الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      يسأله من في السماوات والأرض قاطبة ما يحتاجون إليه في ذواتهم حدوثا وبقاء وفي سائر أحوالهم سؤالا مستمرا بلسان المقال أو بلسان الحال فإنهم كافة من حيث حقائقهم الممكنة بمعزل من استحقاق الوجود وما يتفرع عليه من الكمالات بالمرة بحيث لو انقطع ما بينهم وبين العناية الإلهية من العلاقة لم يشموا رائحة الوجود أصلا فهم في كل آن سائلون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي صالح يسأله من في السماوات الرحمة ، ومن في - الأرض - المغفرة والرزق ، وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج ( يسأله ) الملائكة عليهم السلام الرزق لأهل الأرض والمغفرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأهل الأرض يسألونهما جميعا وما تقدم أولى . ولا دليل على التخصيص .

                                                                                                                                                                                                                                      والظاهر أن الجملة استئناف . وقيل : هي حال من - الوجه - والعامل فيها ( يبقى ) أي هو سبحانه دائم في هذه الحال ، ولا يخفى حاله على ذي تمييز كل يوم كل وقت من الأوقات ولحظة من اللحظات . هو في شأن من الشؤون التي من جملتها إعطاء ما سألوا فإنه تعالى لا يزال ينشئ أشخاصا ، ويفني آخرين ويأتي بأحوال ويذهب بأحوال حسبما تقتضيه مشيئته عز وجل المبنية على الحكم البالغة ، وأخرج البخاري في تاريخه وابن ماجه وابن حبان وجماعة عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في هذه الآية : «من شأنه [ ص: 111 ]

                                                                                                                                                                                                                                      أن يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين»
                                                                                                                                                                                                                                      زاد البزار «ويجيب داعيا » ، وقيل : إن لله تعالى في كل يوم ثلاث عساكر : عسكر من الأصلاب إلى الأرحام ، وعسكر من الأرحام إلى الدنيا ، وعسكر من الدنيا إلى القبور . والظاهر أن المراد بيان كثرة شؤونه تعالى في الدنيا فكل يوم على معنى كل وقت من أوقات الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن عيينة : الدهر عند الله تعالى يومان : أحدهما اليوم الذي هو مدة الدنيا فشأنه فيه الأمر والنهي والإماتة والإحياء . وثانيهما اليوم الذي هو يوم القيامة فشأنه سبحانه فيه الجزاء والحساب ، وعن مقاتل إن الآية نزلت في اليهود قالوا : إن الله تعالى لا يقضي يوم السبت شيئا فرد عز وجل عليهم بذلك ، وسألعبد الله بن طاهر الحسين بن الفضل عن الجمع بين هذه الآية وما صح من أن القلم جف بما هو كائن إلى يوم القيامة فقال : شؤون يبديها لا شؤون يبتديها ، وانتصب كل يوم على الظرف ، والعامل فيه هو العامل في قوله تعالى في شأن ، ( وهو ) ثابت المحذوف : فكأنه قيل هو ثابت في شأن كل يوم فبأي آلاء ربكما تكذبان مما يسعف به سؤالكما وما يخرج لكما بيديه من مكمن العدم حينا فحينا

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية