الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة فيومئذ وقعت الواقعة وانشقت السماء فهي يومئذ واهية والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 81 ]

                                                                                                                                                                                                                                        فيومئذ وقعت الواقعة فيها ثلاثة أقاويل : أحدها : القيامة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : الصيحة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أنها الساعة التي يفنى فيها الخلق . وانشقت السماء فهي يومئذ واهية في انشقاقها وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أنها فتحت أبوابها ، قاله ابن جريج .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنها تنشق من المجرة ، قاله علي رضي الله عنه . وفي قوله ( واهية ) وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : متخرقة ، قاله ابن شجرة ، مأخوذ من قولهم وهى السقاء إذا انخرق ، ومن أمثالهم


                                                                                                                                                                                                                                        خل سبيل من وهى سقاؤه ومن هريق بالفلاة ماؤه



                                                                                                                                                                                                                                        اي من كان ضعيف العقل لا يحفظ نفسه .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : ضعيفة ، قاله يحيى بن سلام . والملك على أرجائها فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : على أرجاء السماء ، ولعله قول مجاهد وقتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : على أرجاء الدنيا ، قاله سعيد بن جبير . وفي ( أرجائها ) أربعة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : على جوانبها ، قاله سعيد بن جبير .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : على نواحيها ، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أبوابها ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : ما استدق منها ، قاله الربيع بن أنس . ووقوف الملائكة على أرجائها لما يؤمرون به فيهم من جنة أو نار . ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية يعني أن العرش فوق الثمانية وفيهم ثلاثة أقاويل : أحدها : ثمانية أملاك من الملائكة ، قاله العباس بن عبد المطلب .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 82 ]

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : ثمانية صفوف من الملائكة ، قاله ابن جبير .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : ثمانية أجزاء من تسعة ، وهم الكروبيون ، قاله ابن عباس ، وروى أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يحمله اليوم أربعة ، وهم يوم القيامة ثمانية ) . وفي قوله فوقهم ثلاثة أقاويل : أحدها : أنهم يحملون العرش فوق رؤوسهم .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أن حملة العرش فوق الملائكة الذين على أرجائها .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أنهم فوق أهل القيامة . يومئذ تعرضون يعني يوم القيامة ، روى الحسن عن أبي موسى قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات ، أما عرضتان فجدال ومعاذير ، وأما الثالثة فعند ذلك تطير الصحف من الأيدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله ) لا تخفى منكم خافية فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : لا يخفى المؤمن من الكافر ، ولا البر من الفاجر ، قاله عبد الله بن عمرو بن العاص .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : لا تستتر منكم عورة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يحشر الناس حفاة عراة ) الثالث : أن خافية بمعنى خفية كانوا يخفونها من أعمالهم حكاه ابن شجرة .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 83 ]

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية