الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إن للمتقين مفازا حدائق وأعنابا وكواعب أترابا وكأسا دهاقا لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا جزاء من ربك عطاء حسابا

                                                                                                                                                                                                                                        إن للمتقين مفازا فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : نجاة من شرها ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : فازوا بأن نجوا من النار بالجنة ، ومن العذاب بالرحمة ، قاله قتادة ، وتحقيق هذا التأويل أنه الخلاص من الهلاك ، ولذلك قيل للفلاة إذا قل ماؤها مفازة تفاؤلا بالخلاص منها . وكواعب أترابا في الكواعب قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : النواهد ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : العذارى ، قاله الضحاك ، ومنه قول قيس بن عاصم


                                                                                                                                                                                                                                        وكم من حصان قد حوينا كريمة ومن كاعب لم تدر ما البؤس معصر



                                                                                                                                                                                                                                        وفي الأتراب أربعة أقاويل : أحدها : الأقران ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : الأمثال ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : المتصافيات ، قاله عكرمة .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : المتآخيات ، قاله السدي . وكأسا دهاقا فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : مملوءة ، قاله ابن عباس ، ومنه قول الشاعر :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 189 ]


                                                                                                                                                                                                                                        أتانا عامر يبغي قرانا     فأترعنا له كأسا دهاقا



                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : متتابعة يتبع بعضها بعضا ، قاله عكرمة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : صافية ، رواه عمر بن عطاء ، قال الشاعر


                                                                                                                                                                                                                                        لأنت آلى الفؤاد أحب قربا     من الصادي إلى كأس دهاق .



                                                                                                                                                                                                                                        لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا في اللغو ها هنا أربعة أقاويل : أحدها الباطل ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : الحلف عند شربها ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : الشتم ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : المعصية ، قاله الحسن . وفي كذابا ثلاثة أقاويل : أحدها: لا يكذب بعضهم بعضا ، قاله سعيد بن جبير .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنه الخصومة ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أنه المأثم ، قاله قتادة . وفي قوله لا يسمعون فيها وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : في الجنة ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : في شرب الخمر ، قاله يحيى بن سلام . جزاء من ربك عطاء حسابا فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : كافيا ، قاله الكلبي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : كثيرا ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : حسابا لما عملوا ، فالحساب بمعنى العد .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 190 ]

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية