الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويصح الظهار المؤقت ) للخبر الصحيح { أنه صلى الله عليه وسلم أمر من ظاهر مؤقتا ثم وطئ في المدة بالتكفير } وإذا صححناه كان ( مؤقتا ) كما التزمه وتغليبا لشبه اليمين ( وقيل بل ) يكون ( مؤبدا ) غليظا عليه وتغليبا لشبه الطلاق ( وفي قول ) هو ( لغو ) من أصله وإن أثم به ؛ لأنه لما وقته كان كالتشبيه بمن لا تحرم تأبيدا ويرده الخبر المذكور إن قلت لم غلبوا هنا شائبة اليمين لا شائبة الطلاق كما تقرر وعكسوا ذلك فيما لو قال أنت علي كظهر أمي ثم قال لأخرى أشركتك معها فإنه يصح على الأصح قلت يفرق بأن صيغة الظهار أقرب إلى صيغة الطلاق من حيث إفادة التحريم فألحقت بها في قبولها للتشريك فيها وأما حكم الظهار [ ص: 186 ] من وجوب الكفارة فهو مشابه لليمين دون الطلاق فألحق المؤقت على القول بصحته باليمين في حكمه المرتب عليه من التأقيت كاليمين دون التأبيد كالطلاق وسيأتي في توجيه الجديد والقديم ما هو صريح فيه فتأمله .

                                                                                                                              ( فعلى الأول ) أي صحته مؤقتا ( الأصح أن عوده ) أي العود فيه ( لا يحصل بإمساك بل بوطء ) مشتمل على تغييب الحشفة أو قدرها من مقطوعها ( في المدة ) للخبر المذكور ولأن الحل منتظر بعدها فالإمساك يحتمل كونه لانتظاره أو للوطء فيها فلم يتحقق الإمساك لأجل الوطء إلا بالوطء فيها فكان هو المحصل للعود وقيل يتبين به من الظهار فيحل على الأول كإن وطئتك فأنت طالق لا الثاني كإن وطئتك فأنت طالق قبله أما الوطء بعدها فلا عود به لارتفاعه بها كما مر فعلم تميزه بتوقف العود فيه على الوطء ويحله أولا وبحرمته كالمباشرة بعد إلى التكفير أو مضي المدة كما مر وفي أنت علي كظهر أمي خمسة أشهر يكون مظاهرا مؤقتا وموليا لامتناعه من وطئها فوق أربعة أشهر ؛ لأنه متى وطئ في المدة لزمه كفارة الظهار لحصول العود ولا يلزمه كفارة يمين على الأوجه إذ لا يمين هنا وادعاء تنزيل ذلك منزلتها حتى في لزوم الكفارة بعيد وإن جزم به غير واحد .

                                                                                                                              ( ويجب النزع بمغيب الحشفة ) أي عنده كما في إن وطئتك فأنت طالق وبحث البلقيني صحة تقييد الظهار بالمكان كالوقت فلا يعود إلا بالوطء فيه وحينئذ تحرم حتى يكفر نظير المؤقت واعترضه أبو زرعة بأنه إنما يأتي على الضعيف في أنت طالق في الدار [ ص: 187 ] أما على الأصح أنه يقع حالا فليكن هذا مؤبدا أيضا انتهى ويرد بأنه إنما يأتي على الضعيف أن المؤقت مؤبد كالطلاق أما على الأصح أنه مؤقت كاليمين لا الطلاق فالوجه ما بحثه البلقيني على أن الأصح في أنت طالق في الدار أنه لا يقع إلا بدخولها وكلام البلقيني واضح لا اعتراض عليه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وسيأتي في توجيه الجديد إلخ ) يتأمل التوجيه المذكور . ( قوله للخبر المذكور ) يراجع فإن مجرد أمر من ظاهر مؤقتا ثم وطئ بالتكفير ليس فيه أن العود حصل بالوطء بل يحتمل أن يكون حصل بغيره . ( قوله ولا يلزمه كفارة يمين على الأوجه ) جزم باللزوم صاحب التعليقة والأنوار وغيرهما وبالثاني البارزي وصححه في الروضة وأصلها وحمل شيخنا الشهاب الرملي الأول على ما لو انضم إليه حلف كوالله أنت علي كظهر أمي سنة والثاني على خلوه عن ذلك شرح م ر . ( قوله وادعاه إلخ ) أي الذي وجه به في شرح الروض لزوم كفارة أخرى للإيلاء . ( قوله وبحث البلقيني إلخ ) اعتمده م ر . ( قوله وحينئذ يحرم حتى يكفر نظير المؤقت ) الذي قاله شيخ الإسلام أنه متى وطئ فيه لم يحرم في غيره قياسا على قولهم في المؤقت أنه متى انقضت [ ص: 187 ] المدة لم يحرم ذلك شرح م ر ( قوله أما على الأصح أنه يقع حالا ) في كون هذا الأصح نظر ولهذا لما قال في الروض أواخر باب الطلاق أو أنت طالق في البحر أو في مكة أو في الظل طلقت في الحال إن لم يقصد التعليق قال في شرحه وهذا مخالف لما مر في قوله أنت طالق في الدار من أنه تعليق والأوجه أن هذا مثله وجرى عليه الماوردي وغيره وقال إن غيره لا يصح ؛ لأنه يسقط فائدة التخصيص ا هـ



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله وإذا صححناه إلخ ) هذا حل معنى وأما حل الإعراب فهو كما في المغني ظهارا مؤقتا في الأظهر . ( قوله كما التزمه ) أي عملا بالتوقيت ا هـ مغني . ( قوله وإن أثم به ) بل يأثم بلا خلاف ا هـ مغني . ( قوله لم غلبوا إلخ ) أي على الأول . ( قوله قلت يفرق إلخ ) محل تأمل إذ قد يقال التأقيت من مقتضى الصبغة لا حكم خارج عنها ا هـ سيد عمر . ( قوله وأما حكم الظهار إلخ ) الأنسب وأما الظهار من [ ص: 186 ] حيث حكمه المترتب عليه من وجوب الكفارة فهو إلخ ( قوله دون التأبيد إلخ ) راجع لقوله من التأبيد . ( قوله وسيأتي في توجيه الجديد إلخ ) يتأمل التوجيه المذكور ا هـ سم . ( قوله أي صحته مؤقتا ) إلى قول المتن ويجب النزع في المغني إلا قوله للخبر المذكور وقوله كإن وطئتك إلى أما الوطء بعدها وكذا في النهاية إلا قوله وقيل يتبين به من الظهار وما أنبه عليه ( قول المتن الأصح ) بالرفع نهاية ومغني . ( قوله للخبر المذكور ) يراجع فإن مجرد أنه أمر من ظاهر مؤقتا ثم وطئ بالتكفير ليس فيه أن العود حصل بالوطء بل يحتمل أن يكون حصل بغيره ا هـ سم . ( قوله ولأن الحل منتظر بعدها ) الأولى بعدها منتظر كما في شرح المنهج . ( قوله فكان هو ) أي الوطء في المدة . ( قوله وقيل يتبين به من الظهار ) عبارة المغني والثاني أن العود فيه كالعود في الظهار المطلق إلحاقا لأحد نوعي الظهار بالآخر

                                                                                                                              ( تنبيه )

                                                                                                                              أفهم كلامه أن الوطء نفسه عود وهو الأصح وقيل يتبين به العود بالإمساك عقب الظهار وعلى الأصح على الأول لا يحرم الوطء ؛ لأن العود الموجب للكفارة لا يحصل إلا به ا هـ وعلم بهذه أن في كلام المصنف إيجازا مخلا . ( قوله على الأول ) أي الأصح وقوله لا الثاني وهو : وقيل يتبين إلخ وفيه تأمل ( قوله أما الوطء بعدها إلخ ) عبارة المغني ( قوله تنبيه )

                                                                                                                              قضية قوله في المدة أنه لو لم يطأ فيها ووطئ بعدها لا شيء عليه وبه صرح في المحرر لارتفاع الظهار وأنه لو وطئ في المدة ولم يكفر حتى انقضت حل له الوطء لارتفاع الظهار وبقيت الكفارة في ذمته وبه صرح في الروضة وأصلها وقد علم مما تقرر أن الظهار المؤقت يخالف المطلق في ثلاث صور إلخ . ( قوله بها ) أي بالمدة وانقضائها . ( قوله تميزه ) أي الظهار المؤقت عن المطلق . ( قوله أولا ) أي قبل التكفير . ( قوله كالمباشرة بعد ) أي بعد الوطء الأول . ( قوله كما مر ) أي في شرح ويحرم قبل التكفير وطء . ( قوله لامتناعه إلخ ) تعليل لقوله وموليا فقط وقوله : لأنه إلخ تعليل للعلة أي الامتناع . ( قوله ولا يلزمه إلخ ) عبارة النهاية وهل تلزمه كفارة أخرى أو لا جزم بالأول صاحب التعليق والأنوار وغيرهما وبالثاني البارزي وصححه في الروضة كأصلها وحمل الوالد رحمه الله الأول على ما لو انضم إليه حلف كوالله أنت علي كظهر أمي سنة والثاني على خلوه عن ذلك ا هـ . ( قوله كفارة يمين ) أي الإيلاء ا هـ معنى ( قوله على الأوجه ) وفاقا للمغني .

                                                                                                                              ( قوله وادعاء إلخ ) أي الذي وجه به في شرح الروض ا هـ سم ( قوله في لزوم الكفارة ) أي كفارة اليمين . ( قوله أي عنده ) إلى قوله وحينئذ يحرم في النهاية ثم قال لكنه متى وطئها فيه لم يحرم في غير ذلك المكان قياسا على قولهم أنه متى انقضت المدة لم يحرم في المؤقت بزمان كذا أفاده الشيخ خلافا للبلقيني في الشق الأخير ا هـ وأقره سم . ( قوله وبحث البلقيني ) إلى قوله ا هـ في المغني . ( قوله فيه ) أي في ذلك المكان . ( قوله وحينئذ يحرم إلخ ) ظاهره ولو في غير ذلك المكان وأظهر منه في إفادة ذلك المعنى قول المغني ومتى وطئها فيه حرم وطؤها مطلقا حتى يكفر انتهى ا هـ ومر آنفا مخالفة شيخ الإسلام والنهاية للبلقيني في هذا التعميم وتخصيصهما الحرمة قبل التكفير بالوطء في ذلك المكان . ( قوله واعترضه أبو زرعة بأنه إلخ ) اعتمده المغني كما يأتي ( قوله على الضعيف في أنت طالق إلخ ) يعني منه أنه لا يقع عند الإطلاق إلا بدخولها الدار . ( قوله [ ص: 187 ] أما على الأصح إنه إلخ ) في كون هذا الأصح نظر ولذا قال في شرح الروض في أنت طالق في الدار إنه تعليق ا هـ سم وسيفيده أيضا قول الشارح على أن الأصح إلخ ( قوله فليكن هذا مؤبدا أيضا انتهى ) وهو الظاهر ا هـ مغني أي خلافا للشارح والنهاية . ( قوله أنه لا يقع إلخ ) أي الطلاق




                                                                                                                              الخدمات العلمية