الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو نكح وشرط ) في العقد ( فيها إسلام ) أو فيه إذا أراد تزوج كتابية ( أو في أحدهما نسب أو حرية أو غيرهما ) من الصفات الكاملة أو الناقصة أو التي لا ولا كبكارة أو ثيوبة أو كونه قنا أو كونها قنة أو كون أحدهما أبيض مثلا ( فأخلف ) المشروط وقد أذن السيد فيما إذا بان قنا والزوج ممن تحل له الأمة إذا بانت قنة والكافرة كتابية يحل نكاحها ( فالأظهر صحة النكاح ) لأن خلف الشرط إذا لم يفسد البيع المتأثر [ ص: 355 ] بالشروط الفاسدة فالنكاح أولى أما خلف العين كزوجني من زيد فزوجها من عمرو فيبطل جزما ( ثم ) إذا صح ( إن بان ) الموصوف في غير العيب لما مر فيه مثل ما شرط أو ( خيرا مما شرط ) كإسلام وبكارة وحرية بدل أضدادها صح النكاح وحينئذ ( فلا خيار ) لأنه مساو أو أكمل وفارق مبيعة شرط كفرها فبانت مسلمة بأن الملحظ ثم القيمة وقد تزيد في الكافرة ( وإن بان دونه ) أي المشروط ( فلها الخيار ) للخلف نعم الأظهر في الروضة أن نسبه إذا بان مثل نسبها أو أفضل لم تتخير وإن كان دون المشروط خلافا لمن اعتمد مقتضى إطلاق المتن إذ لا عار وكذا لو شرطت حريته فبان قنا وهي أمة على الأوجه وعلى مقابله الذي جزم به بعضهم يتخير [ ص: 356 ] سيدها لا هي بخلاف سائر العيوب لأن له إجبارها على نكاح عبد لا معيب وأخذ مما تقرر أنه متى بان مثل الشارط أو فوقه فلا خيار وإن كان دون المشروط ( وكذا له ) الخيار إن بانت دون ما شرط سواء هنا أيضا صفة الكمال وغيرها ( في الأصح ) للغرر نعم حكم النسب هنا وكونها أمة وهو عبد كهو ثم والخيار فيهما فوري لا يحتاج لحاكم ونازع فيه الشيخان بأنه مجتهد فيه فليكن كما مر . ( تنبيه ) :

                                                                                                                              وجه جريان الخلاف في هذه دون ما قبلها واختلاف المرجحين فيما لو بان قنا وهي أمة دون ما إذا بانت أمة وهو عبد أن الزوج يمكنه التخلص بالطلاق وتزيد الثانية بتضررها بنفقة المعسرين بخلافه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : أو فيه ) هذا يفيد أن الكتابية لو شرطت إسلام الزوج فبان كتابيا تخيرت لأنه لم يجعل الإسلام كالنسب الآتي في قوله نعم الأظهر في الروضة إلخ ( قوله : من الصفات إلخ ) دخل فيها نحو الطول والقصر ( قوله في المتن فالأظهر صحة النكاح ) هذا بعمومه يشمل ما لو كانت المنكوحة قاصرة وشرط الولي حرية الزوج أو نسبه أو نحو ذلك من صفات الكفاءة وأخلف والذي يظهر فساد النكاح ومثله أيضا فيما يظهر ما لو زوج القاصرة من غير شرط ولكن على ظن الكفاءة فأخلف ثم رأيت الزركشي صرح في فصل " زوجها الولي غير كفؤ " بالمسألة الأخيرة وذكر فيها ما حاولته كذا بخط شيخنا البرلسي بهامش المحلي ( قوله : فالأظهر صحة النكاح ) وظاهر - [ ص: 355 ] أن شرط صحته إذا شرطت حريتها فبانت أمة أن يحل له نكاح الأمة .

                                                                                                                              ( قوله : في غير العيب لما مر فيه ) كأن المراد كما وافق عليه م ر بعد توقف أنه إذا شرط أحد العيوب السابقة فبان غيره منها تخير سواء كان ما بان مثل ما شرط أو أعلى أو أدون لأنها تقتضي الخيار بوضعها ( قوله : في غير العيب ) يحتمل أن يكون مثل العيب الجنون حتى لو شرط ولي المرأة عقل الزوج أو ولي الرجل المجنون عقل الزوجة فأخلف ثبت الخيار للأولياء وإن استوى الزوجان في الجنون ويحتمل أن يقال في هذا بفساد العقد كما لو زوج القاصرة بشرط الكفاءة فأخلف فإنه يفسد العقد فيما يظهر كما لو سكت عن الشرط وهذا الاحتمال الثاني هو المتعين لا يقال إذا لم يتحقق الولي الكفاءة لم يصح الإقدام على العقد لأنا نقول يكفي في جواز الإقدام عليه الظن كذا بخط شيخنا البرلسي بهامش شرح المنهج وتخيير ولي المجنون وفساد نكاحه إذا بانت مجنونة فيهما نظر على أن العيب يشمل الجنون لأنه من العيوب السبعة فما معنى التردد في كونه مثله ثم قد يقال يدل على تخيير ولي المجنون قول المصنف السابق ويتخير بمقارن جنون إلخ إلا أن تقرير الشارح له أشعر بتصويره بولي الزوجة كما نبهت عليه هنا فليحرر .

                                                                                                                              ( قوله : صح النكاح ) ذكر هذا مع تقدير " إذا صح " السابق المفهوم من ثم مستغنى عنه ( قوله : أن نسبه إلخ ) فرض الكلام في اشتراط نسبه ويأتي ذلك في اشتراط نسبها كما يفهم من شرح الروض وغيره وصرح به الشارح فيما يأتي وإنما فرض الكلام هنا فيما ذكر لمناسبة قوله فلها الخيار ( قوله : أن نسبه إلخ ) جعل في الأنوار العنة والحرفة كالنسب فيما ذكر كما قاله في شرح البهجة وقول الشارح الآتي وأخذ إلخ يشمل ذلك وغيره ككون أحدهما أبيض ( قوله : وعلى مقابله ) اعتمده م ر ( قوله : يتخير - [ ص: 356 ] سيدها لا هي بخلاف سائر العيوب ) قد يفهم أنها تتخير في سائر العيوب لا السيد فهل هذا على ما في البسيط دون منازعة الزركشي المذكور في شرح قول المصنف ويتخير بمقارن جنون إلخ ( قوله : مثل الشارط أو فوقه ) يدخل فيه ما لو شرط حريتها فبانت قنة وهو قن فلا خيار وخرج ما لو كان حرا وفارق هذا ما تقدم في عكسه على جزم بعضهم بقدرته هنا على الطلاق وسيذكر ذلك الشارح في التنبيه الآتي ثم انظر تعميم هذا الأخذ مع قول الروض فإن خرج خيرا مما شرط فلا خيار أو دونه ثبت الخيار وإن كان الآخر مثله إلا في النسب انتهى فإنه - أعني هذا التعميم - خلاف قوله وإن كان الآخر فليتأمل ( قوله : سواء هنا أيضا إلخ ) الظاهر أنه مستدرك مع قوله السابق من الصفات الكاملة أو الناقصة فتأمله ( قوله : واختلاف المرجحين ) أي على جزم بعضهم دون الأوجه عنده .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن وشرط ) بالبناء للمفعول ا هـ مغني ( قوله : أو فيه إلخ ) عبارة المغني قضية كلامه أن اشتراط الإسلام فيه لا يتصور وليس مرادا بل يتصور في الكتابية ا هـ وعبارة سم هذا يفيد أن الكتابية لو شرطت إسلام الزوج فبان كتابيا تخيرت لأنه لم يجعل الإسلام كالنسب الآتي في قوله نعم الأظهر إلخ ا هـ وقد يقال إن قوله الآتي وأخذ مما تقرر إلخ شامل للإسلام أيضا فليراجع ( قوله : إذا أراد تزوج كتابية ) أي بخلاف ما لو أراد تزوج مسلمة فإنه لا يحتاج إلى اشتراط الإسلام إذ الكافر لا يحل له نكاح المسلمة وغير الكتابية من الكافرات لا يصح نكاح المسلم لها ا هـ ع ش ( قوله : كبكارة إلخ ) مثال الكاملة ( قوله : أو ثيوبة ) قضيته أنه لو شرطت كونه بكرا فبان ثيبا ثبت لها الخيار ا هـ ع ش وقد يقيد أخذا مما يأتي بما إذا لم تكن ثيبا أيضا ( قوله : أو كونه قنا إلخ ) مثال الناقصة وقوله : أو كون أحدهما إلخ مثال لا ولا ( قوله : أبيض مثلا ) أدخل به نحو الطول والقصر سم ومغني والكحل والدعج والسمن وغيرها مما ذكر في السلم ع ش ( قول المتن فأخلف ) بالبناء للمفعول ا هـ مغني ( قوله : وقد أذن السيد إلخ ) عبارة المغني : " تنبيه " : معلوم أن محل الخلاف فيما إذا شرط حريته فبان عبدا أن يكون السيد أذن له في النكاح وإلا لم يصح قطعا وفيما إذا شرط حريتها فبانت أمة إذا نكحت بإذن السيد وكان الزوج ممن يحل له نكاح الأمة وإلا لم يصح جزما وفيما إذا شرط فيها إسلام فأخلف أن يظهر كونها كتابية يحل له نكاحها وإلا لم يصح جزما فلو عبر بقوله فالأظهر صحة النكاح إن وجدت شرائط الصحة لفهم ذلك منه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : والزوج إلخ ) وقوله : والكافرة إلخ معطوفان على قوله قد أذن السيد إلخ ( قوله : والكافرة إلخ ) أي إذا بانت الزوجة المشروط إسلامها كافرة ( قول المتن فالأظهر صحة النكاح إلخ ) - [ ص: 355 ] هذا بعمومه يشمل ما لو كانت المنكوحة قاصرة وشرط الولي حرية الزوج أو نسبه أو نحو ذلك من صفات الكفاءة وأخلف والذي يظهر فساد النكاح ومثله أيضا فيما يظهر ما لو زوج القاصرة من غير شرط ولكن ظن الكفاءة فأخلف عميرة بهامش المحلي ا هـ سم وسلطان ( قوله : بالشروط الفاسدة ) أي بكل واحد منها كبعني هذه البطيخة مثلا بشرط أن تحملها إلى البيت أو هذا الثوب بشرط أن تخيطه أو الزرع بشرط أن تحصده بخلاف النكاح فإنه لا يتأثر بكل فاسد بل بما يخل بمقصوده الأصلي منها ا هـ حلبي أي كشرط محتملة الوطء عدمه بخلاف شرط أن يعطي لأبيها ألفا مثلا ا هـ بجيرمي ( قوله : كزوجني من زيد إلخ ) وكزوجني بنتك فلانة فزوجه أختها فيبطل أيضا ا هـ بجيرمي ( قوله : فزوجها من عمرو ) مراده بذلك أن عيب النكاح مقتض للفسخ بوضعه من غير شرط حتى لو شرط فيها عيب نكاح كجذام فظهر بها برص تخير وإن كان الأول أشد من الثاني م ر ومثل ما ذكر ما لو قال لوكيله زوجني فلانة فقبل له نكاح غيرها فإنه باطل أما لو رأى امرأة ثم زوج غيرها فالنكاح صحيح ولا خيار له وبه علم أن تبدل العين ليس شاملا لمثل هذا ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : إذا صح ) عبارة المغني على الصحة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : في العيب إلخ ) كان المراد كما وافق عليه م ر بعد توقف أنه إذا شرط أحد العيوب السابقة فبان غيره منها تخير سواء كان ما بان مثل ما شرط أو أعلى أو أدون لأنها تقتضي الخيار بوضعها ا هـ سم ( قوله : لما مر فيه ) علة لاستثناء العيب ( قوله : صح النكاح ) ذكر هذا مع تقدير إذا صح السابق المفهوم من ثم مستغن عنه سم وسيد عمر عبارة الرشيدي تقدير هذا يترتب عليه أمران الأول أنه يصير حاصل المتن مع الشارح فالأظهر صحة النكاح ثم إن بان خيرا مما شرط صح النكاح ولا يخفى ما فيه والثاني أنه يفيد أن عدم ثبوت الخيار وحده نتيجة صحة النكاح فيفهم أن ثبوت الخيار مفرع على عدم صحة النكاح وليس كذلك ا هـ .

                                                                                                                              ( قول المتن : فلها خيار ) فإن رضيت فلأوليائها الخيار إذا كان الخلف في النسب لفوات الكفاءة نهاية ومغني ( قوله : نعم الأظهر في الروضة إلخ ) وهو المعتمد وجرى عليه الأنوار وجعل العفة كالنسب أي والحرفة نهاية ومغني زاد سم وقول الشارح الآتي وأخذ إلخ يشمل ذلك وغيره ككون أحدهما أبيض ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أن نسبه إلخ ) ويأتي ذلك في اشتراط نسبها كما يفهم من شرح الروض وغيره وصرح به الشارح فيما يأتي وإنما فرض الكلام في اشتراط نسبه لمناسبة قوله فلها الخيار ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله : وكذا لو شرطت حريته إلخ ) خالفه النهاية والمغني هنا ووافقاه فيما يأتي من عدم ثبوت الخيار فيما إذا بانت أمة وهو عبد ( قوله : وعلى مقابله إلخ ) - [ ص: 356 ] وهو المعتمد للتغرير نهاية ومغني ( قوله : بخلاف سائر العيوب ) أي فإن الخيار لها ولسيدها على ما مر في شرح قول المصنف ويتخير بمقارن جنون إلخ ا هـ ع ش ( قوله : سواء هنا أيضا ) الظاهر أنه مستدرك مع قوله السابق من الصفات الكاملة إلخ ا هـ سم ( قوله : نعم حكم النسب هنا وكونها إلخ ) وفاقا للنهاية والمغني هنا دون ما سبق كما مر ( قوله : وكونها إلخ ) عطف على النسب ( قوله : وكونها أمة ) أي ظهورها أمة على خلاف الشرط وقوله : وهو إلخ والحال هو إلخ ( قوله : كهو ثم ) أي كالحكم في اشتراط نسبه أو حريته ( قوله : والخيار فيهما إلخ ) عبارة النهاية فلكل منهما الفسخ فورا ولو بغير قاض ا هـ قال ع ش أي بأن يقول فسخت النكاح ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : في هذه ) أي فيما إذا بانت دون ما شرط وقوله : دون ما قبلها أي فيما إذا بان دون ما شرط ( قوله : واختلاف المرجحين إلخ ) أي المشار إليه بقوله على الأوجه وعلى مقابله إلخ وهذا عطف على قوله " جريان إلخ " ( قوله : دون ما إذا بانت إلخ ) محل تأمل فإن المرجحين مختلفون فيها أيضا بل قضية المتن ثبوت الخيار فيها اللهم إلا أن يكون مراده المرجحين من المتأخرين ا هـ سيد عمر ( قوله : وتزيد الثانية ) أي صورة اختلاف المرجحين فيما لو بان قنا دون ما إذا بانت أمة إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : بتضررها ) أي الزوجة فيما إذا بان الزوج قنا وقوله : بخلافه أي الزوج فيما إذا بانت الزوجة أمة .




                                                                                                                              الخدمات العلمية