الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مثبورا فأراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقناه ومن معه جميعا وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا



                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 277 ] قوله تعالى ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فيها أربعة أقاويل: أحدها: أنها يده وعصاه ولسانه والبحر والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنها نحو من ذلك إلا آيتين منهن إحداهما الطمس ، والأخرى الحجر ، قاله محمد بن كعب القرظي.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أنها نحو من ذلك ، وزيادة السنين ونقص من الثمرات ، وهو قول الحسن.

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: ما روى صفوان بن عسال عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قوما من اليهود سألوه عنها فقال: (لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تسرقوا ، ولا تزنوا ، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، ولا تسحروا ، ولا تأكلوا الربا ، ولا تمشوا ببريء إلى السلطان ليقتله ، ولا تقذفوا محصنة ، ولا تفروا من الزحف ، وأنتم يا يهود خاصة لا تعدوا في السبت) فقبلوا يده ورجله. فاسأل بني إسرائيل وفي أمره بسؤالهم وإن كان خبر الله أصدق من خبرهم ثلاثة أوجه: أحدها: ليكون ألزم لهم وأبلغ في الحجة عليهم.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: فانظر ما في القرآن من أخبار بني إسرائيل فهو سؤالهم ، قاله الحسن.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: إنه خطاب لموسى عليه أن يسأل فرعون في إطلاق بني إسرائيل . قاله ابن عباس . وفي قوله إني لأظنك يا موسى مسحورا أربعة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 278 ] أحدها: قد سحرت لما تحمل نفسك عليه من هذا القول والفعل المستعظمين.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: يعني ساحرا لغرائب أفعالك.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: مخدوعا.

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: مغلوبا: قاله مقاتل. وإني لأظنك يا فرعون مثبورا فيه خمسة أوجه: أحدها: مغلوبا ، قاله الكلبي ومقاتل. وقال الكميت :


                                                                                                                                                                                                                                        ورأت قضاعة في الأيا من رأي مثبور وثابر



                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: هالك ، وهو قول قتادة.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: مبتلى ، قاله عطية.

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: مصروفا عن الحق ، قاله الفراء.

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس: ملعونا ، قاله أبان بن تغلب وأنشد:

                                                                                                                                                                                                                                        يا قومنا لا تروموا حربنا سفها     إن السفاه وإن البغي مثبور



                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: فأراد أن يستفزهم من الأرض وفيه وجهان: أحدهما: يزعجهم منها بالنفي عنها ، قاله الكلبي.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: يهلكهم فيها بالقتل. ويعني بالأرض مصر وفلسطين والأردن. قوله عز وجل: فإذا جاء وعد الآخرة فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: وعد الإقامة وهي الكرة الآخرة ، قاله مقاتل.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: وعد الكرة الآخرة في تحويلهم إلى أرض الشام.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: نزول عيسى عليه السلام من السماء ، قاله قتادة . جئنا بكم لفيفا فيه تأويلان: أحدهما: مختلطين لا تتعارفون ، قاله رزين.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: جئنا بكم جميعا من جهات شتى ، قاله ابن عباس وقتادة. مأخوذ من لفيف الناس.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 279 ]

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية