الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن حرم جمعهما بنكاح ) كأختين ( حرم ) جمعهما ( في الوطء بملك ) لأنه إذا حرم العقد فالوطء أولى لأنه أقوى و لأن التقاطع فيه أكثر ( لا ملكهما ) إجماعا لأن الملك قد يقصد به غير الوطء ولهذا جاز له ملك نحو أخته ( فإن وطئ ) في فرج واضح أو دبر ولو مكرها أو جاهلا ( واحدة ) غير محرمة عليه بنحو رضاع وإن ظنها تحل له ، وظاهر كلامه أن الاستدخال هنا ليس كالوطء وهو متجه ( حرمت الأخرى حتى يحرم الأولى ) لئلا يحصل الجمع المنهي عنه ولا يؤثر وطؤها وإن حبلت على الأوجه تحريم الأولى إذ الحرام لا يحرم الحلال ثم التحريم يحصل بمزيل الملك ( كبيع ) وفي نسخ ببيع وهي أوضح ولو لبعضها إن لزم أو شرط الخيار فيه للمشتري ، وهبة ولو لبعضها مع قبضها بإذنه ( أو ) بمزيل الحل نحو ( نكاح أو كتابة ) صحيحة لارتفاع الحل فإن عاد حل [ ص: 310 ] الأولى بنحو فسخ أو طلاق قبل وطء الثانية تخير في وطء أيتهما شاء بعد استبراء للعائدة إن أرادها أو بعد وطئها لم يطأ العائدة حتى يحرم الأخرى وعلم مما مر أنه لو ملك أما وبنتها حرمت إحداهما مؤبدا بوطء الأخرى ( لا حيض وإحرام ) ونحو ردة وعدة لأنها أسباب عارضة قريبة الزوال ( وكذا رهن ) مقبوض ( في الأصح ) لبقاء الحل لو أذن له المرتهن .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : حرم جمعهما في الوطء بملك لأنه إذا حرم العقد فالوطء أولى لأنه أقوى ولأن التقاطع فيه أكثر ) قد أفاد هذا الكلام حرمة وطئهما جميعا وجواز وطء إحداهما فقط وقد يجاب بالمنع فإن في وطئهما من تعلق الأطماع بالواطئ ما ليس في الاقتصار على وطء إحداهما فلا ينشأ عنه تقاطع ، وقد يستشكل ذلك بأن التقاطع بسبب تخصيص إحداهما بالوطء أكثر منه بسبب وطئهما فليتأمل ( قوله : غير محرمة عليه بنحو رضاع ) استشكله شيخنا الشهاب البرلسي في هامش شرح المنهج بما تقدم في وطء الأب بشبهة زوجة ابنه أنه أقوى من وطء السيد الأمة لأن أثر الأول التحريم المؤبد وأثر الثاني حرمة مؤقتة ألا ترى أن الرقيقة الموطوءة للولد إذا وطئها أبوه حرمت على الولد وأيضا فزوجة الولد محرمة على الأب أبدا ومع ذلك لو وطئها الأب بشبهة انقطع نكاح الولد ففرض كونها في هذه الصورة محرما للأب كبنت أخيه مثلا لا أثر له لأن غايته تحريمها المؤبد على الأب وذلك حاصل بزوجية الولد وإن لم تكن بنت أخي والده فالوجه ما قاله شيخنا انتهى وعبارة الروض : فرع : لو ملك أختين إحداهما مجوسية أو أخته من رضاع فوطئها لم تحرم الأخرى انتهى ( قوله : بنحو رضاع ) أي أو تمجس ( قوله : وهو متجه ) كذا م ر ( قوله : ولا يؤثر وطؤها ) أي الأخرى ( قوله : إذ الحرام لا يحرم الحلال ) [ ص: 310 ] هل يشكل عليه ما تقرر في قوله ولو طرأ مؤبد تحريم على نكاح قطعه ( قوله : أو بعد ) عطف على " قبل " ( قوله : لو ملك أما وبنتها ) أي مع أنهما مما حرم جمعهما بنكاح .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : كأختين ) إلى قوله وإن ظنها تحل في المغني إلا قوله : ولأن التقاطع فيه أكثر وإلى قوله نعم يأتي في النهاية إلا قوله : وفي نسخ ببيع وهي أوضح وقوله : أو تقارن الملك والنكاح وقوله : وكأن حكمة إلى قال ابن عبد السلام .

                                                                                                                              ( قول المتن : بملك ) أو ملك ونكاح وإن لم يعلم من كلامه ا هـ مغني أقول ويفيده قول المصنف الآتي ولو ملكها ثم نكح إلخ مع قول الشارح هناك أو تقارن الملك والنكاح ا هـ .

                                                                                                                              ( قول المتن فإن وطئ ) إلى قول الشارح غير محرمة لا يخفى ما في مزجه ولو أخر قوله في فرج واضح أو دبر وقال عقب قوله تحل له في دبرها مطلقا وفرجها إن كانت واضحة لظهر عبارة المغني فإن وطئ طائعا أو مكرها واحدة منهما ولو في الدبر أو مكرهة أو جاهلة حرمت الأخرى ثم قال ولو ملك شخص أمة وخنثى فوطئه جاز له عقبه وطء الأمة ا هـ وهي ظاهرة ( قوله : في فرج واضح ) بالتوصيف وتقدم آنفا عن المغني محترز واضح ( قوله : غير محرمة عليه ) فلو كانت مجوسية أو نحوها كمحرم فوطئها جاز له وطء الأخرى مغني وروض ( قوله : ولا يؤثر إلخ ) إلى قول المتن وإذا طلق في المغني إلا قوله : وفي نسخ ببيع وهي أوضح ( قوله : ولا يؤثر وطؤها ) أي الثانية بأن تعدى ووطئها ، ظاهره وإن ظنها الأولى وهو ظاهر وقد يشمله قول الشارح قبل وإن ظنها تحل له ا هـ ع ش ( قوله : تحريم الأولى ) أي بل هي باقية على حلها ويلزمه بقاء الثانية على تحريمها ا هـ ع ش عبارة المغني فإن وطئ الثانية قبل تحريم الأولى أثم ولم تحرم الأولى لكن يستحب أن لا يطأ الأولى حتى تستبرئ الثانية لئلا يجتمع الماء في رحم أختين ا هـ .

                                                                                                                              ( قول المتن كبيع ) أي وعتق لكلها أو بعضها ا هـ مغني ( قوله : وهبة ) أي ولو لفرعه ولا يضر تمكنه من الرجوع في [ ص: 310 ] هبتها ا هـ ع ش ( قوله : بنحو فسخ إلخ ) عبارة المغني برد المبيعة وطلاق المنكوحة وعجز المكاتبة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : إن أرادها ) أي الثانية أي وطأها ( قوله : أو بعد وطئها ) أي الثانية عطف على قوله قبل وطء إلخ ( قوله : وعلم إلخ ) أي فلا يرد ذلك على المتن ( قوله : مما مر ) أي عن قريب بقول المتن ومن وطئ امرأة بملك حرم عليه أمهاتها وبناتها ( قوله : لو ملك أما وبنتها ) أي مع أنهما مما حرم جمعهما بنكاح ا هـ سم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية