الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وخصال الكفاءة ) أي الصفات المعتبرة فيها ليعتبر مثلها في الزوج [ ص: 278 ] خمس والعبرة فيها بحالة العقد نعم ترك الحرفة الدنيئة قبله لا يؤثر إلا إن مضت سنة كذا أطلقه غير واحد وهو ظاهر إن تلبس بغيرها بحيث زال عنه اسمها ولم ينسب إليها ألبتة وإلا فلا بد من مضي زمن يقطع نسبتها عنه بحيث صار لا يعير بها وهل تعتبر السنة في الفاسق إذا تاب كالحرفة القياس نعم ويفرق بينه وبين ما مر في الولي بأن المدار ثم على عدم الفسق وهنا على التعير به وهو لا ينتفي إلا بمضي سنة نظير ما يأتي في الشهادات فإن قلت لم لم يأت فيه ثقيل الحرفة المذكور قلت لأن عرف الشرع اطرد فيه بزوال وصمته بعد السنة لا في الحرفة فعملنا فيها بالعرف العام على القاعدة فيما ليس للشرع فيه عرف ثم رأيت ابن العماد والزركشي بحثا أن الفاسق إذا تاب لا يكافئ العفيفة وينبغي حمله على ما إذا لم تمض سنة من توبته وظاهر كلام بعضهم اعتماد إطلاقهما لكن بالنسبة للزنا فإنه أيده بالقياس على عدم عود العفة والحصانة بالتوبة وعلى رد قن مبيع ثبت زناه وإن تاب منه لأن أثر الزنا لا يزول بالتوبة فقضية قياسه تخصيص ذلك بالزنا لأنه الذي لا تزول وصمة عاره مطلقا وهو محتمل ثم رأيت ابن العماد صرح في موضع آخر بأن الزاني المحصن وإن تاب وحسنت توبته لا يعود كفؤا كما لا تعود عفته وبما تقرر من أن العبرة فيها بحالة العقد يرد ما في تفقيه الريمي عن بعضهم أن طرو الحرفة الدنيئة يثبت لها الخيار قال وخالفه بعض المتأخرين ولا وجه له وليس كما زعم بل هو الوجه وذلك هو الذي لا وجه له كما هو واضح لأن الخيار في رفع النكاح بعد صحته لا يوجد إلا بالأسباب الخمسة الآتية في بابه وبنحو العتق تحت رقيق وليس طرو ذلك واحدا من هذه ولا في معناه وأما قول الإسنوي ينبغي الخيار إذا تجدد الفسق فرده الأذرعي وابن العماد وغيرهما بأنه لا وجه له وهو كما قالوا خلافا للزركشي ووجه رده ما قررته من كلامهم نعم طرو الرق يبطل النكاح ، وقول الإسنوي يتخير به مردود بأنه وهم .

                                                                                                                              أحدها ( سلامة ) للزوج وكذا لآبائه [ ص: 279 ] على أحد وجهين الأوجه مقابله : وزعم الأطباء الأعداء في الولد لا يعول عليه ( من العيوب المثبتة للخيار ) فمن به جنون أو جذام أو برص لا يكافئ ولو من بها ذلك وإن اتحد النوع وكان ما بها أقبح لأن الإنسان يعاف من غيره ما لا يعافه من نفسه أو جب أو عنة لا يكافئ ولو رتقاء أو قرناء ومر أن الولي لا حق له في هذا بخلاف الثلاثة الأول أما العيوب التي لا تثبت الخيار فلا تؤثر كعمى وقطع أطراف وتشوه صورة خلافا لجمع متقدمين بل قال القاضي : يؤثر كل ما يكسر ثورة التوقان والروياني ليس الشيخ كفؤا للشابة واختير وكل ذلك ضعيف لكن تنبغي مراعاته بخلاف زعم قوم رعاية البلد فلا يكافئ جبلي بلديا فلا يراعى لأنه ليس بشيء كما في الروضة .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : بحثا أن الفاسق إذا تاب لا يكافئ العفيفة ) أفتى بذلك شيخنا الشهاب الرملي وإن كان الفسق بغير نحو الزنا م ر ( قوله : وعلى رد قن مبيع إلخ ) قياس ذلك أن ما ألحقوه بالزنا في أنه يرد به وإن تاب أن الفاسق به لا يكافئ وإن تاب منه فليتأمل ( قوله : فقضية قياسه تخصيص ذلك بالزنا ) بل قضية قياسه على المبيع أنه لا يتقيد بالزنا بل يجري في غيره مما تقدم أنه عيب وإن تاب منه ( قوله : لا يعود كفؤا ) وأفتى بذلك شيخنا الشهاب الرملي وبأن المحجور عليه بسفه لا يكافئ الرشيدة شرح م ر وسيأتي بعد في كلام الشارح ( قوله : وكذا لآبائه ) أي حتى من الجب والعنة [ ص: 279 ] قوله : على أحد وجهين ) هو الأوجه خلافا لما في الروض عن الإسنوي نقلا عن الهروي م ر ( قوله : وزعم الأطباء إلخ ) قد يقال : يكفي في توجيه ذلك أن الولد يعير بآبائه حينئذ فتتضرر الزوجة ( قوله : ولا لمبعضة ) شامل لتبعيض الزوج مع اتفاق التبعيض فليراجع .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : أي الصفات ) إلى قوله وهل تعتبر سنة في النهاية ( قوله : المعتبرة فيها ) أي الزوجة رشيدي و ع ش ( قوله : ليعتبر مثلها ) أي الصفات [ ص: 278 ] في الزوج يرد عليه أن مقتضى ذلك أن عيوب النكاح لا يشترط سلامة الزوج منها إلا إذا كانت الزوجة سليمة منها وليس كذلك ويجوز أن يراد بقوله " المعتبرة فيها " الموجودة في الزوجة وبقوله ليعتبر ليشترط وفيه ما لا يخفى ا هـ حلبي عبارة الرشيدي قوله : ليعتبر مثلها إلخ انظره مع ما سيأتي من التخيير بنحو البرص وإن كان ما بها أقبح ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : خمس ) خبر قول المتن وخصال الكفاءة ( قوله : والعبرة فيها ) أي الكفاءة أو خصالها عبارة ع ش أي الصفات ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : اطرد فيه ) أي الفسق ( قوله : على القاعدة ) متعلق بقوله عملنا وقوله : فيما ليس إلخ نعت له ( قوله : فعملنا فيها ) أي الحرفة على خلاف الغالب من حالية الجار والمجرور بعد المعرفة ( قوله : بحثا أن الفاسق إلخ ) أفتى بذلك شيخنا الشهاب الرملي وإن كان الفسق بغير نحو الزنا م ر ا هـ سم عبارة الرشيدي أي وإن كان الفسق بغير الزنا كما أفتى به والد الشارح خلافا لابن حج وإن تبعه الزيادي ا هـ وعبارة ع ش ويمكن حمل قول حج وينبغي حمله إلخ على غير الزنا فيكون مقيدا لإطلاق الشارح وعليه فالزاني لا يكون كفؤا للعفيفة وإن تاب وإن كان بكرا وعلى هذا فقول ابن العماد الزاني المحصن إلخ في مفهومه تفصيل وهو أن غير الزاني إذا تاب ومضت مدة الاستبراء كافأ العفيفة وأن غير المحصن لا يكافئ العفيفة وإن تاب كالمحصن . ( فرع ) :

