الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإن بنى جداره مائلا إلى شارع ) أو ملك غيره بغير إذنه ومنه كما مر السكة غير النافذة ( فكجناح ) فيضمن الكل إن وقع التلف بالمائل والنصف إن وقع بالكل ويؤخذ منه أنه لو بناه مائلا من أصله ضمن كل التالف مطلقا وهو ظاهر أو إلى ملكه أو موات فلا ضمان لأن له التصرف فيه كيف شاء نعم إن كان ملكه مستحق المنفعة للغير بإجارة مثلا ضمن كما بحثه الأذرعي [ ص: 15 ] لأنه استعمل الهواء المستحق للغير وبه يفرق بينه وبين الحفر بملكه المستأجر مثلا على ما مر فيه لأن الحفر إتلاف لا استعمال مضمن ( أو ) بناه ( مستويا فمال ) إلى ما مر ( وسقط ) وأتلف شيئا حال سقوطه ( فلا ضمان ) لأن الميل لم يحصل بفعله ( وقيل إن أمكنه هدمه وإصلاحه ضمن ) لتقصيره بترك الهدم والإصلاح وانتصر له كثيرون وعليه فيظهر أنه لا فرق بين أن يطالب بهدمه ورفعه وأن لا ( ولو سقط ) ما بناه مستويا ومال ( بالطريق فعثر به شخص أو تلف ) به ( مال فلا ضمان ) وإن أمره الوالي برفعه ( في الأصح ) لأن السقوط لم يحصل بفعله نظير ما مر نعم إن قصر في رفعه ضمن كما قاله جمع متقدمون واعتمده الأذرعي وغيره لتعديه بالتأخير ويفرق بينه وبين ما مر فيما يمكنه هدمه بأن ذاك لم يحصل فيه انتفاع بالطريق بخلاف هذا فاشترط فيه عدم تقصيره به ولو استهدم الجدار لم يطالب بنقضه ولم يضمن ما تولد منه وإن مال كما مر ويوجه بأن الميل نشأ من غير فعله ولم ييأس من إصلاحه غالبا وبه يفرق بينه وبين ما ذكر فيمن قصر بالرفع وفي وجه قوي مدركا : للجار والمار المطالبة به

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قول المتن ، وإن بنى جداره مائلا إلخ ) قال في الروض ولصاحب الملك مطالبة من مال جداره إلى ملكه بالنقض كأغصان الشجرة تنتهي إلى ملكه ا هـ قال في شرحه لكن لو تلف بها شيء لم يضمن مالكها لأن ذلك لم يكن بصنعه بخلاف الميزاب ونحوه نقله البغوي في تعليقه عن الأصحاب ا هـ وخرج بصاحب الملك الحاكم فليس له مطالبة من مال جداره إلى الشارع بنقضه على ما يفيده قول الشارح الآتي ، ولو استهدم الجدار إلخ إن كان قوله فيه ، وإن مال راجعا أيضا لقوله لم يطالب بنقضه لكن [ ص: 15 ] قد نمنع هذا كما مر إذ عدم المطالبة بالنقض إذا مال لم يتقدم فلتراجع المسألة . ( قوله لأنه استعمل الهواء المستحق للغير إلخ ) قد يقال إنما حرم استعمال الهواء لتفويته حق الغير وهو موجود في الإتلاف لمنعه الانتفاع بموضع الحفر . ( قوله وبه يفرق بينه إلخ ) يتأمل . ( قوله نعم إن قصر في رفعه ضمن كما قاله جمع متقدمون إلخ ) اعتمد شيخنا الشهاب الرملي عدم الضمان فهل قياس عدم الضمان أنه لا يجبر على رفعه فيفرق بينه وبين إبقاء آلات البناء في الطريق زيادة على العادة بأنها بفعله أو يجبر على رفعها ولا ينافيه عدم الضمان ( قوله ضمن كما قاله جمع متقدمون ) الصحيح خلافه م ر . ( قوله بنقضه ) أي فلا ضمان ، وإن قصر في رفعها م ر ش ، ولو بناه مائلا إلى الطريق أجبره الحاكم على نقضه فإن لم يفعل فللمارين نقضه ش م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله مائلا ) أي كلا أو بعضا ( قوله بانتقاله عن ملكه ) فلو تلف بها إنسان ضمنته عاقلة البائع كما نقلاه عن البغوي وأقراه وقال البلقيني الأصح عندي لزومه للمالك أو لعاقلته حال التلف ا هـ مغني ( قوله وباعه منه ) يعني انتقل إلى ملكه بطريق شرعي ( قوله وسلمه ) أي عن البيع ا هـ ع ش ( قوله برئ ) أي وإن لم يتعرض للبراءة منه لأنه بدخوله في ملكه صار يستحق إبقاءه ولا يكلف هدمه لما فيه من إزالة ملكه عن ملكه ا هـ ع ش ( قوله المالك الآمر ) ينبغي أن المراد بالمالك أعم من مالك العين والمنفعة حيث ساغ له إخراج الميزاب ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله نعم إلخ ) انظر ما موقع هذا الاستدراك ا هـ رشيدي أي فكان ينبغي أن يذكر ما قدمناه عن المغني آنفا حتى يظهر الاستدراك ( قوله اختص الضمان به ) أي بالباني مثلا ا هـ رشيدي عبارة ع ش أي الآمر وظاهره أنه لا ضمان على بيت المال في هذه الحالة ا هـ .

                                                                                                                              ( قول المتن وإن بنى جداره ) أي بعضه أخذا من كلام الشارح الآتي آنفا وعكس المغني فقدر هنا لفظة كله ثم قال فإن بنى بعض الجدار مائلا والبعض الآخر مستويا فسقط المائل فقط ضمن الكل أو سقط الكل ضمن النصف ا هـ

                                                                                                                              ( قول المتن إلى شارع ) أي أو مسجد ا هـ نهاية ( قوله أو ملك غيره إلخ ) ولصاحب الملك مطالبة من مال جداره إلى ملكه بنقضه أو إصلاحه كأغصان شجرة انتشرت إلى هواء ملكه فله طلب إزالتها لكن لا ضمان فيما تلف بها ا هـ نهاية زاد المغني والأسنى لأن ذلك لم يكن بصنعه بخلاف الميزاب ونحوه ا هـ قال ع ش قوله فله طلب إزالتها أي فلو لم يفعل فلصاحب الملك نقضه ولا رجوع له بما يغرمه على النقض ثم رأيت الدميري صرح بذلك ا هـ .

                                                                                                                              وفي النهاية أيضا ولو بناه مائلا إلى الطريق أجبره الحاكم على نقضه فإن لم يفعل أي الحاكم فللمارين نقضه كما قاله في الأنوار ا هـ أي بخلاف ما لو بناه مستويا ثم مال فليس له مطالبته كما تقدم عن سم ا هـ ع ش أقول إنما ذكره سم على سبيل التردد بلا ترجيح شيء كما سترد عبارته عند قول الشارح ولو استهدم الجدار إلخ كلامه وعن المغني ترجيح عدم المطالبة

                                                                                                                              ( قوله ومنه ) أي ملك الغير ( قوله ومنه ) أي ملك الغير السكة غير النافذة أي إذا لم يكن فيها مسجد أو بئر مسبل وإلا فكالشارع مغني وأسنى ( قوله كما مر ) أي قبيل قول المتن ويحل إلخ ( قوله فيضمن إلخ ) أي وإن أذن فيه الإمام أسنى ومغني ( قوله بالمائل ) أي بسقوط المائل فقط وقوله بالكل أي بسقوط الكل ا هـ مغني ( قوله ويؤخذ منه ) أي من المتن ( قوله لو بناه ) أي الجدار كله ( قوله مطلقا ) أي سواء أتلف بكله أو بعضه ا هـ ع ش ( قوله فيه ) أي كل من ملكه والموات ( قوله ضمن إلخ ) وفاقا للأسنى وخلافا للنهاية والمغني [ ص: 15 ] والشهاب الرملي

                                                                                                                              ( قوله لأنه استعمل الهواء إلخ ) قد يقال إنما حرم استعمال الهواء لتفويت حق الغير وهو موجود في الإتلاف لمنعه الانتفاع بموضع الحفر ا هـ سم ( قوله وبه يفرق إلخ ) يتأمل ا هـ سم ( قوله أو بناه مستويا ) إلى قوله نعم في النهاية والمغني إلا قوله وانتصر له كثيرون ( قول المتن فمال ) الأولى ومال بالواو ( قوله إلى ما مر ) أي إلى شارع أو ملك غيره بغير إذنه ( قول المتن فلا ضمان ) .

                                                                                                                              ( تنبيه ) لو اختل جداره فطلع السطح فدقه للإصلاح فسقط على إنسان فمات قال البغوي في فتاويه إن سقط وقت الدق فعلى عاقلته الدية ا هـ مغني وفي ع ش بعد ذكر مثله عن سم على المنهج ما نصه أي وأما بعده فإن كان السقوط مترتبا على الدق السابق لحصول الخلل به ضمن وإلا فلا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ما بناه مستويا إلخ ) أي بخلاف ما بناه مائلا إلى نحو شارع فإن ما تلف به مضمون كالجناح ا هـ شرح المنهج ( قول المتن فعثر ) بتثليث المثلثة في الماضي والمضارع ا هـ رشيدي ( قوله ضمن ) وفاقا للأسنى وخلافا للنهاية والمغني ( قوله كما قاله جمع إلخ ) والصحيح خلافه م ر ا هـ سم ( قوله واعتمده الأذرعي إلخ ) اعتمد شيخنا الشهاب الرملي عدم الضمان فهل قياس عدم الضمان أنه لا يجبر على رفعه فيفرق بينه وبين إبقاء آلات البناء زيادة على العادة بأنها بفعله أو يجبر على رفعها ولا ينافيه عدم الضمان سم وقد يقال يتعين الاحتمال الثاني لأنه شغل الشارع بملكه وإن لم يكن له فيه صنع ا هـ سيد عمر ( قوله ولو استهدم إلخ ) هذا يفيد أنه ليس للحاكم مطالبة من مال جداره إلى الشارع بنقضه إن كان قوله الآتي وإن مال راجعا أيضا لقوله لم يطالب بنقضه لكن قد يمنع هذا قوله كما مر إذ عدم المطالبة بالنقض إذا مال لم يتقدم فلتراجع المسألة ا هـ سم عبارة المغني ولو استهدم الجدار ولم يمل لم يلزمه نقضه كما في أصل الروضة ولا ضمان ما تولد منه لأنه لم يجاوز ملكه وقضية هذا أنه إذا مال لزمه ذلك وليس مراده ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولو استهدم الجدار ) أي قرب إلى الهدم الجدار الذي بناه مستويا ا هـ كردي ( قوله وبه يفرق ) أي بقوله ولم ييأس إلخ ( قوله بالرفع ) كذا في أصله رحمه الله تعالى فالباء بمعنى في ا هـ سيد عمر ( قوله المطالبة به ) أي بالنقض ا هـ كردي




                                                                                                                              الخدمات العلمية