الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وتزوج الثيب ) العاقلة ( البالغة ) الخرساء بإشارتها المفهمة والناطقة ( بصريح الإذن ) ولو بلفظ الوكالة للأب ، أو غيره أو بقولها أذنت له أن يعقد لي ، وإن لم تذكر نكاحا كما بحث ويؤيده قولهم يكفي قولها رضيت بمن يرضاه أبي ، أو أمي ، أو بما يفعله أبي وهم في ذكر النكاح لا إن رضيت أمي ، أو بما تفعله مطلقا ولا إن رضي أبي إلا أن تريد به مما يفعله فلا يكفي سكوتها لخبر مسلم السابق وصح خبر { ليس للولي مع الثيب أمر } ( تنبيه )

                                                                                                                              يعلم مما يأتي أواخر الفصل الآتي أن قولها رضيت أن أزوج أو رضيت فلانا زوجا متضمن للإذن للولي فله أن يزوجها به بلا تجديد استئذان ويشترط عدم رجوعها عنه قبل كمال العقد لا يقبل قولها فيه إلا ببينة قال الإسنوي وغيره ولو أذنت له ثم عزل نفسه لم ينعزل كما اقتضاه كلامهم أي ؛ لأن ولايته بالنص فلم يؤثر فيها عزله لنفسه وقيده بعضهم بما إذا قبل الإذن وإلا [ ص: 247 ] كأن رده ، أو عضله إبطالا له فلا يزوجها إلا بإذن جديد قيل وفيه نظر أي لما ذكرته ( ويكفي في البكر ) البالغة العاقلة إذا استؤذنت ، وإن لم تعلم الزوج سواء أعلمت أن سكوتها إذن أم لا كما في شرح مسلم عن مذهبنا ومذهب الجمهور ويفرق بين هذا واشتراط العلم بكون السكوت نكولا بأن السكوت ثم مسقط لحقه فاشترط تقصيره به ، وهو يستدعي العلم بذلك وهنا مثبت لحقها فاكتفى به منها مطلقا ( سكوتها ) الذي لم يقترن بنحو بكاء مع صياح ، أو ضرب خد للمجبر قطعا ولغيره بالنسبة للنكاح ولو لغير كفؤ لا لدون مهر المثل أو كونه من غير نقد البلد ( في الأصح ) لخبر مسلم السابق ولقوة حيائها وكسكوتها قولها لم لا يجوز أن آذن جوابا لقوله أن أزوجك أو تأذنين أما إذا لم تستأذن وإنما زوج بحضرتها فلا يكفي سكوتها وأفتى البغوي بأنها لو أذنت مخبرة ببلوغها فزوجت ثم قالت لم أكن بالغة حين أقررت صدقت بيمينها وفيه نظر إذ كيف يبطل النكاح بمجرد قولها السابق منها نقيضه لا سيما مع عدم إبدائها عذرا في ذلك وتردد شيخنا في خرساء لا إشارة لها مفهمة ولا كتابة ثم رجح أنها كالمجنونة

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله بإشارتها المفهمة ) أي ، أو بكتبها كما بحثه الأذرعي ، وهو ظاهر إن نوت به الإذن كما قالوه في أن كتابة الأخرس بالطلاق كناية على الصحيح فلو لم تكن إشارة مفهمة ولا كتابة فالأوجه أنها كالمجنونة شرح م ر وسيأتي هذا الأخير ( قوله متضمن للإذن للولي إلخ ) كذا شرح م ر ( قوله : لا يقبل قولها ) أي بعده وقوله فيه أي الرجوع ( قوله : ولو أذنت له إلخ ) المفهوم من هذا السياق أنه في الثيب وينبغي أن يجري ما ذكر في إذن البكر بالسكوت [ ص: 247 ] قوله : سكوتها إلخ ) قال في الروض لو أذنت بكر بألف ثم استؤذنت بخمسمائة فسكتت فهو رضا قال في شرحه بقيد زاده تبعا للبلقيني بقوله إن كان مهر مثلها قال وما قاله مفهوم من الفرع السابق انتهى أشار إلى قوله قبل فرع لو استؤذنت بكر بدون المهر لم يكف انتهى فليتأمل فإنه قد يمكن الفرق ( قوله : بالنسبة للنكاح ولو إلخ ) كذا شرح م ر ( قوله لا لدون إلخ ) هذا يرجع للمجبر أيضا خلاف ما يوهمه صنيعه ( قوله : لا لدون مهر المثل ، أو إلخ ) أي فلا يكفي السكوت بالنسبة لذلك ( قوله : وإنما زوج بحضرتها إلخ ) معلوم أن هذا في غير المجبر ( قوله : وفيه نظر إلخ ) كذا م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله بإشارتها المفهمة ) ، أو بكتبها كما بحثه الأذرعي ، وهو ظاهر إن نوت به الإذن كما قالوه في أن كتابته بالطلاق كناية على الصحيح فلو لم تكن إشارة مفهمة ولا كتابة فالأوجه أنها كالمجنونة فيزوجها الأب ثم الجد ثم الحاكم دون غيرهم نهاية ومغني وقولهما فالأوجه إلخ سيذكره الشارح أيضا قال ع ش قوله ، وهو ظاهر إن نوت به الإذن أي ويعلم ذلك بكتابتها ثانيا وقوله فيزوجها الأب أي صغيرة كانت ، أو كبيرة ثيبا ، أو بكرا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : المفهمة ) ظاهر إطلاق المفهمة مع قوله والناطقة بصريح الإذن أنه يكتفي بإشارتها ، وإن لم تكن صريحة بأن يختص بفهمها الفطنون ، وإن كان لها إشارة صحيحة ، وهي التي يختص بها من ذكر وقد يشكل بما مر في الصيغة فليتأمل ا هـ سيد عمر ( قوله : ولو بلفظ الوكالة ) إلى المتن في النهاية .

                                                                                                                              ( قوله : وهم في ذكر النكاح ) أي والحال أن من عندها متفاوضون في ذكر النكاح ا هـ رشيدي واستظهر ع ش ، وهو صريح صنيع المغني أنه راجع لقوله يكفي قولها رضيت إلخ ( قوله : لا إن رضيت أمي ) أي لا قولها رضيت إن رضيت إلخ وقوله ، أو بما تفعله أي أمي وقوله مطلقا أي سواء كانوا في ذكر النكاح أم لا ا هـ ع ش ( قوله : ولا إن رضي إلخ ) عبارة المغني وكذا لا يكفي رضيت إن رضي أبي إلا أن تريد به رضيت بما يفعله فيكفي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بما يفعله ) أي بأن تقول إن رضي أبي رضيت بما يفعله ا هـ ع ش ( قوله : السابق ) أي عقب قول المتن إلا بإذنها وقوله وصح خبر إلخ اقتصر عليه المغني ( قوله : أن أزوج ) أي فلانا ( قوله : متضمن للإذن إلخ ) أي ، وإن لم يتقدم عليه استئذان من الولي ا هـ ع ش ( قوله : قبل كمال العقد ) فلو رجعت قبل العقد ، أو معه بطل إذنها ا هـ ع ش ( قوله : لا يقبل قولها ) أي بعده وقوله فيه أي الرجوع .

                                                                                                                              ( قوله : ولو أذنت إلخ ) المفهوم من السياق أنه في الثيب وينبغي أن يجري ما ذكر في إذن البكر بالسكوت ا هـ سم ( قوله : ثم عزل [ ص: 247 ] إلخ ) أي الولي ( قوله البالغة ) إلى قوله سواء في النهاية وإلى قوله كما في شرح مسلم في المغني ( قوله إذا استؤذنت ) أي سواء كان الاستئذان من المجبر ، أو من غيره ا هـ ع ش ( قوله : تقصيره به ) أي بالسكوت ( قوله : وهو يستدعي إلخ ) أي التقصير ( قوله مثبت لحقها ) لعل المراد بالحق هنا استحقاقها بالصداق ونحوه وعلى هذا يرد عليه كما أنه مثبت لذلك كذلك مسقط لحق استقلالها فليحرر ( قوله : به منها ) أي بالسكوت من البكر مطلقا علمت بذلك أم لا .

                                                                                                                              ( قوله الذي لم يقترن ) إلى قوله وأفتى في المغني وإلى قول المتن فإن كان في النهاية إلا قوله بخلاف إلى ومن ثم ( قوله : مع صياح إلخ ) أي بخلاف مجرد البكاء فيكفي السكوت المقارن به كما صرح به المغني ( قوله للمجبر قطعا ) إشارة إلى أن الخلاف في غير المجبر أي ويكفي في البكر سكوتها للمجبر قطعا ولغيره في الأصح ( قوله بالنسبة للنكاح إلخ ) قيد في كل من المجبر وغيره سم وع ش ورشيدي ( قوله ولو لغير كفء ) ولو أذنت بكر في تزويجها بألف ثم استؤذنت لتزويجها بخمسمائة فسكتت كان إذنا إن كان مهر مثلها مغني وشرح الروض ( قوله : لا لدون مهر المثل إلخ ) أي فلا يكفي سكوتها بالنسبة لذلك ا هـ سم زاد المغني لتعلقه بالمال كبيع مالها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : السابق ) لعل في شرح ويستحب استئذانها ولكن يرد عليه أنه لا دلالة في ذلك على المدعي عبارة المغني والمحلى لخبر مسلم { الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر وإذنها سكوتها } ا هـ ، وهي ظاهرة ( قوله : أن آذن ) الأنسب لما بعده أو لم لا آذن كما في المغني ( قوله : أما إذا لم تستأذن إلخ ) محترز قوله إن استؤذنت .

                                                                                                                              ( قوله وإنما زوج بحضرتها إلخ ) معلوم أن هذا في غير المجبر سم ورشيدي ( قوله وفيه نظر ) معتمد ا هـ ع ش ( قوله وتردد شيخنا إلخ ) والمشهور أن الترددين المذكورين للأذرعي فليتأمل وليحرر ا هـ سيد عمر ( قوله أنها كالمجنونة ) أي فيزوجها الأب ثم الجد ثم الحاكم دون غيرهم نهاية ومغني




                                                                                                                              الخدمات العلمية