الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو وضع حجرا ) عدوانا بطريق مثلا ( و ) وضع ( آخران حجرا ) كذلك بجنبه ( فعثر بهما فالضمان أثلاث ) وإن تفاوت فعلهم نظرا إلى رءوسهم كما لو اختلفت الجراحات ( وقيل ) هو ( نصفان ) نصف على الواحد ونصف على الآخرين نظرا للحجرين لأنهما المهلكان وانتصر له البلقيني ( ولو وضع حجرا ) عدوانا ( فعثر به رجل فدحرجه فعثر به آخر ) فهلك ( ضمنه المدحرج ) الذي هو العاثر الأول لأن انتقاله إنما هو بفعله ( ولو عثر ماش بقاعد أو نائم أو واقف بالطريق ) لغير غرض فاسد ( وماتا أو أحدهما فلا ضمان ) يعني على المعثور به من أحد الثلاثة المذكورين لو مات العاثر سواء البصير والأعمى ( إن اتسع الطريق ) بأن لم تتضرر المارة بنحو النوم فيه أو كان بموات لأنه غير متعد والعاثر كان يمكنه التحرز فهو الذي قتل نفسه أما العاثر فيضمن هو أو عاقلته من مات من أولئك لتقصيره ( وإلا ) يتسع الطريق كذلك أو اتسع ووقف مثلا لغرض فاسد كما بحثه الأذرعي ومر في إحياء الموات أن الجلوس في الشارع متى ضيق به على الناس حرم وبه مع ما هنا يعلم أن المراد بالواسع هنا ما لا يعسر عرفا على المار تجنب نحو القاعد أو النائم فيه وبالضيق ما يعسر وإنه يجب إقامة من ضيق على الناس بنومه أو قعوده أو وقوفه ( فالمذهب إهدار قاعد ونائم ) لأن الطريق للطروق فهما المقصران بالنوم والقعود والمهلكان لنفسيهما ( لا عاثر بهما ) بل عليهما أو على عاقلتهما بدله ( وضمان واقف ) لأن المار يحتاج للوقوف كثيرا فهو من مرافق الطريق ( لا عاثر به ) لأنه لا حركة منه فالهلاك حصل بحركة الماشي نعم إن وجد من الواقف فعل بأن انحرف للماشي لما قرب منه فأصابه في انحرافه وماتا فهما كماشيين اصطدما وسيأتي ولو عثر بجالس بمسجد لما لا ينزه المسجد عنه ضمنه العاثر وهدر [ ص: 18 ] كما لو جلس بملكه فعثر به من دخله بغير إذنه ونائم به معتكفا كجالس وجالس لما ينزه عنه ونائم غير معتكف كقائم بطريق فيفصل فيه بين الواسع والضيق .

                                                                                                                              ( فرع ) تجارحا خطأ أو شبه عمد فعلى عاقلة كل دية الآخر ولا يقبل قول كل قصدت الدفع

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله فلا ضمان ) عبارة المنهج وهدر عاثر قال في شرحه بخلاف المعثور به ولا يهدر ، وهذا ما في الروضة كالشرحين ووقع في الأصل أنه يهدر فلم يفرق بينهما ا هـ أي لأن قول الأصل فلا ضمان مع التفصيل فيما بعده يفيد عدم الضمان هنا لكل من العاثر والمعثور به فقد دل على إهدار المعثور به فلذا أوله الشارح بقوله يعني على المعثور به إلخ ويجوز أن يؤول على معنى فلا ضمان للعاثر أي لا يضمنه المعثور به . ( قوله [ ص: 18 ] كما لو جلس بملكه فعثر به من دخله بغير إذنه ) قال في شرح الروض فإن دخل بإذنه لم يهدر ا هـ فإن أراد نفي الإهدار مطلقا أشكل فإن الملك لا ينقص الجلوس فيه عن الجلوس في الشارع المفصل فيه فإن أراد على تفصيل الشارع فقد يقرب فليحرر ( قوله أيضا كما لو جلس بملكه فعثر به من دخله بغير إذنه إلخ ) عبارة الروض ، وإن عثر الماشي بواقف أو قاعد أو نائم في ملكه فالماشي ضامن ومهدر دونهم إن دخل بلا إذنه ا هـ قال في شرحه فإن دخل بإذنه لم يهدر ا هـ وإطلاق عدم الإهدار يشكل مع الاتساع ، وكذا مع الضيق في القيام لكن الملك بالنسبة للمعثور به لا ينقص عن الشارع إن لم يزد والعاثر فيه لا يزيد على الشارع فإن أجرى تفصيل الشارع فيه قرب



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن حجرا ) أي مثلا ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله عدوانا بطريق ) إلى قوله ومر في الإحياء في المغني إلا قوله هو أو كذا في النهاية إلا قوله وانتصر له البلقيني ( قوله عدوانا ) عبارة المغني سواء كان متعديا أو لا ا هـ وعبارة الأسنى وقوله أي الروض عدوانا من زيادته ولو تركه كان أولى وإن كان حكم الوضع بلا عدوان مفهوما بالأولى ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله إلى رءوسهم ) أي رءوس الجناة ( قوله لأن انتقاله إنما هو إلخ ) قد يخرج ما لو تدحرج الحجر إلى محل ثم رجع إلى موضعه الأول وينبغي أن يقال فيه إن كان رجوعه للمحل الأول ناشئا من الدحرجة كان دفعه إلى محل مرتفع فرجع منه فالضمان على المدحرج وإن لم يكن ناشئا منه كأن رجع بنحو هرة أو ريح فلا ضمان على أحد ا هـ ع ش ( قول المتن وماتا ) أي العاثر والمعثور به ا هـ مغني ( قوله أو كان إلخ ) أي الطريق عطف على قوله لم تتضرر إلخ ( قوله فيضمن هو إلخ ) أسقط النهاية لفظة هو وعبارة المغني وتضمين واضع القمامة والحجر والحافر والمدحرج والعاثر وغيرهم المراد به وجوب الضمان على عاقلتهم بالدية أو بعضها لا وجوب الضمان عليهم كما نص عليه الشافعي والأصحاب ا هـ فينبغي أن يحمل كلام الشارح هنا وفي شرح لا عاثر بهما على ما يعم كون المعثور به بهيمة ( قوله وإلا يتسع الطريق كذلك ) أي بأن كانت تتضرر المارة بنحو النوم فيه ولم تكن بموات ( قوله لغرض فاسد ) عبارة المغني والقائم في طريق واسع أو ضيق لغرض فاسد كسرقة أو أذى كقاعد في ضيق ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وبه ) أي بما مر وقوله مع ما هنا أي في المتن ( قوله وأنه يجب إلخ ) عطف على قوله أن المراد إلخ ( قول المتن فالمذهب إهدار قاعد ونائم ) ومحل إهدار القاعد ونحوه كما قاله الأذرعي إذا كان في متن الطريق أي وسطه أما لو كان بمنعطف ونحوه بحيث لا ينسب إلى تعد ولا تقصير فلا ا هـ نهاية أي ويهدر الماشي ع ش ( قول المتن إهدار قاعد ونائم ) أي وواقف لغرض فاسد وكان الأولى ذكره ا هـ ع ش ( قوله لأن الطريق ) إلى الفصل في النهاية والمغني ( قوله بل عليهما ) أي فيما إذا كان العاثر نحو عبد أو بهيمة ا هـ رشيدي وقوله نحو عبد فيه تأمل ( قوله يحتاج للوقوف إلخ ) لتعب أو سماع كلام أو انتظار رفيق أو نحو ذلك ا هـ مغني ( قوله فأصابه في انحرافه إلخ ) بخلاف ما إذا انحرف عنه فأصابه في انحرافه أو انحرف إليه فأصابه بعد تمام انحرافه فحكمه كما لو كان واقفا لا يتحرك ( فرع ) لو وقع عبد في بئر فأرسل رجل حبلا فشده العبد في وسطه وجره الرجل فسقط العبد ومات ضمنه كما قاله البغوي في فتاويه ا هـ مغني ( قوله وماتا ) أي أو مات أحدهما أخذا مما بعده ( قوله لما لا ينزه المسجد إلخ ) أي لا يصان عنه كاعتكاف ونحوه ا هـ ع ش ( قوله وهدر ) أي العاثر سواء كان أعمى أو بصيرا [ ص: 18 ] ا هـ ع ش ( قوله بملكه ) أي أو بمستحق منفعة ا هـ مغني ( قوله من دخله ) أي دخل ملكه ( قوله بغير إذنه ) أي فإن دخل بإذنه لم يهدر ا هـ مغني وفي سم بعد ذكر مثله عن شرح الروض ما نصه فإن أراد نفي الإهدار مطلقا أشكل بأن الملك لا ينقص الجلوس فيه عن الجلوس في الشارع المفصل فيه وإن أراد على تفصيل الشارع فقد يقرب فليحرر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله معتكفا ) ينبغي أن يصدق في الاعتكاف لأنه لا يعلم إلا منه ويقوم وارثه مقامه ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( تنبيه ) لو وقع في بئر ونحوه فوقع عليه آخر عمدا بغير جذب فقتله اقتص منه إن قتل مثله مثله غالبا لضخامته أو عمق البئر أو نحو ذلك كما لو رماه بحجر فقتله فإن مات الآخر فالضمان في ماله وإن لم يقتل مثله غالبا فشبه عمد وإن سقط عليه خطأ بأن لم يختر الوقوع أو لم يعلم وقوع الأول ومات بثقله عليه أو بانصدامه بالبئر فنصف الدية على عاقلته لورثة الأول والنصف الآخر على عاقلة الحافر إن كان الحفر عدوانا لأنه مات بوقوعه في البئر وبوقوع الثاني عليه وإن لم يكن الحفر عدوانا هدر النصف الآخر وإذا غرم عاقلة الثاني في صورة الحفر عدوانا رجعوا بما غرموه على عاقلة الحافر لأن الثاني غير مختار في وقوعه عليه بل ألجأه الحافر إليه فهو كالمكره مع المكره له على إتلاف مال بل أولى لانتفاء قصده هنا بالكلية ولو نزل الأول في البئر ولم ينصدم ووقع عليه آخر فقتله فكل ديته على عاقلة الثاني فإن مات الثاني فضمانه على عاقلة الحافر للتعدي بحفره لا إن ألقى نفسه في البئر عمدا فلا ضمان فيه لأنه القاتل لنفسه مغني وروض مع شرحه




                                                                                                                              الخدمات العلمية