف فيكون الحاصل أن الذي من غير هذا الجيش لا يستحق إلا إن قاتل من غير خلاف ، وأن الذي فيه يستحق ، وإن لم يقاتل على خلاف ، وهذا غير مطابق لقول الروض وشرحه ، وإن أفلت أسير من يد الكفار ، أو أسلم كافر أسهم له إن حضر الصف ، وإن لم يقاتل ، وإنما يسهم لكل منهما مما حيز بعد حضوره ، فإن كان هذا الأسير من جيش آخر أسهم له إن قاتل ؛ لأنه قد بان بقتاله قصده للجهاد ، وأن خلاصه لم يتمحض غرضا له ، وإلا فقولان . أحدهما : وصححه في الشرح الصغير يسهم لشهوده الوقعة ، وثانيهما : لا لعدم قصده الجهاد . ا هـ ، وحاصله كما ترى أنه يسهم له ، وإن لم يقاتل كان في هذا الجيش ، أو جيش آخر قطعا في الأول ، وعلى الأصح في الثاني ، ويمكن التكلف بحمل قوله ، وإلا على معنى ، وإن لم يقاتل أي : الذي من غير الجيش ، لكن قضية الصنيع حينئذ عدم استحقاق الذي من هذا الجيش إذا لم يقاتل ، وهو ممنوع نقلا ، ومعنى .

                                                                                                                              ( قوله : والاستحقاق على الأوجه ) ظاهره ، وإن لم [ ص: 146 ] يكن حضوره في الأصل بنية القتال ، ولم يقاتل ( قوله : والسرايا ) مبتدأ خبره شركاء



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : أي : الباقي منها إلخ ) الأولى - بل الصواب - حذفه ؛ لأن الكلام هنا والذي قبله إنما هو في الباقي بعدما ذكر كما تقدم التصريح به مع أنه يوهم أن السلب والمؤن من الأخماس الأربعة ، وهو خلاف ما مر من إخراجهما من رأس المال ، ثم تخميس الباقي . ا هـ رشيدي . ( قوله : وفعله صلى الله عليه وسلم ) الواو فيه بمعنى مع إذ الآية لا دلالة فيها بمجردها ، وإنما يبينها فعله صلى الله عليه وسلم ا هـ رشيدي . ( قوله : والمرجف ) عطف تفسير ، وقوله : لا نية لهما لمراعاة اللفظ إذ العطف تفسيري كما هو الظاهر . ا هـ ع ش . ( قوله : فلا يردان ) أي : على منطوق المتن . ( قوله : خلافا لبعضهم ) أقر ذلك البعض المغني ( قوله : أو قاتل ) إلى قوله : أما المبعوثة في المغني إلا قوله : ولا يرد إلى فإن عاد . ( قوله : لقول أبي بكر إلخ ) تعليل للمتن ( قوله : ولأن الغالب أن الحضور يجره إلخ ) ولا يتأخر عنه في الغالب إلا لعدم الحاجة إليه . ا هـ مغني . ( قوله : فعلم إلخ ) أي : من اشتراط أحد الأمرين القتال ، أو نيته . ( قوله : لكن إن كان إلخ ) عبارة النهاية لكن محله فيمن لم يكن من ذلك الجيش وإلا استحق فيما يظهر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وإلا استحق إلخ ) ظاهره ، وإن لم يكن حضوره في الأصل بنية القتال ولم يقاتل ا هـ سم ( قوله : على الأوجه ) المتبادر أن معناه على الأوجه من الخلاف فيكون الحاصل أن الذي من غير هذا الجيش لا يستحق إلا إن قاتل من غير خلاف ، وأن الذي منه يستحق ، وإن لم يقاتل على خلاف ، وهذا غير مطابق لما في الروض وشرحه أي : والمغني مما حاصله أنه يسهم له ، وإن لم يقاتل كان من هذا الجيش ، أو جيش آخر قطعا في الأول ، وعلى الأصح في الثاني ، ويمكن التكليف بحمل قوله " وإلا " على معنى : وإن لم يقاتل أي : الذي من غير هذا [ ص: 146 ] الجيش لكن قضية الصنيع حينئذ عدم استحقاق الذي من هذا الجيش إذا لم يقاتل ، وهو ممنوع نقلا ومعنى . ا هـ سم . ( قوله : غير متحرف ) أي : لقتال . ( قوله : ولا متحيز لقريبة ) وأما المتحيز إلى فئة قريبة فإنه يعطى لبقائه في الحرب معنى . ا هـ مغني . ( قوله : بيمينه ) وإن نكل لم يستحق إلا من المحوز بعد عوده . ا هـ مغني . ( قوله : والسرايا ) مبتدأ خبره شركاء . ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله : لكون الباعث إلخ ) علة مقدمة لقوله : شركاء ، وقوله : بها أي : دار الحرب خبر كون . ( قوله : والجيش ) عطف على " كل " ، وقوله : وإن اختلفت إلخ غاية ( قوله : على كلامه ) أي : عكسه ( قوله : لمن زعمه ) أقره المغني ( قوله : لأنهم إلخ ) علة لعدم الورود




                                                                                                                              الخدمات العلمية