الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وشرطه ) أي الرضاع المحرم أي ما لا بد فيه منه فلا ينافي [ ص: 288 ] عده فيما مر ركنا ( رضيع حي ) حياة مستقرة فلا أثر لوصوله لجوف من حركته حركة مذبوح وميت اتفاقا لمنافاة التغذي ( لم يبلغ ) في ابتداء الخامسة ( سنتين ) بالأهلة ما لم ينكسر أول شهر فيكمل ثلاثين من الشهر الخامس والعشرين فإن بلغهما يقينا ابتداء الخامسة ويحسبان من تمام انفصاله لا من أثنائه وإن رضع وطال زمن الانفصال وإن نازع فيه الأذرعي فلا تحريم لخبر الدارقطني والبيهقي { لا رضاع إلا ما كان في الحولين } وحسن الترمذي خبر { لا رضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الحولين } وخبر مسلم { في سالم الذي أرضعته زوجة مولاه أبي حذيفة وهو رجل ليحل له نظرها بإذنه صلى الله عليه وسلم } خاص به أو منسوخ كما قاله أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أو في أثنائها حرم ( وخمس رضعات ) أو أكلات من نحو خبز أو عجن به [ ص: 289 ] أو البعض من هذا والبعض من هذا لخبر مسلم عن عائشة رضي الله عنها بذلك والقراءة الشاذة يحتج بها في الأحكام كخبر الواحد على المعتمد وحكمة الخمس أن الحواس التي هي سبب الإدراك كذلك وقدم مفهوم خبر الخمس على مفهوم خبر مسلم أيضا { لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان } لاعتضاده بالأصل وهو عدم التحريم لا يقال هذا احتجاج بمفهوم العدد وهو غير حجة عند الأكثرين لأنا نقول محل الخلاف فيه حيث لا قرينة على اعتباره وهنا قرينة عليه وهو ذكر نسخ العشر بالخمس وإلا لم يبق لذكرها فائدة ( وضبطهن بالعرف ) إذ لم يرد لهن ضبط لغة ولا شرعا وتوقف الأذرعي مع ذلك وما في الخبر أن { الرضاع ما أنبت اللحم وأنشر العظم } في قولهم لو طارت قطرة إلى فيه فنزلت جوفه أو أسعط قطرة عد رضعة ويجاب بأن المراد بما في الخبر أن من شأنه ذلك وبأنه لا بعد أن يسمي العرف ذلك رضعة باعتبار الأقل

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله يقينا ابتداء الخامسة ) مفهوم التقييد باليقين أنه لو احتمل بلوغها ابتداءها حرم وهو مخالف لقول المتن الآتي أو هل رضع في الحولين أم بعد فلا تحريم وإن قيد قول المتن لم يبلغ سنتين بتيقن عدم البلوغ ابتداء الخامسة حتى يكون مفهومه الحل إذا لم يتيقن ذلك تعارض المفهومان انتهى ( قوله ابتداء ) هو معمول بلغهما ( قوله وخبر مسلم في سالم إلخ ) قد يستشكل قضية سالم بأن المحرمية المجوزة للنظر إنما تحصل بتمام الخامسة فهي قبلها أجنبية يحرم نظرها ومسها فكيف جاز لسالم الارتضاع منها المستلزم عادة للمس والنظر قبل تمام الخامسة إلا أن يكون ارتضع منها مع الاحتراز عن المس والنظر بحضرة من تزول الخلوة بحضوره أو تكون قد حلبت خمس مرات في إناء وشربها منه أو جوز له ولها النظر والمس إلى تمام الرضاع خصوصية لهما كما خصا بتأثير هذا الرضاع ( قوله أو في أثنائها ) عطف على ابتداء ( قوله في المتن وخمس رضعات ) قال في الروض ولا أثر لدون خمس رضعات إلا إن حكم به حاكم انتهى قال في [ ص: 289 ] شرحه فلا ينقض حكمه ( قوله لأنا نقول محل الخلاف فيه حيث لا قرينة إلخ ) على أن حاصل عبارة جمع الجوامع تصحيح اعتبار مفهوم العدد ( قوله وما في الخبر ) عطف على ذلك وقوله في قولهم متعلق بتوقف ( قوله أن من شأنه ذلك ) أقول وبأنه لا مانع أن تؤثر القطرة إنباتا للحم وإنشارا للعظم خصوصا مع انضمام بقية الرضعات إليها



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله عده ) أي الرضيع ( قوله فيما مر ) أي قبيل قول المتن إنما يثبت ( قوله حركة مذبوح ) فيه ما قدمناه ا هـ ع ش عبارة شيخنا لجراحة بخلافه لمرض ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله اتفاقا ) أي من الأئمة الأربعة وانظر ما فائدة تعرض ذلك ونفي تأثيره فإن التحريم إنما يتعدى من الرضيع إلى فروعه وهي منفية عمن ذكر وأما أصوله وحواشيه فلا يتعدى التحريم إليهم نعم تظهر فائدة ذلك في التعاليق كما لو قال زوجها إن كان هذا ابني من الرضاع فأنت طالق وفيما لو مات الرضيع عن زوجة فإن قلنا بتأثير الرضاع بعد الموت حرم على صاحب اللبن أن يتزوجها لصيرورتها زوجة ابنه . ا هـ ع ش أي وفيما لو ماتت الرضيع عن زوج فلو قلنا بتأثير ذلك حرم على زوج الرضيع أن يتزوج المرضعة لكونها أم زوجته ( قول المتن لم يبلغ إلخ ) أي يقينا فلا أثر لذلك بعدهما ولا مع الشك في ذلك منهج ومغني وشيخنا على الغزي وسيأتي عن سم ما يوافقه ( قوله ما لم ينكسر إلخ ) أي بأن وقع انفصال الولد أول الشهر ( قوله أول شهر ) من إضافة الصفة إلى الموصوف عبارة المغني وشرح المنهج الشهر الأول ا هـ وقوله فيكمل إلخ أي إذا انكسر الشهر الأول بأن وقع انفصاله في أثنائه .

                                                                                                                              ( قوله فإن بلغهما يقينا إلخ ) مفهوم التقييد باليقين أنه لو احتمل بلوغهما ابتداءها حرم وهو مخالف لقول المتن الآتي أو هل رضع في الحولين أم بعد فلا تحريم . ا هـ سم أي فلذا أسقطه النهاية والمغني ( قوله ابتداء الخامسة ) معمول بلغهما ا هـ سم ( قوله ويحسبان ) أي الحولان ( قوله من تمام انفصاله ) أي الرضيع ( قوله وإن رضع ) أي قبل تمام انفصاله فقوله زمن الانفصال تنازع فيه الفعلان فأعمل فيه الثاني كما هو مختار البصريين ( قوله وإن نازع فيه الأذرعي ) أي فقال والأشبه ترجيح تأثير الارتضاع قبل تمام الانفصال لوجود الرضاع حقيقة ا هـ مغني ( قوله فلا تحريم ) جواب فإن بلغهما إلخ ( قوله وحسن الترمذي خبر إلخ ) دليل ثان لما في المتن ( قوله إلا ما فتق الأمعاء ) أي دخل فيها بخلاف ما لو تقايأه قبل وصوله إلى المعدة فالمراد بفتق الأمعاء وصوله للمعدة . ا هـ ع ش ( قوله وخبر مسلم إلخ ) استئناف بياني ( قوله في سالم الذي إلخ ) قد تشكل قضية سالم بأن المحرمية المجوزة للنظر إنما تحصل بتمام الخامسة فكيف جاز لسالم الارتضاع منها المستلزم عادة لمس الأجنبية والنظر قبل تمام الخامسة إلا أن تكون قد حلبت خمس مرات في إناء وشربها منه أو خصا بجواز النظر والمس إلى تمام الرضاع كما خصا بتأثير هذا الرضاع . سم على حج ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله وهو رجل ) أي والحال أن سالما رجل كامل حين الارتضاع ( قوله ليحل إلخ ) وقوله بإذنه إلخ كل منهما متعلق بأرضعته ( قوله خاص به ) خبر وخبر مسلم إلخ والضمير لسالم ( قوله كما قاله أمهات المؤمنين إلخ ) أي وهن بالخاص والعام والناسخ والمنسوخ أعلم ا هـ مغني ( قوله أو في أثنائها ) عطف على ابتداء الخامسة سم و ع ش ( قوله حرم ) أي لأن ما وصل قبل تمام الحولين بعد رضعة ( فرع )

