الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وتجوز مخارجته ) أي : القن كما ثبت عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم بل روى البيهقي عن الزبير رضي الله عنه أنه كان له ألف مملوك يخارجهم ، ويتصدق بجميع خراجهم وصح { أنه صلى الله عليه وسلم أعطى أبا طيبة لما حجمه صاعين ، أو صاعا من تمر وأمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه } ( بشرط ) كون القن يصح تصرفه لنفسه لو كان حرا كما هو ظاهر ، وقدرته على كسب مباح ، وفضله عن مؤنته إن جعلت فيه وما فضل يتصرف فيه كالحر ويشترط ( رضاهما ) فليس لأحدهما إجبار الآخر عليها ؛ لأنها عقد معاوضة كالكتابة ومع ذلك لا تلزم من جهة السيد كما هو ظاهر ، ويفرق بينهما بأن الكتابة تؤدي إلى العتق فألزمناها من جهة السيد لئلا تبطل فائدتها بخلاف المخارجة لا تؤدي له فلم يحتج لإلزامها من جهته ويؤخذ من كونها عقد معاوضة أنه لا بد فيها من صيغة من الجانبين ، وأن صريحها خارجتك وما اشتق منه ، وأن كنايتها باذلتك عن كسبك بكذا ونحوه وبحث أن للولي مخارجة قن محجوره إذا رآه مصلحة وفيه نظر ؛ لأن فيها تبرعا وإن كانت بأضعاف قيمته وهو ممنوع منه اللهم إلا إذا انحصر صلاحه فيها وتعذر بيعه نظير ما مر أواخر الحجر من بيع ما له بدون ثمن مثله للضرورة . ( وهي ) أي : المخارجة ( خراج ) معلوم أي : ضربه عليه ( يؤديه ) إلى سيده من كسبه ( كل يوم ، أو أسبوع ) أو شهر مثلا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن : وتجوز المخارجة ) . ( تنبيه ) لو خارجه ، ثم كاتبه فهل تبطل المخارجة لضعفها بتوقفها على الرضا وجوازها من الجانبين ، وقوة الكتابة بلزومها من جهة السيد فلا يلزمه دفع مال غير الكتابة ؟ فيه نظر وقد يتجه البطلان ، أو يقال : لا حاجة للحكم ببطلانها ؛ لأن المكاتب يستقل ويملك أكسابه فله الامتناع من دفع مال المخارجة ؛ لأنه يجوز له الرجوع عنها ، والامتناع رجوع عنها ، وليس للسيد أخذ زائد على مال الكتابة لاستقلال المكاتب ، وملكه ما بيده فإن تبرع المكاتب بدفع زيادة عليه جاز فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله : وتجوز المخارجة بشرط رضاهما ) ولو خارجه على ما لم يحتمله لم يجز ، ويلزمه الحاكم بعدم معاوضته م ر ش وأقول : قد لا يحتاج لذلك مع ما تقرر أن أحدهما لا يجبر الآخر ( قوله : إلا إذا انحصر إلخ ) كذا م ر ش ( قوله : إلا إذا انحصر إلخ ) لا يخفى أنه قد يكون بحيث لو خارجه اكتسب ذلك القدر وإلا لم يكن اكتسابه إياه وهذه مصلحة [ ص: 371 ] يجوز اعتبارها ، وإن لم يتعذر بيعه بل قد تكون أصلح من بيعه .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : أي القن ) إلى قوله : ويفرق بينهما في المغني ( قوله : كما ثبت ) أي : عقد المخارجة ( قوله : ويتصدق بجميع خراجهم ) ومع ذلك بلغت تركته خمسين ألف ألف ومائتي ألف نهاية أي : من الدراهم الفضة ع ش ( قوله : كون القن ) إلى قول المتن وهي في النهاية إلا قوله : كالكتابة إلى ويؤخذ ( قوله : وفضله ) أي : كسبه عن مؤنته إلخ فلو لم يف كسبه بخراجه لم تصح مخارجته كما صرح به الماوردي وغيره مغني ونهاية ( قوله : وما فضل إلخ ) عبارة النهاية والمغني : فإن زاد كسبه على ذلك فالزيادة بر وتوسيع من سيده له ، ويجبر النقص في بعض الأيام بالزيادة في بعضها ، وقد علم أن مؤنته تجب حيث شرطت من كسبه ، أو من مال سيده . ا هـ . ( قوله : ينصرف فيه إلخ ) أي : يجوز أن يتصرف فيه وإن كان لا يملكه ومعلوم أن للسيد منعه منه وهو مصرح به رشيدي وع ش ( قوله : ويشترط ) كذا فيما اطلعت عليه من النسخ وحق المقام وبشرط ( قوله : لأنها عقد معاوضة ) فاعتبر فيه التراضي كغيره نهاية ومغني ( قوله : ومع ذلك لا تلزم إلخ ) عبارة المغني : والأصل فيها الإباحة وقد يعرض لها عوارض تخرجها عن ذلك فهي جائزة من الطرفين . ا هـ . ( قوله : وأن صريحها خارجتك إلخ ) انظر وجه أخذ هذا وما بعده . ا هـ . رشيدي ( قوله : باذلتك عن كسبك إلخ ) قد يقال : ما المعنى الثاني الغير المراد إذ الكناية ما يحتمل المراد وغيره . ا هـ . سيد عمر وهو أي : الولي وقوله : منه أي : من التبرع ( قوله : اللهم إلخ ) عبارة النهاية نعم لو انحصر إلخ ( قوله : إلا إذا انحصر إلخ ) لا يخفى أنه قد يكون بحيث لو خارجه اكتسب ذلك القدر وإلا لم يمكن اكتسابه إياه وهذه مصلحة يجوز اعتبارها وإن لم يتعذر بيعه بل قد يكون أصلح من بيعه سم على حج . ا هـ . ع ش ( قوله : أو شهر ) إلى قوله : نظير ما مر في النهاية إلا قوله : وقد يشكل إلى وذلك ، وقوله : حيث لا مانع ( قوله : مثلا ) أي : أو سنة ، أو نحو ذلك على حسب اتفاقهما مغني ونهاية .




                                                                                                                              الخدمات العلمية