الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو علقه ) أي الطلاق ( بمشيئتها خطابا ) كأنت طالق إن أو إذا شئت أو إن شئت فأنت طالق ( اشترطت ) مشيئتها ، وهي مكلفة أو سكرانة باللفظ منجزة لا معلقة ، ولا مؤقتة أو بالإشارة من خرساء ولو بعد التعليق وظاهر كلامهم تعين لفظ شئت ويوجه بأن نحو أردت ، وإن رادفه إلا أن المدار في التعاليق على اعتبار المعلق عليه دون مرادفه في الحكم ، ومن ثم قال البوشنجي في إتيانها بشئت بدل أردت في جواب إن أردت لا يقع ومخالفة الأنوار له فيها نظر ( على فور ) بها ، وهو مجلس التواجب في العقود نظير ما مر في الخلع [ ص: 117 ] لأنه استدعاء لجوابها المنزل منزلة القبول ولأنه في معنى تفويض الطلاق إليها ، وهو تمليك كما مر نعم لو قال متى أو أي وقت مثلا شئت لم يشترط فور ( أو غيبة ) كزوجتي طالق إن شاءت ، وإن كانت حاضرة سامعة ( أو بمشيئة أجنبي ) كإن شئت فزوجتي طالق ( فلا ) يشترط فور في الجواب ( في الأصح ) لبعد التمليك في الأول مع عدم الخطاب ولعدم التمليك في الثاني نعم إن قال إن شاء زيد لم يشترط فور جزما ولو جمع بينها وبينه فلكل حكمه ( ولو قال المعلق بمشيئته ) من زوجة أو أجنبي ( شئت ) ولو سكرانا أو ( كارها ) للطلاق ( بقلبه وقع ) الطلاق ظاهرا وباطنا ؛ لأن القصد اللفظ الدال لا في الباطن لخفائه ( وقيل لا يقع باطنا ) كما لو علقه بحيضها فأخبرته كاذبة ورد بأن التعليق هنا على اللفظ ، وقد وجد ، ومن ثم لو وجدت الإرادة دون اللفظ لم يقع إلا إن قال إن شئت بقلبك قال في المطلب ، ولا يجيء هذا الخلاف في نحو بيع بلا رضا ، ولا إكراه بل يقطع بعدم حله باطنا لقوله تعالى { عن تراض منكم } وحمله الأذرعي على نحو بيع لنحو حياء أو رهبة من المشتري أو رغبة في جاهه بخلاف ما إذا كره لمحبته للمبيع ، وإنما باعه لضرورة نحو فقر أو دين فيحل باطنا قطعا كما لو أكره عليه بحق ولو علق بمحبتها له أو رضاها عنه فقالت ذلك كارهة بقلبها لم تطلق كما بحثه في الأنوار أي باطنا ، وهذا بناء على ما هو الحق عند أهل السنة أن المشيئة والإرادة غير الرضا والمحبة

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : في المتن ولو علقه بمشيئتها إلخ ) في الروض وشرحه فصل لو قال لامرأتيه طلقتكما إن شئتما فشاءت إحداهما لم تطلق لعدم مشيئتهما أو شاء كل منهما طلاقها أي طلاق نفسها دون ضرتها ففي وقوعه تردد أي وجهان أحدهما نعم ؛ لأن المفهوم منه تعليق طلاق كل واحدة بمشيئتها والثاني ، وهو الأوجه لا ؛ لأن مشيئة كل منهما طلاقهما علة لوقوع الطلاق عليها وعلى ضرتها ا هـ واعلم أن كلا منهما لا بد في مشيئتها بالنسبة لطلاق نفسهما من الفور بخلافها بالنسبة لضرتها ليست تمليكا فيكفي وجودها على التراخي بالنسبة لضرتها وحينئذ فقوله : وهو الأوجه لا محله إذا اقتصرت كل واحدة منهما بعد ذلك على ما ذكر من مشيئتها طلاق نفسها فقط حتى لو شاءت كل واحدة منهما بعد ذلك طلاق ضرتها ولو متراخيا طلقتا فعلم أن طلاقهما قد يكون بعد مشيئتين من كل منهما ثنتان على الفور وهما مشيئة كل طلاق نفسها وثنتان على الفور أو التراخي وهما مشيئة كل منهما طلاق الأخرى ولو وجدت [ ص: 117 ] مشيئة واحدة من كل منهما على الفور مطلقة غير مقيدة بنفسها طلقتا ، وفي شرح م ر ولو قال لامرأتيه طلقتكما إن شئتما فشاءت إحداهما لم تطلق أو شاء كل منهما طلاق نفسها دون ضرتها ففي وقوعه وجهان أوجههما لا ؛ لأن مشيئة كل منهما طلاقهما علة لوقوع الطلاق عليها ، وهي على ضرتها ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : لخفائه ) قد يشكل بما يأتي قريبا فيما لو علق بمحبتها له أو رضاها عنه فليتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : أي الطلاق ) إلى قوله بخلاف ما إذا أكره في النهاية ( قول المتن خطابا ) أي : وهو مخاطب لها ا هـ مغني

                                                                                                                              ( قوله : أو سكرانة ) أي آثمة بسكرها ا هـ مغني

                                                                                                                              ( قوله : باللفظ ) متعلق بقوله مشيئتها وقوله منجزة مفعوله

                                                                                                                              ( قوله : أو بالإشارة ) عطف على باللفظ عبارة المغني لو علق بمشيئة أخرس فأشار إشارة مفهمة وقع أو ناطق فخرس فكذلك على الأصح ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : بأن نحو أردت إلخ ) يتأمل انتظام تركيبه ا هـ سيد عمر أقول لم يظهر لي وجه توقفه في انتظامه فإنه من قبيل زيد ، وإن كثر ماله لكنه بخيل ، وقد بسط المطول في توجيه حسنه وفصاحته

                                                                                                                              ( قوله : وإن رادفه ) أي لفظ شئت

                                                                                                                              ( قوله : على اعتبار المعلق عليه ) أي : وهو لفظ المشيئة ا هـ مغني

                                                                                                                              ( قوله : في إتيانها إلخ ) أي في حكمه أو في جواب السؤال ( قوله لا يقع ) مفعول قال إلخ

                                                                                                                              ( قوله : ومخالفة الأنوار له ) أي للبوشنجي

                                                                                                                              ( قوله : فيها ) أي المخالفة

                                                                                                                              ( قوله : بها ) أي بالمشيئة ويغني عنه قوله مشيئتها عقب المتن

                                                                                                                              ( قوله : وهو مجلس التواجب ) إلى قول المتن وقيل في المغني

                                                                                                                              ( قوله : وهو مجلس التواجب [ ص: 117 ] إلخ ) أي بأن لا يتخلل بينهما كلام أجنبي ، ولا سكوت طويل ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله : لأنه ) أي التعليق بالمشيئة

                                                                                                                              ( قوله : استدعاء لجوابها إلخ ) عبارة المغني استبانة لرغبتها فكان جوابها على الفور كالقبول في العقد ا هـ .

                                                                                                                              ( قول المتن أو بمشيئة أجنبي ) أي خطابا ا هـ مغني

                                                                                                                              ( قوله : مع عدم الخطاب ) عبارة شرح المنهج بانتفاء الخطاب ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : نعم إن قال إلخ ) عبارة المغني أما إذا علقه بمشيئة أجنبي غيبة كإن شاء زيد إلخ ولو علقته بمشيئتها خطابا وبمشيئة زيد كذلك اشترط الفور في مشيئتها فقط دون زيد إعطاء لكل منهما حكمه لو انفرد ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : ولو سكرانا ) الواو فيه للحال ، وقضية سياقه أن الخلاف في الكاره الذي صار معطوفا على هذا جار فيه أيضا فليراجع ا هـ رشيدي ( قول المتن كارها إلخ ) قد يوجه بأن الكراهة لا تنافي الإرادة فالإرادة الباطنية أيضا متحققة في هذه الحالة ، وهذا أحسن من قولهم : لأن القصد اللفظ إلخ كما هو ظاهر نعم يتردد النظر حينئذ فيما لو سبق اللفظ على لسانه من غير قصد فإن الإرادة الباطنية أيضا منتفية حينئذ والقلب إلى عدم الوقوع باطنا أميل ، وإن اقتضى قولهم : لأن القصد إلخ خلافه فليتأمل ا هـ سيد عمر

                                                                                                                              ( قوله : لخفائه ) قد يشكل بما يأتي قريبا فيما لو علق بمحبتها له أو رضاها عنه فليتأمل سم وحلبي

                                                                                                                              ( قوله : وحمله ) أي ما في المطلب

                                                                                                                              ( قوله : أو رغبة في جاهه ) محل تأمل ؛ لأن الظاهر أن حقيقة الرضا محققة والرغبة المذكورة منشؤها والحامل عليها بخلافها في الصورتين السابقتين فإنها منتفية فيهما ا هـ سيد عمر ويمكن أن يدعي أن الرضا الناشئ عن الرغبة المذكورة لا عبرة به في الشرع

                                                                                                                              ( قوله : إذا كره ) أي البيع

                                                                                                                              ( قوله : ولو علق ) إلى قوله ، وأما تعليله في النهاية إلا قوله : وهذا بناء إلى المتن

                                                                                                                              ( قوله : له ، وقوله : عنه ) أي الزوج ويحتمل الطلاق

                                                                                                                              ( قوله : فقالت ذلك ) أي أحببتك أو رضيت عنك

                                                                                                                              ( قوله : وهذا ) أي بحث الأنوار أو الفرق بين التعليق بالمشيئة والتعليق بالرضا




                                                                                                                              الخدمات العلمية