الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل ) :

                                                                                                                              ( السيد بإذنه في نكاح عبده لا يضمن ) بذلك الإذن كما دل عليه السياق الذي هو نفي كون الإذن سببا للضمان ، واحتمال أنه لإفادة كون الإذن سببا لنفي الضمان بعيد من السياق والمعنى ؛ لأن نفي الضمان هو الأصل فلا يحتاج لبيان سبب له حر فلا اعتراض على المتن نعم الأحسن لا يضمن بإذنه في نكاح عبده [ ص: 368 ] ليكون نصا في الأول فإن قلت بإذنه قيد لمقابل الجديد فلا فرق بين تقدمه وتأخره قلت ممنوع بل على الجديد لا فرق بين الإذن وعدمه وعلى القديم لا بد منه فحق العبارة لولا ما قررته السيد لا يضمن ذلك على الجديد وفي القديم يضمنه إن أذن ( مهرا ونفقة ) أي مؤنة بل غالب الفقهاء يطلقونها عليها ( في الجديد ) لأنه لم يلتزمهما تصريحا ولا تعويضا بل لو ضمن ذلك عند إذنه لم يضمنه لتقدم ضمانه على وجوبه بخلافه بعد العقد فإنه يصح في المهر إن علمه لا النفقة إلا فيما وجب منها قبل الضمان وعلمه .

                                                                                                                              ( وهما في كسبه ) كذمته لأنه بالإذن رضي بصرف كسبه فيهما ولا يعتبر كسبه الحادث بعد الإذن في النكاح بل الحادث ( بعد النكاح ) ووجوب الدفع وهو في مهر مفوضة بفرض صحيح أو وطء ومهر غيرها الحال بالعقد والمؤجل بالحلول وفي النفقة بالتمكين وإنما اعتبر في إذنه له في الضمان كسبه بعد الإذن وإن تأخر الضمان عنه لثبوت المضمون حالة الإذن ثم لا هنا كما مر ( المعتاد ) كالحرفة ( والنادر ) كلقطة ووصية ، وكيفية تعلقهما بالكسب أنه ينظر في كسبه كل يوم فيؤدي منه النفقة لأن الحاجة إليها ناجزة ثم إن فضل شيء صرف للمهر الحال حتى يفرغ ثم يصرف للسيد ولا يدخر منه شيء للنفقة أو الحلول في المستقبل لعدم وجوبهما وقول الغزالي يصرف للمهر أولا ثم للنفقة حمله ابن الرفعة على ما إذا امتنعت من تسليم نفسها حتى تقبض المهر كله .

                                                                                                                              ونازع الأذرعي في المقالتين ثم بحث أنه لا يتعين كل من هذين لأنهما دين في كسبه فيصرفه عما شاء من المهر أو النفقة وهو القياس ( فإن كان مأذونا له في التجارة ف ) يجبان [ ص: 369 ] ( فيما بيده من ربح ) ولو قبل الإذن في النكاح ( وكذا رأس مال في الأصح ) لأنه لزمه بعقد مأذون فيه فكان كدين التجارة وبه فارق ما مر في الكسب أنه لا يتعلق به إلا بعد الوجوب ويفرق أيضا بأن القن لا تعلق له ولا شبهة فيما حصل بكسبه وإن وفره السيد تحت يده بخلاف مال التجارة لأنه مفوض لرأيه فله فيه نوع استقلال ويجبان في كسبه هنا أيضا فإذا لم يف أحدهما به كمل من الآخر ( وإن لم يكن مكتسبا ولا مأذونا له ) أو زاد على ما قدر له ( ففي ذمته ) يطالب به إذا عتق لوجوبه برضا مستحقه ( وفي قول على السيد ) لأن الإذن لمن هذا حاله التزام للمؤن .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فصل ) :

                                                                                                                              ( قوله : فلا اعتراض إلخ ) عبارة الزركشي في الاعتراض ما نصه تعبير المصنف يعطي أن الإذن - [ ص: 368 ] سبب لنفي الضمان وليس بمقصود إنما المقصود نفي كون الإذن سببا للضمان فلو سلط النفي على الضمان بالإذن فقال لا يضمن بإذنه لكان أحسن انتهى وظاهر أن هذا الاعتراض لا يندفع بما قرره الشارح فإن أراد نفي الاعتراض ففيه نظر فليتأمل انتهى ( قوله : ليكون نصا في الأول ) في النصية نظر ( قوله : ممنوع إلخ ) في صلاحية ما ذكره سندا لهذا المنع للسندية بحث لا يخفى ( قوله : وهما في كسبه ) قال في الروض ولو أجر نفسه فيهما أي المهر والنفقة جاز أي بناء على جواز بيع المستأجر انتهى فظاهره أنه يستقل بالإيجار ( قوله : لأنه ) - [ ص: 369 ] أي السيد ( قوله : في المتن فيما بيده من ربح وكذا رأس مال ) الظاهر أن الكلام إذا بقي الربح ورأس المال إلى الوجوب فللسيد إتلافهما قبله فليراجع ثم بحثت مع م ر فوافق على الظاهر المذكور ( قوله : ويجبان في كسبه هنا أيضا ) هل محله في الكسب الحاصل بعد النكاح ووجوب الدفع أو لا فرق بينه وبين الحاصل قبل ذلك بخلاف ما تقدم في غير المأذون ؟ فيه نظر وإطلاق عبارة شرح الروض يقتضي الثاني ( قوله : أو زاد على ما قدر له ) أي كأن أذن السيد له أن يتزوج بعشرة فتزوج بأحد عشر ( قوله في المتن : ففي ذمته ) وظاهر أن هذا فيما زاده الشارح بالنسبة للزيادة .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل : السيد بإذنه في نكاح عبده لا يضمن ) .

                                                                                                                              ( قوله : بذلك الإذن ) إلى قول المتن فإن كان في النهاية إلا قوله نعم إلى المتن ( قوله : كما دل عليه ) أي إرادة هذا المقدر ( قوله : الذي إلخ ) نعت للسياق ( قوله : واحتمال أنه إلخ ) أي كلام المصنف ( قوله : فلا اعتراض إلخ ) عبارة المغني تنبيه قال السبكي ولو قال المصنف : لا يضمن بإذنه في نكاح عبده لكان أحسن ليتسلط النفي على الضمان بالإذن فهو نفي لكون الإذن سببا للضمان وهو - [ ص: 368 ] المقصود وعبارته محتملة لهذا ومحتملة أيضا لكون الإذن سببا لنفي الضمان كقوله تعالى { بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين } وليس بمقصود ا هـ فقول الشارح نعم إلخ تسليم لاعتراض السبكي المذكور وقوله : فلا اعتراض إلخ دفع لاعتراض كلام المصنف بأنه باطل أو نحو ذلك فلا يتجه قول المحشي بعد ذكره عن الزركشي نحو ما مر عن السبكي ما نصه وظاهر أن هذا الاعتراض لا يندفع بما قرره الشارح فإن أراده ففي نفي الاعتراض به نظر انتهى ا هـ سيد عمر باختصار ( قوله : ليكون نصا في الأصل ) في النصية نظر ا هـ سم أي لاحتمال تعلق الجار بالنفي ولو بعيدا ( قوله : فإن قلت بإذنه ) أي الذي في المتن ( قوله : بين تقدمه ) أي تقدم " بإذنه " على لا يضمن ( قوله : ممنوع إلخ ) في صلاحية ما ذكره سندا لهذا المنع للسندية بحث لا يخفى ا هـ سم ولك أن تجيب بأن محط السند قوله : وعلى القديم إلخ والحاصل أن قوله بإذنه للإشارة إلى رد القديم القائل بسببية الإذن للضمان ( قوله : لا بد منه ) أي من بإذنه ( قوله : لولا ما قررته ) أي من دلالة السياق على إرادة ما قررته ( قوله : يطلقونها ) أي النفقة عليها أي المؤنة ( قوله : لأنه لم يلتزمهما ) إلى قوله وقول الغزالي في المغني إلا قوله لا النفقة إلى المتن ( قوله : بل لو ضمن ذلك ) أي ذكر ما يدل على الضمان كأن قال تزوج وعلي المهر والنفقة وقوله : لم يضمنه أي لم يلزمه ا هـ ع ش ( قوله : لتقدم ضمانه إلخ ) أي ما ذكر من المهر والنفقة ( قوله : بخلافه ) أي ضمان السيد ( قوله : إن علمه ) أي قدر المهر وقوله : منها أي النفقة وقوله : علمه أي قدر ما وجب إلخ ( قول المتن وهما في كسبه ) ولو آجر نفسه فيهما أي المهر والنفقة جاز ا هـ روض وظاهره أنه يستقل بالإيجار ا هـ سم ( قوله : لأنه بالإذن إلخ ) .

                                                                                                                              ( فرع ) :

                                                                                                                              لو زوج عبده بأمته أنفق عليهما بحكم الملك فإن أتى العبد منها بأولاد فإن أعتقها السيد وأولادها فنفقتها في كسب العبد ونفقة أولادها عليها فإن أعسرت ففي بيت المال وإن أعتق العبد دونها فنفقتها على العبد كحر تزوج أمة ونفقة الأولاد على السيد لأنهم ملكه ا هـ مغني ( قوله : رضي بصرف كسبه إلخ ) إطلاقه محل تأمل بالنسبة لعامي لم يطرد عرف أهل محلته بذلك بل قد يطرد العرف في بعض النواحي بخلاف ذلك ا هـ سيد عمر وقد يجاب بأن التعليل المذكور نظرا للغالب كما يفيده قول ع ش قوله : وهما في كسبه هل ولو خصه بأحدهما أو نفاه عنهما ؟ تأمل كذا في هامش والأقرب نعم لأن الإذن في النكاح إذن فيما يترتب عليه كما لو أذن له في الضمان ونهاه عن الأداء فإنه إذا غرم يرجع بما غرمه على الأصل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولا يعتبر إلخ ) أي في غير المأذون له بالتجارة وأما المأذون له في التجارة فسيأتي أنه يعتبر كسبه الحادث بعد الإذن ولو قبل النكاح ( قوله : ووجوب الدفع إلخ ) عطف على النكاح ( قوله : وهو ) أي وجوب الدفع ا هـ ع ش ( قوله : ومهر غيرها ) عطف على مهر مفوضة ( قوله : الحال بالعقد إلخ ) أي إذا كانت مطيقة للوطء فلو كانت صغيرة لا تطيقه كأن زوج أمته الصغيرة برقيق فلا يجب إلا بعد الإطاقة كما يأتي في الصداق ا هـ ع ش ( قوله : وفي النفقة إلخ ) عطف على في مهر مفوضة .

                                                                                                                              ( قوله : في الضمان ) متعلق بالإذن وقوله : كسبه نائب فاعل " اعتبر " وقوله : عنه أي الكسب وقوله لثبوت المضمون إلخ متعلق بقوله وإنما اعتبر إلخ ( قوله : أنه ينظر في كسبه إلخ ) أي وجوبا أخذا من قوله لأن الحاجة إلخ ا هـ ع ش ( قوله : إليها ) أي النفقة ( قوله : في المستقبل ) راجع لكل من المعطوفين ( قوله : وقول الغزالي إلخ ) مبتدأ خبره قوله : جملة إلخ ( قوله : في المقالتين ) هما قوله وكيفية تعلقهما إلخ وقول الغزالي إلخ ا هـ ع ش ( قوله : وهو القياس ) معتمد ا هـ - [ ص: 369 ] ع ش ( قول المتن : فيما بيده من ربح وكذا إلخ ) الظاهر أن الكلام إذا بقي الربح ورأس المال إلى الوجوب فللسيد إتلافهما قبله فليراجع ثم بحثت مع م ر فوافق على الظاهر المذكور ا هـ سم ( قوله : ولو قبل الإذن ) إلى قول المتن ولو نكح فاسدا في النهاية إلا قوله ويمكن إلى ولم يتعلق وقوله : خلافا لما قد يتوهم إلى وخرج وكذا في المغني إلا قوله إن تكفل إلى لم يتعلق به حق إلا قوله إن تكفل إلى المتن ( قوله : لأنه ) أي دين المهر والنفقة ( قوله : وبه فارق إلخ ) أي بالتعليل المذكور ما مر أي في قوله ولا يعتبر كسبه إلخ ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : ويجبان في كسبه هنا إلخ ) هل محله في الكسب الحاصل بعد النكاح ووجوب الدفع أو لا فرق بينه وبين الحاصل قبل ذلك بخلاف ما تقدم في غير المأذون ؟ فيه نظر وإطلاق عبارة نحو شرح الروض يقتضي الثاني ا هـ سم والذي يتجه الأول كما هو ظاهر من الفرق الذي أفاده الشارح كغيره ثم رأيت نقلا عن حاشية المحلي لعميرة ما نصه الظاهر أن مثل ذلك أكسابه بغير التجارة التي بعد الإذن ولو قبل النكاح انتهى ا هـ سيد عمر عبارة ع ش ومثله أي ما بيده من ربح ما كسبه بغير التجارة قبل النكاح على ما في شرح الروض لكن قضية ما فرق به الشارح هنا بين مال التجارة والكسب خلافه إلا أن يقال لما جعل له السيد نوع استقلال بالتصرف صار له شبهة في كل ما بيده ا هـ وعبارة البجيرمي بعد كلام طويل فيستفاد من مجموع صنيعه أي شرح م ر وصنيع ع ش عليه أن قياس الكسب على الربح الذي في شرح الروض إنما هو في أن كلا منهما لا يتقيد بكونه بعد وجوب الدفع كما يتقيد به كسب غير المأذون وهذا لا ينافي أن بينهما فرقا من حيث إن الربح لا فرق فيه بين كونه قبل الإذن أو بعده وأن الكسب لا بد أن يكون بعد الإذن ولو قبل النكاح ( قوله : أحدهما ) أي الكسب ومال التجارة به أي ما ذكر من المهر والنفقة ( قول المتن : وإن لم يكن مكتسبا ) إما لعدم قدرته أو لكونه محترفا محروما ا هـ مغني ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو زاد إلخ ) أي الرقيق في المهر الذي قدره له السيد ا هـ رشيدي عبارة سم أي كأن أذن له السيد أن يتزوج بعشرة فتزوج بأحد عشر ا هـ .

                                                                                                                              ( قول المتن : ففي ذمته ) أي فقط يطالب بهما بعد عتقه إن رضيت بالمقام معه لأنه دين لازم لرضا مستحقه فيتعلق بذمته كبدل القرض فلا يتعلق برقبته إذ لا جناية منه ولا بذمة سيده لما مر أول الفصل ا هـ مغني ( قوله : يطالب به ) أي بما ذكر من المهر والنفقة وما زاده العبد على ما قدره السيد .




                                                                                                                              الخدمات العلمية