الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            أمر العقبة الثانية

            [ مصعب بن عمير والعقبة الثانية ]

            قال ابن إسحاق : ثم إن مصعب بن عمير رجع إلى مكة ، وخرج من خرج من الأنصار من المسلمين إلى الموسم مع حجاج قومهم من أهل الشرك ، حتى قدموا مكة ، فواعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة ، من أوسط أيام التشريق ، حين أراد الله بهم ما أراد من كرامته ، والنصر لنبيه ، وإعزاز الإسلام وأهله ، وإذلال الشرك وأهله . قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبث عشر سنين يتبع الناس في منازلهم مجنة وعكاظ وفي المواسم بمنى يقول : «من يؤويني؟ ومن ينصرني؟ حتى أبلغ رسالات ربي وله الجنة» ، فلا يجد أبدا أحدا يؤويه ولا ينصره ، حتى إن الرجل ليرحل من مضر أو اليمن ، فيأتيه قومه وذوو رحمه فيقولون : احذر فتى قريش لا يفتنك يمضي بين رحالهم ، وهم يشيرون إليه بأصابعهم ، حتى بعثنا الله إليه من يثرب فيأتيه الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القرآن فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه حتى لم تبق دار من دور يثرب إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام . ثم بعثنا الله تعالى فأتمرنا واجتمعنا فقلنا :

            متى نذر رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف في جبال مكة ويخاف؟ فرحل إليه منا سبعون رجلا حتى قدموا عليه في الموسم ، فواعدناه شعب العقبة ، فاجتمعنا فيه من رجل ورجلين حتى توافينا عنده ، فقلنا : يا رسول الله علام نبايعك؟ قال : «تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل ، وعلى النفقة في العسر واليسر ، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعلى أن تقولوا في الله ، لا تأخذكم لومة لائم ، وعلى أن تنصروني إذا قدمت عليكم يثرب ، تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة»
            .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية