الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب قل أأنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: زين للناس حب الشهوات معنى زين: أي حسن حب الشهوات ، والشهوة من خلق الله في الإنسان ، لأنها ضرورة لا يقدر على دفعها. وفي المزين لحب الشهوات ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه الشيطان ، لأنه لا أحد أشد ذما لها من الله تعالى الذي خلقها ، قاله الحسن . الثاني: تأويل أن الله زين حب الشهوات لما جعله في الطبائع من المنازعة كما قال تعالى: إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها [الكهف: 7] ، قاله الزجاج . والثالث: أن الله زين من حبها ما حسن ، وزين الشيطان من حبها ما قبح. [ ص: 376 ]

                                                                                                                                                                                                                                        والقناطير المقنطرة اختلفوا في مقدار القنطار على سبعة أقاويل: أحدها: أنه ألف ومائتا أوقية ، وهو قول معاذ بن جبل ، وأبي هريرة ورواه زر بن حبيش عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (القنطار ألف ومائتا أوقية) . والثاني: أنه ألف ومائتا دينار ، وهو قول الضحاك ، والحسن ، وقد رواه الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم. والثالث: أنه اثنا عشر ألف درهم أو ألف دينار ، وهو قول ابن عباس . والرابع: أنه ثمانون ألفا من الدراهم ، أو مائة رطل من الذهب ، وهو قول سعيد بن المسيب ، وقتادة . والخامس: أنه سبعون ألفا ، قاله ابن عمر ، ومجاهد. والسادس: أنه ملء مسك ثور ذهبا ، قاله أبو نضرة. والسابع: أنه المال الكثير ، وهو قول الربيع. وفي المقنطرة خمسة أقاويل: أحدها: أنها المضاعفة ، وهو قول قتادة. والثاني: أنها الكاملة المجتمعة. والثالث: هي تسعة قناطير ، قاله الفراء. والرابع: هي المضروبة دراهم أو دنانير ، وهو قول السدي. والخامس: أنها المجعولة كذلك ، كقولهم: دراهم مدرهمة. ويحتمل وجها سادسا: أن القناطير المذكورة مأخوذة من قنطرة الوادي ، إما لأنها بتركها معدة كالقناطر المعبورة ، وإما لأنها معدة لوقت الحاجة ، والقناطير [ ص: 377 ]

                                                                                                                                                                                                                                        مأخوذة من عقد الشيء وإحكامه كالقنطرة. والخيل المسومة فيها خمسة تأويلات: أحدها: أنها الراعية ، قاله سعيد بن جبير ، والربيع ، ومنه قوله تعالى: فيه تسيمون أي ترعون. والثاني: أن المسومة الحسنة ، قاله مجاهد ، وعكرمة ، والسدي. والثالث: أنها المعلمة ، قاله ابن عباس ، وقتادة . والرابع: أنها المعدة للجهاد ، قاله ابن زيد . والخامس: أنها من السيما مقصورة وممدود ، قاله الحسن ، قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                        غلام رماه الله بالحسن يافعا له سيمياء لا تشق على البصر



                                                                                                                                                                                                                                        والأنعام هي الإبل ، والبقر ، والغنم من الضأن والمعز ، ولا يقال: النعم لجنس منها على الانفراد إلا للإبل خاصة. ( والحرث ) هو الزرع. ويحتمل وجها ثانيا: أن يريد أرض الحرث لأنها أصل ، ويكون الحرث بمعنى المحروث.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية