الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن أثم بمزيل عقله من ) نحو ( شراب أو دواء ) أو وثبة ( نفذ طلاقه وتصرفه له وعليه قولا وفعلا على المذهب ) كما مر في السكران بما فيه واحتاج لهذا لما فيه من العموم ولبيان ما فيه من الخلاف بخلاف ما إذا لم يأثم كمكره على شرب خمر وجاهل بها ، ويصدق بيمينه فيه لا في جهل التحريم إذا لم يعذر فيما يظهر وكمتناول دواء يزيل العقل للتداوي أي المنحصر فيه فيما يظهر فلا يقع طلاقه ولا ينفذ تصرفه ما دام غير مميز لما يصدر منه لرفع القلم عنه ، ويصدق في دعوى الإكراه على ما نقله الأذرعي ثم بحث أنه يستفسر فإن ذكر إكراها معتبرا فذاك فإن أكثر الناس يظن ما ليس بإكراه إكراها والحاصل أن المعتمد في ذلك أنه لا بد قال بعضهم في غير العارف أي الموافق للقاضي وفيه نظر فإن أهل المذهب مختلفون فيما به الإكراه اختلافا كثيرا فالذي يتجه أنه لا فرق من تفصيل ما به الإكراه ثم إن قامت قرينة عليه كحبس صدق بيمينه ، وإلا فلا بد من البينة المفصلة وكذا في زوال العقل يصدق لقرينة مرض واعتياد صرع ، وإلا فالبينة ، وله أن يحلف الزوجة أنها لا تعلم ذلك ( وفي قول لا ) ينفذ منه ذلك لما في { خبر ماعز أبك جنون فقال لا فقال أشربت الخمر فقال لا فقام رجل فاستنكهه فلم يجد فيه ريح خمر } أن الإسكار يسقط الإقرار وأجيب بأن هذا في حدود لله تعالى التي تدرأ بالشبهات وفيه نظر إذ ظاهر كلامهم نفوذ تصرفاته حتى إقراره بالزنا فالأولى أن يجاب بأنه ليس في الخبر أشربت الخمر متعديا بل يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم جوز أن ذلك لسكر به لم يتعد به فسأله عنه ( وقيل ) ينفذ تصرفه ( فيما عليه ) فقط كالطلاق دون ماله كالنكاح وفي حد السكران عبارات الأصح منها أنه يرجع فيه للعرف بأن يصير بحيث لا يميز على أنه لا يحتاج لذلك على الأول ؛ لأنه ينفذ فيما له وعليه مطلقا ، وإن صار ملقى كالزق كما مر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 38 ] قوله : من تفصيل ) متعلق بلا بد ( قوله : أن الإسكار إلخ ) بيان لما ( قوله : على أنه لا يحتاج ) أي بالنسبة للنفوذ [ ص: 39 ] وإن احتيج له بالنسبة للتعليق بالسكر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : كما مر في السكران ) إلى قوله على ما نقله الأذرعي في النهاية إلا قوله أي المنحصر فيه فيما يظهر ( قوله : بخلاف ما إذا ) إلى قوله على ما نقله الأذرعي في المغني إلا قوله لا في جهل التحريم إذ لم يعذر فيما يظهر وقوله : أي المنحصر فيه فيما يظهر ( قوله : ويصدق بيمينه فيه ) أي في الجهل بها . ا هـ . ع ش عبارة المغني في الجهل بإسكار ما شربه . ا هـ . قال السيد عمر لعل محله فيما يصدقه ظاهر حاله ، وإلا فيبعد تصديق من يعلم منه أنه مدمن استعمالها واصطناعها . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : للتداوي ) ولو استعمله ظانا أنه ينفعه فلا يشترط لعدم وقوع الطلاق تحقق النفع . ا هـ . ع ش ( قوله : ثم بحث ) أي الأذرعي إلى قوله ، والحاصل زاد المغني عقبه ، وهذا ظاهر إذا كان مما يخفى عليه ذلك . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : في ذلك ) أي في دعوى الإكراه ( قوله : أي الموافق للقاضي ) أي الذي يعلم القاضي من حاله أنه موافق له فيما يحصل به الإكراه لا في أصل المذهب فقط ولعل تفسيره بهذا الدافع لاعتراض الشارح الآتي أولى من تضعيفه الذي أشار إليه فتأمل . ا هـ . سيد عمر ( قوله : وفيه نظر ) أي فيما قاله بعضهم ( قوله : أنه لا فرق ) أي بين العارف وغيره ( قوله : من تفصيل إلخ ) صلة قوله لا بد سم وكردي ( قوله : عليه ) أي الإكراه ( قوله : من البينة ) أي على الإكراه . وقوله : المفصلة أي لما به الإكراه ( قوله : لا تعلم ذلك ) أي ما ذكر من الإكراه وزوال العقل وكذا الجهل بإسكار ما شربه ( قوله : لما في خبر ماعز ) إلى المتن في النهاية ( قوله : فاستنكهه ) أي شم رائحة فمه . ا هـ . ع ش ( قوله : أن الإسكار إلخ ) بيان لما سم و ع ش ( قوله : التي تدرأ ) أي تدفع وقوله : إذ ظاهر كلامهم إلخ معتمد . ا هـ . ع ش ( قوله : على أنه لا يحتاج لذلك على الأول ) أي بالنسبة للنفوذ ، وإن احتيج إليه للتعليق بالسكر . ا هـ . سم عبارة الكردي أي على المذهب بل يحتاج إلى معرفة السكر في غير المتعدى به وفيما إذا قال إن سكرت فأنت طالق . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وإن صار إلخ ) غاية مفسرة لقوله مطلقا ( قوله : كما مر ) أي في أول الباب .




                                                                                                                              الخدمات العلمية