الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( أو ) كانت ( متحيرة بأن ) هي إما على بابها ؛ لأن المراد هنا المتحيرة المطلقة وهي محصورة فيما ذكر فيكون قوله الآتي الذي هو تصريح بمفهوم الحصر ، وإن حفظت المفيد لقسمين آخرين كل منهما يسمى متحيرة مقيدة راجعا لمطلق المتحيرة لا بقيد التفسير المذكور ، وهذا أحسن أو بمعنى كان ليفيد بالمنطوق أنها ثلاثة أقسام أيضا هذا أحدها والآخران أفادهما مقابله ، وهو ، وإن حفظت إلى آخره فتعيين شارح هذا وادعاؤه أنه الأصوب ممنوع ( نسيت ) أو جهلت وقت ابتداء الدور أو ( عادتها قدرا ووقتا ) ولا تمييز لها وإن قالت دوري ثلاثون وتسمى أيضا محيرة بكسر الياء ؛ لأنها حيرت الفقهاء في أمرها ، ومن ثم لم يختلف أصحابنا [ ص: 407 ] ويخطئ بعضهم بعضا في باب كما هنا ( ففي قول كمبتدأة ) غير مميزة فيكون حيضها يوما وليلة على الأظهر من أول الهلال ؛ لأنه الغالب على ما فيه وطهرها بقية الشهر لما في الاحتياط الآتي من الحرج الشديد المرفوع عن الأمة ( والمشهور وجوب الاحتياط ) الآتي ؛ لأن كل زمن يمر عليها محتمل للحيض والطهر والانقطاع وإدامة حكم الحيض عليها باطل إجماعا والطهر ينافيه الدم والتبعيض تحكم فاقتضت الضرورة الاحتياط إلا في عدة فرقة الحياة فإنها بثلاثة أشهر على التفصيل الآتي في العدد نظرا للغالب أن كل شهر لا يخلو عن حيض وطهر ولأن انتظار سن اليأس فيه ضرر لا يطاق ما لم تعلم قدر دورها فبثلاثة أدوار فإن شكت في قدر دورها ، وقالت أعلم أنه لا يزيد على ستة فدورها ستة وإذا تقرر وجوب الاحتياط ( فيحرم ) على حليلها ( الوطء ) ومباشرة ما بين سرتها وركبتها ويحرم عليها تمكينه لاحتمال الحيض لا طلاقها لأن علة تحريمه من تطويل العدة لا يتأتى هنا لما تقرر في عدتها وعلى زوجها مؤنها ولا خيار له ؛ لأن وطأها متوقع ( ومس المصحف ) والمكث بالمسجد [ ص: 408 ] إلا لصلاة أو طواف أو اعتكاف ، ولو نفلا ( والقراءة في غير الصلاة ) ، وإن خشيت النسيان لإمكان دفعه بإمرارها على القلب والنظر في المصحف إما في الصلاة فجائزة مطلقا وفارقت فاقد الطهورين بأن جنابته محققة .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ، ثم استمر السواد . ( قوله راجعا لمطلق المتحيرة إلخ ) لا حاجة إلى هذا فإن الضمير في أو كانت متحيرة وفي ، وإن حفظت راجع لما رجع إليه الضمير في قوله أولا فإن كانت مبتدأة ، وهو المرأة التي عبر دمها أكثر الحيض فإنها مقسم هذه الأقسام كما لا يخفى فتأمله . ( قوله ، وهذا أحسن ) يرد عليه وعلى قوله السابق وهي محصورة فيما ذكر أن ما ذكره المصنف حينئذ لا يشمل الجهل بوقت ابتداء الدور أو بالعادة مع أنه من التخير المطلق كما دل عليه عطفه على ما قبله ( قوله إنه الأصوب ممنوع ) لك أن تستدل على أصوبية هذا بسلامته .

                                                                                                                              [ ص: 407 ] مما لزم الأول من مخالفة الظاهر ، وإن حفظت على ما قرره . ( قوله والمشهور وجوب الاحتياط ) ومحل وجوب ما ذكر عليها كما أفاده الناشري ما لم تصل إلى سن اليأس فإن وصلته فلا وهو ظاهر جلي شرح م ر وأقول لعل ما قاله الناشري مبني على ظاهر ما سبق عن الفتى وغيره . ( قوله ينافيه الدم ) أي على هذا الوجه ( قوله فإن شكت إلخ ) عبارة شرح الروض فلو شكت في قدرها أي الأدوار أخذت بالأكثر قاله الدارمي . ( قوله فيحرم على حليلها الوطء ) قال الناشري قال أبو شكيل في شرح الوسيط هذا إذا لم تبلغ سن اليأس فإذا بلغت ذلك فالذي يظهر لي وتقتضيه القواعد أنه يجوز لزوجها أن يجامعها لزوال احتمال الحيض ويؤيد ما قاله أبو شكيل قول المحاملي في اللباب وقت انقطاعه ستون سنة ا هـ كلام الناشري ( فإن قلت ) يرد ما قاله أبو شكيل من زوال احتمال الحيض ما قالوه في باب العدد من أنه لو رأت امرأة الدم بعد سن اليأس بشروط الحيض كان حيضا ( قلت ) لا يرده لجواز أن يكون ذاك مفروضا في دم متميز علم أنه حيض لوجود شروطه بخلاف المشكوك فيه لمجاوزته أكثر الحيض كما هنا ، ثم رأيت الشارح تعرض لهذا فيما مر . ( قوله لا طلاقها إلخ ) فيه أمران الأول صرح الشارح في باب الطلاق بأن طلاقها لا سني ولا بدعي ؛ لأنه لم يقع في حيض ولا طهر محقق ، وكلامه هنا لا ينافيه ؛ لأن عدم الحرمة تجامع ذلك ، والثاني أن عدم الحرمة هل هو وإن لم تعتد بثلاثة أشهر بأن اعتدت [ ص: 408 ] بثلاثة أدوار على ما ذكره بقوله ما لم تعلم إلخ ، وقد يقتضي ما نقلناه عنه في باب الطلاق أن الأمر كذلك لعدم تحقق الحيض . ( قوله إلا لصلاة ) المعتمد حرمة مكثها بالمسجد لغير ما يتوقف عليه من الطواف والاعتكاف ، ولو للصلاة م ر . ( قوله بإمرارها على القلب إلخ ) أي وبالقراءة في الصلاة كما يستفاد من قوله أما في الصلاة إلخ . ( قوله فجائزة مطلقا ) قال الإسنوي وقيل تحرم الزيادة على الفاتحة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بأن جنابته محققة ) أي فلذا لم يزد على الفاتحة .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله أو كانت ) أي من جاوز دمها أكثر الحيض مغني . ( قوله على بابها ) أي من القصور المفيد للحصر . ( قوله فيما ذكر ) أي الناسية لعادتها قدرا ووقتا . ( قوله وإن حفظت ) أي إلى آخره بدل من قوله الآتي . ( قوله راجعا إلخ ) خبر فيكون قال سم لا حاجة إلى هذا فإن الضمير في أو كانت متحيرة وفي ، وإن حفظت راجع لما رجع إليه الضمير في قوله أولا فإن كانت مبتدأة ، وهو المرأة التي عبر دمها أكثر الحيض فإنها مقسم هذه الأقسام كما لا يخفى فتأمله ا هـ . ( قوله لمطلق المتحيرة ) أي التي في ضمن المتحيرة المطلقة و ( قوله لا يفيد إلخ ) لمجرد التأكيد ( قوله : وهذا أحسن ) يرد عليه وعلى قوله وهي محصورة إلخ أن ما ذكره المصنف حينئذ لا يشمل الجهل لوقت ابتداء الدور أو بالعادة مع أنه من التحير المطلق كما دل عليه عطفه على ما قبله سم ، وقد يجاب بحمل النسيان في المتن على مطلق الجهل كما جرى عليه النهاية فما جرى عليه الشارح من عطفه على النسيان مجرد إيضاح وبيان لقسمي الجهل هنا . ( قوله أو بمعنى كان ) أي كما هو الشائع في كلام الشيخين . ( قوله إنها ) مطلق المتحيرة ( قوله أيضا ) الأولى تقديمه على قوله بالمنطوق . ( قوله هذا ) أي الناسية لعادتها قدرا ووقتا والتذكير باعتبار القسم .

                                                                                                                              ( قوله إنه الأصوب إلخ ) لك أن تستدل على أصوبية هذا بسلامته مما لزم الأول من مخالفة الظاهر في ضمير وإن حفظت على ما قرره سم ، وقد يجاب بأن ما استدل به لو سلم إنما يفيد الأظهرية لا الأصوبية . ( قوله أو جهلت إلخ ) عبارة النهاية أي جهلت عادتها إلخ لنحو غفلة أو علة عارضة ، وقد تجن وهي صغيرة وتدوم لها عادة حيض ، ثم تفيق مستحاضة فلا تعرف شيئا مما سبق ا هـ قال ع ش قوله أي جهلت فسر النسيان بالجهل إشارة إلى أنه لا يشترط سبق العلم كما يشير إليه قوله لنحو غفلة أو علة إلخ ا هـ . ( قوله وتسمى إلخ ) عبارة النهاية والمغني سميت به أي بالمتحيرة [ ص: 407 ] لتحيرها في أمرها وتسمى المحيرة بكسر الياء أيضا لأنها إلخ ( قوله ويخطئ ) بالجزم عطفا على يختلف قاله الكردي ويمنعه كتابته بالياء فالظاهر أنه جملة حالية فكان الأولى تقديم المسند إليه أو ترك الواو ( قوله كما هنا ) أي في أحكام المتحيرة . ( قوله من أول الهلال إلخ ) عبارة النهاية نعم لا يمكن إلحاقها بالمبتدأة في ابتداء دورها لأن ابتداء دور المبتدأة معلوم بظهور الدم بخلاف الناسية فيكون ابتداؤه أول الهلال ومتى أطلقوا الشهر في مسائل الاستحاضة عنوا به ثلاثين يوما سواء كان ابتداؤه من أول الهلال أم لا إلا في هذا الموضع ا هـ أي فمرادهم بالشهر الهلالي نقص أو كمل ع ش . ( قوله لأنه إلخ ) أي ابتداء الحيض في أول الهلال . ( قوله على ما فيه ) عبارة ع ش قال الشيخ عميرة قال الرافعي وهي أي قوله " لأنه الغالب " دعوى مخالفة للحس ا هـ ، وهذا هو العمدة في تزييف هذا القول ا هـ ا هـ قول المتن ( والمشهور وجوب الاحتياط ) ومحل وجوب ما ذكر عليها كما أفاده الناشري ما لم تصل سن اليأس فإن وصلته فلا وهو ظاهر جلي شرح م ر سم على

                                                                                                                              حج وما ذكره عن شرح م ر يوجد في بعض النسخ والصواب إسقاطه ع ش . ( قوله الآتي ) إلى قوله ( ما لم تعلم ) في النهاية وإلى قوله فإن شكت في المغني ( قوله ينافيه الدم ) أي على هذا الوجه سم عبارة ع ش ، وهذا بمجرده لا يصلح مانعا من كونه طهرا دائما لجواز أن يكون كله دم فساد إلا أن يمنع هذا بأن ما تراه المرأة في سن الحيض يجب أن يكون حيضا ما لم يمنع منه مانع ، والمانع هنا إنما منع من الحكم على الكل بأنه حيض ولم يمنع من أن بعضه حيض وبعضه غير حيض ا هـ . ( قوله والتبعيض ) أي بأن يحكم على بعض معين بأنه حيض وعلى آخر بأنه طهر ع ش ( قوله فاقتضت الضرورة إلخ ) ولا يجمع تقديما لسفر ونحوه ولا تؤم في صلاتها بطاهر ولا متحيرة بناء على وجوب القضاء عليها ولا يلزمها الفداء عن صومها إن أفطرت لرضاع لاحتمال كونها حائضا مغني . ( قوله إلا في عدة إلخ ) راجع إلى المتن . ( قوله على التفصيل الآتي إلخ ) أي إذا طلقها في أول الشهر أما إذا طلقها في أثنائه فإن كان مضى منه خمسة عشر أو أكثر لغا ما بقي واعتدت بثلاثة أشهر بعد ذلك ويحرم طلاقها حينئذ لما فيه من تطويل العدة وإن بقي من الشهر ستة عشر يوما فأكثر فبشهرين بعد ذلك ع ش . ( قوله ما لم تعلم إلخ ) راجع إلى قوله فإنها بثلاثة أشهر كردي . ( قوله فإن شكت إلخ ) عبارة شرح الروض فلو شكت في قدرها أي الأدوار أخذت بالأكثر قاله الدارمي سم . ( قوله على حليلها ) أي من زوجها وسيدها نهاية ، ولو اختلف اعتقادهما فالعبرة بعقيدة الزوج لا الزوجة ع ش . ( قوله ومباشرة ) إلى قوله ، ولو بعد إلخ في النهاية إلا قوله لا طلاقها إلى وعلى زوجها ، وقوله لصلاة وإلى قول المتن وتغتسل في المغني إلا قوله لا طلاقها إلى وعلى زوجها ( قوله لا طلاقها ) عطف على الوطء في المتن وقوله ومس المصحف إلخ عطف على تمكينه في الشرح وفيه نوع تعقيد فكان الأولى تأخير قوله ويحرم عليها إلخ عن قوله لا طلاقها إلخ . ( قوله مؤنها ) أي وسائر حقوق [ ص: 408 ] الزوجية كالقسم ع ش . ( قوله إلا لصلاة ) وفاقا للمغني وخلافا للنهاية عبارته وما أفهمه كلامه أي الإسنوي في المهمات من جواز دخولها له للصلاة فرضا أو نفلا رده الوالد رحمه الله تعالى بمفهوم كلام الروضة من أنه لا يجوز لها دخوله لذلك لصحة الصلاة خارجه بخلاف الطواف ونحوه فإنه من ضرورته ا هـ عبارة سم المعتمد حرمة مكثها بالمسجد لغير ما يتوقف عليه من الطواف والاعتكاف ، ولو للصلاة م ر ا هـ وعقب السيد البصري كلام النهاية بما نصه قوله م ر لصحة الصلاة خارجه فيه أنها صحيحة مع ترك السورة فما الفارق ، ونقل شيخ الإسلام في الأسنى كلام المهمات المذكور وأقره ا هـ . ( قوله إلا لصلاة أو طواف إلخ ) أي إذا أمنت التلويث أسنى ومغني ونهاية قول المتن ( والقراءة إلخ ) أي للفاتحة والسورة نهاية ومغني وقال البصري هل القراءة المنذورة كالقراءة في غير الصلاة أو محله في غيرها لم أر في ذلك شيئا ولعل الثاني أوجه ا هـ وفي كلام ع ش ما يؤيده قول المتن ( في غير الصلاة ) ظاهره أنه لا يجوز القراءة للتعلم وينبغي خلافه لأن تعلم القراءة من فروض الكفاية فهو من مهمات الدين بل وينبغي لها جواز مس المصحف وحمله إذا توقفت قراءته عليهما وأنه لو لم يكف في دفع النسيان إجراؤه على قلبها ولم يتفق لها قراءته في الصلاة لمانع قام بها كاشتغالها بصناعة تمنعها من تطويل الصلاة والنافلة جاز لها القراءة ويظهر أنه لا يجب عليها حينئذ أن تقصد بتلاوتها الذكر أو تطلق بل يجوز لها قصد القراءة لأن حدثها غير محقق والعذر قائم بها ، ثم إن كانت قراءتها مشروعة سن للسامع لها سجود التلاوة وإلا فلا ع ش . ( قوله بإمرارها إلخ ) أي وبالقراءة في الصلاة كما يستفاد من قوله أما في الصلاة إلخ سم . ( قوله على القلب ) أي وتثاب على هذا الإمرار ثواب القراءة ع ش . ( قوله أما في الصلاة ) أي ، ولو نفلا ( قوله فجائزة مطلقا ) أي فاتحة أو غيرها نهاية قال الإسنوي وقيل تحرم الزيادة على الفاتحة انتهى ا هـ سم ( قوله محققة ) أي فلذا لم يزد على الفاتحة سم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية