الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر من توفي في سنة سبعين ومائتين من الأكابر

            أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم بن سعيد بن أبي زرعة ، أبو بكر البرقي أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم بن سعيد بن أبي زرعة ، أبو بكر البرقي ، من أهل برقة .

            حدث وكان ثقة ثبتا . قيل إن أخاه محمدا كان قد صنف التاريخ ولم يتمه ، فأتمه هو ، وحدث به ، وكان إسنادهما واحدا ، وكان أحمد يمشي في سوق الدواب فضربته دابة فمات من يومه ، وذلك في رمضان هذه السنة .

            أحمد بن عبد العزيز بن داود بن مهران الحرابي [أحمد بن عبد العزيز بن داود بن مهران الحرابي .

            رحل وكتب الحديث ، وحفظ ، وروى ، وعاد إلى حران ، فتوفي بها في هذه السنة ] .

            أحمد بن طولون أحمد بن طولون .

            أمير الديار المصرية ، وباني الجامع بها ، المنسوب إليه ، وقد ملك دمشق والعواصم والثغور مدة طويلة وطولون تركي ، أنفذه نوح بن أسد عامل بخارى إلى المأمون سنة مائتين ، وتوفي سنة أربعين ومائتين ، وولد له أحمد ببغداد سنة عشرين ومائتين ، ونشأ بعيد الهمة ، وكان يستقل عقول الأتراك وأديانهم ، ويقول : إن حرمة الدين عندهم منهوكة وكانوا يهابونه ، ويتقوون به على الأموال ، وتمكنت له المحبة في قلوب الناس ، ونشأ على الخير والصلاح ، وحفظ القرآن ، وطلب الحديث ، فلقي الشيوخ وسمع منهم ، ثم سأل الوزير عبيد الله بن يحيى بن خاقان أن يوقع له برزقه على الثغر ليكون في جهاد متصل وثواب دائم ، ففعل ، وكانت ولايته ما بين رحبة [ مالك ] بن طوق إلى المغرب ، وكانت أمه بسر من رأى ، فبلغه أنها تبكيه لبعده ، فرجع إليها فخرج على الرفقة الذين صحبهم أعراب ، فقاتلهم أشد قتال ، ونصر عليهم ، وخلص من أيديهم أموالا قد حملت إلى المستعين ، فحسن مكانه عنده ، وبعث إليه المستعين سرا ألف دينار ، وقال للرسول : عرفه محبتي له ، وإيثاري لاصطناعه غير أني أخاف أن أظهر له ما في قلبي فيقتله الأتراك .

            ثم استدام الإنعام عليه ، ووهب له جارية اسمها : مياس ، فولدت له ابنه خمارويه في محرم سنة خمسين ومائتين ، ولما تنكر الأتراك للمستعين وخلعوه وولوا المعتز أحدروه إلى واسط وقالوا : من تختار أن يكون في صحبتك؟ فقال : أحمد بن طولون ، فبعثوه معه ، فأحسن صحبته ، ثم خاف غلمان المتوكل من كيد المستعين ، فكتبوا إلى أحمد بن طولون أن [ اقتله فإن ] قتلته وليناك واسطا .

            فكتب إليهم : والله لا رآني الله قتلت خليفة بايعت له أبدا . فأنفذوا إليه سعيدا الحاجب ، فلما رآه المستعين قال : قد جاء جزار بني العباس ، فتسلمه ، وضرب خيمة على بعد ، فأدخله إليها ، ثم خرج وألقاها على ما فيها ورحل . فلما بعد نظروا ، فإذا هو قد حمل رأس المستعين معه ، فغسل أحمد بن طولون الجثة وكفنها وواراها ، وعاد إلى سر من رأى ، فزاد محله عند الأتراك ، ووصفوه بحسن المذهب ، فولوه مصر نيابة عن أميرها في سنة أربع وخمسين ، فقال حين دخلها : غاية ما وعدت به في قتل المستعين ولاية واسط ، فتركت ذلك لأجل الله تعالى فعوضني الله ولاية مصر والشام .

            ثم قتل والي مصر في أيام المهتدي ، فصار مستبدا بنفسه في أيام المعتمد ، وركب يوما إلى الصيد فلما طعن في البرية غاضت يد دابة بعض أصحابه في وسط الرمل ، فكشف المكان فرأى مطلبا واسعا ، فأمر أن يعمل فيه ، فوجد فيه من المال ما قيمته ألف ألف دينار ، فأنفق معظم ذلك في البر والصدقة وبناء الجامع ، وقال له وكيله يوما : ربما امتدت إلى الكف المطوقة ، والمعصم فيه السوار ، والكف الناعم ، أفامنع هذه الطبقة؟ فقال له : ويحك ، هؤلاء المستورون الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ، احذر أن ترد يدا امتدت إليك .

            وحسن له بعض التجار التجارة ، فدفع إليه خمسين ألف دينار ، فرأى فيما يرى النائم كأنه يمشمش عظما ، فدعى المعبر فقص عليه ما رأى ، فقال : قد سمت عمة الأمير إلى مكسب لا يشبه خطره . فاستدعى صاحب صدقاته ، وقال له : امض إلى التاجر ، وخذ [ منه ] الخمسين ألف دينار ، وتصدق بها .

            وحكى الحافظ ابن عساكر في " تاريخه " عن بعض مشايخ مصر أن طولون لم يكن أباه ، وإنما كان قد تبناه ، وأنه كان ظاهر النجابة من صغره ، وأنه اتفق أن بعثه طولون في حاجة ليأتيه بها من قصر الإمارة ، فذهب ، فإذا حظية من حظايا أبيه مع بعض الخدم في فاحشة ، فأخذ حاجته التي أمره بها ، وكر راجعا إليه سريعا ، ولم يخبره بشيء مما رأى من ذلك ، فتوهمت الحظية أن يكون أحمد قد أخبر طولون بما رأى ، فجاءت إلى طولون فقالت : إن أحمد جاءني الآن إلى المكان الفلاني وراودني عن نفسي ، وانصرفت إلى قصرها ، فوقع في نفسه صدقها ، فاستدعى أحمد ، وكتب معه كتابا ، وختمه إلى بعض الأمراء : أن إذا وصل إليك حامل هذا الكتاب فاضرب عنقه ، وابعث برأسه سريعا إلي . فذهب أحمد وهو لا يدري ما في الكتاب ، فاجتاز في طريقه بقصر تلك الحظية ، فاستدعته إليها ، فقال : إني مشغول بهذا الكتاب لأوصله إلى فلان . فقالت : هلم ، فلي إليك حاجة - وأرادت أن تحبسه عندها ; ليكتب لها كتابا ، لتحقق في ذهن الملك ما ذكرته من أمره ، وأرسلت بذلك الكتاب مع الخادم الذي كانت هي وإياه على الفاحشة وجلس أحمد يكتب لها الكتاب ، وذهب ذلك الخادم إلى ذلك الأمير بالكتاب ، فلما قرأه أمر بضرب عنقه ، وأرسل برأسه إلى الملك طولون ، فتعجب الملك وقال : أين أحمد ؟ فطلب له ، فقال : ويحك ، أخبرني كيف صنعت منذ خرجت من بين يدي ؟ فأخبره بما جرى من الأمر ، ولما سمعت تلك الحظية بأن رأس الخادم قد أتي به إلى الملك سقط في يديها ، وتوهمت أن الملك قد تحقق الحال ، فقامت إليه تعتذر وتستغفر مما وقع منها مع الخادم ، واعترفت بالحق وبرأت ساحة أحمد ، فحظي عنده ، وأوصى له بالملك من بعده . وقد قيل - فيما حكاه ابن خلكان : إنه قتل صبرا نحوا من ثمانية عشر ألف نفس . والله أعلم . وبنى البيمارستان ، فغرم عليه ستين ألف دينار ، وعلى الميدان مائة وخمسين ألفا ، وكان له صدقات كثيرة جدا ، وإحسان زائد ، ثم ملك دمشق بعد أميرها أماجور في سنة أربع وستين ومائتين ، فأحسن إليهم أيضا .

            واتفق أنه وقع بها حريق عند كنيسة مريم ، فنهض بنفسه إليه ومعه أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الحافظ الدمشقي ، وكاتبه أبو عبد الله أحمد بن محمد الواسطي ، ثم أمر كاتبه أن يخرج من مال الأمير سبعين ألف دينار تصرف إلى أهل الدور والأموال التي أحرقت ، فصرف إليهم جميع قيمة ما ذكروه ، وبقي أربعة عشر ألف دينار ، فأمر بها أن توزع عليهم على قدر حصصهم ، ثم أمر بمال عظيم يفرق على فقراء دمشق وغوطتها ، فأقل ما حصل للفقير دينار ، رحمه الله .

            ثم خرج إلى أنطاكية فحاصر بها صاحبها سيما حتى قتله ، وتسلم البلد ولما اشتد مرضه في علة الموت فخرج المسلمون بالمصاحف ، واليهود بالتوراة ، والنصارى بالأناجيل ، والمعلمون بالصبيان ، وكثر الدعاء في الصحراء والمساجد ، فلما أحس بالموت رفع يده وقال : يا رب ، ارحم من جهل مقدار نفسه وأبطره حكمك عنه . ثم تشهد وقضى في ذي القعدة من هذه السنة ، وقيل : في التي قبلها .

            وكان عمره خمسين سنة ، وخلف ثلاثة وثلاثين ولدا منهم سبعة عشر ذكرا ، وترك عشرة آلاف ألف دينار ، وكان له من المماليك سبعة آلاف ، ومن الخيل على مربطه سبعة آلاف فرس ، ومن الجمال والبغال ستة آلاف رأس ، ومن المراكب الخاصة ثلاثمائة ، ومن المراكب الحربية مائة مركب ، ومن الغلمان أربعة وعشرون ألفا ، وكان خراج مصر في أيامه أربعة آلاف ألف دينار وثلاثمائة ألف دينار .

            [ وأنفق على المصالح أموالا كثيرة منها على الجامع مائة وعشرين ألف دينار ] وكان يتصدق في كل شهر بثلاثة آلاف دينار شاذة سوى الراتب ، وكان راتب مطبخه في كل يوم ألف دينار ، وكان يجري على أهل المساجد كل شهر ألف دينار ، وعلى فقراء الثغر كذلك ، وحمل إلى بغداد في أيامه ما فرق على الصالحين والعلماء ألفي ألف دينار ومائتي ألف دينار . ورآه بعض المتزهدين في المنام بحال حسنة ، فقال له : ما ينبغي لمن سكن الدنيا أن يحتقر حسنة فيدعها ، ولا سيئة فيأتيها ، عدل بي عن النار إلى الجنة بتثبتي على متظلم عيي اللسان ، شديد التهيب ، فسمعت منه وصبرت عليه حتى قامت حجته ، وتقدمت بإنصافه ، وما في الآخرة على رؤساء الدنيا أشد من الحجاب الملتمسي الإنصاف . ورآه آخر في المنام فقال له : إنما البلاء من ظلم من لا ناصر له .

            وعن الحسين بن أحمد النديم قال : سمعت محمد بن علي المادرائي قال : كنت أجتاز بتربة أحمد بن طولون ، فأرى شيخا يقرئ عند قبره ملازما للقبر ، ثم أني لم أره مدة ، ثم رأيته بعد ذلك ، فقلت له : ألست الذي كنت أراك عند قبر ابن طولون تقرأ عليه؟ قال : بلى . قد كان والينا في هذا البلد ، وكان له علينا بعض العدل ، وإن لم يكن الكل ، فأحببت أن أصله بالقرآن . قلت له : فلم انقطعت عنه ؟ قال لي : رأيته في النوم ، وهو يقول لي : أحب أن لا تقرأ عندي ، فكأني أقول له : لأي سبب؟ فقال : ما يمر بي آية إلا قرعت بها وقيل لي : أما سمعت هذه؟ ! .

            إبراهيم بن مرزوق بن دينار ، أبو إسحاق البصري [إبراهيم بن مرزوق بن دينار ، أبو إسحاق البصري] .

            قدم مصر ، وكان ثقة ثبتا ، وذهب بصره قبل موته .

            وتوفي بمصر في جمادى الآخرة من هذه السنة ] .

            إسماعيل [بن عبد الله] بن ميمون بن عبد الحميد بن أبي الرجال ، أبو النضر العجلي إسماعيل [بن عبد الله] بن ميمون بن عبد الحميد بن أبي الرجال ، أبو النضر العجلي .

            مروزي الأصل ، وهو ابن أخي نوح بن ميمون المضروب . سمع خلقا كثيرا وروى عنه : محمد بن مخلد الدوري ، وأبو الحسين بن المنادي .

            وعن محمد بن إسحاق الثقفي قال : أنشدني أبو النضر العجلي لنفسه :


            تخبرني الآمال أني معمر وأن الذي أخشاه عني مؤخر     فكيف ومر الأربعين قضيته
            علي بحكم قاطع لا يغير      [إذا المرء جاز الأربعين فإنه
            أسير لأسباب المنايا ومعثر]

            وعن محمد بن العباس قال : قرئ على ابن المنادي وأنا أسمع قال: توفي أبو النضر المروزي ليلة الإثنين لثلاث وعشرين خلت من شعبان سنة سبعين ، وقد بلغ أربعا وثمانين [ سنة ] فيما ذكر ، وكان يخضب بالوسمة .

            بهبوذ صاحب الزنج بهبوذ صاحب الزنج .

            قد ذكرنا أحواله ، وكان خروجه يوم الأربعاء لأربع بقين من رمضان سنة خمس وخمسين وقتل يوم السبت لليلتين خلتا من صفر سنة سبعين ، وكانت أيامه أربع عشرة سنة وأربعة أشهر وستة أيام .

            وحكى أبو بكر الصولي أن مبلغ من قتل في هذه المدة من الناس ألف ألف وخمسمائة ألف [ رجل ] واستأمن من أصحابه خمسة عشر ألف رجل .

            حمدون بن عباد ، أبو جعفر البزاز ، المعروف : بالفرغاني حمدون بن عباد ، أبو جعفر البزاز ، المعروف : بالفرغاني .

            سمع يزيد بن هارون ، وعلي بن عاصم . روى عنه : البغوي ، وكان اسمه أحمد ، ولقبه : حمدون ، وهو الغالب عليه . قال الخطيب : محله عندنا الصدق والأمانة . روى أحاديث بواطل فالحمل فيها على غيره . توفي في محرم هذه السنة .

            داود بن علي بن خلف ، أبو سليمان الفقيه الظاهري داود بن علي بن خلف ، أبو سليمان الفقيه الظاهري .

            ولد سنة مائتين ، وسمع سليمان بن حرب ، والقعنبي ، ومسددا ، وغيرهم .

            ورحل إلى نيسابور ، فسمع من إسحاق بن راهويه "المسند" و "التفسير" ، وكان يرد إلى إسحاق وما كان أحد يتجاسر عليه يرد عليه غيره ، ثم قدم بغداد فسكنها ، وصنف كتبه بها ، وهو إمام أصحاب الظاهر ، وكان ورعا ناسكا زاهدا إلا أن مذهبه طريف يدعي الجمود على النقل ، ويخالف كثيرا من الأحاديث ، ويلتفت على مفهوم الحديث إلى صورة لفظه ، و [ في ] هذا تغفيل .

            وعن أحمد بن الحسين قال : سمعت أبا عبد الله المحاملي يقول : صليت صلاة العيد في يوم فطر في جامع المدينة ، فلما انصرفت قلت في نفسي : أدخل على داود بن علي أهنئه؟ وكان ينزل قطيعة الربيع ، فجئته وقرعت عليه الباب ، فأذن لي ، فدخلت عليه ، وإذا بين يديه طبق فيه أوراق هندباء وعصارة فيها نخالة ، وهو يأكل ، فهنأ به ، وتعجبت من حاله ، فرأيت أن جميع ما نحن فيه من الدنيا ليس بشيء وخرجت من عنده ، فدخلت على رجل من مكثري القطيعة ، يعرف : بالجرجاني ، فلما علم بمجيئي [ إليه ] خرج إلي حاسر الرأس ، حافي القدمين وقال : ما عنى القاضي أيده الله؟ .

            قلت : مهم . قال : وما هو؟ قلت : في جوارك داود بن علي ، ومكانه من العلم ما تعلم وأنت كثير البر والرغبة في الخير تغفل عنه ، وحدثته حديثه وما رأيت منه فقال لي : داود شرس الأخلاق ، اعلم أيها القاضي ! أني وجهت إليه البارحة ألف درهم مع غلامي ليستعين بها في بعض أموره فردها مع الغلام ، وقال للغلام : وقل له بأي عين رأيتني ، وما الذي بلغك من حاجتي وخلتي حتى وجهت بهذا . فتعجبت من ذلك وقلت له : هات الدراهم ، فإني أحملها إليه أنا . فدعا بها ودفعها إلي وقال : ناولني الكيس الأخير ، فجاءه بكيس فوزن ألفا أخرى فقال : تيك لنا ، وهذه لموضع القاضي وعنايته . فأخذت الألفين وجئت إليه ، فقرعت بابه ، فخرج وكلمني من وراء الباب وقال : ما رد القاضي؟ قلت : حاجة أكلمك فيها ، فدخلت وجلست ساعة ، ثم أخرجت الدراهم وجعلتها بين يديه ، فقال : هذا جزاء من ائتمنك على سره إنما بأمانة العلم أدخلتك إلي ، ارجع فلا حاجة لي فيما معك .

            قال المحاملي : فرجعت وقد صغرت الدنيا في عيني ، ودخلت على الجرجاني وأخبرته بما رأيت . فقال : أما أنا [ فقد ] أخرجت هذه الدراهم لله تعالى ، فلا ترجع في مالي [ أبدا ] فليتول القاضي [ في ] إخراجها في أهل الستر والعفاف من المتجملين بالستر والصيانة على ما يراه ، فقد أخرجتها عن قلبي .

            وعن أبو بكر بن المقرئ قال : سمعت علي بن حمزة . قال : سمعت أبا بكر بن داود يقول : سمعت أبي يقول خير الكلام ما دخل الأذن بلا إذن .

            قال المصنف : قدم داود بغداد فسأل صالح بن أحمد بن حنبل أن يتلطف له في الاستئذان على أبيه ، فاستأذن له ، فقال [ أحمد ] قد كتب إلي محمد بن يحيى النيسابوري في أمره أنه زعم أن القرآن محدث فلا يقربني - وفي رواية عنه : أنه قال الذي في اللوح المحفوظ غير مخلوق ، والذي يقرأ الناس مخلوق .

            وعن أحمد بن كامل القاضي قال : وفي رمضان سنة سبعين ومائتين مات داود بن علي الأصبهاني ، وهو أول من أظهر انتحال الظاهر ، ونفى القياس في الأحكام قولا ، واضطر إليه فعلا ، فسماه دليلا . وفي رواية : أنه توفي في ذي القعدة .

            الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل الجيزي الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل الجيزي ، صاحب الشافعي مولى مراد ، يكنى : أبا محمد .

            وكان فقيها سيدا ، يروي عن عبد الله بن وهب وغيره .

            توفي في شعبان هذه السنة ، وصلى عليه خمارويه بن أحمد بن طولون .

            زكريا بن يحيى بن أسد ، أبو يحيى المروزي ، يعرف بزكرويه [زكريا بن يحيى بن أسد ، أبو يحيى المروزي ، يعرف بزكرويه] .

            سكن بغداد بباب خراسان ، وحدث عن سفيان بن عيينة ، وأبي معاوية ، ومعروف الكرخي ، روى عنه المحاملي ، وابن مخلد ، وأبو العباس الأصم .

            وتوفي في هذه السنة ] .

            عبد الله بن محمد بن شاكر أبو البختري العنبري عبد الله بن محمد بن شاكر أبو البختري العنبري .

            سمع حسينا الجعفي ، وأبا داود الحفري ، وغيرهما . وروى عنه : ابن صاعد ، وابن أبي حاتم ، وقال : هو صدوق .

            وعن [أبو العباس محمد بن إسحاق] السراج قال : أنشدني أبو البختري :


            يمنعني من عيب غيري الذي     أعرفه في من العيب
            وكيف شغلي بسوى مهجتي     أم كيف لا أنظر في جيبي
            إن كان عيبي غاب عنهم فقد     أحصى ذنوبي عالم الغيب
            عيبي لهم بالظن مني لهم     ولست من عيبي في ريب
            لو أنني أقبل من واعظ     إذا كفاني واعظ الشيب

            توفي أبو البختري في ذي الحجة من هذه السنة .

            الفضل بن العباس ، أبو بكر ، المعروف : بفضلك الرازي الفضل بن العباس ، أبو بكر ، المعروف : بفضلك الرازي .

            سمع هدبة ، وقتيبة ، وابن راهويه . حدث عنه : محمد بن مخلد ، وكان ثقة ثبتا حافظا إمام عصره في معرفة الحديث .

            توفي ببراثا من غربي بغداد في صفر هذه السنة ، ودفن هناك .

            الفضل بن العباس بن موسى ، أبو نعيم العدوي الإستراباذي الفضل بن العباس بن موسى ، أبو نعيم العدوي الإستراباذي .

            روى عن أبي نعيم الفضل بن دكين ، وأبي حذيفة النهدي ، وسهل بن بكار ، وسليمان بن حرب ، وغيرهم ، وكان فقيها فاضلا ثقة ، مقبول القول عند الخاص والعام ، وهو الذي تقدم إلى أحمد بن عبد الله الطائي لما أراد أن يغير على إستراباذ ، فاشترى منه البلد وأهله ستمائة ألف درهم ووزعها على الناس ، ويقال : إنه قتله محمد بن زيد العلوي ، في سر ، وأخفاه وذلك في هذه السنة .

            محمد بن إبراهيم بن محمد بن فرخان الفرخاني محمد بن إبراهيم بن محمد بن فرخان الفرخاني .

            روى عنه : البغوي ، وغيره . وكان فقيها ، فاضلا ، ورعا ، متقنا ، ثبتا ، زاهدا .

            توفي في هذه السنة بسمرقند وله ست وثمانون سنة .

            محمد [بن إسحاق] بن جعفر محمد [بن إسحاق] بن جعفر ، وقيل : ابن إسحاق بن محمد ، أبو بكر الصاغاني .

            كان أحد الأثبات المتقنين مع صلابة في الدين ، واشتهار بالسنة ، واتساع في الرواية ، ورحل في طلب العلم إلى البلاد ، وسمع من يعلى بن عبيد الطنافسي ، ويزيد بن هارون ، وروح ، وخلق كثير . روى عنه : ابن أبي الدنيا ، والنسائي ، وابن خزيمة . وقال الدارقطني : كان ثقة فوق الثقة .

            وعن محمد بن العباس الخزاز قال : قرئ على أبي الحسين بن المنادي : مات الصاغاني لسبع خلون من صفر سنة سبعين ومائتين يوم الخميس .

            محمد بن الحسين بن المبارك ، أبو جعفر محمد بن الحسين بن المبارك ، أبو جعفر ، يعرف بالأعرابي .

            سمع أسود بن عامر ، ويونس بن محمد ، وغيرهما . روى عنه : ابن صاعد ، وغيره . وكان ثقة [ كثير السماع ] توفي له ولد نفيس يحفظ الحديث فتغير لذلك إلى أن مات لعشر بقين من رمضان [ هذه السنة ] .

            مصعب بن أحمد بن مصعب ، أبو أحمد القلانسي مصعب بن أحمد بن مصعب ، أبو أحمد القلانسي .

            بغدادي المولد والمنشأ ، أصله من مرو ، وهو من زهاد المتصوفة من قران الجنيد ، ورويم ، وإليه ينتمي أبو سعيد [ ابن ] الأعرابي .

            وعن جعفر الخلدي في كتابه قال : قال لي أبو أحمد القلانسي : فرق رجل من الفقراء ببغداد أربعين ألف درهم ، فقال لي سمنون : يا [ أبا ] أحمد ، ما ترى ما أنفق هذا وما قد عمله ونحن ما نرجع إلى شيء ننفقه ، فامض بنا إلى موضع نصلي [ فيه ] بكل درهم ركعة . قال : فذهبنا إلى المدائن ، فصلينا أربعين ألف ركعة وزرنا قبر سلمان وانصرفنا .

            وعن أحمد بن محمد الزيادي قال : كان سبب تزويج أبي أحمد القلانسي بعد تفرده ولزومه المساجد والصحاري أنه كان يصحبه شاب يعرف بمحمد الغلام ، وهو محمد بن يعقوب المالكي ، وكان حدث السن ، فقال : أنا أحب أن أتزوج ، فسأل [ أبا ] أحمد بريهة أن يطلب له زوجة .

            [ قال ] : فكلمت إنسانا يقال له ابن المطبخي من النساك في بنت له ، فأجاب ، واتعدوا منزل بريهة ليعقد أبو أحمد النكاح ، ومعنا رويم ، والقطيعي ، وجماعة ، فحضر أبو الصبية ، فلما عزموا على النكاح جزع محمد الغلام وقال : قد بدا لي . فغضب أبو أحمد ، وقال : تخطب إلى رجل كريمته ، ثم تأبى؟ لا يتزوجها غيري ، فتزوجها في ذلك اليوم ، فلما عقدنا النكاح قام أبوها فقبل رأس أبي أحمد ، وقال : ما كنت أظن أن قدري عند الله عز وجل أن أصاهرك ، ولا قدر ابنتي أن تكون أنت زوجها . وكانت عنده حتى مات عنها .

            وعن محمد بن الحسين السلمي [ قال ] حج أبو أحمد سنة سبعين ومائتين فمات بمكة بعد انصراف الحاج بقليل ، [ ودفن بأجياد عند الهدف ] . محمد بن مسلم بن عثمان ، المعروف بابن وارة الرازي وفيها توفي محمد بن مسلم بن عثمان ، المعروف بابن وارة الرازي ، وكان إماما في الحديث ، وله فيه مصنفات .

            خالد بن أحمد بن خالد السيدوسي الذهلي ( وفيها توفي خالد بن أحمد بن خالد السيدوسي الذهلي الذي كان أمير خراسان ببغداذ ، وكان قد قصد الحج فقبض عليه الخليفة المعتمد وحبسه ، فمات بالحبس ، وهو الذي أخرج البخاري صاحب " الصحيح " من بخارى وخبره معه مشهور ، فدعا عليه البخاري فأدركته الدعوة ) . وفيها توفي أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن سهل الكاتب .

            صاحب كتاب " الخراج " ، قاله ابن خلكان .

            وأسيد بن عاصم الجمال .

            والحسن بن علي بن عفان العامري .

            القاضي بكار بن قتيبة والقاضي بكار بن قتيبة .

            الحاكم بالديار المصرية من سنة ست وأربعين ومائتين إلى أن توفي مسجونا في حبس أحمد بن طولون ; لكونه لم يخلع الموفق في سنة سبعين ، وكان عالما عابدا زاهدا كثير التلاوة والمحاسبة لنفسه ، وقد شغر منصب القضاء بعده بمصر ثلاث سنين وقد بسط ابن خلكان ترجمته في الوفيات .

            عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ابن قتيبة الدينوري .

            عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري قاضيها ، النحوي اللغوي صاحب المصنفات البديعة المفيدة المحتوية على علوم جمة نافعة ، اشتغل ببغداد ، وسمع بها الحديث على إسحاق بن راهويه وطبقته ، وأخذ اللغة عن أبي حاتم السجستاني وذويه ، وصنف وجمع وألف الكتب الكثيرة ; فمن ذلك كتاب " المعارف " " وأدب الكاتب " الذي شرحه أبو محمد بن السيد البطليوسي ، وكتاب " مشكل القرآن والحديث " ، " وغريب القرآن والحديث " ، " وعيون الأخبار " ، " وإصلاح الغلط " ، وكتاب " الخيل " ، وكتاب " الأنواء " ، وكتاب " المسائل والجوابات " ، وكتاب " الميسر والقداح " ، وغير ذلك . وكانت وفاته في هذه السنة ، وقيل : في التي بعدها . ومولده في سنة ثلاث عشرة ومائتين ، ولم يجاوز الستين ، وروى عنه ولده أحمد جميع مصنفاته . وقد ولي ولده أحمد قضاء مصر سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة . وتوفي بها بعد سنة ، رحمه الله .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية