الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى: كتب عليكم القتال بمعنى فرض. وفي فرضه ثلاثة أقاويل: [ ص: 273 ]

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: أنه على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. والثاني: أنه خطاب لكل أحد من الناس كلهم أبدا حتى يقوم به من فيه كفاية ، وهذا قول الفقهاء والعلماء. والثالث: أنه فرض على كل مسلم في عينه أبدا ، وهذا قول سعيد بن المسيب. ثم قال تعالى: وهو كره لكم والكره بالضم إدخال المشقة على النفس من غير إكراه أحد. والكره بالفتح إدخال المشقة على النفس بإكراه غيره له. ثم فيه قولان: أحدهما: أنه فيه حذف وتقديره: وهو ذو كره لكم وهذا قول الزجاج. والثاني: معناه وهو مكروه لكم ، فأقام المقدر مقامه. ثم في كونه كرها تأويلان: أحدهما: وهو كره لكم قبل التعبد وأما بعده فلا. الثاني: وهو كره لكم في الطباع قبل الفرض وبعده. وإنما يحتمل بالتعبد. ثم قال تعالى: وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم وفي عسى ههنا قولان: أحدهما: أنه طمع المشفق مع دخول الشك. والثاني: أنها بمعنى قد. وقال الأصم: وعسى أن تكرهوا شيئا من القتال وهو خير لكم يعني في الدنيا بالظفر والغنيمة ، وفي الآخرة بالأجر والثواب ، وعسى أن تحبوا شيئا يعني من المتاركة والكف وهو خير لكم ، يعني في الدنيا بالظهور عليكم وفي الآخرة بنقصان أجوركم. والله يعلم ما فيه مصلحتكم وأنتم لا تعلمون

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية