الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

            1212 - [إسحاق بن عيسى بن نجيح ، أبو يعقوب المعروف بابن الطباع .

            سمع مالك بن أنس ، وشريك بن عبد الله وغيرهما . روى عنه: أحمد بن حنبل وكان صدوقا . وانتقل في آخر عمره إلى أدنة ، فأقام بها حتى توفي في ربيع الأول من هذه السنة] .

            1213 - سعيد بن أوس بن ثابت ، أبو زيد الأنصاري .

            كان عالما بالنحو واللغة ، وحدث عن شعبة ، وأبي عمرو بن العلاء ، روى عنه: أبو عبيدة وغيره ، وكان ثقة ثبتا من أهل البصرة ، وقدم بغداد .

            قال أبو عثمان] المازني : كنا عند أبي زيد ، فجاء الأصمعي فأكب على رأسه وجلس وقال: هذا عالمنا ومعلمنا منذ ثلاثين سنة [فبينا] نحن على ذلك إذ دخل خلف الأحمر ، فأكب على رأسه وجلس وقال: هذا عالمنا ومعلمنا منذ عشر سنين .

            قال روح بن عبادة : كنا عند شعبة فضجر من الحديث ، فرمى بطرفه ، فرأى أبا زيد في أخريات الناس ، فقال: يا أبا زيد :


            أستعجمت دار مي ما تكلمنا والدار لو كلمتنا ذات أخبار

            إلي يا أبا زيد ، فجعلا يتناشدان الأشعار . فقال بعض أصحاب الحديث لشعبة : يا أبا بسطام ، نقطع إليك ظهور الإبل لنسمع منك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فتدعنا وتقبل على الأشعار؟ قال: فرأيت شعبة قد غضب غضبا شديدا ، ثم قال: يا هؤلاء أنا أعلم بالأصلح لي أنا والله الذي لا إله إلا هو أسلم مني في ذلك .

            قال المازني : سمعت أبا زيد النحوي يقول:

            وقفت على قصاب وقد أخرج بطنين سمينين موفورين فعلقهما ، فقلت: بكم البطنان؟ فقال: بمصفعان يا مضرطان فغطيت رأسي وفررت لئلا يسمع الناس فيضحكوا .

            توفي أبو زيد في هذه السنة بالبصرة وله ثلاث وتسعون سنة ، وقيل: سنة أربع عشرة .

            1214 - سهل بن محمود بن حليمة ، أبو السري .

            حدث عن سفيان بن عيينة ، روى عن عباس الدوري ، وكان محدثا ثقة ناسكا . وتوفي في هذه السنة .

            1215 - علي بن الحسن بن شقيق بن محمد بن دينار ، أبو عبد الرحمن العبدي [المروزي] .

            قدم بغداد ، وحدث بها عن إبراهيم بن طهمان وإبراهيم بن سعد ، وحماد بن زيد ، وشريك ، وسفيان بن عيينة ، وعبد الله بن المبارك ، وكان يحفظ كتب ابن المبارك وشاركه في كثير من رجاله .

            روى عنه: أحمد بن حنبل ، ويحيى ، وأبو خيثمة وكان جامعا .

            وتوفي بمرو في هذه السنة .

            1216 - قبيصة بن عقبة ، أبو عامر السوائي .

            من بني عامر بن صعصعة ، سمع الثوري ، وحماد بن سلمة ، روى عنه: أحمد [ابن حنبل] وغيره وكان رجلا صالحا ثقة كثير الحديث [حافظا] .

            تكلموا في سماعه عن سفيان [الثوري] فقالوا: كان حينئذ صغيرا .

            عن جعفر بن حمرويه يقول: كنا على باب قبيصة ومعنا دلف أبو عبد العزيز ومعه الخدم ، فصار إلى قبيصة ، فدق عليه الباب ، فأبطأ قبيصة بالخروج فعاوده الخدم ، وقيل: ابن ملك [الجبل] على الباب وأنت لا تخرج إليه؟ قال: فخرج وفي طرف إزاره كسر من الخبز وقال: رجل قد رضي من الدنيا بهذا ، فما يصنع بابن ملك الجبل ، والله لا حدثته . فلم يحدثه .

            توفي قبيصة في هذه السنة . وقيل: في سنة عشرين والأول أصح . 1217 - محمد بن عبد الله بن المثنى بن أنس بن مالك ، أبو عبد الله الأنصاري .

            ولد سنة ثماني عشرة ومائة . سمع أباه ، وسليمان التيمي ، وحميدا الطويل ، ومالك بن دينار ، وغيرهم .

            روى عنه: أبو الوليد الطيالسي ، وقتيبة ، وأحمد بن حنبل ، وغيرهم ، وكان ثقة ، وقد جالس في الفقه سوار بن عبد الله ، وعبد الله بن حسن العنبري ، وعثمان البتي ، وأبا يوسف ، وزفر .

            وولي قضاء البصرة أيام الرشيد ، وقدم بغداد فولي بها القضاء والمظالم ، وحدث بها ، ثم رجع إلى البصرة فمات بها في رجب هذه السنة وهو ابن سبع وتسعين سنة ، وقيل [توفي] سنة أربع عشرة .

            قال محمد بن عبد الله الأنصاري : كان يأتي علي قبل اليوم عشرة أيام لا أشرب فيها الماء واليوم أشرب كل يومين ، فقيل له: كنت تشرب اللبن؟ قال: اللبن مثل الماء ، قيل له: فعسل؟ قال: لا .

            عن سليمان بن داود ] قال: وجه المأمون إلى محمد بن عبد الله الأنصاري خمسين ألف درهم وأمره أن يقسمها بين الفقراء بالبصرة ، وكان هلال بن مسلم يتكلم على أصحابه ، قال الأنصاري : وكنت أنا أتكلم على أصحابي ، فقال هلال : هي لي ولأصحابي ، وقلت أنا: هي لي ولأصحابي . فاختلفنا . فقلت لهلال : كيف تتشهد؟ فقال هلال : أو مثلي يسأل عن التشهد؟ فتشهد على حديث ابن مسعود ، فقال الأنصاري من حدثك [بهذا] ومن أين ثبت عندك؟ فبقي هلال لم يجبه ، فقال الأنصاري : تصلي كل يوم وليلة خمس صلوات وتردد فيها هذا الكلام وأنت لا تدري من رواه عن نبيك صلى الله عليه وسلم؟ قد باعد الله بينك وبين الفقه ، فقسمها الأنصاري في أصحابه .

            1218 - مكي بن إبراهيم بن بشر بن فرقد ، أبو السكن البرجمي الحنظلي التميمي .

            من أهل بلخ ، سمع بهز بن حكيم ، وابن جريج ، ومالك بن أنس ، روى عنه: أحمد بن حنبل ، والقواريري ، [والبخاري] والحسن بن عرفة ، وغيرهم . وكان ثقة ثبتا .

            قال عبد الصمد بن الفضل : سمعت مكيا يقول حججت ستين حجة ، وتزوجت ستين امرأة ، وجاورت بالبيت عشر سنين ، وكتبت عن سبعة عشر نفسا من التابعين ، ولو علمت أن الناس يحتاجون إلى ما كتبت ما كتبت دون التابعين عن أحد .

            عن مكي بن إبراهيم قال: قطعت البادية من بلخ إلى مكة حاجا خمسين مرة ، ودفعت في كراء بيوت مكة ألف دينار ومائتي دينار ونيفا .

            توفي مكي ببلخ في نصف شعبان من هذه السنة ، وقد قارب المائة سنة .

            1219 - الوليد بن أبان الكرابيسي .

            أحد المتكلمين ، وهو أستاذ حسين الكرابيسي .

            قال أحمد بن سنان : كان الوليد الكرابيسي خالي ، فلما حضرته الوفاة قال لبنيه: تعلمون أن أحدا أعلم بالكلام مني؟ قالوا: لا ، قال: فتتهموني؟ قالوا: لا ، قال: أني أوصيكم ، تقبلون؟ قالوا: نعم . قال: عليكم بما عليه أصحاب الحديث ، فإني رأيت الحق معهم ، لست أعني الرؤساء ولكن هؤلاء الممزقين ألم تر أحدهم يأتي إلى الرئيس منهم فيخطئه ويهجيه .

            قال أبو بكر بن الأشعث : كان أعرف الناس بالكلام بعد حفص القرد الكرابيسي وكان حسين الكرابيسي [قد] تعلم منه الكلام .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية