الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( و ) يجب لها أيضا ( آلة تنظف ) لبدنها وثيابها ويرجع في قدر ذلك ووقته للعادة ( كمشط ) قال القفال وخلال وبه يعلم أن السواك كذلك بالأولى ( ودهن ) كزيت ولو مطيبا اعتيد ولو لكل البدن ( وما يغسل به الرأس ) عادة من سدر أو نحوه ( ومرتك ) بفتح أوله وكسره ( ونحوه ) كاسفيذاج وتوتيا وراسخت ( لدفع صنان ) إن لم يندفع بنحو رماد لتأذيها ببقائه ( لا كحل وخضاب وما يزين ) بفتح أوله غير ما ذكر كطيب وعطر لأنه لزيادة التلذذ فهو حقه فإن أراده هيأه ولزمها استعماله ونقل الماوردي أنه صلى الله عليه وسلم { لعن المرأة السلتاء أي التي لا تختضب والمرهاء أي التي لا تكتحل } من المره بفتحتين أي البياض ثم حمله على من فعلت ذلك حتى يكرهها ويفارقها وفي رواية ذكرها غيره { إني لأبغض المرأة السلتاء والمرهاء } والكلام في المزوجة لكراهة الخضاب أو حرمته لغيرها على ما مر فيه في باب الإحرام ( تنبيه )

                                                                                                                              ليس لحامل بائن ومن غاب زوجها إلا ما يزيل الشعث والوسخ على المذهب ( ودواء مرض وأجرة طبيب وحاجم ) وفاصد وخائن لأنها لحفظ الأصل ( ولها طعام أيام المرض وأدمها ) وكسوتها وآلة تنظفها وتصرفه للدواء أو غيره لأنها محبوسة عليه ( والأصح [ ص: 313 ] وجوب أجرة حمام ) لمن اعتادته أي ولا ريبة فيه بوجه كما هو ظاهر وحينئذ تدخله كل جمعة أو شهر مثلا مرة أو أكثر ( بحسب العادة ) المطردة في أمثالها للحاجة إليه حينئذ وتقييد بعضهم بمرة في الشهر خرج مخرج التمثيل وهذا بناء على جواز دخوله وإن كره وهو المعتمد وقال جمع : يحرم دخوله إلا لضرورة حاقة للأخبار الصحيحة المصرحة بمنعه وأطال الأذرعي في الانتصار له وخصه بما إذا شاركها غيرها فيه دون ما إذا أخلى لها ( وثمن ماء غسل ) ما تسبب عنه لنحو ملاعبة أو ( جماع ) منه ( ونفاس ) منه يعني ولادة ولو بلا بلل لأن الحاجة إليه من قبله وبه يعلم أنه لا يلزمه إلا ماء الفرض لا السنة ( تنبيه )

                                                                                                                              ظاهر قوله ثمن أنه الواجب لا الماء وإن حصلته بدون ثمن كما يجب لها القوت وغيره وإن حصل لها تبرعا وأنهما ما لو تنازعا فدفع لها ماء وطلبت ثمنه أجيبت وفيه نظر ثم رأيت شارحا قال الواجب الماء أو ثمنه وقضيته أن الخبرة إليه دونها وهو محتمل ( لا حيض ) وإن وطئ فيه أو بعد انقطاعه فيما يظهر ( واحتلام ) وألحق به استدخالها لذكره وهو نائم إذ لا صنع منه كغسل زناها ولو مكرهة وولادتها من وطء شبهة فماء هذه عليها دون الواطئ وفارق الزوج بأن له أحكاما تخصه فلا يقاس به غيره ألا ترى أنه تلزمه الكفارة دونها في جماع رمضان والنسك ومنه يؤخذ رد قول الزركشي فيمن أكره امرأة على الزنا القياس أنه يلزمه ماء غسلها كمهرها ولا تداخل لأنه من غير الجنس بخلاف أرش البكارة انتهى ووجه رده أن واطئ الشبهة قد يكون متعديا ومع ذلك لم يلزموه بماء فكذا الزاني ويفرق بين المهر والماء بأن المهر في مقابلة ما تمتع به فلزمه ولا كذلك الماء [ ص: 314 ] ويلزمه أيضا ماء وضوء وجب لتسببه فيه وحده بخلاف ما وجب لغير ذلك كأن تلامسا معا فيما يظهر وماء غسل ما تنجس من بدنها وثيابها وإن لم يكن بتسببه كما اقتضاه إطلاقهم كماء نظافتها بل أولى

