الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين لو خرجوا [ ص: 368 ] فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة فيه وجهان: أحدهما: صدق العزم ونشاط النفس. والثاني: الزاد والراحلة في السفر ، ونفقة الأهل في الحضر. ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وإنما كره انبعاثهم لوقوع الفشل بتخاذلهم كعبد الله بن أبي بن سلول ، والجد بن قيس. وقيل اقعدوا مع القاعدين فيه وجهان: أحدهما: مع القاعدين بغير عذر ، قاله الكلبي . والثاني: مع القاعدين بعذر من النساء والصبيان ، حكاه علي بن عيسى. وفي قائل ذلك قولان: أحدهما: أنه النبي صلى الله عليه وسلم ، غضبا عليهم ، لعلمه بذلك منهم. والثاني: أنه قول بعضهم لبعض. قوله عز وجل: لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا يعني اضطرابا حكاه ابن عيسى . والثاني: فسادا ، قاله ابن عباس . فإن قيل: فلم يكونوا في خبال فيزدادوا بهؤلاء الخارجين خبالا. قيل هذا من الاستثناء المنقطع ، وتقديره: ما زادوكم قوة ، ولكن أوقعوا بينكم خبالا. ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة أما الإيضاع فهو إسراع السير ، ومنه قول الراجز:


                                                                                                                                                                                                                                        يا ليتني فيها جذع أخب فيها وأضع

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 369 ] وأما الخلال فهو من تخلل الصفوف وهي الفرج تكون فيها ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (تراصوا في الصفوف ولا يتخللكم ، كأولاد الحذف يعني الشياطين والخلال هو الفساد ، وفيه ها هنا وجهان: أحدهما: لأسرعوا في إفسادكم. والثاني: لأوضعوا الخلف بينكم. وفي الفتنة التي يبغونها وجهان: أحدهما: الكفر. والثاني: اختلاف الكلمة وتفريق الجماعة. وفيكم سماعون لهم وفيهم ثلاثة أقاويل: أحدها: وفيكم من يسمع كلامهم ويطيعهم ، قاله قتادة وابن إسحاق. والثاني: وفيكم عيون منكم ينقلون إلى المشركين أخباركم ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية