الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو قال كل لا أسلم حتى تسلم ففي قول يجبر هو ) لإمكان استرداد الصداق دون البضع ومن ثم لم يأت القول هنا بإجبارها وحدها لفوات البضع عليها هنا دون المبيع ثم ( وفي قول لا إجبار فمن سلم أجبر صاحبه ) لأن كلا وجب له حق وعليه حق فلم يجبر بإيفاء ما عليه دون ما له [ ص: 381 ] ( والأظهر أنهما يجبران فيؤمر بوضعه عند عدل وتؤمر ) هي ( بالتمكين فإذا سلمت ) وإن لم يطأها من غير امتناع منها ( أعطاها العدل ) فإن امتنعت استرد منها لأن ذلك هو العدل بينهما وليس العدل نائبها وإلا كان هو مجبر وحده ولا نائبه وإلا كانت هي المجبرة وحدها بل نائب الشرع لقطع الخصومة بينهما وقيل نائبهما لقولهم لو أخذ الحاكم الدين من الممتنع ملكه الغريم وتبرأ ذمة المأخوذ منه ويرد بأن هذه لا شاهد فيها لاستقرار الملك فيها بقبض الحاكم ولا كذلك هنا إذ لو امتنعت من التمكين بعد قبض العدل أو الحاكم استرده الزوج وقيل نائبها واختاره البلقيني كابن الرفعة لكنه ممنوع من التسليم إليها وهي ممنوعة من التصرف فيه قبل التمكين ووجهه البلقيني بتصريح أبي الطيب بأنه لو تلف في يده كان من ضمانها وفيه نظر والذي يتجه خلافه وأنه من ضمانه نظير ما مر في عدل الرهن وليس هذا كالممتنع المذكور كما هو ظاهر مما مر ( ولو بادرت فمكنت طالبته ) على كل قول لبذلها ما في وسعها .

                                                                                                                              ( فإن لم يطأ ) ها ( امتنعت حتى يسلمها ) المهر لأن القبض هنا إنما هو بالوطء ( وإن وطئ ) ها مختارة ( فلا ) تمتنع لسقوط حقها بوطئه باختيارها ومن ثم لو أكرهها أو كانت غير مكلفة حال الوطء ثم كملت بعده ولم يكن الولي سلمها لمصلحتها كان لها الامتناع ويؤخذ منه أنها لو لم تمكنه إلا لظنها سلامة ما قبضته فخرج معيبا من غير تقصير منها في قبضه كان لها الامتناع وبحث الأذرعي أن تمكين نحو الرتقاء من الاستمتاع كتمكين السليمة من الوطء فلها الامتناع قبله لا بعده ( ولو بادر فسلم فلتمكن ) هـ وجوبا إذا طلب لأنه فعل ما عليه ( فإن منعته ) .

                                                                                                                              ولو ( بلا عذر [ ص: 382 ] استرد إن قلنا إنه يجبر ) والأصح لا فيكون متبرعا بالتسليم فلا يسترد قيل أهمل محل التسليم وهو منزل الزوج ويرد بأن هذا معلوم من كلامه في النفقات على أن قوله وهو إلى آخره للأغلب إذ لو رضي بمحلها أو محل نحو أبيها كان كذلك والكلام هنا فيمن عقد عليها وهي ببلد العقد كالزوج فمؤنة وصولها للمنزل الذي يريده الزوج من تلك البلد عليها

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 381 ] قوله في المتن والأظهر أنهما يجبران ) ظاهره بل صريحه وإن كان المهر في الذمة مع أنه في نظيره من البيع إنما يجبر البائع إذا كان الثمن في الذمة وأجبرا هنا مطلقا وقوله فيؤمر بوضعه عند عدل إلخ هذا لا يتصور فيما إذا كان المهر نحو تعليم فهل يعرض عنهما إلى أن يتفقا على شيء أو كيف الحال .

                                                                                                                              ( قوله فيؤمر بوضعه إلخ ) لو كان الصداق تعليم قرآن وطلب كل التسليم فإن اتفقا على شيء وإلا فسخ الصداق ووجب مهر مثل شرح م ر .

                                                                                                                              ( قوله إذ لو امتنعت إلخ ) في منافاته أنه نائبهما نظر ( قوله والذي يتجه إلخ ) كذا شرح م ر ( قوله في المتن ولو بادرت فمكنت طالبته ) قال في الروض وبالتسليم أي بتسليم نفسها له لها قبض الصداق المعين بغير إذنه انتهى .

                                                                                                                              ( قوله أو كانت غير مكلفة حال الوطء ) شامل لما لو مكنته ثم جنت فوطئها وهي مجنونة فلها بعد الإفاقة الامتناع وهو أحد احتمالين وهو الأقرب لأن مجرد التمكين لا عبرة به والعبرة بالوطء ولم يقع إلا في حال لم يعتبر فيها م ر ( قوله ولم يكن الولي سلمها لمصلحتها كان لها الامتناع ) وما في الكفاية من أنه لو سلم الولي المجنونة أو الصغيرة لمصلحة لا رجوع لها وإن كملت كما لو ترك الولي الشفعة ليس للمحجور عليه بعد كماله الأخذ بها مردود والفرق بينه وبين الشفعة لائح إذ هذا تفويت حاصل وما فيها تفويت معدوم وقد تبين أن التسليم وقع على خلاف المصلحة شرح م ر .

                                                                                                                              ( قوله ولو بلا عذر ) قد يقال اللائق بالمبالغة إنما هو عكس ذلك بأن يقول ولو بعذر فكان ينبغي [ ص: 382 ] للمصنف إسقاط لا لفهم عدم العذر فيه بالأولى فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله فيكون متبرعا ) يؤخذ منه أنه لو ظن وجوب التسليم كان له الاسترداد وفي هامش شرح المنهج هنا فوائد مهمة تتعلق بالتسليم ( قوله كالزوج وقوله قبله وهي ) ضبب عليهما ( قوله من تلك البلد ) وسيأتي ما إذا كانت بغير بلد العقد ( فرع )

                                                                                                                              طلب الزوج من الولي تسليم الزوجة فادعى أنها ماتت فالمصدق الزوج بيمينه لأن الأصل الحياة فلا يلزمه دفع المهر حتى يثبت موتها بالبينة ولا يلزمه مئونة تجهيزها وإن ثبت بالبينة موتها لأن مئونة التجهيز إنما تجب حيث تجب النفقة والنفقة لا تجب إلا بالتسليم ولم يحصل لأن الفرض أنه لم يثبت تسليم سابق وأما الإرث فهو تابع لثبوت الموت وإن لم يحصل تسليم م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن ولو قال كل لا أسلم إلخ ) أي قال الزوج لا أسلم المهر حتى تسلمي نفسك وقالت هي لا أسلمها حتى تسلم إلي المهر ا هـ مغني ( قول المتن حتى تسلم إلخ ) ولو أصدقها تعليم نحو قرآن وطلب كل التسليم فالذي أفتيت به ولم أر فيه شيئا أنهما إن اتفقا على شيء فذاك وإلا فسخ الصداق ووجب مهر المثل فيسلمه لعدل وتؤمر بتسليم نفسها ا هـ نهاية قال ع ش وقد يقال تجبر هي لأن رضاها بالتعليم الذي لا يحصل عادة بعد إلا بعد مدة كالتأجيل وقد يجاب بأن انتهاء الأجل معلوم فتمكنها المطالبة بعده وزمن التعليم لا غاية له فهي إذا مكنته قد يتساهل في التعليم وربما فات التعليم بذلك ونقل عن شيخنا الزيادي الجزم بما قلناه ا هـ ع ش أي بأنها تجبر ( قول المتن ففي قول يجبر إلخ ) محل هذا إذا كانت متهيئة للاستمتاع كما في الروضة لا كمريضة ومحرمة قال الأذرعي ولا يختص هذا بهذا القول بل هو معتبر على كل قول حتى لو بذلت نفسها وبها مانع من إحرام أو غيره لم يجبر صرح به العراقي شارح المهذب ا هـ مغني ( قوله لفوات البضع عليها هنا ) يغني عنه قوله ومن ثم ( قوله ثم ) أي في البيع ( فرع )

                                                                                                                              طلب الزوج من الولي تسليم الزوجة فادعى أنها ماتت فالمصدق الزوج بيمينه لأن الأصل الحياة فلا يلزمه دفع المهر حتى يثبت موتها بالبينة ولا يلزمه مئونة تجهيزها وإن ثبت بالبينة موتها لأن مئونة التجهيز إنما تجب حيث تجب النفقة والنفقة لا تجب إلا بالتسليم ولم يحصل لأن الفرض أنه لم يثبت تسليم سابق وأما الإرث فهو تابع لثبوت الموت وإن لم يحصل تسليم م ر ا هـ سم على حج ا هـ ع ش ( قول المتن [ ص: 381 ] والأظهر أنهما يجبران إلخ ) ظاهره بل صريحه وإن كان المهر في الذمة مع أنه في نظيره من البيع إنما يجبر البائع ويفرق بأن البضع لا يمكن استرداده بخلاف المبيع ا هـ سم ( قوله وإن لم يطأها إلخ ) أي وإن ترك الوطء تركا غير ناشئ من امتناع إلخ ا هـ ع ش ( قوله فإن امتنعت إلخ ) عبارة المغني فلو هم بالوطء بعد أن تسلمت المهر فامتنعت فالوجه استرداده ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لأن ذلك ) أي الاسترداد قاله ع ش وقال الرشيدي إنه تعليل للأظهر ا هـ ويصرح به صنيع المغني .

                                                                                                                              ( قوله هو العدل إلخ ) أي الإنصاف في فصل الخصومة ( قوله بأن هذه ) أي مسألة أخذ الحاكم الدين من الممتنع ( قوله إذ لو امتنعت إلخ ) في منافاته أنه نائبهما نظر ا هـ سم ( قوله لكنه ) أي العدل ( قوله في يده ) أي العدل ( قوله خلافه ) أي خلاف ما صرح به أبو الطيب وقوله وأنه أي التالف في يد العدل من ضمانه أي الزوج تفسير لقوله خلافه ( قوله وليس هذا كالممتنع إلخ ) أراد به أن يفرق بين الزوج وبين الممتنع المذكور في قوله المتقدم وقيل نائبهما لقولهم إلخ ا هـرشيدي ( قوله مما مر ) أي في قوله ويرد بأن هذه إلخ ( قول المتن ولو بادرت فمكنت طالبته ) ولها حينئذ أن تستقل بقبض الصداق المعين بغير إذن الزوج كنظيره في البيع مغني وروض ( قوله على كل قول ) إلى قوله قيل أهمل في المغني وكذا في النهاية إلا قوله ولم يكن الولي سلمها لمصلحتها ( قول المتن امتنعت ) أي جاز لها الامتناع من تمكينه ا هـ مغني ( قوله هنا ) أي في النكاح ( قوله بالوطء ) أي لا بمجرد التسليم ( قوله وإن وطئها إلخ ) أي ولو في الدبر مختارة أي ومكلفة ا هـ مغني ( قوله فلا تمتنع ) أي فلا يجوز لها الامتناع من تمكينه ( قوله حقها ) أي حق حبس نفسها .

                                                                                                                              ( قوله أو كانت غير مكلفة إلخ ) شامل لما لو مكنته ثم جنت فوطئها وهي مجنونة فلها بعد الإفاقة الامتناع وهو أقرب الاحتمالين لأن مجرد التمكين لا عبرة به والعبرة بالوطء ولم يقع إلا في حال لا تعتبر م ر ا هـ سم ( قوله ولم يكن الولي سلمها إلخ ) وفاقا للمغني وخلافا للنهاية ( قوله لمصلحتها ) بخلاف ما لو سلمها لغير مصلحة بل المحجور عليها بالسفه لو سلمت نفسها ورأى الولي خلافه فينبغي كما قال شيخنا أن يكون له الرجوع وإن وطئت ا هـ مغني وتقدم عن سم مثله ( قوله ويؤخذ منه ) أي من قوله ومن ثم لو أكرهها إلخ ( قوله وبحث الأذرعي أن تمكين إلخ ) جزم به المغني ( قوله نحو الرتقاء ) كالقرناء والنحيفة الخائفة من الإفضاء ( قوله قبله إلخ ) أي الاستمتاع منها مختارة .

                                                                                                                              ( قوله ولو بلا عذر ) قد يقال اللائق بالمبالغة إنما هو عكس ذلك بأن يقول ولو بعذر فكان ينبغي للمصنف إسقاط لا لفهم عدم العذر فيه بالأولى سم على [ ص: 382 ] حج ا هـ ع ش ( قول المتن استرد إن قلنا إنه يجبر ) أي على التسليم أولا لأنه لم يتبرع ا هـ مغني ( قوله لا ) أي لا يجبر على التسليم أولا ( قوله فيكون متبرعا إلخ ) يؤخذ منه لو ظن وجوب التسليم كان له الاسترداد ا هـ سم وقد مر ما يؤيده قبيل الباب في شرح وللزوج صحبتها ( قوله بأن هذا ) أي محل التسليم ( قوله فيمن إلخ ) أي زوجة وقوله عقد ببناء المفعول ( قوله كالزوج ) وقوله وهي ضبب الشارح عليهما ا هـ سم ( قوله ومن تلك البلد ) وسيأتي ما إذا كانت بغير بلد العقد ( فرع )

                                                                                                                              لو تزوج امرأة فزفت إلى الزوج في منزلها فدخل عليها بإذنها فلا أجرة لمدة سكنه وإن كانت سفيهة أو بالغة فسكتت ودخل عليها بإذن أهلها وهي ساكتة فعليه الأجرة لمدة إقامته معها لأنه لا ينسب إلى ساكت قول ولأن عدم المنع أعم من الإذن وكذلك لو استعمل الزوج أواني المرأة وهي ساكتة على جاري العادة تلزمه الأجرة انتهى كلام الخادم ا هـ سم وبقي ما لو كان المنزل لأهل الزوجة وأذنوا له في الدخول ولم يتعرضوا لأجرة ولا لعدمها وقياس ما ذكر في الزوجة عدم وجوب الأجرة للعلة المذكورة ا هـ ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية