الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن ) له زوجات لا يلزمه أن يبيت عندهن كما يأتي نعم إن ( بات ) في الحضر أي صار ليلا أو نهارا فالتعبير ببات ؛ لأن شأن القسم الليل لا لإخراج مكثه نهارا عند إحداهن فإن الأوجه أنه يلزمه أن يمكث مثل ذلك الزمن عند الباقيات ( عند بعض نسوته ) بقرعة أو دونها وإن أثم فليس مقتضى عبارته جواز المبيت عند بعضهن ابتداء من غير قرعة ولا معنى بات أراد خلافا لمن وهم فيه ؛ لأنه إنما جعل وجود المبيت بالفعل عند واحدة شرطا للزوم المبيت عند البقية وهذا لا يقتضي شيئا مما ذكر كما هو واضح وبه يتضح أيضا اندفاع ما قيل عبارته توهم أنه إنما يجب إذا بات وليس كذلك بل يجب عند إرادته ذلك ( لزمه ) فورا فيما يظهر هنا وفيما مر لا سيما إن كان عصى بأن لم يقرع ؛ لأنه حق لازم وهو معرض للسقوط بالموت فلزمه الخروج منه ما أمكنه وبهذا يفرق بينه وبين الحج ودين لم يعص به أن يبيت ( عند من بقي ) منهم تسوية بينهن للخبر الصحيح { إذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه مائل أو ساقط } وقد كان صلى الله عليه وسلم على غاية من العدل في القسم وقول الإصطخري إنه كان تبرعا منه لعدم وجوبه عليه لقوله تعالى { ترجي من تشاء منهن } الآية خلاف المشهور لكن اختاره السبكي وخرج بنفي الحضر ما لو سافر وحده ونكح جديدة في الطريق وبات عندها فلا يلزمه قضاء للمتخلفات [ ص: 440 ] والأولى أن يسوي بينهن في سائر الاستمتاعات ولا يجب لتعلقها بالميل القهري وكذا في التبرعات المالية فيما يظهر خروجا من خلاف من أوجب التسوية فيها أيضا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله فإن الأوجه أنه يلزمه أن يمكث مثل ذلك الزمن عند الباقيات ) الظاهر أن مغايرة هذا لقول المصنف الآتي ولا تجب تسوية في الإقامة نهارا على ما يأتي في شرحه أن ذاك فيما إذا رتب القسم على يوم وليلة مثلا وكان الأصل الليل والنهار تبعا فلا تجب التسوية في الإقامة نهارا وهذا فيما إذا لم يرتب القسم كذلك بل ابتدأ بالإقامة عند واحدة نهارا فيلزمه أن يمكث عند الباقيات مثل القدر الذي مكث فيه عندها .

                                                                                                                              ( قوله وإن أثم ) راجع لإذنها فقط ( قوله عند إرادته ) إذ مجرد الإرادة لا يلزم شيئا لجواز الإعراض عنها .

                                                                                                                              ( قوله فورا ) أي ولو بدون طلب كما يصرح به الفرق المذكور ( قوله لم يعص به ) أي لإمكان تداركهما بعد الموت .

                                                                                                                              ( قوله [ ص: 440 ] لتعلقها إلخ ) وعبارة شرح الروض ولأن ذلك يتعلق بالنشاط والشهوة وهو لا يملكها ولقائل أن يقول إذا كان المراد أن ذلك ليس مقدورا له فهذا إن منع الوجوب منع الاستحباب أيضا ؛ لأن الظاهر أن غير المقدور يمتنع طلبه مطلقا بناء على منع التكليف بغير المقدور وإن سلم أنه مقدور لم يصلح لمنع الوجوب فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله له زوجات ) إلى قوله ولا معنى بات في المغني إلا قوله في الحضر ( قوله أي صار ) أي حصل ا هـ ع ش ( قوله وإن أثم ) راجع لقوله أو دونها فقط ا هـ سم ( قوله من غير قرعة ) أي ولا تراض ( قوله ولا معنى بات ) عطف على قوله ليس مقتضى إلخ .

                                                                                                                              ( قوله وبه إلخ ) أي بقوله ؛ لأنه إلى قوله على ما بحثه القمولي في النهاية .

                                                                                                                              ( قوله ما قيل إلخ ) القائل هو الأذرعي وعبارته كلامه أي المصنف يوهم أنه إنما يجب القسم إذا بات عندها وليس كذلك بل يجب عند إرادته ذلك فلا يجوز له تخصيص واحدة بالبداءة بها إلا بالقرعة على الأصح كما سيأتي انتهت فمراده بالقسم هنا كما ترى ضرب القرعة وحينئذ فالشرح كالعلامة ابن حجر لم يتواردا معه في الرد عليه على محل واحد نعم تقع المناقشة مع الأذرعي في أن القرعة هل تسمى قسما فتأمل ا هـ رشيدي ووافق المغني للأذرعي ( قوله عند إرادته ) إذ مجرد الإرادة لا يلزم شيئا لجواز الإعراض عنها ا هـ سم وقد مر جوابه عن الرشيدي آنفا ( قول المتن لزمه ) أي ولو عنينا ومجبوبا ومريضا ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله فورا ) أي ولو بدون طلب كما يصرح به الفرق المذكور ا هـ سم عبارة ع ش أي فلو تركه كان كبيرة أخذا من الخبر الآتي ا هـ وفيه أن الخبر الآتي لا يفيد وجوب الفورية ( قوله وفيما مر ) انظر ما المراد بما مر ا هـ رشيدي .

                                                                                                                              ( قوله لم يعص به ) أي لإمكان التدارك فيهما بعد الموت سم وسيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله أن يبيت إلخ ) متعلق للظرف وفاعل للزمه .

                                                                                                                              ( قوله وقد كان ) إلى قوله لكن اختاره في المغني .

                                                                                                                              ( قوله امرأتان ) أي مثلا ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله وشقه مائل إلخ ) هو ونحوه مما أورد في كلام الشارع صلى الله عليه وسلم يحمل على حقيقته حيث لا صارف ا هـ ع ش ( قوله خلاف المشهور ) أي فالمعتمد أنه كان واجبا عليه صلى الله عليه وسلم ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله اختاره السبكي ) ضعيف ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله ونكح جديدة إلخ ) هذا مجرد تصوير وإلا فلو استصحب بعض نسائه في السفر بقرعة لم يقض للباقيات كما يأتي ا هـ سم ( قوله للمتخلفات ) خرج به ما لو كان معه واحدة من زوجاته فيقسم بينها وبين الجديدة [ ص: 440 ] ما دام في السفر ا هـ ع ش ( قوله والأولى ) إلى قوله سيما في المغني .

                                                                                                                              ( قوله ولا يجب إلخ ) عبارة المغني ولا تجب التسوية بينهن في الجماع فإنه يتعلق بالنشاط والشهوة وهي لا تتأتى في كل وقت ولا في سائر الاستمتاعات ولا يؤاخذ بميل القلب إلى بعضهن ؛ لأنه { صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه ويقول اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك } رواه أبو داود وغيره وصحح الحاكم إسناده ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لتعلقها بالميل إلخ ) ولقائل أن يقول إن كان المراد أن ذلك ليس مقدورا له فهذا إن منع الوجوب منع الاستحباب أيضا ؛ لأن الظاهر أن غير المقدور يمتنع طلبه مطلقا بناء على منع التكليف بغير المقدور وإن سلم أنه مقدور لم يصلح لمنع الوجوب فليتأمل ا هـ سم أقول ويجاب باختيار الثاني ومنعه للوجوب لمشقته على النفس جدا والمشقة تجلب التيسير وفي الندب جمع بين مصلحتهما ولعل قوله فليتأمل إشارة إليه ا هـ سيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله وكذا في التبرعات ) أي لا تجب التسوية فيها بل تسن ا هـ ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية