الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويضمن بحفر بئر عدوان ) بأن كانت بملك غيره بغير إذنه أو بشارع ضيق أو واسع لمصلحة نفسه بغير إذن الإمام ما تلف بها ليلا ونهارا من مال عليه وحر أو قن بقيده الآتي على عاقلته وكذا في جميع المسائل الآتية والسابقة لتعديه ويشترط أن لا يتعمد الوقوع فيها وإلا أهدر وعليه يحمل ما بحثه الغزالي واعتمده الزركشي أنه إذا كان بصيرا نهارا والبئر مفتوحة لا يضمن ودوام التعدي فلو زال كأن رضي المالك ببقائها أو ملك البقعة فلا ضمان لزوال التعدي نعم لا يقبل قول المالك بعد التردي حفر بإذني ولو تعدى الواقع بالدخول كان مهدرا ولو أذن له المالك ولم يعرفه بها ضمن هو لا الحافر لتقصيره [ ص: 8 ] ما لم ينسها فعلى الحافر كما يأتي ويضمن القن ذلك في رقبته فإن عتق فمن حين العتق على عاقلته ولو عرض للواقع بها مزهق ولم يؤثر فيه الوقوع شيئا لم يضمن الحافر شيئا لانقطاع سببيته ( لا ) محفورة ( في ملكه ) وما استحق منفعته بوقف أو وصية مؤبدة كذا قيد به شارح وهو محتمل ويحتمل خلافه وهو ما أطلقه غيره نظرا إلى أنها وإن أقتت يصدق عليه أنه مستحق للمنفعة وإن كان متعديا بالحفر لاستعماله ملك غيره فيما لم يؤذن له فيه إذ الانتفاع لا يشمل الحفر كما هو ظاهر وكذا يقال في الإجارة ( وموات ) لتملك أو ارتفاق لا عبثا على ما جزم به بعضهم وفيه نظر فلا يضمن الواقع فيها لعدم تعديه وعلى الموات حملوا الخبر الصحيح { البئر جرحها جبار } ولو تعدى بالحفر في ملكه لكونه وسعه بقرب جدار جاره ضمن ما وقع بمحل التعدي كما قاله البلقيني وأطلق أن الحفر بملكه المرهون المقبوض أو المستأجر غير تعد وخالفه غيره في الأول إذا نقص الحفر قيمته ويرد بأن التعدي هنا ليس لذات الحفر بل لتنقيص الرهن بخلاف توسعة الحفر الضارة [ ص: 9 ] بملك غير الحافر ويضمن الصيد الواقع ببئر حفرها بملكه في الحرم قال الإمام إجماعا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 7 ] قوله أو واسع لمصلحة نفسه ) التمثيل به للعدوان قد يقتضي حرمته مع أنه جائز وعبارة الروض ، ولو حفرها في الواسع لمصلحة المسلمين فلا ضمان ، وإن لم يأذن الإمام وكذا لنفسه ويضمن إلا أن أذن له ا هـ وقوله وكذا أي له حفرها كما صرح به في شرحه . ( قوله أو ملك المنفعة ) أي وإن لم يكن الحفر لمالك المنفعة كما سيأتي . ( قوله أيضا المنفعة ) فيه نظر لأن مجرد ملك المنفعة لا يبيح الحفر إلا أن تكون المنفعة شاملة للحفر ، ثم رأيت ما يأتي . ( قوله نعم لا يقبل قول المالك بعد التردي حفر بإذني ) ويحتاج الحافر إلى بينة بإذنه شرح الروض . ( قوله كان مهدرا إلخ ) هذا هو أحد وجهين في الروض صححه البلقيني وغيره وعبارته مع شرحه فلو تعدى بدخوله ملك غيره فوقع في بئر حفرت عدوانا فهل يضمنه الحافر لتعديه أو لا لتعدي الواقع فيها بالدخول وجهان صحح منهما البلقيني وغيره الثاني ا هـ . ( قوله : ولو أذن له المالك ) ويحتاج الحال إلى بينة إذنه شرح روض . ( قوله ولم يعرفه بها ضمن هو لا الحافر ) عبارة شرح الروض فإن أذن له المالك في دخولها فإن عرفه بالبئر فلا ضمان وإلا فهل يضمن الحافر أو المالك وجهان في تعليق القاضي قال البلقيني والأوجه أنه على المالك لأنه مقصر بعدم إعلامه فإن كان ناسيا فعلى الحافر ا هـ .

                                                                                                                              وقوله وجهان في تعليق القاضي أوجههما أنه على الحافر خلافا للبلقيني م ر ويفرق بين كونه على الحافر وما يأتي في قوله .

                                                                                                                              [ ص: 8 ] ولو حفر بدهليز إلخ بان هنا متعديا غير المالك يصلح لإحالة الضمان عليه . ( قوله فعلى الحافر كما يأتي ) انظره مع أن الآتي ما قبل ما لم إلخ فقط . ( قوله فمن حين العتق ) أي ضمان الوقوع بعد العتق على عاقلته ( قوله إذ الانتفاع لا يشمل الحفر ) قضيته امتناع الحفر في الربط أيضا ( قوله ضمن ما وقع إلخ ) أي ما لم يتعد الواقع بالدخول أخذا مما تقدم . ( قوله وأطلق إلخ ) ما فائدة الحكم بالتعدي هنا مع أن حاصل ما في الروض وشرحه أن من حفر في ملكه ، ولو تعديا إن أعلم الداخل بالإذن أو كانت مكشوفة والتحرز ممكن لم يضمن وإلا ضمن ( قوله وأطلق أن الحفر بملكه المرهون إلخ ) في شرح الروض ، وإن حفر في ملكه ، ولو متعديا كأن حفر فيه وهو مؤجر أو مرهون بغير إذن المكري أو المرتهن ودخل رجل داره بالإذن وأعلمه إلخ . ( قوله ويرد بأن التعدي هنا ليس لذات الحفر إلخ ) ولو حفر بئرا قريبة العمق متعديا فعمقها غيره تعلق الضمان بهما [ ص: 9 ] بالسوية كالجراحات م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن ويضمن ) أي الشخص ا هـ مغني ( قول المتن عدوان ) هو بالجر صفة حفر ويجوز النصب على الحال ا هـ مغني ( قوله كانت ) الأولى حفر كما في النهاية والمغني ( قوله بأن كانت ) إلى قوله ولو أذن له المالك في النهاية وإلى قوله كذا قيد في المغني إلا قوله ويضمن القن إلى ولو عرض ( قوله بملك غيره إلخ ) أي أو في مشترك بغير إذن شريكه ا هـ مغني ( قوله أو بشارع ضيق ) أي وإن أذنه الإمام وكان لمصلحة المسلمين ا هـ نهاية ( قوله أو واسع إلخ ) التمثيل به للعدوان قد يقتضي حرمته مع أنه جائز عبارة الروض وله حفرها في الواسع لمصلحة المسلمين بلا ضمان وإن لم يأذن الإمام وكذا لنفسه ويضمن إلا إن أذن له انتهت وقوله وكذا أي له حفرها كما صرح به شرحه ا هـ سم ( قوله ما تلف إلخ ) معمول لقول المتن ويضمن إلخ ا هـ ع ش ( قوله من مال ) بيان لما تلف ( قوله بقيده الآتي ) أي آنفا قبيل المتن الآتي ( قوله وكذا ) راجع إلى قوله من مال عليه إلخ .

                                                                                                                              ( قوله على عاقلته ) كقوله عليه متعلق بيضمن في المتن وضميرهما للحافر عبارة المغني فيضمن ما تلف بها من آدمي أو غيره لكن الآدمي يضمن بالدية إن كان حرا وبالقيمة إن كان رقيقا على عاقلة الحافر حيا أو ميتا وإن غير الآدمي كبهيمة أو مال آخر فيضمن بالغرم في مال الحافر الحر وكذا القول في الضمان في جميع المسائل الآتية ا هـ ( قوله لتعديه ) المراد به ما يشمل الافتيات على الإمام بالنسبة إلى قوله أو واسع إلخ لما مر عن سم آنفا ( قوله ويشترط أن لا يتعمد إلخ ) أي وإلا يوجد هناك مباشرة بأن رداه في البئر غير حافرها وإلا فالضمان على المردي لا الحافر ا هـ مغني ( قوله وعليه ) أي تعمد الوقوع ( قوله ما بحثه الغزالي ) عبارة النهاية ما في الأنوار أنه إلخ ( قوله ودوام التعدي ) أي ويشترط دوام العدوان إلى السقوط ا هـ مغني ( قوله كأن رضي المالك ببقائها ) أي ومنعه من طمها ا هـ نهاية ( قوله أو ملك البقعة ) يعني منافعها وإن لم يجز الحفر لمالك المنفعة كما سيأتي ا هـ سم أي في الشارح ( قوله نعم لا يقبل قول المالك إلخ ) أي ويحتاج الحافر إلى بينة بإذنه أسنى ومغني ونهاية ( قوله بعد التردي ) أي أما قبله فيسقط الضمان لأنه إن كان أذن له قبل فظاهر وإن لم يكن أذن عد هذا إذنا فإذا وقع التردي بعده كان بعد سقوط الضمان عن الحافر ا هـ ع ش ( قوله ولو تعدى الواقع إلخ ) إشارة إلى تقييد ضمان الحافر عدوانا بما إذا لم يتعد الواقع بالدخول ا هـ ع ش ( قوله ولو أذن له ) أي للواقع في الدخول ( قوله ولم يعرفه ) أي المالك الواقع بها أي بالبئر في ملكه ضمن هو أي المالك ( قوله لتقصيره ) أي بعدم إعلامه أسنى ومغني [ ص: 8 ] قوله ما لم ينسها إلخ ) عبارة الأسنى والمغني فإن كان ناسيا إلخ ( قوله كما يأتي ) أي قبيل قول المتن أو بملك غيره ( قوله ويضمن القن ) إلى قوله قال الإمام في النهاية ( قوله ذلك ) أي ما تلف بالحفر عدوانا آدميا أو غيره ( قوله فمن حين العتق إلخ ) أي ضمان الوقوع بعد العتق على عاقلته ا هـ سم ولعله مختص بما إذا كان الواقع بعد العتق آدميا وأما إذا كان غير الآدمي كبهيمة أو مال آخر فضمانه على ماله أخذا مما مر عن المغني ( قوله ولو عرض للواقع بها مزهق ) أي كحية نهشته أو حجر وقع عليه مثلا أو ضاق نفسه من أمر عرض له فيها ولو بواسطة ضيقها ا هـ ع ش ( قوله ولم يؤثر فيه إلخ ) فلو تردت بهيمة في بئر ولم تتأثر بالصدمة وبقيت فيها أياما ثم ماتت جوعا أو عطشا فلا ضمان على الحافر ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله لا محفورة ) الأولى ولا يضمن بحفر بئر كما في المغني ( قوله المتن لا في ملكه إلخ ) عبارة الروض مع شرحه وإن حفر في ملكه ودخل رجل داره بالإذن وأعلمه أن هناك بئرا أو كانت مكشوفة والتحرز منها ممكن فهلك بها لم يضمن أما إذا لم يعرفه بها والداخل أعمى أو والموضع مظلم أي أو والبئر مغطاة ففي التتمة أنه كما لو دعاه إلى طعام مسموم فأكله فيضمن فلو حفر بئرا في دهليزه إلخ ا هـ وسيأتي عن المغني مثله ( قوله وما استحق منفعته إلخ ) مفهومه أن المستعير يضمن ما تلف بالحفر فيما استعاره ا هـ ع ش ( قوله أو وصية مؤبدة إلخ ) عبارة النهاية أو وصية وإن لم تكن مؤبدة فيما يظهر كما هو مقتضى كلامهم ا هـ ( قوله كذا قيد به شارح ) وكذا قيد المغني الوصية بالمؤبدة ( قوله أنها إلخ ) أي الوصية ( قوله يصدق عليه ) أي على الموصى له ( قوله لاستعماله إلخ ) علة للتعدي وقوله إذ الانتفاع إلخ علة لقوله لاستعماله إلخ وقوله لا يشمل الحفر أي وإن توقف تمام الانتفاع عليه ا هـ ع ش قال سم قوله إذ الانتفاع إلخ قضيته امتناع الحفر في المؤبدة أيضا ا هـ ( قوله وكذا يقال ) إلى قوله بمحل التعدي في المغني ( قوله وكذا يقال إلخ ) أي من أنه لو حفر بئرا فيما استأجره لا يضمن ما تلف بها وإن تعدى بالحفر ا هـ ع ش ( قوله لا عبثا إلخ ) عبارة النهاية أو عبثا فيما يظهر ا هـ وعبارة المغني فإن حفر في الموات ولم يخطر بباله تملك ولا ارتفاق فهو كما لو حفرها للارتفاق كما قاله الإمام ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فيها ) أي في بئر محفورة في ملكه أو الموات ( قوله لعدم تعديه ) عبارة المغني ولا يضمن بحفر بئر في ملكه لعدم تعديه ومحله إذا عرفه المالك أن هناك بئرا أو كانت مكشوفة والداخل أي بالإذن متمكن من التحرز فأما إذا لم يعرفه والداخل أعمى فإنه يضمن كما قاله في التتمة وأقراه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله جبار ) أي غير مضمون ا هـ مغني عبارة ع ش الجبار بالضم والتخفيف الهدر الذي لا طلب فيه ولا قود ولا دية ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولو تعدى إلخ ) عبارة المغني والروض فإن وسعه أي الحفر على خلاف العادة أو قربها من جدار جاره خلاف العادة أو وضع في أصل جدار غيره سرجينا أو لم يطو بئره ومثل أرضها ينهار إذا لم يطو ضمن في الجميع ما هلك بذلك لتقصيره ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وسعه ) عبارة النهاية وضعه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ضمن ما وقع إلخ ) أي ما لم يتعد الواقع بالدخول أخذا مما تقدم ا هـ سم ( قوله بمحل التعدي ) وهو ما حفره زيادة على الحفر المعتاد ا هـ ع ش ( قوله وأطلق ) أي البلقيني ( قوله وخالفه غيره إلخ ) لم يصرح به في النهاية نعم أشار إلى رده بما أفاده الشارح بقوله ويرد إلخ ا هـسيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله وخالفه غيره إلخ ) ما فائدة الحكم هنا بالتعدي مع أن حاصل ما في الروض وشرحه إن من حفر في ملكه ولو تعديا كأن حفر فيه وهو مؤجر أو مرهون بغير إذن المكتري [ ص: 9 ] أو المرتهن إن أعلم الداخل بالإذن أو كانت مكشوفة والتحرز ممكن لم يضمن وإلا ضمن ا هـ سم ( قوله بملك الحافر ) لعله من تحريف الكتبة وأصله الموافق لسابق كلام الشارح بملك الجبار ( قوله بملكه في الحرم ) أي أو بموات فيه ا هـ مغني




                                                                                                                              الخدمات العلمية