الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ثم ) بعده إن أتى به سن ( التعوذ ) فثم لندب ترتيبه إذا أرادهما لا لنفي سنية التعوذ لو أراد الاقتصار عليه وذلك للآية المحمول فيها عند أكثر العلماء الأمر على الندب وقرأت [ ص: 32 ] على أردت قراءته أي إذا أردتها فقل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومن ثم كان هذا هو أفضل صيغه وسيأتي في العيد أن تكبيره بعد الافتتاح وقبل التعوذ ، وبحث عدم ندبه لمن يأتي بذكر بدل الفاتحة مردود بأن الأوجه خلافه لأن للنائب حكم المنوب عنه ويفوت بالشروع في القراءة [ ص: 33 ] ولو سهوا ( ويسرهما ) ندبا حتى في جهرية كسائر الأذكار وقضية كلامهم أنه خارجها يجهر به للفاتحة وغيرها ، وعليه أئمة القراء ومحله كما بحث إن كان ثم من يسمعه لينصت لئلا يفوته من المقروء شيء قيل وبهذا يفرق بينه وبين داخلها ويرد عليه الإمام في الجهرية فإنه يسر به مع أن المأمومين مأمورون بالإنصات له فالأولى التعليل بالاتباع ، والأوجه أنه خارجها سنة عين ويفرق بينها وبين التسمية للآكلين بأن القصد ثم حفظ المطعوم من الشيطان وهو حاصل بالتسمية الواحدة وهنا حفظ القارئ فطلبت من كل بخصوصه وبه يظهر أن التسمية في الوضوء سنة عين ( ويتعوذ كل ركعة على المذهب ) لأن في كل قراءة جديدة وهو لها لا لافتتاحها ومن ثم سن في قراءة القيام الثاني من كل من ركعتي صلاة الكسوف وإنما لم يعده لو سجد لتلاوة لقرب الفصل وأخذ منه أنه لا يعيد البسملة أيضا وإن كانت السنة لمن ابتدأ من أثناء سورة أي غير براءة كما قاله الجعبري ورد قول السخاوي لا فرق أن يبسمل وكسجود التلاوة كل ما يتعلق بالقراءة بخلاف ما إذا سكت إعراضا أو تكلم بأجنبي [ ص: 34 ] وإن قل وألحق بذلك إعادة السواك ( والأولى آكد ) مما بعدها للاتفاق على ندبه فيها .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله على أردت ) أي إرادة متصلة بقراءته ( قوله أفضل صيغه ) هو أفضل من نحو أنا عائذ بالله من الشيطان الرجيم لأنه الوارد ولو أتى بمعنى هذه الصيغ كأتحصن بالله أو ألتجئ إليه من الشيطان الرجيم فينبغي حصول المقصود في الجملة وإن فاته العمل بطلب خصوص تلك الصيغ ( قوله لأن للنائب حكم المنوب عنه ) قضية ذلك سن البسملة لمن أحسنها أيضا وقد يقال إذا أحسن البسملة وجبت لأنها آية من الفاتحة ومن قدر على آية منها لزمته .

                                                                                                                              ( فرع ) تعارض التعوذ ودعاء الافتتاح بحيث لم يمكن إلا أحدهما دون الجمع بينهما فهل يراعى الافتتاح لسبقه أو التعوذ لأنه للقراءة الأفضل والواجبة فيه نظر ( قوله ويفوت إلخ ) لا يقال هو مكرر مع قوله السابق أو القراءة ولو سهوا لأن ذاك في الافتتاح وهذا [ ص: 33 ] في التعوذ ( قوله ولو سهوا ) انظر سبق اللسان ( قوله حتى في جهرية إلخ ) في الروض في باب الأحداث وندب تعوذ لها أي للقراءة جهرا قال في شرحه وقضية كلام المصنف أنه يجهر بالتعوذ وإن أسر بالقراءة وليس كذلك بل هو على سنتها إن جهرا فجهر وإن سرا فسر إلا في الصلاة فيسر به مطلقا على الأصح ا هـ . ثم ذكر أنه يسن رفع الصوت بالقراءة ثم قال ومحل أفضلية رفع الصوت إذا لم يخف رياء ولم يتأذ به أحد وإلا فالإسرار أفضل ا هـ . ( قوله والأوجه أنه ) أي التعوذ وقوله " خارجها " ليس احترازا عن داخلها كما هو ظاهر وقوله سنة عين أي فيطلب من كل من المجتمعين للقراءة - .

                                                                                                                              ( قوله لقرب الفصل ) قضيته أنه لو طال أعاد التعوذ وهو الأوجه في شرح العباب وقياسه إعادة البسملة ( قوله لمن ابتدأ من أثناء سورة ) لا فرق بين الصلاة وخارجها لكن خصه م ر بخارجها فليحرر ( قوله لا فرق أن يبسمل ) اعتمده م ر ( قوله [ ص: 34 ] وألحق بذلك إعادة السواك ) في شرح العباب في باب الوضوء في الكلام على الاستياك على الصلاة وأنه هل يأتي به في أثنائها ما لفظه ويسن أيضا كما قاله جمع متأخرون لكل سجدة تلاوة أو شكر وسكت عنهما لأن الصلاة قد تشملهما ، سواء في الأول استاك للقراءة أم لا ؟ طال الفصل أم قرب على الأوجه وأما الاستياك للقراءة بعد السجود فينبغي بناؤه على الاستعاذة فإن سنت سن لأن هذه تلاوة جديدة وإلا وهو الأصح فلا . ثم رأيت بعضهم قال ولو قطع القراءة وعاد عن قرب فمقتضى ندب إعادة التعوذ إعادة السواك أيضا وهو ظاهر فيما ذكرته ا هـ باختصار . وقوله فيما ذكرته أي من بناء السواك على الاستعاذة



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( التعوذ ) نقل عن خصائص الشامي والخصائص الصغرى للسيوطي أن من خصائصه عليه الصلاة والسلام وجوب التعوذ لقراءته عليه الصلاة والسلام ا هـ وظاهره أنه لا فرق في ذلك بين الصلاة وخارجها ع ش ( قوله المحمول إلخ ) قد ينافيه ما مر آنفا عن ع ش عن الخصائص ( قوله أي إذا أردتها ) أي إرادة متصلة بقراءته سم عبارة البجيرمي قال الشيخ بهاء الدين في عروس الأفراح ورد عليه سؤال وهو أن الإرادة إن أخذت مطلقا لزم استحباب الاستعاذة بمجرد إرادة القراءة حتى لو أراد ثم عن له أن لا يقرأ يستحب له الاستعاذة وليس كذلك وإن أخذت الإرادة بشرط اتصالها بالقراءة استحال التعوذ قبل القراءة قال الدماميني وبقي قسم آخر باختياره يزول الإشكال ، وذلك أنا نأخذه مقيدة بأن لا يعرض له صارف عن القراءة عناني ا هـ [ ص: 32 ] قوله ومن ثم ) يعني لأجل ورود هذا التفسير وكان ينبغي التنبيه عليه أولا حتى يظهر هذا التفريع عبارة سم وهو أفضل من نحو أنا عائذ بالله من الشيطان الرجيم لأنه الوارد ولو أتى بمعنى هذه الصيغ كأتحصن بالله أو ألتجئ إليه من الشيطان الرجيم فينبغي حصول المقصود في الجملة وإن فاته العمل بطلب خصوص تلك الصيغ ا هـ عبارة النهاية والمغني ويحصل بكل ما اشتمل على التعوذ من الشيطان الرجيم وأفضله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ا هـ زاد الثاني وقيل أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ا هـ ( قوله كان هذا هو أفضل صيغة ) أي بالنسبة للقراءة أو مطلقا وإلا فلا خفاء أن التعوذ الوارد لدخول المسجد أو الخروج منه أو لدخول الخلاء الأفضل المحافظة فيه على لفظ الوارد رشيدي وقوله أو مطلقا لعل صوابه لا مطلقا ( قوله وبحث عدم ندبه إلخ ) اعتمد المغني عبارته .

                                                                                                                              ( تنبيه ) كلام المصنف يقتضي استحباب التعوذ لمن أتى بالذكر للعجز كما أنه يأتي بدعاء الافتتاح وقال في المهمات أن المتجه أنه لا يستحب وهو ظاهر لأن التعوذ لقراءة القرآن ولم يوجد بخلاف دعاء الافتتاح ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لأن للنائب حكم المنوب عنه ) قضية ذلك سن البسملة لمن أحسنها أيضا وقد يقال إذا أحسن البسملة وجبت لأنها آية من الفاتحة ومن قدر على آية منها لزمته .

                                                                                                                              ( قوله : فرع ) تعارض التعوذ ودعاء الافتتاح بحيث لم يمكن إلا أحدهما دون الجمع بينهما فهل يراعى الافتتاح لسبقه أو التعوذ لأنه للقراءة الأفضل والواجبة فيه نظر سم على حج أقول الأقرب الثاني لأن المقصود منه التحفظ من الشيطان وأيضا فهو مطلوب لكل قراءة ع ش ( قوله ويفوت ) أي التعوذ وقوله ولو سهوا خرج به ما لو سبق لسانه فلا يفوت وكذا يطلب إذا تعوذ قاصدا القراءة ثم أعرض عنها بسماع قراءة الإمام حيث طال الفصل باستماعه لقراءة إمامه بخلاف ما لو قصر الفصل فلا يأتي به ع ش قول المتن ( ويسرهما ) أي بحيث يسمع نفسه لو كان سميعا ولو أمكنه بعض الافتتاح أو التعوذ أتى به محافظة على المأمور به ما أمكن وعلم عدم ندبهما لغير المتمكن بأن اختل فيه شرط مما ذكرناه بل قد يحرمان أو أحدهما عند خوف ضيق الوقت نهاية قال ع ش قوله م ر أي بحيث يسمع إلخ أي فلا يزيد على ذلك وظاهره ولو قصد تعليم المأمومين للتعوذ والافتتاح لإمكان ذلك أما قبل الصلاة وأما بعدها وقوله ولو أمكنه بعض الافتتاح إلخ أي بأن خاف من الإتيان بهما ركوع الإمام وهو في أثناء الفاتحة وقوله أو التعوذ إلخ وهو أي بعض التعوذ صادق بأن يأتي بالشيطان أو الرجيم فقط ولعله غير مراد وأن المراد الإتيان بأعوذ بالله وقوله م ر أو أحدهما عند خوف ضيق الوقت أي بأن أحرم بها وقد بقي من الوقت ما لا يسعها وإلا فقد مر أنه يأتي بالسنن إذا أحرم في وقت يسعها وإن لزم صيرورتها قضاء لكن يشكل عليه ما يقتضيه كلام الروض من أنه إذا شرع في الصلاة في وقت يسعها كاملة بدون دعاء الافتتاح ويخرج بعضها بتقدير الإتيان به تركه وصرح بمثله حج ومن ثم قال سم في شرح الغاية يستثنى من السنن دعاء الافتتاح فلا يأتي به إلا حيث لم يخف خروج شيء من الصلاة عن وقتها ا هـ وعليه فيمكن الفرق بينه وبين بقية السنن بأنه عهد طلب ترك دعاء الافتتاح في الجنازة وفيما لو أدرك الإمام في ركوع أو اعتدال فانحطت رتبته عن بقية السنن أو بأن السنن شرعت مستقلة وليست مقدمة لشيء بخلاف دعاء [ ص: 33 ] الافتتاح ع ش .

                                                                                                                              ( قوله ندبا ) إلى قوله وقضية إلخ في المغني ( قوله حتى في جهرية إلخ ) وفي شرح الروض وقضية ك لام المصنف أنه يجهر بالتعوذ وإن أسر بالقراءة وليس كذلك بل هو على سننها إن جهرا فجهر وإن سرا فسر إلا في الصلاة فيسر به مطلقا ويسن رفع الصوت بالقراءة ومحل أفضليته إذا لم يخف رياء ولم يتأذ به أحد إلا فالإسرار أفضل انتهى ا هـ سم ( قوله ومحله كما بحث إلخ ) تقدم خلافه آنفا ويوافق ما تقدم قول ع ش وهما أي التعوذ والتسمية تابعان للقراءة إن سرا فسر وإن جهرا فجهر لكن استثنى ابن الجزري في النشر من الجهر بالتعوذ غير الأول في قراءة الإدارة المعروف الآن بالمدارسة فقال يستحب منه الإسرار لأن المقصود جعل القراءتين في حكم القراءة الواحدة ا هـ وينبغي جريان مثله في التسمية للعلة المذكورة فليراجع ا هـ وقد يقال مقتضى العلة المذكورة عدم استحباب التعوذ والتسمية بالكلية لا ندب الإسرار ( قوله لينصت إلخ ) المتبادر رجوعه لقوله ومحله إلخ ( قوله وبهذا ) أي التعليل ( قوله التعليل ) أي لندب الجهر في خارج الصلاة ( قوله والأوجه أنه ) أي التعوذ وقوله خارجها ليس احترازا عن داخلها كما هو ظاهر وقوله سنة عين أي فيطلب من كل من المجتمعين للقراءة سم عبارة السيد البصري قوله سنة عين ينبغي أن يكون محل هذا حيث اجتمع جماعة على القراءة فإنه الذي يتوهم فيه الاكتفاء بتعوذ واحد وإلا فلو قرءوا مرتبين فلكل قراءة مستقلة فأنى يتوهم الاكتفاء بتعوذ غيره السابق لقراءة نفسه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ويفرق بينها ) أي الاستعاذة ( قوله وبه ) أي بذلك الفرق قول المتن ( ويتعوذ كل ركعة إلخ ) أي لحصول الفصل بين القراءتين بالركوع وغيره مغني ونهاية ( قوله في كل ) أي من الركعات ( قوله وهو لها لا لافتتاحها إلخ ) أي والتعوذ للقراءة لا لافتتاح الصلاة وبه يعلم ما في الإضمار الأخير من الإيهام بصري ( قوله ومن ثم ) إلى قوله وأخذ في النهاية والمغني ما يوافقه ( قوله لقرب الفصل ) قضيته أنه لو أطاله أعاد التعوذ وهو الأوجه في شرح العباب وقياسه إعادة البسملة سم على حج ا هـ ع ش ( قوله وأخذ منه ) أي من التعليل ( قوله من أثناء السورة إلخ ) قوة هذا الكلام تقتضي أنه لا فرق في سن التسمية لمن ابتدأ من أثناء سورة بين الصلاة وخارجها لكن خصه م ر بخارجها فليحرر سم على حج أقول ويوجه بأن ما أتى به بعد الفاتحة من القراءة في صلاته يعد مع الفاتحة كأنه قراءة واحدة والقراءة الواحدة لا يطلب التعوذ ولا التسمية في أثنائها نعم لو عرض للمصلي ما منعه من القراءة بعد الفاتحة ثم زال وأراد القراءة بعد سن له الإتيان بالبسملة لأن ما يفعله الآن ابتداء قراءة ع ش وقوله نعم لو عرض إلخ قضيته أنه يسن للإمام الإتيان بالبسملة فيما لو سكت بعد الفاتحة السكوت المسنون ثم ابتدأ من أثناء السورة وقوله بالبسملة أي والتعوذ .

                                                                                                                              ( قوله كما قاله إلخ ) أي استثناء براءة ( قوله لا فرق ) اعتمده م ر ا هـ سم عبارة الكردي قال القليوبي تكره في أولها أي براءة وتندب في أثنائها عند شيخنا الرملي وقال ابن حج والخطيب وابن عبد الحق تحرم في أولها وتكره في أثنائها وتندب في أثناء غيرها اتفاقا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أن يبسمل ) خبر كانت ( قوله كل ما يتعلق بالقراءة ) أي كتسبيح من نابه شيء في صلاته ع ش ( قوله بخلاف ما إذا سكت إلخ ) إطلاقه صادق بالقليل وعبارة الأسنى ويكفيه التعوذ الواحد ما لم يقطع قراءته بكلام أو سكوت طويل ذكر ذلك في المجموع ا هـ وقد يجمع بينهما بأن ذاك في سكوت لا يكون بقصد الإعراض بصري [ ص: 34 ] قوله وإن قل ) راجع للسكوت أيضا ( قوله والحق إلخ ) قال في شرح العباب ويسن الاستياك أيضا كما قاله جمع متأخرون لكل سجدة تلاوة أو شكر سواء في الأول استاك للقراءة أم لا طال الفصل أم قرب على الأوجه وأما الاستياك للقراءة بعد السجود فينبغي بناؤه على الاستعاذة فإن سنت سن وإلا وهو الأصح فلا ثم رأيت بعضهم قال ولو قطع القراءة وعاد عن قرب فمقتضى ندب إعادة التعوذ إعادة السواك أيضا وهو ظاهر فيما ذكرته ا هـ أي من بناء السواك على الاستعاذة سم .

                                                                                                                              ( قوله بذلك ) أي بإعادة التعوذ




                                                                                                                              الخدمات العلمية