الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو حفر بدهليزه ) بكسر الدال ( بئرا ) أو كان به بمحل من الدار غيره بئر لم يتعد حافرها ( ودعا رجلا ) أو صبيا مميزا إلى داره أو إليه فدخل باختياره وكان الغالب أنه يمر عليها ( فسقط ) فيها جاهلا بها لنحو ظلمة أو تغطية لها فهلك ( فالأظهر ضمانه ) إياه بدية شبه العمد لأنه غره ولم يقصد هو إهلاك نفسه فلم يكن فعله قاطعا أما غير المميز فيقتل به كالمكره كذا أطلقه البلقيني ويتعين حمله على ما إذا كان الوقوع بها مهلكا غالبا وعلم بنحو الظلمة وإن المار حينئذ يقع فيها غالبا وأما إذا لم يدعه فهو مهدر مطلقا وكذا إن دعاه وأعلمه بها وإن كانت مغطاة وخرج بالبئر نحو كلب عقور بدهليزه فلا يضمن من دعاه فأتلفه لأنه يفترس باختياره مع كونه ظاهرا يمكن دفعه .

                                                                                                                              ( تنبيه ) لا يتم هذا الإخراج إلا مع التعبير بالدهليز لأنه يشبه البئر حينئذ أما على ما جمعوا به بين قولهما في الجنايات لا ضمان وفي إتلاف البهائم بالضمان من أن الأول في مربوط ببابه لأنه الذي ينطبق عليه التعليل المذكور والثاني فيما إذا كان في داره فلا يتم الإخراج إلا أن يحمل الدهليز على أوله الملاصق للباب لأنه حينئذ بمنزلة المربوط ببابه وبقوله حفر ما لو حفرت عدوانا فإن دعاه المالك فهل يضمنه المالك أو الحافر وجهان صحح منهما البلقيني الثاني لأنه المقصر بعدم إعلامه ومن ثم لو نسي كان على الحافر

                                                                                                                              وإن لم يدعه بأن تعدى بدخوله فهل يضمنه الحافر لتعديه أو لا لتعدي الواقع وجهان صحح منهما البلقيني الثاني أيضا وقول شارح عنه الأول إما سبق قلم أو أن كلامه اختلف ( أو ) حفر بئرا ( بملك غيره أو ) في ( مشترك ) بينه وبين آخر ( بلا إذن ) من الغير أو من شريكه له في الحفر ( فمضمون ) ذلك الحفر فعليه أو على عاقلته بدل ما تلف به من قيمة أو دية شبه عمد وهذا وإن علم مما قبله فقد ذكره للإيضاح على أن التفصيل بين الإذن وعدمه لم يعلم صريحا إلا من هذه فاندفع ما قيل لا حاجة لذكر هذه أصلا ولو تعدى بحفر وغيره بتوسعته فالضمان عليهما نصفين لا بحسب الحفر ( أو ) حفر ( بطريق ضيق يضر المارة [ ص: 10 ] فكذا ) هو مضمون وإن أذن فيه الإمام لتعديهما ( أو ) حفر بطريق ( لا يضر ) المارة لسعتها أو لانحراف البئر عن الجادة ( وأذن ) له ( الإمام ) في الحفر ( فلا ضمان ) عليه ولا على عاقلته للتالف بها وإن كان الحفر لمصلحة نفسه ( وإلا ) يأذن له وهي غير ضارة

                                                                                                                              ( فإن حفر لمصلحته فالضمان ) عليه أو على عاقلته لافتياته على الإمام ( أو مصلحة عامة ) كالاستقاء أو جمع ماء المطر ولم ينهه الإمام ( فلا ) ضمان ( في الأظهر ) لما فيه من المصلحة العامة وقد تعسر مراجعة الإمام وقيده الماوردي واعتمده الزركشي بما إذا أحكم رأسها فإن لم يحكمها وتركها مفتوحة ضمن مطلقا لتقصيره وتقرير الإمام بعد الحفر بغير إذنه يرفع الضمان كتقرير المالك السابق وألحق العبادي والهروي القاضي بالإمام حيث قالا له الإذن في بناء مسجد واتخاذ سقاية بالطريق حيث لا تضر بالمارة وإنما يتجه إن لم يخص الإمام بالنظر في الطريق غيره

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله فإن دعاه المالك ) خرج ما لو لم يدعه وقد تقدم في قوله ، ولو تعدى الواقع بالدخول كان مهدرا ا هـ ، ثم انظر أي حاجة لهذا مع قوله السابق ضمن لا الحافر . ( قوله صحح منهما البلقيني الثاني أيضا ) الأوجه الأول م ر قال في شرح الروض عنه لأنه مقصر بعدم إعلامه فإن كان ناسيا فعلى الحافر ا هـ . ( قوله وهذا ، وإن علم إلخ ) هذا الاعتراض يتوجه أيضا على قوله أو بطريق ضيق إلخ ويجاب [ ص: 10 ] أيضا بأنه مبدأ للتقسيم ( قوله فكذا هو مضمون ، وإن أذن فيه الإمام ) قال الزركشي وقضيته أنه لا فرق بين أن يكون فيه مصلحة للمسلمين وأن لا يكون وفيه نظر شرح روض ( قول المصنف وإلا فإن حفر لمصلحته فالضمان عليه ) قضية الروض وشرحه جواز الحفر في هذه الحالة حيث قالا وكذا له حفرها في ذلك أي الشارع الواسع ، وإن لم يأذن فيه الإمام ولكنه يضمن ا هـ لكن قال في الروض بعد ذلك فرع بناء المسجد في الشارع وحفر بئر في المسجد وسقاية على باب داره كالحفر في الشارع فلا يضمن إن لم يضر الناس أي ، وإن لم يأذن الإمام كما في شرحه ثم قال لأنه فعله لمصلحة المسلمين ، ثم قال فإن بنى أو حفر ما ذكر لمصلحة نفسه فعدوان إن أضر بالناس أو لم يأذن فيه الإمام ا هـ فقوله أو لم يأذن فيه الإمام يقتضي امتناع بناء المسجد لنفسه ، وإن لم يضر إذا لم يأذن الإمام وهو خلاف ما تقدم عنه في حفر البئر لنفسه في الطريق الواسع فقد فرق بين حفر البئر وبناء المسجد لنفسه إلا أن يريد بالعدوان هنا مجرد الضمان فيستويان . ( قوله ولم ينهه الإمام ) كما نقل عن الوالد شرح الروض .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله بكسر الدال ) إلى التنبيه في النهاية ( قوله به ) أي في الدهليز وكذا ضمير غيره ( قوله لم يتعد حافرها ) أي فإن تعدى فقد مر ويأتي حكمه ( قوله أو إليه ) أي محل البئر من الدهليز أو غيره ( قوله باختياره ) فلو أكرهه على الدخول فظاهر أنه يضمن ا هـ مغني ( قوله لنحو ظلمة إلخ ) أي أو كان أعمى ا هـ مغني ( قوله حمله ) أي إطلاق البلقيني ( قوله وعلم ) أي الداعي ( قوله وكذا إن دعاه وأعلمه إلخ ) ولو اختلفا فقال المستحق لم تعلمه وقال المالك أعلمته فالذي يظهر تصديق المستحق لأن الأصل عدم الإعلام ا هـ ع ش ( قوله فلا يضمن من دعاه ) وكذا من لم يدعه بالطريق الأولى ا هـ ع ش ( قوله مع التعبير ) أي في مسألة الكلب وقوله بالدهليز أي لا بالباب ( قوله لأنه ) أي الكلب ( قوله حينئذ ) أي حين كون الكلب بالدهليز ( قوله من أن الأول ) أي عدم الضمان ( قوله التعليل المذكور ) أي قوله مع كونه ظاهرا إلخ ( قوله والثاني ) أي الضمان .

                                                                                                                              ( قوله فيما إذا كان ) أي الكلب ( قوله إلا أن يحمل الدهليز ) أي في المتن ( قوله لأنه ) أي الكلب حينئذ أي كونه بأول الدهليز ( قوله وبقوله إلخ ) عطف على قوله بالبئر إلخ ( قوله فإن دعاه إلخ ) خرج ما لو لم يدعه وقد تقدم في قوله ولو تعدى الواقع بالدخول كان مهدرا ا هـ ثم انظر أي حاجة لهذا مع قوله السابق ضمن هو لا الحافر إلخ ا هـ سم فإن دعاه المالك أي ولم يعرفه بالبئر وقوله صحح منهما البلقيني إلخ وافقه المغني كما مر وخالفه النهاية فقال وإلا أي وإن لم يعرفه بالبئر ضمن الحافر في أوجه الوجهين خلافا للبلقيني ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله الثاني ) أي ضمان المالك ( قوله لأنه المقصر إلخ ) أي فلو أعلمه البئر فلا ضمان ا هـ نهاية ( قوله وإن لم يدعه ) إلى قول المتن ومسجد في النهاية إلا قوله وقول شارح إلى المتن ( قوله الثاني ) أي عدم الضمان ( قوله عنه ) أي البلقيني ( قوله الأول ) ضمان الحافر ( قوله أو إن كلامه ) أي البلقيني ( قوله فعليه ) أي حيث كان التالف غير آدمي وعلى عاقلته أي حيث كان آدميا ولو رقيقا ا هـ ع ش ( قوله وهذا ) أي الضمان في المسألتين ( قوله وإن علم إلخ ) هذا الاعتراض يتوجه أيضا على قوله أو بطريق ضيق إلخ ويجاب أيضا بأنه مبدأ للتقسيم ا هـ سم ( قوله فقد ذكره إلخ ) ولو ذكره عقب قوله سابقا ويضمن بحفر بئر عدوانا لكان أولى لأنه مثال له ا هـ مغني ( قوله من هذه ) أي من عبارته هنا ( قوله ولو تعدى إلخ ) عبارة النهاية ولو حفر بئرا قريبة العمق متعديا فعمقها غيره تعلق الضمان بهما بالسوية كالجراحات ا هـ . أي تعميقا له دخل في الإهلاك وإن قل بالنسبة للتعميق الأول ع ش

                                                                                                                              ( قوله وغيره ) أي غير الحافر عطف على الضمير المستتر في تعدي ( قول المتن يضر المارة ) وليس مما يضر ما جرت به العادة من حفر الشوارع للإصلاح لأن مثل هذا لا تعدي فيه لكونه من المصالح العامة ا هـ ع ش وسيأتي قبيل قول المتن من جناح ما يوافقه [ ص: 10 ] قوله هو مضمون ) إلى قوله وبه يرد في المغني إلا قوله وإنما يتجه إلى المتن ( قوله لتعديهما ) أي الحافر والإمام ا هـ ع ش أقول الأولى أي الحافر في ملك غيره كلا أو بعضا بلا إذن والحافر بطريق ضيق يضر المارة ( قول المتن وأذن الإمام ) أي أو أقره بعدم الحفر كما يأتي ( قوله وهي غير ضارة ) يغني عنه العطف ( قول المتن فإن حفر لمصلحته فالضمان إلخ ) يؤخذ من هذا التفصيل أن ما يقع لأهل القرى من حفر آبار في زمن الصيف للاستقاء منها في المواضع التي جرت عادتهم بالمرور فيها والانتفاع بها إن كان في محل ضيق يضر المارة ضمنت عاقلة الحافر ولو بإذن الإمام وإن كان بمحل واسع لا يضر بهم فإن فعل لمصلحة نفسه كسقي دوابه منها وأذن له الإمام أو لمصلحة عامة كسقي دواب أهل القرية وإن لم يأذن له الإمام فلا ضمان وإن كان لمصلحة نفسه ولم يأذن له الإمام ضمن وإن انتفع غيره تبعا والمراد بالإمام من له ولاية على ذلك المحل والظاهر أن منه ملتزم البلد لأنه مستأجر للأرض فله ولاية التصرف فيها ا هـ ع ش ( قول المتن لمصلحته ) أي فقط ا هـ مغني أي ولو اتفق أن غيره انتفع بها ع ش ( قوله أو جمع ماء المطر ) أي اجتماعه ( قوله ولم ينهه الإمام ) أفهم أنه لو نهاه الإمام امتنع عليه الفعل وضمن ا هـ ع ش عبارة المغني ومحله إذا لم ينهه عنه الإمام ولم يقصر فإن نهاه فحفر ضمن كما قاله أبو الفرج الزاز لافتياته على الإمام حينئذ أو قصر كأن كان الحفر في أرض خوارة ولم يطوها ومثلها ينهار إذا لم يطوها أو خالف العادة في سعتها ضمن وإن أذن له الإمام نبه عليه الرافعي في الكلام على التصرف في الأملاك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وقيده الماوردي إلخ ) أي الخلاف ا هـ مغني ( قوله بما إذا أحكم رأسها ) هل من إحكامه إعلاؤه مقدارا يمنع الوقوع عادة ( قوله وتركها مفتوحة إلخ ) لعله فيما إذا لم يعل فمها بحيث يمنع الوقوع العادي إلخ ( قوله ضمن مطلقا ) فلو أحكم رأسها محتسب ثم جاء ثالث وفتحه تعلق الضمان به ا هـ نهاية أي الثالث ع ش ( قوله له ) أي للقاضي ( قوله حيث لا يضر ) أي ما ذكر من المسجد والسقاية ( قوله وإنما يتجه ) أي ما قاله العبادي والهروي ( قوله بالنظر إلخ ) أي بسببه فالباء داخلة على المقصور ( قوله غيره ) أي غير القاضي مفعول يخص إلخ




                                                                                                                              الخدمات العلمية