الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو نكح ) مريد التحليل ( بشرط ) وليها وموافقته هو أو عكسه في صلب العقد ( أنه إذا وطئ طلق أو ) أنه إذا وطئ ( بانت ) منه ( أو ) أنه إذا وطئ ( فلا نكاح ) بينهما أو نحو ذلك ( بطل ) النكاح لمنافاة الشرط فيهن لمقتضى العقد وعلى ذلك حمل الحديث الصحيح { لعن الله المحلل والمحلل له } وعليه يحمل أيضا ما وقع في الأنوار أنه يحرم على المحلل استدعاء التحليل ( وفي التطليق قول ) أنه لا يضر شرطه كما لو نكحها بشرط أن لا يتزوج عليها ويجاب بأن هذا شرط شيء خارج عن النكاح لا ينافي ذاته الموضوع هو لها ففسد دون العقد بخلاف شرط الطلاق وخرج بشرط ذلك إضماره فلا يؤثر وإن تواطآ عليه قبل العقد لكنه مكروه لأن كل ما لو صرح به أبطل يكره إضماره كما نص عليه ويكره تزوج من ادعت التحليل لزمن إمكان ولم يقع في قلبه صدقها وإن كذبها زوج عينته في النكاح أو الوطء وإن صدقناه في نفيه حتى لا يلزمه مهر أو نصفه ما لم ينضم لتكذيبه في أصل النكاح تكذيب الولي والشهود كما في الروضة خلافا للزركشي والبلقيني وإن نقله [ ص: 313 ] عن الزاز وغيره نعم في التهذيب لو كذبها الزوج والشهود حلت ولا يرد ذلك على الروضة لأنه إنما منع عند تكذيب الثلاثة دون اثنين منهم ومر أنه يقبل إقرارها بالنكاح لمن صدقها وإن كذبها الولي والشهود ولو أنكر الطلاق صدق ما لم يعلم الأول كذبه وإنما قبل قولها في التحليل مع ظن الزوج كذبها لما مر أن العبرة في العقود بقول أربابها وأنه لا عبرة بالظن إذا لم يكن له مستند شرعي وقد غلط المصنف كالإمام المخالف في هذا ولكن انتصر له الأذرعي وأطال ولو كذبها ثم رجع قبل كما أفتى به القفال ومر أنها متى أقرت للحاكم بزوج معين لم يقبلها في فراقه إلا ببينة وفي الجواهر لو أخبرته بالتحليل ثم رجعت فإن كان قبل الدخول يعني قبل العقد لم تحل أو بعده لم يرتفع ولو اعترف الثاني بالإصابة وأنكرتها لم تحل أيضا وفي الحاوي لو غاب بزوجته ثم رجع وزعم موتها حل لأختها نكاحه بخلاف ما لو غابت زوجته وأختها فرجعت وزعمت موتها لم تحل له ا هـ وكان الفرق أنه عاقد فصدق بخلاف الأخت .

                                                                                                                              ( تنبيه ) :

                                                                                                                              ظاهر ما تقرر أن لمطلقها قبول قولها بلا يمين وهو ظاهر وقول شيخنا بيمينها يحمل على ما لو تزوجته فرفعا لقاض فادعت التحليل الممكن فتحلف هي حينئذ ويمكنه منها وكذا انقضاء العدة ومر أول فصل " لا تزوج امرأة نفسها " ما له تعلق بما هنا

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 312 ] قوله في المتن : ولو نكح بشرط أنه إذا وطئ طلق إلخ ) قال في الأنوار ولو نكح على أنه إذا وطئها طلقها بطل النكاح ولو تزوج بلا شرط وفي عزمه أنه إذا وطئها طلقها كره وصح العقد وحلت بوطئه ولو نكحها على أن لا يطأها إلا مرة فإن شرطته الزوجة بطل النكاح وإن شرطه الزوج فلا انتهى قال الزركشي ولو تزوجها على أن يحلها للأول ففي الاستذكار للدارمي فيه وجهان وجزم الماوردي بالصحة لأنه لم يشترط الفرقة بل شرط مقتضى العقد شرح روض ( قوله : كما في الروضة إلخ ) اعتمده م ر [ ص: 313 ] قوله : ولو أنكر الطلاق صدق إلخ ) فعلم أن المعول على الزوج الثاني في إنكار الطلاق دون إنكار الوطء م ر ( قوله : وإنما قبل قولها في التحليل مع ظن الزوج كذبها إلخ ) قال في الروض وشرحه وله أي للأول تزوجها وإن ظن كذبها لكن يكره فإن كذبها بأن قال هي كاذبة منعناه من تزويجها إلا أن قال بعده تبينت صدقها فله تزويجها لأنه ربما انكشف له خلاف ما ظنه انتهى فعلم الفرق بين خلف كذبها من غير تكذيبها باللفظ ، وأن الأول لا يمنع تزوجها بخلاف الثاني يمنع إلا إن رجع وقال تبينت صدقها ( قوله : ولو اعترف الثاني بالإصابة إلخ ) أي بخلاف عكسه كما تقدم ( قوله : فرجعت ) أي أختها ( قوله : أن لمطلقها قبول قوله بلا يمين إلخ ) قال في شرح الروض ولو قالت : أنا لم أنكح ثم رجعت وقالت : كذبت بل نكحت زوجا ووطئني وطلقني واعتددت وأمكن ذلك وصدقها الزوج فله نكاحها ولو قالت طلقني ثلاثا ثم قالت كذبت ما طلقني إلا واحدة أو ثنتين فله التزوج بها بغير تحليل قاله في الأنوار ووجهه أنها لم تبطل برجوعها حقا لغيرها وقد يقال أبطلت حق الله تعالى وهو التحليل انتهى وانظر قوله وصدقها الزوج مع عدم اعتبار تصديقه في قوله السابق ويكره تزويج من ادعت التحليل إلخ إلا أن يفرق بتقدم إنكار النكاح هنا .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : في صلب العقد ) فإن تواطأ العاقدان على شيء من ذلك قبل العقد ثم عقدا بذلك القصد بلا شرط كره خروجا من خلاف من أبطله ا هـ مغني ويفيده قول الشارح الآتي وإن تواطأ عليه ( قوله : أو نحو ذلك ) عبارة المغني والروض مع شرحه ولو تزوجها على أن يحللها للأول صح كما جزم به الماوردي لأنه لم يشترط الفرقة بل شرط مقتضى العقد فإن نكحها بشرط أن لا يطأها أو لا يطأها إلا نهارا أو إلا مرة مثلا بطل النكاح أي لم يصح إن كان الشرط من جهتها لمنافاته مقصود العقد فإن وقع الشرط منه لم يضر لأن الوطء حق له فله تركه والتمكين حق عليها فليس لها تركه ولو تزوجها على أن لا تحل له لم يصح لإخلاله بمقصود العقد وللتناقض أو على أنه لا يملك البضع وأراد الاستمتاع فكشرط أن لا يطأها وإن أراد ملك العين لم يضر لأنه تصريح بمقتضى العقد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وعلى ذلك ) أي شرط ما ذكر في صلب العقد .

                                                                                                                              ( قوله : أنه يحرم على المحلل إلخ ) الذي في الأنوار على المحلل له بزيادة " له " بعد " المحلل " الذي هو مفتوح اللام ا هـ رشيدي ( قوله : بأن هذا ) أي اشتراط أن لا يتزوج ( قوله : ففسد ) أي الشرط ( قوله : وخرج ) إلى قوله ما لم ينضم في المغني ( قوله : وإن تواطآ ) أي العاقدان ( قوله : من ادعت التحليل ) بأن قالت نكحني زوج ووطئني وفارقني وانقضت عدته ا هـ كردي ( قوله : ولم يقع في قلبه صدقها ) بل وظن كذبها كما يأتي ومر ( قوله : وإن كذبها ) غاية ا هـ ع ش ( قوله : في النكاح إلخ ) متعلق بكذبها ( قوله : وإن صدقناه ) أي الزوج الثاني بيمينه ا هـ مغني ( قوله : في نفيه ) أي النكاح أو الوطء ، وقوله حتى لا يلزمه أي الزوج مهر أو نصفه [ ص: 313 ] نشر مرتب ( قوله : عن الزاز ) اسمه أبو الفرج ا هـ ع ش ( قوله : حلت ) أي للزوج الأول ( قوله : ذلك ) أي ما في التهذيب ( قوله : على الروضة ) أي على ما مر منها آنفا .

                                                                                                                              ( قوله : لأنه ) أي صاحب الروضة إنما منع أي حلها للزوج الأول عند تكذيب الثلاثة أي الزوج والولي والشهود ( قوله : ومر ) أي في فصل " لا تزوج المرأة نفسها " وهذا تأكيد لما قبله ا هـ كردي ( قوله : ولو أنكر إلخ ) عطف على قوله من ادعت التحليل أي يكره تزوج من أنكر الزوج الثاني طلاقها قاله الكردي وفي هذا العطف ما لا يخفى ويظهر أنه عطف على ويكره تزويج إلخ ( قوله : ما لم يعلم الأول ) أي الزوج الأول ( قوله : مع ظن الزوج إلخ ) أي الأول عبارة الروض مع شرحه أي والمغني وللأول تزوجها وإن ظن كذبها لكن يكره فإن كذبها بأن قال هي كاذبة منعناه من تزوجها إلا إن قال بعده تبينت صدقها فله تزوجها لأنه ربما تكشف له خلاف ما ظنه ا هـ فعلم الفرق بين ظن كذبها من غير تكذيبها وبين تكذيبها باللفظ وأن الأول لا يمنع تزوجها بخلاف الثاني إلا إن رجع وقال : تبينت صدقها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لما مر ) أي في فصل لا ولاية لرقيق ( قوله : في هذا ) أي إن العبرة إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : انتصر له ) أي للمخالف ( قوله : ولو كذبها إلخ ) تقدم آنفا عن الأسنى والمغني ما يوافقه ( قوله : ومر ) أي في فصل لا ولاية لرقيق عبارته هناك ومحل ذلك أي تصديقها في خلوها من الموانع ما لم يعرف تزوجها بمعين وإلا اشترط في صحة تزويج الحاكم لها دون الولي الخاص إثباتها لفراقه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وفي الجواهر إلخ ) قال في شرح الروض : ولو قالت لم أنكح ثم رجعت وقالت كذبت بل نكحت زوجا ووطئني وطلقني واعتددت وأمكن ذلك وصدقها الزوج فله نكاحها ولو قالت طلقني ثلاثا ثم قالت كذبت ما طلقني إلا واحدة أو ثنتين فله التزويج بها بغير تحليل قاله في الأنوار ووجهه أنها لم تبطل برجوعها حقا لغيرها ا هـ وقد يقال أبطلت حق الله تعالى وهو التحليل وانظر قوله وصدقها الزوج مع عدم اعتبار تصديقه في قوله السابق ويكره تزوج من ادعت التحليل إلخ إلا أن يفرق بتقدم إنكار النكاح هنا ا هـ سم وقوله : وقد يقال إلخ يندفع بظن صدقها كما هو المفروض ( قوله : لو أخبرته ) أي المطلقة ثلاثا زوجها الأول ( قوله : ولو اعترف الثاني إلخ ) أي بخلاف عكسه كما تقدم ا هـ سم ( قوله : وأنكرتها ) أي من أصلها بأن لم يسبق منها اعتراف بالتحليل ا هـ ع ش ( قوله : زعم ) أي ادعى الزوج ( قوله : وزعمت ) أي الأخت موتها أي الزوجة ( قوله : أنه ) أي الزوج ( قوله : ما تقرر ) أي بقوله ويكره تزويج من ادعت التحليل إلخ وقوله : وإنما قبل قولها في التحليل إلخ ( قوله : وقول شيخنا إلخ ) أي والمغني ( قوله : ويمكنه ) من التمكين والضمير المستتر للقاضي والبارز للزوج ( قوله : وكذا انقضاء العدة إلخ ) عبارة المغني ويقبل قولها أيضا بيمينها عند الإمكان في انقضاء عدتها وللأول تزوجها وإن ظن كذبها لكن يكره ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية