الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويحصل ) الإكراه ( بتخويف بضرب شديد ) كصفعة لذي مروءة في الملأ كما يصرح به قول الدارمي وغيره أن اليسير في حق ذي المروءة إكراه ( أو حبس ) طويل كما في الروضة وغيرها أي عرفا وبحث الأذرعي نظير ما قبله ، وهو أن القليل لذي المروءة إكراه ( أو إتلاف مال ) وقول الروضة ليس بإكراه محمول على قليل كتخويف موسر بأخذ خمسة دراهم كما في حلية الروياني ونقله في الروضة عن الماسرجسي وقال عن الماوردي إنه الاختيار واختاره جمع متأخرون ، وهذا أولى من تصويب الأذرعي وغيره ما في المتن بإطلاقه ، وظاهر كلامهم هنا أنه لا عبرة بالاختصاص ، وإن كثر ، ويؤيده أنه لا عبرة هنا بالمال التافه مع أنه خير من الاختصاص ، وإن كثر ، ويظهر ضبط الموسر المذكور بمن تقضي العادة بأنه يسمح ببذل ما طلب منه ولا يطلق ، ويؤيده قول كثيرين : إن الإكراه بإتلاف المال يختلف باختلاف طبقات الناس ، وأحوالهم ( ونحوها ) من كل ما يؤثر العاقل الإقدام على الطلاق دونه كالاستخفاف بواجيه بين الملأ وكالتهديد بقتل بعض معصوم ، وإن علا أو سفل وكذا رحم محرم على أحد وجهين يظهر ترجيحه ، ويظهر أيضا أنه يلحق بالقتل هنا نحو جرح وفجور به بل لو قال له طلق زوجتك ، وإلا فجرت بها كان إكراها فيما يظهر أيضا بخلاف قول آخر - ولو نحو ولده خلافا للأذرعي ومن تبعه - له طلق ، وإلا قتلت نفسي أو كفرت ( وقيل يشترط قتل ) لنحو نفسه ؛ لأنه الذي ينسلب به الاختيار ( وقيل قتل أو قطع أو ضرب مخوف ) لإفضائها إلى القتل ( ولا تشترط التورية ) في الصيغة كأن ينوي بطلقت الإخبار كاذبا أو إطلاقها من نحو قيد أو يقول عقبها [ ص: 38 ] سرا إن شاء الله تعالى وما أوهمه كلامهما على ما زعم أن المشيئة بالقلب تنفع وجه ضعيف ولا في المرأة ( بأن ينوي غيرها ) ؛ لأنه مجبر على اللفظ فهو منه كالعدم ( وقيل إن تركها بلا عذر ) كغباوة أو دهشة ( وقع ) لإشعاره بالاختيار ، ومن ثم لزمت المكره على الكفر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 37 ] قوله : ولو نحو ولده ) قد يقال حصول الإكراه بقول نحو ولده ذلك أولى من حصوله بإتلاف نحو عشرة دراهم م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : كصفعة ) إلى قوله ونقله في النهاية والمغني ( قوله : كصفعة ) أي ضربة واحدة باليد وفي هذا التمثيل نظر عبارة النهاية بضرب شديد فيمن يناسب ذلك ، وإلا فالصفعة الشديدة لذي مروءة في الملأ كذلك . ا هـ . عبارة المغني ، ويختلف الإكراه باختلاف الأشخاص والأسباب المكره عليها فقد يكون شيء إكراها في شخص دون آخر وفي سبب دون آخر إلى أن قال والحبس في الوجيه إكراه ، وإن قل كما قاله الأذرعي والضرب اليسير في أهل المروآت إكراه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أن اليسير ) أي الضرب اليسير ( قوله : وبحث الأذرعي إلخ ) جزم به النهاية والمغني ( قوله : وهو ) أي النظير أن القليل أي الحبس القليل ( قوله : لذي المروءة إكراه ) خرج به غيره فالقليل في حقه ليس إكراها ، وإن ترتب عليه ضرر له في الجملة كاحتياجه لكسب يصرفه على نفسه أو عياله فلا نظر له ؛ لأنه بدون الحبس قد يحصل له ترك الكسب ولا يتأثر به . ا هـ . ع ش ( قول المتن أو إتلاف مال ) أي أو أخذه منه بجامع أن كلا تفويت على مالكه ومنه أي الإتلاف حبس دوابه حبسا يؤدي إلى التلف عادة . ا هـ . ع ش وقوله : أو أخذه إلخ قد يقال المراد بالإتلاف هنا ما يشمله كما أشار إليه الشارح بقوله بأخذ خمسة دراهم ( قوله : عن الماوردي ) عبارة الروضة والروياني . ا هـ . سيد عمر ( قوله : أنه الاختيار ) أي القليل في حق الموسر ليس بإكراه ( قوله : وهذا أولى إلخ ) أي محل كلام الروضة على القليل ( قوله : وإن كثر ) محل تأمل إذ المدار هنا على ما تقضي العادة بمسامحته بما طلب منه دون أن يطلق فتأمل . ا هـ . سيد عمر أقول بل قد يدعى أن إتلاف اختصاص يتأثر به داخل في قول المتن ونحوها ( قوله : ويظهر ضبط الموسر إلخ ) يشمل ما لو كان منشأ عدم السماع خسة النفس لا قلة المال وليس ببعيد ؛ لأن المدار على التأذي المخصوص . ا هـ . سيد عمر أقول ، ويفيد ذلك الشمول قول النهاية أو إتلاف ما ليس يتأثر به فقول الروضة : إنه ليس بإكراه محمول على مال قليل لا يبالى به كتخويف موسر أي سخي بأخذ خمسة دراهم . ا هـ .

                                                                                                                              ( قول المتن ونحوها ) ليس منه عزله من منصبه حيث لم يستحق ولايته ؛ لأن عزله ليس ظلما بل مطلوب شرعا بخلاف متوليه بحق فينبغي أن التهديد بعزله منه كالتهديد بإتلاف المال . ا هـ . ع ش وفي البجيرمي عن البرماوي ما نصه ومنه قول المرأة لزوجها طلقني ، وإلا أطعمتك سما مثلا وغلب على ظنه ذلك . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : من كل ما يؤثر ) إلى قوله بخلاف قول آخر في النهاية إلا قوله محرم ( قوله : كالاستخفاف ) قال ابن الصباغ إن الشتم في حق أهل المروءة إكراه انتهى . ا هـ . بجيرمي ( قوله : وكالتهديد بقتل بعض إلخ ) عبارة المغني والتهديد بقتل أصله ، وإن علا أو فرعه ، وإن سفل إكراه بخلاف ابن العم ونحوه بل يختلف ذلك باختلاف الناس . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وكذا رحم ) ، وينبغي أن مثله الصديق والخادم المحتاج إليه . ا هـ . ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : به ) أي بمن ذكر من الزوج وبعضه ورحمه ( قوله : فجرت بها ) أي حالا . ا هـ . نهاية ( قوله : قول آخر ) من إضافة المصدر إلى فاعله ( قوله : ولو نحو ولده ) خلافا للنهاية والمغني عبارة الأول ما لم يكن نحو فرع أو أصل فإنه يكون إكراها كما بحثه الأذرعي أي في صورة القتل ، وهو ظاهر . ا هـ . قال ع ش : وأما صورة الكفر فليست إكراها ؛ لأنه يكفر حالا بقوله ذلك . ا هـ . ( قوله : ولو نحو ولده ) قد يقال حصول الإكراه بقول نحو ولده ذلك أولى من حصوله بإتلاف نحو عشرة دراهم م ر . ا هـ . سم عبارة المغني ولا يحصل الإكراه بطلق زوجتك ، وإلا قتلت نفسي كذا أطلقوه قال الأذرعي ، ويظهر عدم الوقوع إذا قاله من لو هدد بقتله كان مكرها كالولد . ا هـ . وهو حسن . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : في الصيغة ) إلى قول المتن وقيل في النهاية وكذا في المغني إلا قوله وما أوهمه إلى ولا في المرأة [ ص: 38 ] قوله : سرا ) أي بحيث يسمعه المكره . ا هـ . مغني ( قوله : ولا في المرأة ) عطف على في الصيغة ( قوله : ؛ لأنه مجبر إلخ ) تعليل لعدم اشتراط التورية ( قوله : فهو ) أي اللفظ منه أي المكره ( قوله : كغباوة إلخ ) مثال للعذر ( قول المتن وقع ) ولو قال له اللصوص لا نتركك حتى تحلف بالطلاق أن لا تخبر بنا أحدا كان إكراها على الحلف فلا وقوع بالإخبار نهاية ومغني زاد الأول بخلاف ما لو حلف لهم أي من غير سؤال منهم ، وإن علم عدم إطلاقه إلا بالحلف لعدم إكراهه على الحلف . ا هـ وزاد الثاني ولو أكره ظالم شخصا على أن يدله على زيد مثلا أو ماله وقد أنكر معرفة محله فلم يخله حتى يحلف له بالطلاق فحلف به كاذبا أنه لا يعلمه طلقت ؛ لأنه في الحقيقة لم يكره على الطلاق بل خير بينه وبين الدلالة . ا هـ . ( قوله : لزمت ) أي التورية .




                                                                                                                              الخدمات العلمية