الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس أي: للفخار، ولما يقال، لا لوجه الله العظيم المتعال، والموصول عطف على نظيره، أو على الكافرين، وإنما شاركوهم في الذم والوعيد؛ لأن البخل والسرف الذي هو الإنفاق لا على ما ينبغي من حيث أنهما طرفا إفراط وتفريط سواء في الشناعة واستجلاب الذم، وجوز أن يكون مبتدأ خبره محذوف، أي قرينهم الشيطان، كما يدل عليه الكلام الآتي.

                                                                                                                                                                                                                                      و(رئاء) مصدر منصوب على الحال من ضمير (ينفقون) وإضافته إلى (الناس) من إضافة المصدر لمفعوله، أي: مرائين الناس.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا يؤمنون بالله القادر على الثواب والعقاب ولا باليوم الآخر الذي يثاب فيه المطيع، ويعاقب العاصي، ليقصدوا بالإنفاق ما تورق به أغصانه، ويجتنى منه ثمره، وهم اليهود، وروي ذلك عن مجاهد، أو مشركو مكة، أو المنافقون، كما قيل.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن يكن الشيطان والمراد به إبليس وأعوانه الداخلة والخارجة من قبيلته، والناس التابعين له، أو من القوى النفسانية والهوى، وصحبة الأشرار، أو من النفس والقوى الحيوانية، وشياطين الإنس والجن له قرينا أي صاحبا وخليلا في الدنيا فساء فبئس الشيطان أو القرين.

                                                                                                                                                                                                                                      قرينا لأنه يدعوه إلى المعصية المؤدية إلى النار، و(ساء) منقولة إلى باب نعم وبئس، فهي ملحقة بالجامدة، فلذا قرنت بالفاء، ويحتمل أن تكون على بابها، بتقدير (قد) كقوله سبحانه: ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار والغرض من هذه الجملة التنبيه على أن الشيطان قرينهم، فحملهم على ذلك وزينه لهم، وجوز أن يكون وعيدا لهم بأن يقرن بهم الشيطان يوم القيامة في النار، فيتلاعنان ويتباغضان، وتقوم [ ص: 31 ] لهم الحسرة على ساق.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية