الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويصح ) الخلع بصرائح الطلاق مطلقا كما علم مما مر ، و ( بكنايات الطلاق مع النية ) بناء على أنه طلاق ، وكذا على أنه فسخ إن نويا ( وبالعجمية ) قطعا لانتفاء اللفظ المتعبد به ( ولو قال بعتك نفسك بكذا فقالت اشتريت ) ، أو قبلت مثلا ( فكناية خلع ) ، وهو الفرقة بعوض بناء على الطلاق والفسخ ، وليس هذا من قاعدة ما كان صريحا في بابه ؛ لأن هذا لم يجد نفاذا في موضوعه فاستثناؤه منها غير صحيح ( وإذا بدأ ) الزوج ( بصيغة معاوضة كطلقتك ، أو خالعتك بكذا ، وقلنا : الخلع طلاق ) وهو الأصح ( فهو معاوضة ) لأخذه عوضا في مقابلة البضع المستحق له ( فيها شوب تعليق ) لترتب وقوع الطلاق على قبول المال كترتب الطلاق المعلق بشرط عليه أما إذا قلنا فسخ فهو معاوضة [ ص: 480 ] محضة كالبيع ( وله ) ، وفي نسخة فله ، وكل له وجه ( الرجوع قبل قبولها ) ؛ لأن هذا شأن المعاوضات ( ويشترط قبولها بلفظ ) كقبلت ، أو اختلعت ، أو ضمنت ، أو بفعل كإعطائه الألف على ما قاله جمع متقدمون ، أو بإشارة خرساء مفهمة ، وقضية هذا أنه في إن أرضعت ولدي سنة فأنت طالق يكفي قبولها باللفظ ، أو بالفعل فإن كان بالأول وقع حالا ، أو بالثاني فبعد رضاع السنة .

                                                                                                                              وعلى الأول يحمل ما في فتاوى القاضي من وقوعه بنفس الالتزام ، وعلى الثاني يحمل ما في فتاوى بعضهم من اشتراط مضي السنة ، وفصل بعضهم فقال : إن لم تلزمه أجرة رضاع ولده لفقره فهو محض تعليق بصفة فيقع بعد السنة رجعيا ، وإن لزمته فهو خلع فيه شائبة تعليق فيقع بعد السنة بائنا ، ويفرق بين هذا ، وإن دخلت الدار فأنت طالق بألف فإنه يشترط القبول لفظا ، ويقع عند الدخول بألف ، وإن وجب تسليمه حالا كما يأتي بأن هذه فيها شرطان متغايران فأوجبنا مقتضى كل منهما ، وهو ما ذكر بخلاف تلك فإنه ليس فيها إلا شرط واحد لكن فيه شائبة مال فغلبنا الشرط تارة والشائبة أخرى ( غير منفصل ) بكلام أجنبي إن طال كما يأتي آخر الفصل ، وكذا السكوت كما مر في البيع ، ومن ثم اشترط توافق الإيجاب والقبول هنا أيضا ( فلو اختلف إيجاب وقبول كطلقتك بألف فقبلت بألفين وعكسه ، أو طلقتك ثلاثا بألف فقبلت واحدة بثلث الألف فلغو ) كما في البيع فلا طلاق ولا مال ( ولو قال : طلقتك ثلاثا بألف فقبلت واحدة بالألف فالأصح وقوع الثلاث ووجوب الألف ) ؛ لأنهما لم يتخالفا هنا في المال المعتبر قبولها لأجله بل في الطلاق في مقابلته ، والزوج مستقل به فوقع ما زاده عليها ، وبه يندفع ما قيل : قد يكون لها غرض في عدم الثلاث لترجع له بلا محلل ، ويفارق ما لو باع عبدين بألف فقبل أحدهما بألف ؛ لأن البائع لا يستقل بتمليك الزائد

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : في المتن ويصح ) ليس ضميره للفظ الخلع ؛ إذ لا معنى لقولنا يصح لفظ الخلع بكنايات الطلاق فتعين أنه للخلع بمعنى الفرقة بعوض لكن قول الشارح كالروضة بناء على أنه طلاق هل هو راجع للخلع بهذا المعنى ، أو للفظ الخلع ؛ لأنه الذي ذكر فيه أنه طلاق ، أو فسخ تأمل فيه ( قوله : وكذا على أنه فسخ إن نويا ) عبارة الزركشي عقب قول المتن مع النية أي إن جعلناه طلاقا ، وكذا إن جعلناه فسخا على الأصح ولا بد من نية الزوجين معا فإن لم ينويا ، أو أحدهما لم يصح ا هـ وعبارة الروضة فرع يصح الخلع بجميع كنايات الطلاق مع النية إذا جعلناه طلاقا ، وإن جعلناه فسخا فهل للكنايات فيه مدخل وجهان أصحهما نعم فإن نوى الطلاق ، أو الفسخ كان ما نوى ، وإن نوى الخلع عاد الخلاف في أنه فسخ أم طلاق ا هـ ، وفيه تصريح بأن كنايات الطلاق مع نية الخلع فيها الخلاف في أنه فسخ ، أو طلاق ويؤخذ منه أن الخلاف في صرائحه أيضا وهو مقتضى قول المنهاج الآتي آنفا وقلنا الخلع طلاق فتأمله ( قوله : في المتن ولو قال بعتك نفسك بكذا إلخ ) في الروض وبعتك نفسك ، أو أقلتك إياها بكذا مع القبول فورا كناية قال في شرحه بخلاف ما إذا لم يذكر بكذا ، أو لم يكن القبول فورا ا هـ ، وفيه دلالة على أنه يشترط في كونه كناية ذكر بكذا وكون القبول فورا ويحتمل أن الاشتراط إنما هو للاعتداد لا لكونه كناية ثم قال في الروض متصلا بما تقدم ، وكذا بعتك طلاقك وبعتك [ ص: 480 ] ثوبي بطلاقي بشرط النية فيهما ا هـ قال في شرحه عقب هذا كبعتك نفسك إلا أن يجيب القابل بقبلت فلا يشترط نيته ا هـ ، وظاهره عدم اشتراط نية القابل بقبلت في بعتك نفسك أيضا وانظر لم لم يتعرض الشارح لذلك ( قوله : محضة ) يوجه ( قوله في المتن ويشترط قبولها بلفظ ) والكتابة مع اللفظ تقوم مقام النية شرح م ر ( قوله : أو بفعل ) عطف على قول المتن بلفظ ( قوله : على ما قاله جمع متقدمون ) لكن ظاهر كلامهم يخالفه شرح م ر ( قوله : بأن هذه ) أي إن دخلت إلخ وقوله بخلاف تلك أي إن أرضعت إلخ



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله ويصح الخلع ) أي الفرقة بعوض ا هـ سم ( قوله : مطلقا ) أي نوى ، أو لا قلنا هو طلاق ، أو لا ا هـ ع ش ( قوله : مما مر ) وهو قول المصنف هو فرقة بلفظ طلاق ا هـ كردي ( قوله : بناء على أنه ) إلى قوله ، وقضية هذا في المغني إلا قوله ، وفي نسخة إلى المتن وقوله ، أو بفعل إلى ، أو بإشارة ( قوله : وكذا على أنه فسخ إن نويا ) عبارة الزركشي عقب قول المتن مع النية أي إن جعلناه طلاقا ، وكذا إن جعلناه فسخا على الأصح ولا بد من نية الزوجين معا فإن لم ينويا ، أو أحدهما لم يصح انتهت ا هـ سم وأصرح منها في رجوع قوله إن نويا إلى القولين معا قول المغني نصه ويصح الخلع على قولي الطلاق والفسخ بكنايات الطلاق مع النية للطلاق من الزوجين معا فإن لم ينويا ، أو أحدهما لم يصح ا هـ .

                                                                                                                              ( قول المتن بالعجمية ) وهي ما عدا العربية نهاية أي ولو من عربي ع ش .

                                                                                                                              ( قول المتن ولو قال بعتك نفسك بكذا فقالت إلخ ) أي فورا بخلاف ما إذا لم يذكر بكذا ، أو لم يكن القبول فورا ، وكذا قول الزوج بعتك طلاقك بكذا وقول الزوجة بعتك ثوبي مثلا بطلاقي فإن كلا منهما كناية يشترط النية فيهما كبعتك نفسك إلا أن يجيب القابل بقبلت فلا يشترط نيته ا هـ روض مع شرحه ، وظاهره عدم اشتراط نية القابل بقبلت في بعتك نفسك أيضا وانظر لم لم يتعرض الشارح لذلك ا هـ سم ( قوله : على الطلاق والفسخ ) أي على قولي الطلاق إلخ ( قوله : وليس هذا إلخ ) عبارة المغني قال الزركشي والدميري وهو مستثنى من قاعدة ما كان صريحا في بابه ووجد نفاذا في موضوعه لا يكون كناية في غيره ا هـ وهذا ممنوع بل هو من جزئيات القاعدة فإنه لم يوجد نفاذه في موضوعه ؛ إذ موضوعه المحل المخاطب ا هـ فصاحب المغني نظر إلى مفهوم القاعدة وصاحب التحفة نظر إلى منطوقها فتأمل ا هـ سيد عمر ( قوله : لم يجد نفاذا إلخ ) أي ؛ لأن لفظ البيع صريح في نقل الملك عن العين بثمن مخصوص ، وهو غير متصور هنا ؛ لأن بيع الرجل لزوجته حرة كانت ، أو أمة غير صحيح ا هـ ع ش ( قوله منها ) أي القاعدة ( قوله : غير صحيح ) أي وإن سلكه جمع كالزركشي والدميري ا هـ نهاية ( قوله : وهو الأصح ) عبارة النهاية والمغني ، وهو الأرجح ا هـ [ ص: 480 ]

                                                                                                                              ( قوله : محضة إلخ ) يوجه ا هـ سم عبارة ع ش يتأمل وجه ذلك فإن العلة لشوب التعليق موجودة فيه فإنه لو لم تقبل المرأة لم يكن فسخا ا هـ أقول : وقد يؤخذ وجه ذلك من قول المغني عقب محضة ما نصه من الجانبين ؛ إذ لا مدخل للتعليق فيه بل هو كابتداء البيع ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وفي نسخة فله إلخ ) لعل وجه التفريع النظر لشوب المعاوضة والواو النظر لشوب التعليق فكأنه استدراك على ما اقتضاه شوب التعليق من منع الرجوع ا هـ سيد عمر ( قول المتن : ويشترط قبولها ) أي المختلعة الناطقة ا هـ مغني ( قوله المتن بلفظ ) والكتابة مع النية تقوم مقام اللفظ ا هـ نهاية ( قوله : أو بفعل ) عطف على قول المتن بلفظ ا هـ سم ( قوله : أو بفعل إلخ ) وفاقا للنهاية وخلافا للمغني ( قوله : أو بفعل إلخ ) لعله بفرض تسليمه وصحته مفروض فيما لو كانت الصيغة صيغة معاوضة بقرينة المقام كخالعتك على أن تعطيني كذا إلخ وحينئذ يتضح لك ما في قوله ، وقضية هذا إلخ مما سنشير إليه في الحاشية ا هـ سيد عمر ( قوله : على ما قاله إلخ ) عبارة النهاية كما قاله جمع متقدمون لكن ظاهر كلامهم يخالفه ا هـ قال ع ش قوله كما قاله جمع إلخ معتمد وقوله لكن ظاهر كلامهم إلخ ، ومن الظاهر قول المنهج وشرط في الصيغة ما مر في البيع ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو بإشارة إلخ ) عطف على بلفظ ( قوله ، وقضية هذا إلخ ) محل تأمل ؛ لأن الكلام هنا في صيغة المعاوضة ؛ إذ هي التي يشترط فيها القبول لا في صيغة التعليق ؛ إذ لا يشترط فيها كما سيأتي ولا يقع بها بل سيأتي أنه لا يقع في المعلق إلا بوجود الصفة فليتأمل وليراجع فإن الذي يظهر أن ، أوجه الآراء في المسألة قول البعض المتصل والفرق بينها وبين إذا دخلت إلخ أن قوله في تلك أنت طالق بألف صيغة معاوضة فاقتضت القبول لفظا فورا نظرا لذلك وتوقف الوقوع على الدخول نظرا للشرط ولعل هذا الفرق إن اتصفت ، أو أوضح مما فرق به الشارح ثم من الواضح أن إفتاء البعض الذي ذكره لا ينافي المفصل في الحقيقة ، وإن سكت عن التفصيل وكونه يقع بائنا تارة ورجعيا أخرى ا هـ سيد عمر ( قوله : فيقع بعد السنة ) هل يشترط كون الرضاع في الحولين ، أو لا يشترط ا هـ سيد عمر أقول : الظاهر الثاني ( قوله : وإن وجب تسليمه حالا ) قد يقال ما وجهه ا هـ سيد عمر أقول : لعل وجهه الالتزام بالقبول اللفظي ( قوله : بأن هذه ) أي إن دخلت إلخ وقوله بخلاف تلك أي إن أرضعت إلخ ا هـ سم ( قوله : بكلام أجنبي ) إلى المتن في المغني إلا قوله كما يأتي آخر الفصل وإلى قوله والإبراء في النهاية إلا قوله لكن القياس إلى المتن وقوله على تناقض ( قوله : وكذا السكوت ) أي الطويل ا هـ مغني ( قول المتن ولو اختلف إيجاب وقبول ) أي في المال كما يأتي ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قول المتن فلغو ) أي في المسائل الثلاث ويفارق ما لو قال إن أعطيتني ألفا فأنت طالق فأعطته ألفين حيث يقع الطلاق بأن القبول جواب الإيجاب فإذا خالفه في المعنى لم يكن جوابا والإعطاء ليس جوابا ، وإنما هو فعل فإذا أتت بألفين فقد أتت بألف ولا اعتبار بالزيادة قاله الإمام ا هـ مغني ( قوله : لأجله ) أي المال ، وكذا ضمير مقابلته ( قوله : مستقل به ) أي بالطلاق ( قوله : ويفارق ما لو باع إلخ ) أي فإنه لا يصح ا هـ مغني




                                                                                                                              الخدمات العلمية