الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ونكاح عبد ) ولو مدبرا ومبعضا ومكاتبا ومعلقا عتقه بصفة ( بلا إذن سيده ) ولو أنثى ( باطل ) للحجر عليه وللخبر الصحيح { أيما مملوك تزوج بغير إذن سيده فهو عاهر } وقول الأذرعي يستثنى من ذلك ما لو منعه سيده فرفعه لحاكم يرى إجباره فأمره فامتنع فأذن له الحاكم أو زوجه فإنه يصح جزما كما لو عضل الولي فيه نظر لأنه إن أراد صحته على مذهب ذلك الحاكم لم يصح الاستثناء أو على مذهبنا فلا وجه له وأفهم ما تقرر أن الموقوف كله أو بعضه على جهة يتعذر تزويجه وإذا بطل لعدم الإذن تعلق مهر المثل بذمته فقط ويتجه أن محله في غير نحو الصغيرة وإلا تعلق برقبته نظير ما مر في السفيه ثم رأيت الأذرعي بحثه وجزم الأنوار كالإمام في وطئه أمة غير مأذونه أيضا بتعلقه برقبته وقال الزركشي وغيره بل بذمته ( و ) نكاحه ( إذنه ) .

                                                                                                                              [ ص: 293 ] أي السيد الرشيد غير المحرم نطقا ولو أنثى بكرا ( صحيح ) لمفهوم الخبر ( وله إطلاق الإذن ) فينكح حرة أو أمة ببلده وغيرها نعم للسيد منعه من الخروج إليها خلافا لمن وهم فيه ( وله تقييده بامرأة ) معينة ( أو قبيلة أو بلد ولا يعدل عما أذن فيه ) وإلا بطل وإن كان مهر المعدول إليها أقل من مهر المعينة نعم لو قدر له مهرا فزاد أو زاد على مهر المثل عند الإطلاق صحت الزيادة ولزمت ذمته فيتبع بها إذا عتق لأن له ذمة صحيحة بخلاف ما مر في السفيه ويؤخذ منه أن الكلام في العبد الرشيد ومحل ما ذكر في صورة التقدير إن لم ينهه عن الزيادة وإلا بطل النكاح لأنه غير مأذون فيه حينئذ ولا يحتاج إلى إذن في الرجعة بخلاف إعادة البائن ولو نكح فاسدا نكح صحيحا بلا إنشاء إذن لأن الفاسد لم يتناوله الإذن الأول ، و رجوعه عن الإذن كرجوع الموكل وكذا ولي السفيه كما هو ظاهر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ولو أنثى ) أي ولو كان سيده أنثى ( قوله : لم يصح الاستثناء ) في عدم صحته نظر فإن عبارة المصنف شاملة لهذه الحالة وهذا كاف في صحته ( قوله : على جهة ) قضيته خروج الموقوف على معين وتقدم في الحاشية في قول المصنف فإن فقد المعتق وعصبته زوج السلطان عن فتوى شيخنا الشهاب أن العبد الموقوف يمتنع تزويجه مطلقا فراجعه ( قوله : يتعذر تزويجه ) أي لعدم تصور إذن سيده ( قوله : وإلا تعلق برقبته ) أي لوجوبه بغير رضا مستحقه المعتبر رضاه ولا عبرة برضا الولي إذ لا حق له في المهر ( قوله : نظير ما مر في السفيه ) انظر في أي محل مر وكيف يتصور التعلق برقبة الحر ( قوله : وجزم الأنوار إلخ ) اعتمده م ر [ ص: 293 ] قوله : غير المحرم ) مفهوم عدم صحته بإذن المحرم وإن لم ينكح إلا بعد تحلله لفساد الإذن حال الإحرام وهذا ما قاله ابن القطان وهو الصحيح كما أفاده شيخنا الشهاب الرملي وإن خالف غيره وتبعه في العباب ويمكن أن يفارق توكيل الولي المحرم غيره حيث لم يقيد بحال الإحرام بصحة عبارة الوكيل في نفسه بغير إذن أحد في النكاح بخلاف العبد إلا أن قضية ذلك عدم صحة توكل العبد المحرم في قبول النكاح له حيث لم يقيد بما ذكر وفيه نظر فليراجع ( قوله : فزاد ) ظاهره الصحة هنا وإن كان مهر مثلها فوق المقدر وإن بطل في نظير ذلك من السفيه لكن الفرق لائح واضح قال في الروض ولو نكح بالمسمى أي [ ص: 294 ] بالمعين من مهرها دونه صح به قال في شرحه بخلاف نظيره في السفيه كما مر انتهى .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : ولو أنثى ) أي أو كافرا نهاية ومغني أي ولو كان سيده أنثى أو كافرا ( قوله : وقول الأذرعي يستثنى إلخ ) أقره المغني ( قوله : فرفعه لحاكم إلخ ) قد يقال إن وجد من الحاكم المرفوع إليه حكم بالأمر بالنكاح أو بصحة النكاح بعد وقوعه فالاستثناء واضح على مذهبنا أيضا وإلا خرج على أن تصرف الحاكم هل هو حكم أو لا إن قلنا : حكم فكذلك وإلا فلا وجه للاستثناء فتأمل سيد عمر وقوله : حكم بالأمر بالنكاح انظر المراد به فلو أراد به الإذن بالنكاح فهو موجود في كلام الأذرعي وقوله : وإلا خرج على إلخ قد مر أن الراجح أنه حكم فيما رفع إليه والرفع هنا موجود في كلام الأذرعي فالاستثناء واضح ، عبارة سم قوله : لم يصح الاستثناء في عدم صحته نظر فإن عبارة المصنف شاملة لهذه الحالة وهذا كاف في صحته ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : على جهة ) قضيته خروج الموقوف على معين وتقدم في الحاشية في قول المصنف فإن فقد المعتق وعصبته زوج السلطان عن فتوى شيخنا الشهاب الرملي أن العبد الموقوف يمتنع تزويجه مطلقا فراجعه ا هـ سم أي مبحث تزويج العتيقة شرحا وحاشية .

                                                                                                                              ( قوله : يتعذر تزويجه ) أي لعدم تصور إذن سيده ا هـ سم ( قوله : إذا بطل إلخ ) راجع إلى المتن ( قوله : تعلق مهر المثل بذمته ) أي إن وطئ ا هـ رشيدي ( قوله : وإلا ) أي بأن كانت صغيرة أو مجنونة أو مكرهة أو مزوجة بالإجبار أو سفيهة حال الوطء ( قوله : تعلق برقبته ) أي لوجوبه بغير رضا مستحقه المعتبر رضاه ولا عبرة برضا الولي إذ لا حق له في المهر سم و ع ش ( قوله : نظير ما مر في السفيه ) أي في قول الشارح بخلاف صغيرة ومجنونة إلخ وقوله : في السفيه أي في وطئه نحو الصغيرة إذا نكحها بلا إذن وليه وبه ينحل توقف سم بما نصه انظر في أي محل مر وكيف يتصور التعلق برقبة الحر ا هـ وأما قوله : فكيف يتصور إلخ فجوابه أن مراد الشارح من نظير ما مر في السفيه التشبيه في أصل ثبوت المهر وعدم سقوطه بقطع النظر عن تعلقه بالذمة أو الرقبة ثم رأيت قال الرشيدي قوله : نظير ما مر في السفيه أي من حيث مطلق الوجوب وبه يندفع ما في حواشي التحفة ا هـ ولله الحمد ( قوله : وجزم الأنوار إلخ ) اعتمده م ر ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله : غير مأذونه إلخ ) أي بأن نكحت بغير إذن السيد ووطئت أيضا كما لم يكن العبد مأذونا ا هـ كردي ( قوله : وقال إلخ ) عبارة النهاية [ ص: 293 ] وإن قال ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أي السيد الرشيد ) إلى الكتاب في النهاية إلا قوله واقتضى كلامه إلى وإنما أجبر الأب ، وقوله : التي تحل من قن وحر كتابي وقوله : بناء على حلهما إلى كما يزوج وقوله : وإن لم يكن له إلى أما الكافر وكذا في المغني إلا قوله : ويؤخذ منه إلى ومحل ما ذكر ، وقوله : وكذا ولي السفيه كما هو ظاهر ، وقوله : وإنما أجبر الأب إلى المتن وقوله : ولا يجبر الولي إلى الكتاب ( قوله : غير المحرم ) مفهومه عدم صحته بإذن السيد المحرم وإن لم ينكح إلا بعد تحلله لفساد الإذن حال الإحرام وهذا ما قاله ابن القطان وهو الصحيح كما أفاده شيخنا الشهاب الرملي ا هـ سم ( قوله : ولو أنثى إلخ ) أي أو كافرا ا هـ مغني ويحتمل أن الضمير للعبد .

                                                                                                                              ( قوله : لمفهوم الخبر ) أي المار آنفا ( قوله : ببلده ) أي السيد ( قوله : من الخروج إليها ) أي الزوجة إذا كانت بغير بلده ا هـ رشيدي وقال ع ش الضمير راجع إلى قوله ببلده وغيرها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وإلا بطل ) أي وإن عدل بطل النكاح قال ع ش ظاهره ولو كانت المعدول إليها خيرا من المعينة نسبا وجمالا ودينا وعليه فيمكن أن يفرق بينه وبين ما تقدم في السفيه عن ابن أبي الدم من الصحة بأن حجر الرق أقوى من حجر السفه ا هـ ع ش ( قوله : نعم إلخ ) استدراك على قول المصنف ولا يعدل إلخ ا هـ رشيدي ( قوله : لو قدر إلخ ) وإن نقص عما عينه له سيده أو عن مهر المثل عند الإطلاق جاز ولو نكح بالمسمى من مهرها دونه صح به ا هـ مغني ( قوله : فزاد إلخ ) ظاهره الصحة هنا وإن كان مهر مثلها فوق المقدر وإن بطل في نظير ذلك من السفيه كما صرح به الروض وشرحه والفرق لائح واضح ا هـ سم ( قوله : صحت الزيادة ولزمت إلخ ) الأولى صح ولزمت الزيادة ذمته ( قوله : ولزمت ذمته ) هذا إذا كانت المرأة كبيرة فإن كانت صغيرة تعلق المهر برقبته ا هـ حلبي ( قوله : ويؤخذ منه ) أي من التعليل ( قوله : في العبد الرشيد ) فلو كان غير رشيد هل صح النكاح ولغت الزيادة مطلقا أو فيه التفصيل المار في السفيه ؟ والثاني أقرب فليراجع ( قوله : ومحل ما ذكر إلخ ) أي محل صحة النكاح فيما لو قدر لها مهرا فزاد ( قوله : وإلا بطل النكاح ) أي كما في السفيه ا هـ مغني ( قوله : ولو نكح فاسدا ) أي بأن أطلق السيد الإذن له في النكاح فنكح نكاحا فاسدا لفقد شرط من شروطه ا هـ ع ش ( قوله : نكح صحيحا ) أي جاز له أن ينكح ثانيا نكاحا صحيحا ا هـ ع ش ( قوله : ورجوعه ) أي السيد كرجوع الموكل أي يعتد به ا هـ ع ش ( قوله : وكذا ولي السفيه ) أي رجوعه كرجوع الموكل ا هـ رشيدي .




                                                                                                                              الخدمات العلمية