                                                                                                                              وقع في الدرس السؤال عما لو جاءت امرأة مجهولة النسب إلى الحاكم وطلبت منه أن يزوجها من ذي الحرفة الدنيئة ونحوها فهل يجيبها أم لا والجواب عنه أن الظاهر الثاني للاحتياط لأمر النكاح فلعلها تنسب إلى ذي حرفة شريفة وبفرض ذلك فتزويجها من ذي الحرفة الدنيئة باطل والنكاح يحتاط له ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فإنه أيده إلخ ) تعليل لقوله لكن بالنسبة إلخ ( قوله : وعلى رد قن مبيع إلخ ) قياس ذلك أن ما ألحقوه بالزنا في أنه يرد به وإن تاب أن الفاسق به لا يكافئ وإن تاب منه فليتأمل ا هـ سم ( قوله : فقضية قياسه تخصيص ذلك إلخ ) بل قضية قياسه على المبيع أن لا يتقيد بالزنا بل يجري في غيره مما تقدم أي في البيع أنه عيب وإن تاب منه ا هـ سم ( قوله : مطلقا ) أي تاب أم لا ( قوله : وهو إلخ ) أي التخصيص بالزنا ( قوله : بأن الزاني المحصن ) ومثله البكر وينبغي أن مثل الزاني اللائط ا هـ ع ش زاد بعض المتأخرين وآتي البهائم والممكن من نفسه ا هـ وهو ظاهر ( قوله : لا يعود كفؤا ) أفتى بذلك شيخنا الشهاب الرملي ا هـ سم ( قوله : وبما تقرر ) إلى المتن في النهاية .

                                                                                                                              ( قوله : قال ) أي الريمي وكذا ضمير " زعم " ( قوله : بل هو ) أي ما قاله بعض المتأخرين وقوله : وذلك أي ما في التفقيه عن بعضهم ( قوله : وليس طرو ذلك ) أي الحرفة الدنيئة والأولى الأخصر وليست هي ( قوله : ما قررته إلخ ) أي من أن العبرة في الكفاءة بحالة العقد ( قوله : يتخير ) كذا في نسخ الشرح بالياء وهو في النهاية بالتاء ( قوله : به ) أي طرو الرق ا هـ ع ش ( قوله : أحدها ) الأنسب لما سيأتي أولها ( قوله : وكذا لآبائه ) هل حتى [ ص: 279 ] من الجب والعنة ا هـ سم ( قوله : على أحد وجهين ) وهو الأقرب فلا يكون ابن الأبرص كفؤا لمن أبوها سليم لأنها تعير به نهاية ومغني قال الرشيدي : قد يتوقف في هذه الأقربية خصوصا في نحو العنة لا سيما إذا كان حصولها في الأب لطعنه في السن ا هـ ومر آنفا عن سم وقال السيد عمر بعد ذكر كلام النهاية ما نصه : أقول وعليه فهل هو على إطلاقه كما هو مقتضى إطلاق الحكم ومحله حيث كان الولي يعير به بخلاف ما إذا علا جدا بحيث لا يعير به أخذا من العلة ؟ محل تأمل ولعل الثاني أقرب ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : الأوجه مقابله ) خلافا للنهاية والمغني كما مر آنفا ( قوله : وزعم الأطباء إلخ ) قد يقال يكفي في توجيه ذلك أن الولد يعير بآبائه حينئذ فتتضرر الزوجة ا هـ سم ( قول المتن : للخيار ) أي في النكاح وستأتي في بابه ا هـ مغني ( قوله : فمن به جنون ) إلى قوله بل قال القاضي في المغني وإلى المتن في النهاية إلا قوله : ومر إلى أما العيوب ( قوله : وإن اتحد النوع ) كذا في النهاية وفي أصل الشارح وإن اختلف الجنس فليحرر ا هـ سيد عمر ويوافق ما في أصل الشارح قول المغني اختلف العيبان كرتقاء ومجبوب أو اتفقا كأبرص وبرصاء ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو جب ) عطف على " جنون " ( قوله : ومر ) أي في أول الفصل ( قوله : في هذا ) أي المذكور من الجب والعنة ( قوله : بلديا ) الأولى " بلدية " .




                                                                                                                              الخدمات العلمية