الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا [ ص: 55 ] إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم والله بصير بما يعملون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى: لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل فيه تأويلان: أحدهما أن الميثاق آيات مبينة يقررها علم ذلك عندهم. والثاني: أن الميثاق أيمان أخذها أنبياء بني إسرائيل عليهم أن يعملوا بها وأمروا بتصديق رسله. وأرسلنا إليهم رسلا يعني بعد أخذ الميثاق. كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم هوى النفس مقصور ، وهواء الجو ممدود ، وهما يشتركان في معنى الاسم لأن النفس تستمتع بهواها كما تستمتع بهواء الجو. فريقا كذبوا وفريقا يقتلون يعني أن الأنبياء إذا لم يحلوا لهم ما يهوونه في الدين كذبوا فريقا في الدين ، كذبوا فريقا وقتلوا فريقا ، وهم قد كذبوا من قتلوه ولكن تقدير الكلام أنهم اقتصروا على تكذيب فريق وتجاوزوا إلى قتل فريق. وحسبوا ألا تكون فتنة فيها ثلاثة تأويلات: أحدها: أنها العقوبة التي تنزل من السماء. والثاني: ما ابتلوا به من قتل الأنبياء وتكذيبهم. والثالث: ما بلوا به من جهة المتغلبين عليهم من الكفار. فعموا وصموا يعني ، فعموا عن المرشد وصموا عن الموعظة حتى تسرعوا إلى قتل أنبيائهم حين حسبوا ألا تكون فتنة. ثم تاب الله عليهم يعني أنهم تابوا بعد معاينة الفتنة فقبل الله توبتهم. ثم عموا وصموا يعني أنهم عادوا بعد التوبة إلى ما كانوا عليه قبلها ، والعود إنما كان من أكثرهم لا من جميعهم. [ ص: 56 ]

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية