الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقالوا عطف على ( قال ) أو على الجواب المقدر بعد ( خالدين ) أو على مقدر غيره أي فدخلوها وقالوا : الحمد لله الذي صدقنا وعده بالبعث والثواب وأورثنا الأرض يريدون المكان الذي استقروا فيه فإن كانت أرض الآخرة التي يمشي عليها تسمى أرضا حقيقة فذاك وإلا فإطلاقهم الأرض على ذلك من باب الاستعارة تشبيها له بأرض الدنيا ، والظاهر الأول ، وحكي عن قتادة وابن زيد والسدي أن المراد أرض الدنيا وليس بشيء ، وإيراثها تمليكها مخلفة عليهم من أعمالهم أو تمكينهم من التصرف فيها تمكين الوارث فيما يرثه بناء على أنه لا ملك في الآخرة لغيره عز وجل وإنما هو إباحة التصرف والتمكين مما هو ملكه جل شأنه ، وقيل : ورثوها من أهل النار فإن لكل منهم مكانا في الجنة كتب له بشرط الإيمان .

                                                                                                                                                                                                                                      نتبوأ من الجنة حيث نشاء أي يتبوأ كل منا في أي مكان أراده من جنته الواسعة لا أن كلا منهم يتبوأ في أي مكان من مطلق الجنة أو من جنات غيره المعينة لذلك الغير ، فلا يقال : إنه يلزم جواز تبوء الجميع في مكان واحد وحدة حقيقة وهو محال أو أن يأخذ أحدهم جنة غيره وهو غير مراد ، وقيل : الكلام على ظاهره ولكل منهم أن يتبوأ في أي مكان شاء من مطلق الجنة ومن جنات غيره إلا أنه لا يشاء غير مكانه لسلامة نفسه وعصمة الله تعالى له عن تلك المشيئة ، وقال الإمام : قالت حكماء الإسلام : إن ( لكل ) جنتين جسمانية وروحانية ومقامات الثانية لا تمانع فيها فيجوز أن يكون في مقام واحد منها ما لا يتناهى من أربابها ، وهذه الجملة حالية فالمعنى أورثنا مقامات الجنة حالة كوننا نسرح في منازل الأرواح كما نشاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد قال بعض متألهي الحكماء : الدار الضيقة تسع ألف ألف من الأرواح والصور المثالية التي هي أبدان المتجردين عن الأبدان العنصرية لعدم تمانعها كما قيل :

                                                                                                                                                                                                                                      سم الخياط مع الأحباب ميدان وفسر المقام الروحاني بما تدركه الروح من المعارف الإلهية وتشاهده من رضوان الله تعالى وعنايته القدسية مما لا عين رأت ولا أذن سمعت .

                                                                                                                                                                                                                                      وتعقب بأن هذا إن عد من بطون القرآن العظيم فلا كلام وإلا فحمل الجنة على مثل ذلك مما لا تعرفه العرب ولا ينبغي أن يفسر به ، على أنه ربما يقال : يرد عليه أنه يقتضي أن لكل أحد أن يصل إلى مقام روحاني من مقاماتها مع أن منها ما يخص الأنبياء المكرمين والملائكة المقربين ، والظاهر أنه لا يصل إلى مقاماتهم كل أحد من العارفين فافهم ولا تغفل فنعم أجر العاملين من كلام الداخلين عند الأكثر والمخصوص بالمدح محذوف أي هذا الأجر أو الجنة ، ولعل التعبير - بأجر العاملين - دون أجرنا للتعريض بأهل النار أنهم غير عاملين ، وقال مقاتل : هو من كلام الله تعالى

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية