الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا الآية. نزلت هذه الآية في الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، وسبب نزولها ما رواه سعيد عن قتادة [ ص: 329 ] أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة مصدقا لبني المصطلق ، فلما أبصروه أقبلوا نحوه ، فهابهم فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبره أنهم قد ارتدوا عن الإسلام ، فبعث نبي الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد وأمره أن يثبت ولا يعجل ، فانطلق خالد حتى أتاهم ليلا فبعث عيونه ، فلما جاءوا أخبروا خالدا أنهم متمسكون بالإسلام ، وسمعوا أذانهم وصلاتهم ، فلما أصبحوا ، أتاهم خالد ورأى صحة ما ذكروه ، فعادوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه ، فنزلت هذه الآية. فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (التأني من الله والعجلة من الشيطان . وفي هذه الآية دليل على أن خبر الواحد مقبول إذا كان عدلا. قوله عز وجل: واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم فيه خمسة تأويلات:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: لأثمتم ، قاله مقاتل.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: لاتهمتم ، قاله الكلبي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: لغويتم.

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: لهلكتم.

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس: لنالتكم شدة ومشقة. قال قتادة : هؤلاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لو أطاعهم في كثير من الأمر لعنتوا ، فأنتم والله أسخف رأيا وأطيش عقولا. ولكن الله حبب إليكم الإيمان فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: حسنه عندكم ، قاله ابن زيد.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: قاله الحسن . بما وصف من الثواب عليه. وزينه في قلوبكم فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: بما وعد عليه في الدنيا من النصر وفي الآخرة من الثواب ، قاله ابن بحر .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: بالدلالات على صحته. وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أنه الكذب خاصة، قاله ابن زيد.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: كل ما خرج عن الطاعة. [ ص: 330 ]

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية