الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( من وطئ امرأة ) حية وهو واضح ( بملك ) ولو في الدبر وإن كانت محرمة عليه أبدا كما يأتي عن أصل الروضة ( حرم عليه أمهاتها وبناتها وحرمت على آبائه وأبنائه ) إجماعا وتثبت هنا المحرمية أيضا ( وكذا ) الحية ( الموطوءة ) ولو في الدبر ( بشبهة ) إجماعا أيضا لكن لا يثبت بها محرمية لعدم الاحتياج إليها ثم المعتبر هنا أي في تحريم المصاهرة وفي لحوق النسب ووجوب العدة أن تكون شبهة ( في حقه ) كأن وطئها بفاسد نكاح وكظنها حليلته وكونها مشتركة أو أمة فرعه وكوطئها بجهة قال بها عالم يعتد بخلافه وإن علمت ( قيل أو ) توجد شبهة في ( حقها ) كأن ظنته حليلها أو كان بها نحو نوم وإن علم فعلى هذا بأيهما قامت الشبهة أثرت نعم المعتبر في المهر شبهتها فقط ومنها أن توطأ في نكاح بلا ولي وإن اعتقدت التحريم فليست مستثناة خلافا للبلقيني لما مر أن معتقد تحريمه لا يحد للشبهة ولا أثر لوطء خنثى لاحتمال زيادة ما أولج به أو فيه . ( تنبيه )

                                                                                                                              مر أن الاستدخال كالوطء بشرط احترامه حالة الإنزال ثم حالة الاستدخال بأن يكون لها شبهة فيه وحينئذ فيشكل بتأثير وطء شبهته وحده إلا أن يجاب بقوة الوطء أو بأنه في حالة الوطء تعارض شبهته وتعمدها فغلبت شبهته لأنها أقوى لكونها أخرجت ماءه عن السفاح حال وصوله للرحم وثم لا تعارض حال الإدخال فأثر علمها بحرمته ويؤيد ذلك قولهم لا يثبت بالاستدخال بشرطه إلا النسب والمصاهرة والعدة وكذا الرجعة على المعتمد بخلاف نحو الإحصان والتحليل ، وغير المحترم كماء زنا الزوج [ ص: 304 ] لا يثبت به شيء وقال البغوي يثبت قياسا على من وطئ زوجته يظن أنه يزني بها وردوه بأن هذا الوطء ليس بزنا في نفس الأمر بخلافه في مسألتنا ولقوة ذلك الإشكال اعتمد بعضهم ما ليس بمعتمد وهو أنه لا يشترط الاحترام إلا في حالة الإنزال واستدل بقول غيره لو أنزل في زوجته فساحقت بنته فحبلت منه لحقه الولد وكذا لو مسح ذكره بحجر بعد إنزاله فيها فاستنجت به أجنبية فحبلت منه ا هـ . ( تنبيه آخر ) :

                                                                                                                              أطلق جمع متقدمون حرمة وطء الشبهة وغيرهم حله وكلاهما عجيب لأنه إن أريد شبهة المحل كالمشتركة فهو حرام إجماعا أو شبهة الطريق كأن قال بحله مجتهد يقلد فإن قلده وصف بالحل وإلا فبالحرمة اتفاقا فيهما بل إجماعا أيضا أو شبهة الفاعل كأن ظنها حليلته فهذا غافل وهو غير مكلف اتفاقا ومن ثم حكي الإجماع على عدم إثمه وإذا انتفى تكليفه انتفى وصف فعله بالحل والحرمة وهذا محمل قولهم وطء الشبهة لا يوصف بحل ولا حرمة ( لا المزني بها ) فلا يثبت لها ولا لأحد من أصولها وفروعها حرمة مصاهرة بالزنا الحقيقي بخلافه من نحو مجنون أو مكره عليه لأن الله تعالى امتن على عباده بالنسب والصهر ولأنه لا حرمة له ( وليست مباشرة ) بسبب مباح كمفاخذة ( بشهوة كوطء في الأظهر ) لأنها لا توجب عدة فكذا لا توجب حرمة قال الزركشي ويرد عليه لمس الأب أمة ابنه فإنها تحرم لما له من الشبهة في ملكه بخلاف لمس الزوجة ذكره الإمام ا هـ وفيه نظر بل الذي دل عليه كلامهم أنه لا يحرم إلا وطؤه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وإن كانت محرمة عليه أبدا ) أي بنسب أو رضاع كخالته من [ ص: 304 ] نسب أو رضاع فتحرم بنتها عليه وتحرم هي على أبيه ( قوله : ولقوة ذلك الإشكال ) أي المار في قوله فيشكل إلخ ( قوله : اعتمد بعضهم ما ليس بمعتمد وهو أنه إلخ ) ممن اعتمد هذا شيخنا الشهاب الرملي بل لعله المراد من قوله " بعضهم " ( قوله : فهو حرام إجماعا ) إيش المانع من إرادة المطلقين الحرمة هذا الحرام إجماعا حتى يتعجب منهم ؟ ( قوله : اتفاقا ) لا يقال هذا ممنوع بل فيه خلاف أشار إليه في جمع الجوامع بقوله والصواب امتناع تكليف الغافل كما بينه شارحه لأنا نقول كلام جمع الجوامع إنما يفيد أن لنا قولا بالجواز ولا يلزم منه الوقوع وهو لا ينافي الجواز .

                                                                                                                              ( قوله : انتفى وصف فعله بالحل والحرمة ) لقائل أن يقول : الحل المنتفي الوصف به معناه الإذن والحرمة المنتفي الوصف بها معناها المنع ويجوز أن يريد من أطلق الحرمة بها عدم الإذن ولا يلزم منه الإثم ومن أطلق الحل به عدم المنع لا الإذن فليتأمل ( قوله : بخلافه من نحو مجنون أو مكره عليه ) عبارة شرح الإرشاد نعم وطء المكره والمجنون من أقسام وطء الشبهة فيعطى حكمه انتهى وقضيته ثبوت النسب من المكره والذي اعتمده شيخنا الشهاب الرملي خلافه وعبارة شرح م ر بخلافه من مجنون فإن الصادر منه صورة زنا فيثبت به النسب والمصاهرة ولو لاط بغلام لم تحرم على الفاعل أم الغلام وبنته انتهى ( قوله : بسبب مباح ) أي كالزوجية والملك ( قوله في المتن : في الأظهر ) ولا أثر للمباشرة بلا شهوة عليها كنز ( قوله : وفيه نظر إلخ ) كذا شرح م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : حية ) إلى التنبيه في النهاية إلا قوله " وكونها مشتركة " إلى وإن علمت وكذا في المغني إلا قوله : ومنها أن توطأ إلى ولا أثر ( قوله : حية ) أما الميتة فلا تثبت حرمة المصاهرة بوطئها كما جزم به الرافعي في الرضاع ا هـ مغني ( قوله : وهو واضح ) سيذكر محترزه ( قوله : وإن كانت محرمة إلخ ) أي بنسب أو رضاع كخالته من نسب أو رضاع فتحرم بنتها عليه وتحرم هي على أبيه ا هـ سم ( قوله : إجماعا ) ولأن الوطء بملك اليمين نازل منزلة عقد النكاح محلى ومغني ( قوله : لكن لا يثبت إلخ ) عبارة المغني : " تنبيه " : قد يشعر تشبيهه وطء الشبهة بالوطء بملك اليمين أن وطء الشبهة يوجب التحريم والمحرمية وليس مرادا بل التحريم فقط فلا يحل للواطئ بشبهة النظر إلى أم الموطوءة وبنتها ولا الخلوة والمسافرة بهما ولا مسهما كالموطوءة بل أولى فلو تزوجها بعد ذلك ثبتت المحرمية أيضا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بها ) أي بوطء الشبهة وتأنيث الضمير باعتبار المضاف إليه .

                                                                                                                              ( قوله : لعدم الاحتياج إلخ ) عبارة عميرة : والفرق احتياج الأصول إلى المخالطة في الأول دون الثاني ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وفي لحوق النسب إلخ ) عطف على قوله هنا ( قوله : أن تكون ) تامة و " شبهة " فاعله ( قوله : بفاسد نكاح ) أي أو شراء ا هـ مغني ( قوله : حليلته ) أي زوجته أو أمته ( قوله : وإن علمت ) غاية للمتن أي علمت الموطوءة أن الواطئ أجنبي منها ( قوله : حليلها ) أي زوجها أو سيدها ( قوله : وإن علم ) غاية للمتن . ( قوله : فعلى هذا ) أي الوجه الثاني المرجوح ( قوله : ومنها ) أي من شبهتها ( قوله : بلا ولي ) وكذا بلا ولي وشهود ا هـ ع ش ( قوله : للشبهة ) أي شبهة اختلاف العلماء ( قوله : ولا أثر لوطء خنثى ) أي لا يترتب على وطئه حرمة الموطوءة على أصوله ا هـ ع ش ( قوله : أولج ) ببناء المفعول ( قوله : أو فيه ) أسقطه المغني وهو اللائق لأن ما هنا محترز قوله وهو واضح وأيضا يلزم على ذكره أن يكون قوله : لوطء خنثى من إضافة المصدر إلى فاعله ومفعوله معا .

                                                                                                                              ( قوله : مر ) أي قبيل قول المصنف وكذا بناتها ( قوله : أن الاستدخال ) إلى قوله ولقوة ذلك في المغني إلا قوله : وحينئذ فيشكل إلى لا يثبت بالاستدخال ( قوله : كالوطء ) خبر " أن " ( قوله : بشرط احترامه ) أي المني ( قوله : بأن يكون إلخ ) راجع لحالة الاستدخال فقط ( قوله : وحينئذ ) أي حين إذ اعتبر في تأثير الاستدخال احترام المني حالة الاستدخال كحالة الإنزال ( قوله : فيشكل ) أي عدم تأثير الاستدخال مع الاحترام في حالة الإنزال فقط ( قوله : لكونها ) أي شبهته ( قوله : وثم ) أي في الاستدخال ( قوله : فأثر إلخ ) أي في عدم الحرمة ( قوله : ويؤيد ذلك ) أي الجواب بقوة الوطء ( قوله : بالاستدخال بشرطه ) عبارة المغني والأسنى باستدخال ماء زوج أو سيد أو أجنبي بشبهة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وكذا الرجعة إلخ ) عبارته في باب الرجعة ولا تحصل بفعل كوطء وإن قصد به الرجعة وتختص الرجعة بموطوءة ولو في الدبر ومثلها مستدخلة مائه المحترم على المعتمد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بخلاف نحو الإحصان إلخ ) عبارة المغني والأسنى دون الإحصان والتحليل وتقرير المهر ووجوبه للمفوضة والغسل والمهر في صورة الشبهة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وغير المحترم إلخ ) محترز قوله بشرط احترامه في حالة الإنزال عبارة المغني والأسنى ولا يثبت ذلك أي النسب والمصاهرة [ ص: 304 ] والعدة والرجعة ولا غيره باستدخال ماء زنا الزوج أو السيد وعند البغوي يثبت جميع ذلك كما لو وطئ زوجته يظن إلخ ( قوله : لا يثبت به ) أي باستدخال غير المحترم ( قوله : في مسألتنا ) أي في زنا الزوج ( قوله : ولقوة ذلك الإشكال ) أي المار في قوله فيشكل إلخ ا هـ سم ( قوله : اعتمد بعضهم إلخ ) وفاقا للنهاية ووالده كما مر عبارة سم قوله : وهو أنه لا يشترط إلخ ممن اعتمد هذا شيخنا الشهاب الرملي بل لعله المراد من قوله بعضهم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وكذا ) أي في لحوق الولد ( قوله : وغيرهم ) أي وأطلق غير ذلك الجمع .

                                                                                                                              ( قوله : فهو حرام إجماعا ) إيش المانع من إرادة المطلقين الحرمة هذا الحرام إجماعا حتى يتعجب منهم ؟ ( قوله : فيهما ) خبر مبتدإ محذوف أي هو أي قوله : اتفاقا معتبر فيما قبل إلا وما بعده ( قوله : وهو غير مكلف اتفاقا ) أي وإن جاز عند بعض كما في جمع الجوامع ولا منافاة بين الاتفاق على عدم الوقوع وقول بعض بالجواز كما نبه عليه سم ( قوله : انتفى وصف إلخ ) استشكله سم ( قوله : فلا يثبت ) إلى قوله وعليه فلا يخالفه في المغني إلا قوله : أو مكره وقوله : مطلقا إلى " وحكمة ذلك " وإلى قوله " ومر في النهاية " إلا قوله : أو مكره ( قوله : بخلافه من نحو مجنون إلخ ) عبارة النهاية والمغني بخلافه من مجنون فإن الصادر منه صورة زنا فيثبت به النسب والمصاهرة ولو لاط بغلام لم يحرم على الفاعل أم الغلام وبنته ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو مكره عليه ) عبارة شرح الإرشاد نعم وطء المكره والمجنون من أقسام وطء الشبهة فيعطى حكمه ا هـ وقضيته ثبوت النسب من المكره والذي اعتمده شيخنا الشهاب الرملي خلافه سم على حج ا هـ ع ش ( قوله : امتن بالنسب والصهر ) أي فلا يثبت الصهر بالزنا كالنسب ا هـ مغني ( قوله : ولأنه إلخ ) أي ماء الزنا ( قوله : بسبب مباح ) أي كالزوجية والملك قاله سم وقد يقال : إن ما سيأتي من استثناء الزركشي والتنظير فيه بما يأتي يفيد أن المراد بالسبب المباح ظن الإباحة فليحرر ا هـ رشيدي ( قول المتن في الأظهر ) ولا أثر للمباشرة بلا شهوة عليهما ا هـ كنز سم ( قوله : ويرد عليه ) أي المتن ( قوله : لمس الأب إلخ ) أي بشهوة ا هـ ع ش ( قوله : أنه لا يحرم إلخ ) أي لا يحرم الأمة على الابن إلا وطء الأب .




                                                                                                                              الخدمات العلمية