                                                                                                                              قال في العباب ولو حكم قاض بثبوت الرضاع بعد الحولين نقض حكمه بخلاف ما لو حكم بتحريمه بأقل من الخمس فلا نقض ا هـ ولعل الفرق أن عدم التحريم بعد الحولين ثبت بالنص بخلافه بما دون الخمس ا هـ ع ش وقوله بخلاف ما لو حكم إلخ في سم عن الروض وشرحه مثله ( قول المتن وخمس رضعات ) وقيل يكفي رضعة [ ص: 289 ] واحدة وهو مذهب أبي حنيفة ومالك رضي الله عنهما مغني وشيخنا ( قوله أو البعض من هذا إلخ ) عبارة المغني ولا يشترط اتفاق صفات الرضعات بل لو أوجر مرة وأسعط مرة وارتضع مرة وأكل مما صنع منه مرتين ثبت التحريم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لخبر مسلم عن عائشة ) قالت كان فيما أنزل الله في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن فنسخت بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن ا هـ أي فالقراءة الدالة على الخمس قراءة شاذة كما أشار إليه الشارح كابن حجر وهو ظاهر الخبر وإن كان في كلام غيرهما كشرح الروض ما هو صريح في أن القراءة الدالة عليها منسوخة أيضا حيث احتاج إلى تأويل قول عائشة فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ إلخ بأن المراد يتلى حكمهن أو يقرأهن من لم يبلغه النسخ لقربه ا هـ رشيدي أيضا ( قوله والقراءة الشاذة ) أي المشار إليها بقوله لخبر مسلم بذلك ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله وقدم مفهوم خبر الخمس إلخ ) عبارة المغني وقيل يكفي ثلاث رضعات لمفهوم خبر مسلم { لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان } وإنما قدم مفهوم الخبر الأول على هذا لاعتضاده إلخ ( قوله خبر الخمس ) أي المار آنفا عن مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها ( قوله لاعتضاده ) أي مفهوم الخبر الأول ( قوله هذا ) أي الاحتجاج بالخبر الأول ( قوله لأنا نقول إلخ ) على أن حاصل عبارة جمع الجوامع تصحيح اعتبار مفهوم العدد . ا هـ سم ( قوله وهو ذكر نسخ إلخ ) عبارة المغني لأن عائشة رضي الله تعالى عنها لما أخبرت أن التحريم بالعشرة منسوخ بالخمس دل على ثبوت التحريم بالخمس لا بما دونها إذ لو وقع التحريم بأقل منها بطل أن يكون الخمس ناسخا وصار منسوخا كالعشر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لذكرها ) أي العشرة والخمس يعني لذكر نسخ الأولى بالثانية ( قوله إذ لم يرد لهن ضبط لغة إلخ ) أي وما لا ضابط له في اللغة ولا في الشرع فضابطه العرف ا هـ شيخنا ( قوله مع ذلك ) أي الضبط بالعرف ( قوله وما في الخبر ) عطف على ذلك وقوله في قولهم متعلق بتوقف ا هـ سم ( قوله إلى فيه ) أي فم الرضيع ( قوله عد ) أي كل من طيران القطرة وإسعاطها ( قوله بأن المراد إلخ ) هذا الجواب دافع لمنافاة قولهم المذكور للخبر وقوله وبأنه لا بعد إلخ دافع لمنافاته للضبط بالعرف ( قوله ذلك ) أي كلا من طريان القطرة وإسعاطها ( قوله باعتبار الأقل ) وهذا نظير قولهم في بدو الصلاح يكتفى فيه بتمرة واحدة وفي اشتداد الحب بسنبلة واحدة فحيث لم يكن لها ضابط بقلة ولا كثرة اعتبرنا أقل ما يقع عليه الاسم ا هـ مغني




                                                                                                                              الخدمات العلمية