الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد أفترى على الله كذبا أم به جنة بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن في ذلك لآية لكل عبد منيب

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل : وقال الذين كفروا يعني بالبعث .

                                                                                                                                                                                                                                        هل ندلكم على رجل يعني محمدا صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                        ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق أي يخبركم أنكم إذا متم فأكلتكم الأرض أو الطير حتى صرتم عظاما ورفاتا .

                                                                                                                                                                                                                                        إنكم لفي خلق جديد أي تحشرون وتبعثون . قيل إن أبا سفيان ابن حرب قال هذا لأهل مكة ، فأجاب بعضهم بعضا .

                                                                                                                                                                                                                                        أفترى على الله كذبا أم به جنة أي قائل هذا أن يكون كذابا أو مجنونا فرد الله تعالى عليهم قولهم هذا بأن قال : بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد العذاب في الآخرة ، والضلال البعيد في الدنيا . وفيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أنه البعيد من الهدى ، قاله يحيى بن سلام .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنه الشقاء الطويل ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل : أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : معناه ألم ينظروا إلى السماء والأرض كيف أحاطت بهم؟ لأنك إن نظرت عن يمينك أو شمالك ، أو بين يديك أو خلفك رأيت السماء والأرض ، قاله قتادة ، إذكارا لهم بقدرة الله تعالى عليهم وإحاطتها بهم ، لأنهم لا يرون لأوليتهما ابتداء ولا لآخرتهما انتهاء ، وإن بعدوا شرقا وغربا .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : يعني ما بين أيديهم فمن أهلكهم الله تعالى من الأمم الماضية في أرضه وما خلفهم من أمر الآخرة في سمائه ، قاله أبو صالح .

                                                                                                                                                                                                                                        إن نشأ نخسف بهم الأرض يعني كما خسفنا بمن كان قبلهم .

                                                                                                                                                                                                                                        أو نسقط عليهم كسفا من السماء فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 435 ] أحدهما : أن الكسف العذاب قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : قطعا من السماء ليعلموا أنه قادر على أن يعذب بسمائه إن شاء ويعذب بأرضه إن شاء ، وكل خلقه له جند ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        إن في ذلك لآية لكل عبد منيب فيه أربعة تأويلات :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : أنه المجيب ، قاله مجاهد وعطاء .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنه المقبل بتوبته ، قاله قتادة ، قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                        أناب إلى قولي فأصبحت مرصدا له بالمكافأة المنيبة والشكر



                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أنه المستقيم إلى ربه ، وهو قول الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : أنه المخلص للتوحيد ، حكاه النقاش .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية