الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو خاطبها بطلاق ) معلق أو منجز كما شمله كلامهم ومثله أمره لمن يطلقها كما هو ظاهر ، وإنما أثرت قرائن الهزل في الإقرار ؛ لأن المعتبر فيه اليقين ولأنه إخبار يتأثر بها بخلاف الطلاق والأمر به فيهما ( هازلا أو لاعبا ) بأن قصد اللفظ دون المعنى وقع ظاهرا وباطنا إجماعا وللخبر الصحيح { ثلاث جدهن جد وهزلهن جد الطلاق والنكاح والرجعة } وخصت لتأكد أمر الإبضاع ، وإلا فكل التصرفات كذلك وفي رواية { والعتق } وخص لتشوف الشارع إليه ولكون اللعب أعم مطلقا من الهزل عرفا إذ الهزل يختص بالكلام عطفه عليه ، وإن رادفه لغة كذا قاله شارح وجعل غيره بينهما تغايرا ففسر الهزل بأن يقصد اللفظ دون المعنى واللعب [ ص: 30 ] بأن لا يقصد شيئا وفيه نظر إذ قصد اللفظ لا بد منه مطلقا بالنسبة للوقوع باطنا ومن ثم قالوا لو قال لها أنت طالق وقصد لفظ الطلاق دون معناه كما في حال الهزل وقع ولم يدين في قوله ما قصدت المعنى ( أو ، وهو يظنها أجنبية بأن كانت في ظلمة أو نكحها له وليه أو وكيله ولم يعلم ) أو ناسيا أن له زوجة كما نقلاه عن النص ، وأقراه وقال الزركشي ينبغي تخريجه على حنث الناسي ، وهو متجه ( وقع ) ظاهرا لا باطنا كما اقتضاه كلام الشيخين وجزم به بعضهم لكن نقل الأذرعي ما يقتضي خلافه واعتمده وذلك ؛ لأنه خاطب من هي محل الطلاق ، والعبرة في العقود ونحوها بما في نفس الأمر ، وقضية هذا الوقوع باطنا لكن عارضه ما عهد من تأثير الجهل في إبطال الإبراء من المجهول المشابه لهذا نعم في الكافي أن من قال ولم يعلم له زوجة في البلد إن كان لي في البلد زوجة فهي طالق وكانت في البلد فعلى قولي حنث الناسي قال البلقيني ، وأكثر ما يلمح في الفرق بينهما صورة التعليق . انتهى .

                                                                                                                              ويرد بأنه إن نظر لأنه كالناسي فلا فرق بين التعليق وغيره فالذي يتجه أنه يأتي هنا ما يأتي في الجمع بين كلام الشيخين قبيل قوله أو بفعل غيره ممن يبالي بتعليقه ، ويفرق بين ما هنا وعدم وقوعه خلافا للإمام على من طلب من الحاضرين أو الحاضرات شيئا فلم يعطوه فقال طلقتكم ثلاثا وامرأته فيهم [ ص: 31 ] ولا يعلمها بأنه هنا لم يقصد بالطلاق معناه الشرعي بل نحو معناه اللغوي وقامت القرينة على ذلك فمن ثم لم يوقعوا عليه شيئا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وهو متجه ) قد يقال لو اتجه لجرى مثله في ظنها أجنبية ( قوله : في المتن وقع ) أي ظاهرا وباطنا كما اقتضاه كلام الروياني وغيره ، وأنه المذهب وجزم به في الأنوار واعتمده الأذرعي شرح م ر ( قوله : صورة التعليق ) ، ويؤيده ما يأتي من إن حلف على إثبات أو نفي معتمدا على غلبة ظنه لا حنث عليه ، وإن تبين الأمر بخلافه فسقط القول بأنه مردود كذا شرح م ر وأقول ما حمل عليه هو حاصل قول الشارح والذي يتجه إلخ لكنه ينافي في رد الشارح المذكور فتأمله ( قوله : ما يأتي في الجمع إلخ ) أي ففي مسألة الكافي إن قصد أن الأمر كذلك في ظنه أو اعتقاده أو فيما انتهى إليه علمه أي لم يعلم خلافه أو لم يقصد شيئا فلا حنث ، وإن قصد أن الأمر كذلك في نفس الأمر بأن يقصد به ما يقصد بالتعليق عليه حنث وبين الشارح الفرق بين عدم الوقوع في مسائل التعليق على هذا التفصيل وبين الوقوع [ ص: 31 ] على من خاطب زوجته بطلاق ظانا أنها أجنبية فراجعه ( قوله : ولا يعلمها ) أي أو يعلمها م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : كما شمله ) أي ما ذكر من المعلق والمنجز . ا هـ . ع ش ( قوله : ومثله ) أي مثل خطابه إياها بالطلاق ( قوله : لمن يطلقها إلخ ) أي لا لمن يعلق طلاقها لما مر في شرح قول المصنف يشترط لنفوذه من أنه لا يصح التعليق من الوكيل وقوله : يتأثر بها أي بالقرائن . ا هـ ع ش . ( قوله : فيهما ) أي التعليلين ( قوله : وقع ظاهرا ) إلى قوله وفي رواية في المغني إلا قوله إجماعا ( قوله : وخصت ) أي الثلاثة في الحديث وقوله : كذلك أي هزلها وجدها سواء وقوله : وفي رواية إلخ يحتمل أنه بدل الرجعة ، ويحتمل أنه زائد على الثلاثة وعليه فالتقدير : والعتق كهذه الثلاثة وفصله عنها لعدم تعلقه بالإبضاع وشبهه بها في [ ص: 30 ] التأكد وقوله : إذ الهزل إلخ علة لكون الهزل أخص وقوله : يختص بالكلام أي واللعب قد يكون بغيره وقوله : عطفه أي اللعب وقوله : عليه أي الهزل . ا هـ . ع ش وقد يرد عليه أن عطف العام من خصائص الواو .

                                                                                                                              ( قوله : بأن لا يقصد شيئا ) كقولها في معرض دلال وملاعبة أو استهزاء طلقني فيقول لاعبا أو مستهزئا طلقتك ا هـ مغني ( قوله : وفيه نظر ) أي فيما جعله الغير وقوله : لا بد منه مطلقا أي سواء في ذلك الهزل واللعب وغيرهما وقوله : ومن ثم أي من أجل أنه لا بد من قصد اللفظ . ا هـ . ع ش أي مطلقا ( قوله : ومن ثم قالوا إلخ ) يتأمل وجه التأييد ؛ لأن عبارتهم الآتية كما في حال الهزل ولو كانت كما في حال اللعب لكان التأييد واضحا ، وأما الهزل فالقائل المذكور يعتبر فيه قصد اللفظ . ا هـ . سيد عمر وقد يجاب المؤيد مفهوم قولهم وقد قصد لفظ الطلاق والمشار إليه قول الشارح إذ قصد اللفظ إلخ لا ترادفهما ( قوله : وقع ) أي ظاهرا وباطنا . ا هـ . ع ش ( قوله : كما نقلاه عن النص ) اعتمده النهاية والمغني ( قوله : على حنث الناسي ) أي فيما لو حلف لا يفعل كذا فنسي الحلف ففعله حيث قيل فيه بالحنث ، وإن كان الراجح عدم الحنث . ا هـ . ع ش ( قوله : وهو متجه ) قد يقال لو اتجه لجرى مثله في ظنها أجنبية محشي أي لإمكان تخريجه على حنث الجاهل . ا هـ . سيد عمر ( قوله : لا باطنا ) وفاقا للمغني وخلافا للنهاية ( قوله : كما اقتضاه ) أي عدم الوقوع باطنا ، وهو الظاهر . ا هـ . مغني ( قوله : لكن نقل الأذرعي إلخ ) عبارة المغني ، وإن قال الأذرعي قضية كلام الروياني أن المذهب الوقوع باطنا . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وذلك ؛ لأنه إلخ ) تعليل لما في المتن ( قوله : وقضية هذا ) أي التعليل ( قوله : نعم ) إلى قولها هـ في النهاية والمغني ( قوله : ولم يعلم إلخ ) حالية ( قوله : فعلى قولي حنث الناسي ) أي والراجح منهما عدم الوقوع لكن صاحب الكافي يقول بالحنث في المبني عليه فكذا في المبني وعليه فلا يحتاج للفرق بينه وبين كلام المصنف ومع ذلك فالمعتمد في مسألة الكافي أنه إن قاله على غلبة الظن دون مجرد التعليق لم يقع ، وإلا وقع . ا هـ . ع ش ( قوله : في الفرق بينهما ) أي بين مسألة المتن وما في الكافي كردي و ع ش ( قوله : صورة التعليق ) أي فلا يقع في مسألة الكافي لوجود التعليق بخلاف مسألة المتن فإنه لا تعليق فيها إلا أن هذا لا يلائم ما مر عقب قول المتن : ولو خاطبها بطلاق من قوله معلق أو منجز . ا هـ . ع ش ( قوله : ما يأتي في الجمع إلخ ) أي ففي مسألة الكافي إن قصد أن الأمر كذلك في ظنه أو اعتقاده أو فيما انتهى إليه علمه أي لا يعلم خلافه أو لم يقصد شيئا فلا حنث ، وإن قصد أن الأمر كذلك في نفس الأمر بأن يقصد به ما يقصد بالتعليق عليه حنث وبين الشارح الفرق بين عدم الوقوع في مسائل التعليق وبين الوقوع على من خاطب زوجته بطلاق ظانا أنها أجنبية على هذا التفصيل فراجعه . ا هـ .

                                                                                                                              سم أي في فصل أنواع من التعليق ( قوله : بين كلام الشيخين ) أي بين أطراف كلامهما ( قوله : ويفرق ) إلى قول المتن ولا يقع طلاق مكره في النهاية والمغني ( قوله : بين ما هنا ) أي ما في المتن من الوقوع في مسألة ظنها أجنبية ( قوله : على من طلب إلخ ) متعلق بعدم وقوعه ( قوله : ولا يعلمها ) أي ومثله ما لو علم بها كذا في النهاية ونقله الفاضل المحشي عن صاحبها ولم يتعقبه وكأن وجهه أن قرينة المقام تدل على أن مراده المعنى اللغوي فلا فرق بين العلم والجهل وعدم العلم في كلامهم محض تصوير ؛ لأن أصل الكلام في حادثة رفعت إلى الإمام فأفتى فيها بالحنث والمعتمد خلافه كما تقرر . ا هـ . سيد عمر ( قوله : [ ص: 31 ] بأنه هنا لم يقصد إلخ ) يؤخذ منه أنه لا فرق في ذلك بين أن يقول ما ذكر للتضجر أو عدمه حيث أراد بطلقتكم فارقت مكانكم أو أطلق . ا هـ . ع ش ( قوله : معناه الشرعي ) ، وهو قطع عصمة النكاح .




                                                                                                                              الخدمات العلمية