الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو علم الإمام قوما يخيفون الطريق ) أو واحدا ( ولم يأخذوا مالا ) نصابا ( ولا ) قتلوا ( نفسا عزرهم ) وجوبا ما لم ير المصلحة في تركه كما يؤخذ مما يأتي في التعزير ( بحبس وغيره ) ردعا لهم عن هذه الورطة العظيمة وبالحبس فسر النفي في الآية ومن ثم كان أولى من غيره فلا يتعين وله جمع غيره معه كما اقتضاه المتن ويرجع في قدره وقدر غيره وجنسه لرأي الإمام والأولى أن يستديمه إلى أن تظهر توبته وأن يكون بغير بلده وأفهم قوله علم أن له الحكم بعلمه هنا لما فيه من حق الآدمي ( وإذا أخذ القاطع نصاب السرقة ) ولو لجمع اشتركوا فيه واتحد حرزه وتعتبر قيمة محل الأخذ بفرض أن لا قطاع ثم إن كان محل بيع وإلا فأقرب محل بيع إليه من حرزه كأن يكون معه أو بقربه ملاحظ بشرطه السابق من قوته أو قدرته على الاستغاثة فإن قلت القوة والقدرة تمنع قطع الطريق لما مر أنه حيث لحق غوث لو استغيث لم يكونوا قطاعا

                                                                                                                              قلت ممنوع ؛ لأنا لا نعتبرهما في الحالة الراهنة بل بتقدير كونه سارقا ولا يلزم من وجودهما بهذا التقدير منعهما لوصف قطعه للطريق ؛ لأن أدنى قوة أو استغاثة تمنع وصف السرقة ولا يمنع هنا وصف قطع الطريق إلا قوة أو استغاثة تقاوم شوكته [ ص: 160 ] من غير شبهة مع بقية شروطها السابقة ، ويثبت ذلك برجلين لا بغيرهما إلا بالنسبة للمال وطلب المالك نظير ما مر في السرقة ( قطع يده اليمنى ) للمال كالسرقة ( ورجله اليسرى ) للمحاربة ومع ذلك هو حد واحد وخولف بينهما لئلا تفوت المنفعة كلها من جانب واحد ولو فقدت إحداهما ولو قبل أخذ المال ولو لشللها وعدم أمن نزف الدم اكتفى بالأخرى ولو عكس ذلك بأن قطع يده اليسرى ورجله اليمنى أساء واعتد به لصدق الآية به بخلاف ما لو قطع مع يمناه رجله اليمنى فيلزمه قودها بشرطه وإلا فديتها ، فتقطع رجله اليسرى أي بعد الاندمال كما هو ظاهر مما مر

                                                                                                                              وأما القول بأن قضية ذلك إجزاء قطع اليد اليسرى أول سرقة ؛ لأن تقديم اليمنى عليها بالاجتهاد ولا قائل به من أصحابنا فيرد بأن في هذه نصا على اليمنى وهو القراءة الشاذة السابق أنها بمنزلة الخبر الصحيح بخلاف ما نحن فيه على أنهم صرحوا بوقوع اليسرى حد الدهشة أو نحوها ( فإن ) فقدتا قبل الأخذ أو ( عاد ) ثانيا بعد قطعهما إلى أخذ المال ( فيسراه ويمناه ) يقطعان للآية .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله نصابا ) وإن أخذوا دونه ( قوله أيضا نصابا ) زائد على ما في شرح الروض والعباب وغيرهما وهو قيد ظاهر بل ينبغي أن يقال أو أخذوا نصابا مع فقد بقية شروط السرقة فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله لأن أدنى قوة أو استغاثة تمنع وصف السرقة إلخ ) هذا الكلام قد يفيد أن الملاحظ لو قدر على استغاثة يبالي بها السارق في حد ذاته ولا يبالي بها في تلك الحالة لقوة ما معه من الأعوان الذين يصدر معاونتهم ثبتت السرقة الموجبة للقطع فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله تمنع وصف السرقة ) لعل الوجه أن يقال بدل هذا توجد معه السرقة أو تتحقق معه الحرزية المتحقق معها السرقة وإلا [ ص: 160 ] فالأدنى المذكور لا يمنع تحقق السرقة كيف وهو محقق لشرطها فليتأمل ( قوله أيضا تمنع وصف إلخ ) لعل الوجه أن يقال يكفي في السرقة ولا يكفي في قطع الطريق م ر ( قوله ولو فقدت إحداهما إلخ ) عبارة الإرشاد ويقطع بربع دينار ولو لجمع ويرده كالسرقة ( قوله يده اليمنى ورجله اليسرى ) أو ما بقي والأخريان إن فقدتا أو عاد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فيرد بأن إلخ ) تعبيره بالمضارع يدل على أنه من عندياته مع أنه جواب شيخ الإسلام في شرح الروض فلعل هذا من باب توارد المناظر .

                                                                                                                              ( قوله أيضا فيرد بأن في هذه نصا على اليمنى وهو القراءة الشاذة إلخ ) أقول يرد على هذا الرد أن القراءتين في حكم نصين ، والقراءة المشهورة عامة لليمين واليسار والقراءة الشاذة خاصة باليمين فهي من قبيل إفراد بعض أفراد العام بحكمه وذلك لا يخصص كما تقرر في الأصول إلا أن يجاب بمنع أن القراءتين من باب العام والخاص حتى يكون الشاذة من القبيل المذكور بل هما من باب المطلق والمقيد فليتأمل جدا .

                                                                                                                              ( قوله فإن فقدتا قبل الأخذ ) قال في شرح الروض أو بعده سقط القطع كما في السرقة ا هـ .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن قوما إلخ ) أي : ولو كانوا غير مكلفين ا هـ ع ش ( قوله واحدا ) عطف على قوما ( قوله مالا نصابا ) أي : وإن أخذوا دونه وينبغي أن يقال أو أخذوا نصابا مع فقد بقية شروط السرقة ا هـ سم ( قوله ما لم ير المصلحة في تركه ) بل قد يجب أي : الترك كأن علم أنه إن عزره زاد في الطغيان وآذى من قدر على إيذائه ا هـ ع ش ( قوله ومن ثم ) أي : من أجل التفسير بذلك ( قوله فلا يتعين إلخ ) تفريع على الأولوية ( قوله جمع غيره ) أي : غير الحبس ( قوله في قدره ) أي : الحبس ( قوله لرأي الإمام إلخ ) فلا يقدر الحبس بمدة بل يستدام حتى تظهر توبته وقيل يقدر بستة أشهر ينقص منها شيئا لئلا يزيد على تغريب العبد في الزنا وقيل يقدر بسنة ينقص منها شيئا لئلا يزيد على تغريب الحر في الزنا ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله وأن يكون بغير بلده ) أي : وقوفا مع ظاهر الآية ا هـ رشيدي ولأنه أحوط وأبلغ في الزجر كما نبه عليه المغني ( قوله أن له الحكم إلخ ) أي : الحكم عليهم بأنهم قطاع كما هو ظاهر من إفهام كلام المصنف أما الحكم عليهم بالقتل أو القطع فظاهر أنه لا بد فيه من إثبات فليراجع ا هـ رشيدي ( قوله هنا ) أي : وإن قلنا بأن الأصح أن القاضي لا يقطع بعلمه في حدود الله تعالى ا هـ مغني ( قول المتن وإذا أخذ القاطع ) أي : واحدا أو أكثر ا هـ مغني ( قوله ولو لجمع ) إلى قوله على أنهم صرحوا في النهاية إلا قوله أي بعد الاندمال كما هو ظاهر مما مر ( قوله اشتركوا فيه ) هل المراد شركة الشيوع أو الأعم حتى لو أخذ من كل شيئا وكان المجموع يبلغ نصابا قطع الآخذ ؟ فيه نظر ولا يبعد الثاني تغليظا عليهم لكن قياس ما مر في السرقة الأول ويؤيده أنهم عللوا القطع بالمشترك بأن لكل واحد من الشركاء أن يدعي بجميع المال وفي المجاورة ليس لواحد منهم أن يدعي بغير ما يخصه ومعلوم مما مر في السرقة أن القاطعين لو اشتركوا في الأخذ اشترط أن يخص كل واحد منهم قدر نصاب من المأخوذ لو وزع على عددهم وإلا فلا ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله واتحد حرزه ) معطوف على قول المصنف أخذ القاطع ا هـ رشيدي ولعل الصواب على قول الشارح اشتركوا فيه ( قوله وتعتبر ) إلى قوله على أنهم صرحوا في المغني إلا قوله فإن قلت إلى من غير شبهة وقوله أي : بعد الاندمال كما هو ظاهر مما مر ( قوله ثم ) أي : في محل الأخذ ( قوله من حرزه ) متعلق بقول المصنف أخذ وكذا قوله من غير شبهة متعلق به ا هـ رشيدي عبارة المنهج مع شرحه أو بأخذ نصاب بقيدين زدتهما بقولي بلا شبهة من حرز إلخ ( قوله كأن يكون معه إلخ ) فلو كان المال يسير به الدواب بلا حافظ أو كانت الجمال مقطورة ولم تتعهد كما شرط في السرقة لم يجب القطع ا هـ مغني

                                                                                                                              ( قوله لأنا لا نعتبر إلخ ) عبارة النهاية إذ القوة والقدرة بالنسبة للحرز غيرهما بالنسبة لقطع الطريق ؛ لأنه لا بد فيه من خصوص الشوكة ونحوها كما علم مما مر بخلاف الحرز يكفي فيه مبالاة السارق به عرفا وإن لم يقاوم السارق ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ؛ لأن أدنى قوة أو استغاثة ) أي صرفها في الخارج وبه يندفع قول سم قوله تمنع وصف السرقة إلخ لعل الوجه أن يقال يكفي في السرقة ولا يكفي في قطع الطريق ا هـ المبني على إرادة القدرة عليها بدون صرفها وإجرائها في الخارج ( قوله تمنع ) أي كل [ ص: 160 ] منهما ا هـ ع ش ( قوله من غير شبهة مع بقية شروطها إلخ ) أي السرقة عبارة الأسنى والمغني قال الأذرعي وسكتوا هنا عن توقف القطع على المطالبة بالمال وعلى عدم دعوى الملك ونحوه من المسقطات وينبغي أن يأتي فيه ما مر في السرقة انتهى ا هـ

                                                                                                                              ( قوله ويثبت ذلك ) أي قطع الطريق ا هـ ع ش والأولى أخذ القاطع للنصاب ( قوله برجلين ) وبإقراره كما يأتي عن المغني ( قوله وطلب المالك ) هو بصيغة الفعل عطف على قول المصنف أخذ ا هـ رشيدي ( قوله نظير ما مر إلخ ) أي : فترك المصنف له إحالة على ما مر في السرقة ا هـ ع ش ( قول المتن قطع يده اليمنى ورجله اليسرى ) دفعة أو على الولاء ا هـ مغني ( قوله ولو لشللها إلخ ) أي : فالمراد بالفقد ما يشمل الحكمي ( قوله هو حد واحد ) أي : قطعهما ويحسم موضع القطع كما في السارق ويجوز أن تحسم اليد ثم تقطع الرجل وأن تقطعا معا ثم يحسما نهاية ومغني قال ع ش قوله وأن تقطعا إلخ ظاهره وإن خيف هلاكه ويوجه بأنه حد واحد فلا يجب تفريقه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بخلاف ما لو قطع إلخ ) وينبغي أن مثل ذلك في الضمان ما لو قطع يديه معا أو رجليه معا ؛ لأنه خالف المنصوص عليه فيضمن اليد اليسرى والرجل اليمنى ا هـ ع ش ( قوله بشرطه ) عبارة النهاية والمغني إن تعمده ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وأما القول بأن قضية ذلك إلخ ) أي : قوله ولو عكس ذلك إلخ عبارة النهاية والمغني والفرق أن قطعهما من خلاف نص يوجب خلافه الضمان وتقديم اليمنى على اليسرى اجتهاد يسقط بمحالفته الضمان ذكره الماوردي والروياني قال الزركشي وقضية الفرق أنه لو قطع في السرقة يده اليسرى في المرة الأولى عامدا أجزأ ؛ لأن تقديم اليمنى عليها إلخ وبه يعلم ما في كلام الشارح من الإيجاز ( قوله فيرد إلخ ) تعبيره بالمضارع يدل على أنه من عندياته مع أنه جواب شيخ الإسلام في شرح الروض فلعل هذا من باب توارد الخاطر ا هـ سم ( قوله وهو القراءة الشاذة ) أي : فاقطعوا أيمانهما نهاية ومغني ( قوله فإن فقدتا ) إلى قوله وقياس في النهاية إلا قوله وعندي فيه وقفة ( قوله قبل الأخذ ) أي : أما لو فقدتا بعده فلا قطع للأخريين كما تقدم نظيره فيما لو سرق فسقط يده وفي سم على حج عن شرح الروض أو بعده سقط القطع كما في السرقة ا هـ وقد يشعر بذلك قول الشارح السابق ولو قيل أخذ المال ا هـ ع ش ( قوله يقطعان ) الأولى التأنيث . .




                                                                                                                              الخدمات العلمية