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 312 ] قوله وبه يعلم أن السواك كذلك ) شمل السواك في رمضان ولا ينافيه كراهة السواك فيه لأنها مختصة بما بعد الزوال إلى الغروب دون ما قبل الزوال وما بعد الغروب وشمل السواك لوضوء الغسل وهو ظاهر لاستحبابه فيه كما شمله إطلاقهم طلبه للوضوء ثم رأيت ما في الحاشية الأخرى مما يقتضي عدم وجوب السواك لعبادتهما مطلقا فتأمله ( قوله أن السواك كذلك ) هو ظاهر إن احتيج إليه لتنظيف الفم لتغير لونه أو ريحه أما لو لم يحتج إليه لذلك بأن لم يكن فيه تغير مطلقا وإنما احتاجت لمجرد التعبد به وإقامة سنية الاستياك ففي الوجوب نظر لأنه لا يتعلق بعبادتها التي لم يتعلق بها سنية فليتأمل ( قوله في المتن ودواء مرض إلخ ) عطف على كحل ( قوله في المتن و الأصح [ ص: 313 ] وجوب أجرة حمام ) بحسب العادة ولو كانت من وجوه الناس بحيث اقتضت عادة مثلها إخلاء الحمام لها وجب عليه إخلاؤه كما بحثه الأذرعي وأفتى فيمن يأتي أهله في البرد ويمتنع من بذل أجرة الحمام ولا يمكنها الغسل في البيت لخوف هلاك بعدم جواز امتناعها منه ولو علم أنه متى وطئها ليلا لم تغتسل وقت الصبح وتفوتها لم يحرم عليه وطؤها كما قاله ابن عبد السلام ويأمرها بالغسل وقت الصلاة وفي فتاوى المصنف نحوه م ر ش .

                                                                                                                              وقوله بحسب العادة شامل لاعتيادها دخوله للغسل من نحو حيض واحتلام ولا ينافيه التفصيل الآتي في وجوب ثمن ماء الغسل وقد يتجه أنه إن دخلته للتنظيف فهذا محل الكلام أو للغسل جرى فيه ما يأتي فليحرر ( قوله أنه لا يلزمه إلا ماء الفرض لا السنة ) بحث ذلك الأذرعي ( قوله ظاهر قوله ثمن أنه الواجب لا الماء إلخ ) الوجه أنه لا يتعين الثمن بل له دفع الماء كما صرح به قول الروض وعليه الماء لغسل جماع ونفاس ووضوء نقضه ا هـ بل يقال وجمع الماء هو الأصل كما في نظيره من النفقة ولا يبعد إجابتها إذا طلبت الماء وامتنعت من الثمن وينبغي فيما لو كان غسلها مما ذكر في بيتها يضرها أن لا يكفي دفع الماء ولا ثمنه بل تجب أجرة الحمام ( قوله [ ص: 314 ] ويلزمه أيضا إلى قوله بخلاف ما وجب لغير ذلك كأن تلامسا معا إلخ ) قال م ر في شرحه ويلزمه أيضا ماء وضوء وجب بسببه فيه كلمسه وإن شاركته فيه فيما يظهر ا هـ وقد يؤيد كلام الشارح بأن المانع مقدم على المقتضى ومسها مانع من الوجوب ومسه مقتض له وقد يدفع وقد يمنع إن مسها مانع بل غايته أنه غير مقتض وهذا محل تأمل فليتأمل ( قوله كما اقتضاه إطلاقهم إلخ ) كذا م ر ش



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله وثيابها إلخ ) عبارة المغني تنبيه سكت الشيخان عن وجوب الأشنان والصابون لغسل الثياب وصرح القفال والبغوي بوجوبه قال في الكافي ويجب في كل أسبوع أو عشرة أيام والأولى الرجوع فيه إلى العرف ا هـ مغني ( قول المتن كمشط ) بضم الميم وكسرها مع إسكان الشين وضمها اسم للآلة المستعملة في ترجيل الشعر ا هـ مغني ( قوله وبه يعلم أن السواك كذلك إلخ ) شمل السواك في رمضان ثم ما قاله ظاهر إذا احتيج إليه لتنظيف الفم لتغير لونه أو ريحه أما لو لم يحتج إليه لذلك بل لمجرد التعبد به ففي الوجوب نظر لأنه لا يتعلق به ما يتعلق بعبادتها التي لم تتعلق بها بسببه فليتأمل . ا هـ سم ( قول المتن ودهن ) أي يستعمل في ترجيل شعرها وبدنها أما دهن الأكل فتقدم في الأدم ويتبع فيه عرف بلدها حتى لو اعتدن المطيب بالورد أو البنفسج وجب قال الماوردي ووقته كل أسبوع مرة والأولى الرجوع فيه إلى العرف ا هـ مغني ( قوله إن لم يندفع إلخ ) ويشبه كما قاله الأذرعي وجوب نحو المرتك للشريفة وإن قام التراب مقامه إذا لم تعتده ا هـ نهاية ( قوله بنحو رماد ) أي ولو من سرجين ومحل المنع من التضمخ بالنجاسة إذا كان عبثا وما هنا لحاجة ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قول المتن وما يزين ) ومنه ما جرت به العادة من استعمال الورد ونحوه في الأصداغ ونحوها للنساء فلا يجب على الزوج لكن إذا أحضره لها وجب عليها استعماله إذا طلب تزينها به ا هـ ع ش ( قوله فإن أراده هيأه إلخ ) قضية التعبير بذلك أنه لا يتوقف على طلب استعماله منها صريحا بل يكفي في اللزوم القرينة ا هـ ع ش عبارة المغني فإن هيأه لها وجب عليها استعماله وعليه حمل ما قيل أنه صلى الله عليه وسلم لعن إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لا تختضب ) أي بالحناء وقوله ثم حمله أي الماوردي ا هـ ع ش ( قوله على من فعلت ذلك ) أي ترك الاختضاب والاكتحال ( قول المتن ودواء مرض ) عطف على كحل سم على حج يعني أنه لا يجب ذلك ا هـ ع ش ( قوله وفاصد ) إلى قوله أي ولا ريبة في المغني ( قوله لحفظ الأصل ) يؤخذ منه أن ما تحتاج إليه المرأة بعد الولادة لإزالة ما يصيبها من الوجع الحاصل في باطنها ونحوه لا يجب عليه لأنه من الدواء وكذا ما جرت به العادة من عمل العصيدة واللبانة ونحوهما لمن يجتمع عندها من النساء فلا يجب لأنه ليس من النفقة ولا مما تحتاج إليه المرأة أصلا ولا نظر لتأذيها بتركه فإن أرادته فعلت من عند نفسها ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله وآلة تنظفها ) كالدهن والمرتك ونحوهما ا هـ مغني ( قوله وتصرفه ) منصوب بأن المضمرة عطفا على طعام ( قول المتن والأصح [ ص: 313 ] وجوب أجرة حمام ) ولو كانت من وجوه الناس بحيث اقتضت عادة مثلها إخلاء الحمام لها وجب عليه إخلاؤه كما بحثه الأذرعي وأفتى فيمن يأتي أهله في البرد ويمتنع من بذل أجرة الحمام ولا يمكنها الغسل في البيت لخوف هلاك بعدم جواز امتناعها منه ولو علم أنه متى وطئها ليلا لم تغتسل وقت الصبح وتفوتها أي الصلاة لم يحرم عليه وطؤها كما قاله ابن عبد السلام ويأمرها بالغسل وقت الصلاة وفي فتاوى المصنف نحوه نهاية وأقره سم وقوله من وجوه الناس ظاهره ولو مع فقره فليراجع ا هـ رشيدي وقوله بعدم جواز امتناعها إلخ وعليه فتطالبه بعد التمكين بما تحتاج إليه ولو بالرفع لقاض ا هـ ع ش وسيأتي عن سم ما يوافقه وقوله ويأمرها أي وجوبا ا هـ ع ش ( قوله لمن اعتادته ) أما لو كانت من قوم لا يعتادون دخوله فلا يجب لها أجرته مغني ( قوله مثلا مرة أو أكثر ) كذا في أصله رحمه الله تعالى ولا يخفى ما فيه من التكرار فليتأمل ا هـ سيد عمر وقد يقال إن قوله أو أكثر عطف على مرة كما هو الظاهر لا على شهر حتى يتكرر مع مثلا .

                                                                                                                              ( قوله وإن كره ) أي للنساء ومحل الكراهة حيث لم يترتب على دخولها رؤية عورة غيرها أو عكسه وإلا حرم وعلى الزوج أن يأمرها حينئذ بتركه كبقية المحرمات فإن أبت إلا الدخول لم يمنعها ويأمرها بستر العورة والغض عن رؤية عورة غيرها ع ش ( قوله وهو المعتمد ) أي الجواز مع الكراهة ( قوله وخصه ) أي خص الأذرعي المنع ( قول المتن وثمن ماء غسل إلخ ) إن احتاجت إلى شرائه ا هـ مغني ( قوله ما تسبب ) إلى قوله وبه يعلم في المغني ( قوله عنه ) لعل عن بمعنى في ( قوله لا السنة ) أي سنة الغسل كالغسلة الثانية والثالثة أما الغسل المسنون فمعلوم وجوبه مما يأتي بالأولى ا هـ رشيدي ( قوله ظاهر قوله ثمن أنه الواجب إلخ ) الوجه أنه لا يتعين الثمن بل له دفع الماء كما يصرح به كلام الروض بل قد يقال دفع الماء هو الأصل كما في نظيره من النفقة بل لا يبعد إجابتها إذا طلبت الماء وامتنعت من الثمن وينبغي فيما لو كان غسلها مما ذكر في بيتها يضرها أنه لا يكفي دفع الماء ولا ثمنه بل تجب أجرة الحمام ا هـ سم عبارة النهاية ويتجه أن الواجب بالأصالة الماء لا ثمنه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وإن حصل لها تبرعا ) خلافا لظاهر ما مر عن المغني آنفا ( قوله فيما يظهر ) بل ينبغي القطع به ا هـ سيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله وألحق به ) إلى قوله ألا ترى في النهاية والمغني ( قوله وهو نائم ) أي ولو استيقظ ونزع ثم أعاد لحصول الجنابة بفعلها أو لا ا هـ ع ش ( قوله فماء هذه عليها إلخ ) وبه يعلم أن العلة مركبة من كونه زوجا بفعله ا هـ نهاية وبذلك علم أنه لا يجب على أجنبي نقض وضوء أجنبية ذلك ولا عليها إذ أنقضت وضوء زوجها ا هـ مغني ( قوله وفارق الزوج ) أي غيره من الزاني والواطئ بشبهة حيث لا يجب عليهما شيء ا هـ ع ش ( قوله ألا ترى أنه إلخ ) لا يخفى ما في هذا التأكيد ( قوله ومنه يؤخذ ) أي من الفرق المذكور ( قوله القياس إلخ ) مقول القول ( قوله لأنه ) أي الماء [ ص: 314 ] من غير الجنس أي جنس المهر ( قوله ويلزمه أيضا ) إلى المتن في النهاية والمغني إلا قوله وحده إلى وماء غسل ( قوله وحده إلخ ) خلافا للنهاية والمغني عبارة الأول كلمسه وإن شاركته فيه فيما يظهر ا هـ وعبارة الثاني ولو حصل النقض بفعلهما فقياس وجوب نفقتها عليه فيما لو سافرت بإذنه لحاجتهما وجوبه عليه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وماء غسل إلخ ) يتجه في ماء النجاسة تفصيل حسن وإن لم أر من ذكره وهو أن يقال إن كان بفعلها متعدية كأن تضمخت به عبثا فعليها لتقصيرها أو بفعله تعدى به أو لا فعليه لتسببه أولا بفعلهما فإن حصل منها تقذر فعليه كماء إزالة الوسخ وإلا فعليها لأنه واجب شرعي لم يتسبب فيه ا هـ سيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله وثيابها ) ظاهره وإن تهاونت في سبب ذلك وتكرر منها وخالفت عادة أمثالها وهو ظاهر لا مانع منه وينبغي أن مثله ما لو كثر الوسخ في بدنها لكثرة نحو عرقها مخالفا للعادة لأن إزالته من التنظيف وهو واجب عليه ا هـ ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية