الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فإن بدأ في أثناء شهر حسب الشهر بعده بالهلال ) لتمامه ( وأتم الأول من الثالث ثلاثين ) لتعذر اعتبار الهلال فيه بتلفقه من شهرين ( ويزول التتابع بفوات يوم ) من الشهرين ولو آخرهما ( بلا عذر ) كأن نسي النية لنسبته لنوع تقصير ( وكذا ) بعذر يمكن معه الصوم كسفر مبيح للفطر وخوف حامل أو مرضع و ( مرض في الجديد ) لإمكان الصوم مع ذلك في الجملة فهو كفطر من أجهده الصوم ( لا ) بفوات يوم فأكثر في كفارة القتل إذ كلامه يفيد أن غير كفارة الظهار مثلها [ ص: 200 ] فيما ذكر ويتصور أيضا في كفارة الظهار بأن تصوم امرأة عن مظاهر ميت قريب لها أو بإذن قريبه أو بوصيته ( بحيض ) ممن لم تعتد انقطاعه شهرين ؛ لأنه لا يخلو منه شهر غالبا وتكليفها الصبر لسن اليأس خطر أما إذا اعتادت ذلك فشرعت في وقت يتخلله الحيض فإنه لا يجزئ لكن يشكل عليه إلحاقهم النفاس بالحيض إلا أن يفرق بأن العادة في مجيء الحيض أضبط منها في مجيء النفاس ( وكذا جنون ) فات به يوم فأكثر لا يضر في التتابع ( على المذهب ) إذ لا اختيار له فيه نعم إن تقطع جاء فيه تفصيل الحيض ويؤخذ من العلة أنه لو اختاره بشرب دواء يجنن ليلا انقطع وهو مقيس وهل استعجال الحيض بدواء كذلك أو يفرق كل محتمل والفرق أقرب ؛ لأن الحيض يعهد كثيرا تقدمه وتأخره عن وقته فلم تمكن نسبة مجيئه لاختيارها كما في الجنون الذي لا يترتب عرفا في مثل ذلك إلا على فعلها ومثله الإغماء المبطل للصوم وقبل كالمرض وانتصر له الأذرعي وأطال .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              . ( قوله لكن يشكل عليه إلحاقهم النفاس ) أي مع اعتياد انقطاعه بشهرين فأكثر بل مع لزوم انقطاعه ما ذكر أي بشهرين فأكثر فليتأمل وقوله بالحيض أي في أنه لا يقطع أي فكيف اغتفر مع اعتياد انقطاعه ما ذكر ولم يغتفر الحيض عند اعتياد انقطاعه ما ذكر . ( قوله إلا أن يفرق إلخ ) يتأمل . ( قوله ومثله الإغماء المبطل للصوم ) أي وهو المستغرق



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله لتمامه ) أي الشهر الثاني ( قول المتن ويزول التتابع بفوات يوم ) وهل يبطل ما مضى أو ينقلب نفلا فيه قولان رجح في الأنوار أولهما وابن المقري ثانيهما وينبغي حمل الأول على الإفساد بلا عذر والثاني على الإفساد بعذر مغني وأسنى . ( قوله بفوات يوم من الشهرين ) ولو مات المكفر بالصوم وبقي عليه منه شيء هل يبني وارثه عليه أو يستأنف والظاهر الثاني لانتفاء التتابع وعليه فيخرج من تركته جميع الكفارة لبطلان ما مضى وعجزه عن الصوم بموته ولا يجوز لوارثه البناء على ما مضى ا هـ ع ش أقول ويأتي عن النهاية وشرح الإرشاد ما قد يؤيد الأول ( قوله كأن نسي ) إلى قوله لكن يشكل في المغني إلا قوله أو بإذن قريبه أو بوصيته وإلى قوله ويؤخذ في النهاية . ( قوله كأن نسي النية ) ولو شك في نية صوم يوم بعد الفراغ من صوم هذا اليوم لم يضر إذ لا أثر للشك بعد الفراغ من الصوم ويفارق نظيره في الصلاة بأنها أضيق من الصوم مغني وروض مع شرحه . ( قوله يمكن معه الصوم ) بمعنى يصح معه الصوم بقرينة ما يأتي حتى لا يرد المرض ا هـ رشيدي . ( قوله في كفارة القتل إلخ ) عبارة المغني .

                                                                                                                              ( تنبيه )

                                                                                                                              النفاس كالحيض لا يقطع التتابع على الصحيح وطرو الحيض والنفاس إنما يتصور في كفارة قتل لا ظهار إذ لا تجب على النساء ومن ثم اعترض على المصنف ذكره الحيض هنا وكلامه في كفارة الظهار وأجيب عنه بأن كلامه في مطلق الكفارة وأيضا قد تتصور في المرأة بأن تصوم عن قريبها الميت العاجز في كفارة الظهار بناء على القديم المختار ا هـ . ( قوله إذ كلامه يفيد إلخ ) ظاهره أنه يجب عليها التتابع إذا صامت عن غيرها ونقله سم في شرح الغاية عن بعضهم لكنه مخالف لما قدمه الشارح في الصيام في شرح ولو صام أجنبي بإذن الولي صح مما نصه : وسواء في جواز فعل الصوم أكان قد وجب فيه التتابع أم لا ؛ لأن التتابع إنما وجب في حق الميت لمعنى لا يوجد في حق القريب ولأنه التزم صفة زائدة على أصل الصوم فسقطت بموته انتهى وفي سم عن شرح الإرشاد مثله وعليه فيمكن أن المراد من قوله ويتصور إلخ مجرد تأتي [ ص: 200 ] صومها عن الظهار وإن لم يكن بصفة التتابع ا هـ ع ش أقول وقوله وعليه فيمكن إلخ لا يخفى بعده لعدم ملاقاة الجواب حينئذ للاعتراض الوارد على المتن .

                                                                                                                              ( قوله فيما ذكر ) أي في زوال التتابع بفوات يوم ما ذكر ( قوله ويتصور ) أي طرو الحيض أيضا أي مثل تصوره في كفارة القتل . ( قوله لكن يشكل عليه ) أي على قوله أما إذا اعتادت إلخ . ( قوله إلحاقهم النفاس ) أي مع اعتياد انقطاعه شهرين فأكثر بل مع لزوم انقطاعه ما ذكر أي شهرين فأكثر فليتأمل وقوله بالحيض أي في أن لا ينقطع أي فكيف اغتفر مع اعتياد انقطاعه ما ذكر ولم يغتفر الحيض عند اعتياد انقطاعه ما ذكر سم على حج ا هـ ع ش عبارة السيد عمر بعد أن ذكر كلام سم المذكور وقوله بل مع لزوم إلخ : محل تأمل إذ النفاس الدم الخارج بعد فراغ الرحم ولو من نحو علقة لا أنه مقصور على المولود الكامل وهو من يولد لستة أشهر فأكثر فليتأمل ا هـ وقد يجاب بأن المراد اللزوم العرفي لا المنطقي فلا ينافيه التخلف نادرا ( قوله إلا أن يفرق إلخ ) يتأمل فيه ا هـ . ( قوله بأن العادة إلخ ) وقد يفرق أيضا بأن النفاس لا يلزم منه قطع التتابع وإن شرعت بعد تمام الحمل لاحتمال ولادتها ليلا ونفاسها لحظة فيها ا هـ رشيدي . ( قوله نعم إن تقطع إلخ ) كذا في المغني ( قوله من العلة ) أي من قوله إذ لا اختيار إلخ .

                                                                                                                              ( قوله ليلا ) ظرف شرب ( قوله ومثله الإغماء إلخ ) عبارة النهاية والمغني والإغماء المستغرق كالجنون ولو صام رمضان بنية الكفارة أو بنيتهما بطل صومه ويأثم بقطع صوم الشهرين ليستأنف إذ هما كصوم يوم ولو وطئ المظاهر منها ليلا أي قبل تمام الشهرين عصى أي بتقديم الوطء على تمام التكفير ولم يستأنف ا هـ قال ع ش ولو أمرهم الإمام بالصوم للاستقاء فصادف ذلك صوما عن كفارة متتابعة فينبغي أن يصوم عن الكفارة ويحصل به المقصود من شغل الأيام بالصوم المأمور به وإن قلنا يجب بأمر الإمام ا هـ وظاهر قوله فينبغي إلخ أن نيتهما يضر وفيه وقفة فليراجع ( قوله المبطل للصوم ) وهو المستغرق سم على حج أي لجميع النهار إذ غيره بأن أفاق في النهار ولو لحظة لا يبطل الصوم كما مر ا هـ رشيدي .




                                                                                                                              الخدمات العلمية