الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون فيه تأويلان: أحدهما: معناه حرام على قرية وجدناها هالكة بالذنوب أنهم لا يرجعون إلى التوبة ، وهو قول عكرمة.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: وحرام على قرية أهلكناها بالعذاب أنهم لا يرجعون إلى الدنيا ، وهذا قول الحسن ، وقرأ ابن عباس: وحرم على قرية ، وتأويلها ما قاله سفيان: وجب على قرية أهلكناها. [أنهم لا يرجعون قال: لا يتوبون] . قوله عز وجل: حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج أي فتح السد ، وهو من أشراط الساعة ، وروى أبو هريرة عن زينب بنت جحش قالت: كان رسول

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 471 ] الله صلى الله عليه وسلم نائما في بيته ، فاستيقظ محمرة عيناه ، فقال: (لا إله إلا الله ثلاثا ، ويل للعرب من شر قد اقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا وأشار بيده إلى عقد التسعين.
                                                                                                                                                                                                                                        ويأجوج ومأجوج قيل إنهما أخوان ، وهما ولدا يافث بن نوح ، وفي اشتقاق اسميهما قولان: أحدهما: أنه مشتق من أجت النار. والثاني: من الماء الأجاج. وقيل إنهم يزيدون على الإنس الضعف. وهم من كل حدب ينسلون وفي حدب الأرض ثلاثة أوجه: أحدها: أنه فجاجها وأطرافها ، قاله ابن عباس . والثاني: حولها.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: تلاعها وآكامها ، مأخوذ من حدبة الظهر ، قال عنترة :


                                                                                                                                                                                                                                        فما رعشت يداي ولا ازدهاني تواترهم إلي من الحداب



                                                                                                                                                                                                                                        وفي قوله: ينسلون وجهان: أحدها: معناه يخرجون ، ومنه قول امرئ القيس:


                                                                                                                                                                                                                                        فسلي ثيابي من ثيابك تنسل



                                                                                                                                                                                                                                        والثاني: معناه يسرعون ، ومنه قول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                        عسلان الذئب أمسى قاربا     برد الليل عليه فنسل



                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 472 ] وفي الذي هم من كل حدب ينسلون قولان: أحدهما: هم يأجوج ومأجوج ، وهذا قول ابن مسعود.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنهم الناس يحشرون إلى الموقف.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية