الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وفي استحباب التصدق [ ص: 182 ] بما فضل عن حاجته ) السابقة من حاجة نفسه وممونه يومهم وليلتهم وكسوة فصلهم ووفاء دينه ( أوجه ) أحدها : يسن مطلقا . ثانيها : لا يسن مطلقا . ثالثها : وهو ( أصحها ) أنه ( إن لم يشق عليه الصبر استحب ) ؛ لأن { الصديق رضي الله عنه وكرم وجهه تصدق بجميع ماله وقبله منه النبي صلى الله عليه وسلم } صححه الترمذي ( وإلا ) بأن شق عليه الصبر ( فلا ) يستحب له ، بل يكره للخبر الصحيح { خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى } أي : غنى النفس ، وهو صبرها على الفقر ، وبهذا التفصيل جمعوا بين الأحاديث المختلفة الظواهر كهذا الحديث مع خبر أبي بكر ، أما التصدق ببعض الفاضل عن ذلك فيسن اتفاقا . نعم المقارب للكل كالكل ، أو خرج بالصدقة الضيافة فلا يشترط فضلها عن مؤنة من ذكر على ما في المجموع للخلاف القوي في وجوبها ، ويتعين حمله على ما إذا لم يؤد إيثارها إلى إلحاق أدنى ضرر بممونه الذي لا رضا له على أنه خالفه في شرح مسلم .

                                                                                                                              ( فرع ) في الجواهر يكره إمساك الفضل وغير المحتاج إليه كما بوب عليه البيهقي . ا هـ ، وبحث غيره أن المراد بالباقي ما زاد على كفاية سنة أخذا من قولها أيضا : إذا كان بالناس ضرورة لزمه بيع ما فضل عن قوته وقوت عياله سنة ، فإن أبى أجبره الحاكم ، ويؤيده قول الروضة عن الإمام يلزم الموسر المواساة بما زاد على كفاية سنة . قال بعضهم : أي : في حال الضرورة لا مطلقا . ا هـ ، وهو فاسد كما يعلم مما سأذكره أوائل السير ، ولا ينافي اعتبار السنة هنا ما مر آنفا ؛ لأن الكراهة كما هنا يحتاط لها أكثر من الندب كما هناك

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 182 ] قوله : وممونه ) كذا شرح م ر انظره مع الاقتصار على قول المتن إن لم يشق عليه الصبر ، ويتجه اعتبار هذا القيد في ممونه أيضا . ( قوله : بل يكره ) قال في شرح الروض : والأوجه حمل الكراهة على كراهة التحريم ، وهو مراد الروض ؛ لأن إلخ . ا هـ . ( قوله : على أنه خالفه في شرح مسلم ) اعتمد ما فيه م ر . ( قوله : ويكره إمساك الفضل ) ما المراد بالفضل ؟ إن كان ما زاد على يوم ، وليلة فلا حاجة مع كراهته لكراهة ما زاد على سنة



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              . ( قول المتن بما ) أي : بكل ما إلخ . ا هـ . مغني ( قوله : السابقة ) إلى قوله وخرج في المغني وإلى قوله قال بعضهم في النهاية ( قوله : وممونه ) كذا في شرح م ر انظره مع الاقتصار على قول المتن إن لم يشق عليه الصبر ويتجه اعتبار هذا القيد في ممونه أيضا . ا هـ . سم ( قوله : يومهم إلخ ) أي : ما لا يكفيه في الحال فقط ، ولا ما يكفيه في سنته . ا هـ . مغني .

                                                                                                                              ( قوله : وكسوة فصلهم ) لم يتعرض للمسكن ، والظاهر أنه لا بد من اعتباره وعليه فهل يعتبر سنة ؛ لأنها الغالب ، أو ينظر للعرف في تلك البلد ويحكم ؟ وليراجع . ا هـ . سيد عمر أقول : والأقرب الثاني كما مر ( قوله : مطلقا ) أي : شق عليه الصبر أم لا ( قوله : وقبله منه ) أي : لم ينكره عليه . ا هـ . ع ش ( قوله : بل يكره ) قال في شرح الروض : والأوجه حمل الكراهة على كراهة التحريم ، وهو مراد الروضة ؛ لأن إلخ انتهى . ا هـ . سم ( قوله : مع خبر أبي بكر ) فيه أن الكلام في التصدق بالفاضل عما يحتاجه لا بجميع المال ، وأجيب بأن التفصيل في قوله : وبهذا التفصيل إلخ شامل لما قبل هذا ، وهو قول المتن قلت الأصح إلخ . ا هـ . بجيرمي ( قوله : وخرج بالصدقة إلخ ) عبارة المغني في شرحه : الأصح تحريم صدقته إلخ ، والضيافة كالصدقة كما قالهالمصنف في شرح مسلم . ا هـ . ( قوله : خالفه في شرح مسلم ) أي : فجعل الضيافة كالصدقة ، وهو المعتمد انتهى شيخنا الزيادي . ا هـ . ع ش عبارة قسم اعتمد ما فيه أي : شرح مسلم م ر . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : في الجواهر إلخ ) ويسن التصدق عقب كل معصية كما قاله الجرجاني ومنه التصدق بدينار ، أو نصفه في وطء الحائض ، ويسن لمن لبس ثوبا جديدا التصدق بالقديم وهل قبول الزكاة للمحتاج أفضل من قبول صدقة التطوع ، أو لا ؟ وجهان رجح الأول جماعة منهم ابن المقري ، والثاني آخرون ولم يرجح في الروضة واحدا منهما ثم قال - عقب ذلك - قال الغزالي وأنه يختلف بالأشخاص فإن عرض له شبهة في استحقاقه لم يأخذ الزكاة ، وإن قطع به أي : الاستحقاق فإن كان المتصدق إن لم يأخذ هذا منه لا يتصدق فيأخذها فإن إخراج الزكاة لا بد منه ، وإن كان لا بد من إخراجها ولم يضيق بالزكاة أي : على أهلها تخير وأخذها أشد في كسر النفس انتهى أي : فهو حينئذ أفضل . ا هـ . نهاية زاد المغني وهذا هو الظاهر وأخذ الصدقة في الملأ ، وتركه في الخلوة أفضل لما في ذلك من كسر النفس ، ويسن للراغب في الخير أن لا يخلي يوما من الأيام من الصدقة بشيء ، وإن قل ويسن التسمية عند الدفع إلى المتصدق إليه ولا يطمع المتصدق في الدعاء من المتصدق عليه لئلا ينقص أجر الصدقة فإن دعا له استحب أن يرد عليه مثلها لتسلم صدقته ، وليس التصدق بالثوب القديم من التصدق بالرديء ، بل مما يجب وهذا كما جرت به العادة من التصدق بالفلوس دون الذهب والفضة . ا هـ . ( قوله : إمساك الفضل إلخ ) ما المراد بالفضل إن كان ما زاد على يوم وليلة فلا حاجة مع كراهته لكراهة ما زاد على سنة . ا هـ . سم وعبارة ع ش انظر ما المراد بالفاضل الذي يكره إمساكه ؟ وما المراد بالفاضل الذي يستحب التصدق به إن صبر ويكره إن لم يصبر ؟ ولعله ما ذكره الشارح بقوله وبحث غيره إلخ إلا أنه يلزمه عليه أن الفاضل هو غير المحتاج إليه فلا حاجة للجمع بينهما في قول الجواهر وغير المحتاج إليه ؛ لأنه عين الفضل . ا هـ . وقد يقال : إن الجمع للتفسير وبيان المراد بالفضل ( قوله : إن المراد بالباقي ) ، وهو غير المحتاج إليه . ا هـ . ع ش ( قوله : من قولها ) أي : الجواهر ( قوله : عن قوته وقوت عياله سنة ) أي : ما لم يشتد الضرر وإلا أجبره على بيع ما زاد على الحاجة الناجزة . ا هـ . ع ش ( قوله : ما مر آنفا ) أي : بقوله : يومهم وليلتهم إلخ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية