الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فإن جمع ) بين نحو أختين ( بعقد ) واحد ( بطل ) النكاحان إذ لا مرجح ( أو ) بعقدين يأتي هنا ما مر في نكاح اثنين فإن وقعا معا أو عرف سبق ولم تتعين سابقة ولم يرج معرفتها أو جهل السبق والمعية بطلا أو وقعا ( مرتبا ) وعرفت السابقة ولم تنس ( فالثاني ) هو الباطل إن صح الأول لأن الجمع حصل به فإن نسيت [ ص: 308 ] ورجيت معرفتها وجب التوقف حتى يتبين والأوجه أنه لا يحتاج لفسخ الحاكم وأنه لو أراد العقد على إحداهما امتنع حتى يطلق الأخرى بائنا لاحتمال أنها الزوجة فتحل الأخرى يقينا من غير مشقة عليه في ذلك بوجه أما إذا فسد الأول فالثاني هو الصحيح سواء أعلم بذلك أم لا خلافا للماوردي ومن ثم تعقبه الروياني بقوله وعندي ينعقد نكاح الثانية بكل حال غايته أنه هزل بهذا العقد وهزل النكاح جد للحديث .

                                                                                                                              ( تنبيه )

                                                                                                                              يأتي ما ذكر في جمع أكثر من أربع وفيما إذا نكح عشرة في أربعة عقود أربعا وثلاثا وثنتين وواحدة وجهل السابق فوطئ بعضهن ومات من التركة مسمى أربع لأن في نكاحه أربعا بيقين يجب مهرهن وإن لم يدخل بهن ومهر مثل من دخل بهن لاحتمال أنهن من الزائدات على تلك الأربع وما أخذ للمدخول بهن [ ص: 309 ] يدفع لهن وللأربع يوقف بينهن وبين الورثة إلى البيان أو الصلح ولذلك تفريع طويل في الروضة وغيرها فراجعه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : في المتن أو مرتبا فالثاني ) فرع : وقعا مرتبا إلا أن الأول بلا ولي أو بلا شهود لكن حكم بصحته حاكم يراه حكما مقارنا للعقد الثاني فينبغي أن الصحيح هو العقد الأول لسبق وجوده وبالحكم يثبت صحته من حين وجوده لا من [ ص: 308 ] حين الحكم فقط ولو وقع حكمان متقارنان أحدهما بصحته والآخر بفساده فينبغي تقديم الحكم بصحته م ر ( قوله : ورجيت معرفتها ) مفهومه أنه لو لم ترج معرفتها لا يتوقف بل يبطلان فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله : والأوجه أنه لا يحتاج لفسخ الحاكم ) عبارة القوت هذا إذا علمناه أي الثاني أما لو لم نعلم عينه أصلا فيبطلان وإن علمناه ثم اشتبه توقفنا كما في نكاح الوليين من اثنين ذكره الماوردي نقلا وابن الرفعة تفقها قال في الأم لو تزوجهما لا يدرى أيتهما أولى ؟ أفسدنا نكاحهما وما في الأم ظاهر في التصوير بما إذا علم السبق ولم يتعين السابق قال الماوردي : وهل يفتقر بطلانه إلى فسخ الحاكم أم لا على وجهين وقد يؤخذ من هذا النص أن له استئناف العقد على أيتهما شاء وينبغي أن لا يعقد على واحدة منهما حتى يتلفظ بطلاق الأخرى لاحتمال سبق عقدها فتكون زوجة باطنا وعبارة التكملة قال الماوردي وفي افتقار البطلان إلى فسخ الحاكم وجهان انتهى ( قوله : وأنه لو أراد العقد على إحداهما إلخ ) في حيز الأوجه والمتبادر من العبارة رجوعه لما إذا نسيت السابقة ورجيت معرفتها وحينئذ فمقابل الأوجه إن جوز العقد على إحداهما مطلقا ففي غاية البعد ثم جريان هذا الحكم فيما إذا علم سبق ولم يتعين متجه جدا ( قوله : بائنا ) ينبغي أو رجعيا وتنقضي العدة ( قوله : أربعا بيقين ) انظر أي يقين مع احتمال تقدم عقد الواحدة ثم الثنتين ثم الثلاث ثم الأربع [ ص: 309 ] أو عقد الثنتين ثم الواحدة ثم الثلاث ثم الأربع أو عقد الثلاث ثم الثنتين إلخ فليتأمل ( قوله : يدفع لهن ) الوجه أن الذي يدفع لهن الأقل من مهر مثلهن والمسمى ، ويوقف الزائد لاحتمال أنهن الزوجات - فليس لهن إلا المسمى - ، والزائدات فليس لهن إلا مهر المثل فالمحقق الأقل والزائد مشكوك ثم رأيت في الروض ما يفيد ذلك ( قوله : يوقف إلخ ) أي لاحتمال أنهن زوجات - فهو لهن - ، أو زائدات فهو للورثة نعم المدخول بها منهن ينبغي أن تعطى قدر مهر مثل بلا وقف لاستحقاقها إياه بكل حال واستقراره لها لكن إن لم يكن أكثر من المسمى .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : في نكاح اثنين ) أي في نكاح الوليين من اثنين ا هـ مغني ( قوله : فإن وقعا إلخ ) تفصيل لقوله يأتي هنا ما مر إلخ ( قول المتن : أو مرتبا فالثاني ) ( فرع ) .

                                                                                                                              وقعا مرتبا إلا أن الأول بلا ولي أو بلا شهود لكن حكم بصحته حاكم يراه حكما مقارنا للعقد الثاني فينبغي أن العقد الصحيح هو العقد الأول لسبق وجوده وبالحكم تثبت صحته من حين وجوده لا من حين الحكم فقط ولو وقع حكمان متقارنان أحدهما .

                                                                                                                              [ ص: 308 ] بصحته والآخر بفساده فينبغي تقديم الحاكم بصحته م ر ا هـ سم على حج ا هـ ع ش ( قوله : ورجيت معرفتها ) مفهومه أنه لو لم ترج معرفتها لا يتوقف بل يبطلان فليراجع سم على حج وقد راجعت ما مر في نكاح اثنين فوجدته كذلك وهو أن محل البطلان إذا لم يرج معرفة السابق والأوجب التوقف ا هـ ع ش ( قوله : والأوجه أنه لا يحتاج لفسخ الحاكم وأنه إلخ ) في القوت ما حاصله أن هذا الأوجه في صورتي معرفة السبق دون عين السابقة وجهل السبق والمعية يعني بخلاف ما يوهمه صنيع الشارح من أنه في صورة التوقف ا هـ سم عبارة ع ش هذا الأوجه إنما يحتاج إليه فيما إذا لم يعلم عين السابقة بأن علم السبق ولم تتعين السابقة أما إذا علمت السابقة ثم نسيت فلا معنى لافتقار التوقف الواجب على الفسخ فليراجع سم على حج نعم لها طلب الفسخ من القاضي وينفذ للضرورة ويزول به التوقف ا هـ وفي قوله نعم لها إلخ نظر .

                                                                                                                              ( قوله : وأنه لو أراد العقد إلخ ) في حيز الأوجه والمتبادر رجوعه أي الأوجه لما إذا نسيت السابقة ورجيت معرفتها وحينئذ فمقابل الأوجه إن جوز العقد على إحداهما مطلقا ففي غاية البعد ثم جريان هذا الحكم فيما إذا علم سبق ولم يتعين متجه جدا ا هـ سم يعني كما مر عن القوت ( قوله : بائنا ) ينبغي أو رجعيا وتنقضي العدة ا هـ سم ( قوله : بذلك ) أي فساد الأول ( قوله : خلافا للماوردي ) أي في قوله أم لا ا هـ ع ش ( قوله : ما ذكر ) أي من قول المتن فإن جمع إلخ مع ما زاده الشارح ( قوله : وفيما إذا نكح إلخ ) ظاهره أنه عطف على " في جمع " إلخ ويحتمل أنه متعلق بقوله فيؤخذ إلخ والفاء فيه شبيه فاء الجزاء لأنهم قد ينزلون الظرف المقدم منزلة الشرط ومتعلقه المؤخر منزلة الجزاء كما قرره سيبويه في : زيد حين لقيته فأكرمه ( قوله : فوطئ بعضهن ) أي ولو أكثر من أربع ا هـ ع ش ( قوله : مسمى أربع ) قد يقال إذا كانت مسمياتهن مختلفة فأي مسمى يراعى وفي الروضة مخالفة لما هنا من وجوه تعرف بمراجعتها ا هـ رشيدي .

                                                                                                                              ( قوله : لأن في نكاحه أربعا بيقين ) عبارة النهاية لاحتمال أن في نكاحه أربعا ا هـ قال الرشيدي هذا أصوب من قول التحفة لأن في نكاحه أربعا بيقين إذ لا يكون في نكاحه أربع بيقين إلا إن سبق نكاح الأربع أو نكاح الثلاث ثم الواحدة أو عكسه أو نحو ذلك بخلاف إذا سبق نكاح اثنتين مثلا فإنه لا يصح بعده إلا نكاح الواحدة على أي تقدير إذ الصورة أنه لم يقع إلا أربعة عقود ومتى وقع نكاح من تحل ومن لا تحل في عقد واحد بطل الجميع كما هو معلوم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أربعا بيقين ) في حصول اليقين فيما ذكر نظر فليتأمل ثم رأيت الفاضل المحشي نبه على ذلك ا هـ سيد عمر عبارة سم انظر أي يقين مع احتمال تقدم عقد الواحدة ثم الثنتين ثم الثلاث ثم الأربع أو عقد الثنتين ثم الواحدة ثم الثلاث ثم الأربع أو عقد الثلاث ثم الثنتين إلخ ؟ فليتأمل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : يجب إلخ ) نعت أربعا ( قوله : ومهر مثل إلخ ) عطف على " مسمى أربع " .

                                                                                                                              ( قوله : لاحتمال أنهن من الزائدات إلخ ) يؤخذ منه أن صورة المسألة أن الموطوآت زائدات على [ ص: 309 ] الأربع فيخرج بذلك ما إذا وطئ منهن سبعا أو أكثر إذ يلزم عليه الجمع بين مهر المثل والمسمى لبعضهن وانظر ما حكم ما إذا وطئ فوق الزائدات على الأربع ا هـ رشيدي ( قوله : يدفع لهن ) الوجه أن الذي يدفع لهن الأقل من مهر مثلهن والمسمى ويوقف الزائد لاحتمال أنهن الزوجات فليس لهن إلا المسمى أو الزائدات فليس لهن إلا مهر المثل فالمحقق الأقل والزائد مشكوك ثم رأيت في الروض ما يفيد ذلك ا هـ سم وكذا في ع ش عن بعض نسخ النهاية ما يفيد ذلك ( قوله : وللأربع يوقف إلخ ) عطف على قوله للمدخول بهن يدفع إلخ ( قوله : يوقف بينهن إلخ ) لاحتمال أنهن زوجات فهو لهن أو زائدات فهو للورثة نعم المدخول به منهن ينبغي أن تعطى قدر مهر المثل بلا وقف لاستحقاقها إياه بكل حال واستقراره لها لكن إن لم يكن أكثر من المسمى ا هـ سم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية