الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

            1220 - إسماعيل بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، أبو الحسن .

            كان من وجوه بني هاشم وأفاضلهم ، وكان طوالا من الرجال يخضب بالحناء .

            وتوفي ببغداد في هذه السنة .

            1221 - الحسن بن سوار ، أبو العلاء البغوي .

            حدث عن الليث والمبارك بن فضالة ، روى عنه: أحمد بن حنبل ، وأبو حاتم الرازي ، وكان ثقة . توفي بخراسان .

            1222 - الحسين بن إبراهيم بن الحر ، أبو علي ، يلقب: أشكاب .

            سمع حماد بن زيد وشريك بن عبد الله ، روى عنه: عباس الدوري ، وكان ثقة .

            قال: الحسين بن إبراهيم بن الحر من أبناء أهل خراسان من أهل نسا ، وكان أبوه فيمن خرج في دعوة آل العباس مع أسد بن عبد الرحمن الذي ظهر بنسا ، وسود ، وولي أسد أصبهان سنة خمس وأربعين ومائة ، ونشأ الحسين ببغداد ، وطلب الحديث ، ولزم أبا يوسف القاضي ، فاتصل بالوالي ، ثم قعد عنهم ، فلم يدخل في شيء من القضاء ولا غيره ، فلم يزل ببغداد ، يؤتى في الحديث والفقه ، إلى أن مات سنة ست عشرة ومائتين في خلافة المأمون ، وهو ابن إحدى وسبعين سنة .

            1223 - زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور وتكنى أم جعفر وأمة العزيز .

            ولدت في زمان المنصور ، وكان يرقصها ويقول: أنت زبدة وأنت زبيدة ، فغلب ذلك الاسم عليها ، وهي زوجة هارون الرشيد ، وأم الأمين وليس في بنات هاشم عباسية ولدت خليفة إلا هي ، وكان الرشيد [قد] شكى إلى عبد الله بن مصعب الزبيري أن زبيدة لا تحمل منه ، فقال: أغرها فإن إبراهيم الخليل [عليه السلام] كانت عنده سارة فلم تحمل منه ، فحملت هاجر ، فغارت فحملت بإسحاق [عليه السلام] فغارت زبيدة من مراجل ، فحملت بالأمين ، وكانت معروفة بالخير والأنفال على العلماء والفقراء ، ولها آثار كثيرة في طريق مكة ، والمدينة ، والحرمين ، وساقت الماء من أميال حتى غلغلته بين الحل والحرم ، ووقفت أموالها على عمارة الحرمين .

            قال إسماعيل بن جعفر بن سليمان : حجت أم جعفر فبلغ إنفاقها في ستين يوما: أربعة وخمسين ألف ألف [دينار] ورفع إليها وكيلها حساب النفقة فنهته [عن ذلك] ، وقالت له: ثواب الله بغير حساب .

            وبلغنا أن وكيل أم جعفر حبس رجلا كان ينظر في ضياعها ، فأخذ من ارتفاعها مالا يبلغ مائتي ألف درهم ، فبعث المحبوس إلى صديقين له يسألهما سؤال الوكيل في أمره ، فلقيهما الفيض بن أبي صالح ، فقال: إلى أين؟ قالا: نمضي إلى كذا وكذا ، فقال: أتحتاجان أن أساعدكما ، قالا: نعم ، فمضى معهما وكتب الوكيل إلى أم جعفر يخبرها بالحال ، فقالت: لا سبيل إلى إطلاقه حتى يؤدي ما عليه ، فعزما على النهوض ، فقال الفيض : كأننا إنما جئنا لنؤكد حبس الرجل [وأخذ الدواة] وكتب إلى وكيله بأداء المال ، فكتب وكيل أم جعفر إليها بالحال ، فوقعت على ظهر رقعته: نحن أولى بهذه المكرمة من الفيض ، فاردد إليه حظه وسلم إليه الرجل .

            عن الفضل بن الربيع قال: خرج أمير المؤمنين الرشيد من عند زبيدة وقد تغدى عندها ونام وهو يضحك ، فقلت: قد سرني سرور أمير المؤمنين ، فقال: ما أضحك ، إلا تعجبا من هذه المرأة ، أكلت عندها ونمت ، فسمعت رنة ، فقلت: ما هذه ، قالوا: ثلاثمائة ألف دينار وردت من مصر ، فقالت: هبها لي يا ابن عم ، فرفعتها إليها ، فما برحت حتى عربدت ، وقالت: أي خير رأيت منك .

            توفيت أم جعفر ببغداد في جمادى الأولى من هذه السنة .

            قال عبد الله بن المبارك الزمن :

            رأيت زبيدة في المنام ، فقلت: ما فعل الله بك؟ فقالت: غفر لي بأول معول ضرب في طريق مكة ، قلت: فما هذه الصفرة في وجهك؟ قالت: دفن بين ظهرانينا رجل يقال له بشر المريسي زفرت جهنم عليه زفرة اقشعر لها جسدي فهذه الصفرة من تلك الزفرة .

            1224 - عبد الصمد بن النعمان ، أبو محمد البزاز النسائي

            سكن بغداد ، وحدث بها عن ابن أبي ذئب ، وشعبة ، وحمزة الزيات ، وروى عنه: عباس الدوري ، وكان ثقة .

            توفي في هذه السنة .

            1225 - محمد بن الحجاج ، مولى العباس بن محمد الهاشمي ، يكنى أبا عبد الله . وقيل: أبا جعفر ، ويعرف بالمصفر .

            روى عن شعبة والدراوردي ، ترك أحمد حديثه ، وقال يحيى : وقال يحيى: ليس بثقة ، وقال أبو زرعة: يروي أباطيل عن شعبة والدراوردي .

            قال المصنف: كان يتشيع .

            ومات في هذه السنة .

            1226 - محمد بن عباد بن عباد بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي البصري ، واسم أبي صفرة: ظالم بن سراق .

            كان محمد يتولى الصلاة والإمارة بالبصرة ، وقدم بغداد ، فحدث عن أبيه ، عن صالح المري ، وهشيم .

            روى عنه: إبراهيم الحربي ، والكديمي وأبو العيناء ، وغيرهم .

            قال إبراهيم الحربي : قدم علينا محمد بن عباد فذهبنا إليه فسمعنا منه ولم يكن بصيرا بالحديث ، حدثنا بحديث . فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بهرة . وغلط . إنما التزقت الباء بالقاف .

            قال المأمون لمحمد بن عباد أردت أن أوليك فمنعني إسرافك في المال . فقال محمد : منع الموجود سوء ظن بالمعبود ، فقال له المأمون : لو شئت أبقيت على نفسك فإن الذي تنفقه بعيد الرجوع ، فقال له: يا أمير المؤمنين ، من له مولى غني لا يفتقر ، فاستحسن المأمون ذلك منه ، وقال للناس: من أراد أن يكرمني فليكرم ضيفي محمد بن عباد . فجاءت الأموال إليه من كل ناحية ، فما برح وعنده منها درهم ، وقال: إن الكريم لا تحنكه التجارب .

            قال المأمون لمحمد بن عباد : يا محمد بلغني أنه لا يقدم أحد البصرة إلا دخل دار ضيافتك قبل أن ينصرف من حاجاته ، فكيف تسع هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين ، منع الموجود سوء ظن بالمعبود [فاستحسنه منه] وأوصل إليه المأمون ما مبلغه ستة آلاف ألف درهم .

            ومات وعليه خمسون ألف دينار ، وقال المأمون : يا محمد ما أكثر الطاعنين على آل المهلب ، فقال: يا أمير المؤمنين ، هم كما قال الشاعر:


            إن الغرانيق تلقاها محسدة ولا ترى للئام الناس حسادا

            قال المغيرة : هذا الشعر من قصيدة مدح بها عمر بن لجأ يزيد بن المهلب ، وأول القصيدة:


            آل المهلب قوم إن نسبتهم     كانوا الأكارم آباء وأجدادا
            كم حاسد لهم بغيا لفضلهم     وما دنا من مساعيهم ولا كادا



            قال إبراهيم بن عبد الرحمن : لما احتضر محمد بن عباد [بن المهلب] دخل عليه نفر من قومه كانوا يحسدونه ، فلما خرجوا قال متمثلا:


            تمنى رجال أن أموت فإن أمت     فتلك سبيل لست فيها بأوحد
            فما عيش من يبغي خلافي بضائري     وما موت من يمضي أمامي بمخلدي
            فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى     تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد

            عن الغلابي قال]: قيل للعتبي : مات محمد بن عباد فقال: نحن متنا بفقده وهو حي بمجده .

            1227 - موسى بن داود ، أبو عبد الله الضبي الحلفاني .

            كوفي الأصل ، سكن بغداد ، وحدث بها عن مالك ، وشعبة ، والثوري ، والليث ، روى عنه: أحمد بن حنبل وكان ثقة مأمونا مصنفا ، وولي قضاء الثغور ، فحمد فيها .

            وتوفي في هذه السنة بالمصيصة .

            خاتمة الناسخ آخر الجزء العاشر يتلوه في الجزء الذي بعده:

            ثم دخلت سنة سبع عشرة ومائتين .

            والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ورضي الله عن أصحاب رسول الله أجمعين .

            وذلك في العشر الأخير من شهر رمضان المعظم قدره ، سنة أربع وثمانمائة ، أحسن الله تقضيتها بخير في عافية بمنه وكرمه ، وغفر لمن استكتبه وكتبه ونظر فيه ودعا لهما وللمسلمين بالمغفرة والرحمة ، وللمسلمين أجمعين آمين آمين آمين ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية