الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      فاتقوا الله ما استطعتم أي ابذلوا في تقواه عز وجل جهدكم وطاقتكم كما أخرجه عبد بن حميد وابن المنذر عن الربيع بن أنس ، وحكي عن أبي العالية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت اتقوا الله حق تقاته [آل عمران : 102] اشتد على القوم العمل فقاموا حتى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم فأنزل الله تعالى تخفيفا على المسلمين فاتقوا الله ما استطعتم فنسخت الآية الأولى . وجاء عن قتادة نحو منه ، وعن مجاهد المراد أن يطاع سبحانه فلا يعصى ، والكثير على أن هذا هو المراد في الآية التي ذكرناها واسمعوا مواعظه تعالى وأطيعوا أوامره عز وجل ونواهيه سبحانه وأنفقوا مما رزقكم في الوجوه التي أمركم بالإنفاق فيها خالصا لوجهه جل شأنه كما يؤذن به قوله تعالى : خيرا لأنفسكم وذكر ذلك تخصيص بعد تعميم ، ونصب " خيرا " عند سيبويه على أنه مفعول به لفعل محذوف أي وأتوا خيرا لأنفسكم أي افعلوا ما هو خير لها وأنفع ، وهذا تأكيد للحث على امتثال هذه الأوامر [ ص: 128 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وبيان لكون الأمور خيرا لأنفسهم من الأموال والأولاد ، وفيه شمة من التجريد ، وعند أبي عبيد على أنه خبر ليكن مقدرا جوابا للأمر أي يكن خيرا ، وعند الفراء والكسائي على أنه نعت لمصدر محذوف أي إنفاقا خيرا ، وقيل : هو نصب - بأنفقوا - والخير المال ، وفيه بعد من حيث المعنى ، وقال بعض الكوفيين : هو نصب على الحال وهو بعيد في المعنى والإعراب ومن يوق شح نفسه وهو البخل مع الحرص .

                                                                                                                                                                                                                                      فأولئك هم المفلحون الفائزون بكل مرام

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية